فلسطين المحتلة/14 أكتوبر/نضال المغربي: أبو حفص غير راض. فبعد عام من تولي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) السيطرة على قطاع غزة لا يطيق أبو حفص انتظارا ليرى سيفا يقطع رأس لص أو امرأة ترجم حتى الموت لإدانتها بالزنا. وقال الحليف الفلسطيني لتنظيم القاعدة «حماس لا تقيم شرع الله. لم نر سارقا قطعت يده ولم نر زانيا رجم.» لكن بالرغم من خيبة أمل أبو حفص بسبب المنهج الذي تبنته حماس منذ تغلبت على خصومها في غزة قبل عام مضى يعتقد بعض المحللين أن الجماعات الأصغر حجما والأكثر تشددا مثل جماعة أبو حفص السرية التي يطلق عليها جيش الأمة استفادت من تولي حماس السلطة في توسيع نطاق عضويتها. ورغم أن السياسة الرسمية لحماس تنطوي على احترام حقوق الأقلية المسيحية بغزة فإن الهجمات على المسيحيين شهدت زيادة في العام المنصرم من قبل المتشددين غير الراضين فيما يبدو عن مدى «الأسلمة» الذي تطبقه حماس في غزة. ومن بين العلامات الظاهرية على هذا انتشار الالتحاء بين الرجال والحجاب بين بعض النساء إلى جانب الاختفاء الفعلي للكحوليات وحظر المواقع الإباحية على الإنترنت لكن مسئولي حماس يرفضون الاتهامات بأنهم يطبقون برنامجا لفرض الشريعة الإسلامية على مظاهر الحياة اليومية. وتقول حماس إنه إذا كان سكان غزة ازدادوا تدينا – ولا يوافق جميع سكان القطاع على أن هذا هو الأمر – فإن هذا نتيجة اقتناع. وعلق سامي أبو زهري المتحدث باسم الحركة قائلا «هذا لا يحدث بالإكراه وإنما لازدياد الوعي في المجتمع.» بيد أن أطرافا أخرى تشعر بالقلق من أن غزة تحت سيطرة حماس المعزولة قد تصبح ملاذا للجماعات الشبيهة بالقاعدة مثل جيش الإسلام وهي جماعة عشائرية احتجزت صحفيا بريطانيا رهينة في غزة العام الماضي لمدة أربعة أشهر. وشهد أسبوع من القتال ضد قوات فتح التابعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس سيطرة حماس على قطاع غزة وسكانه البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة في 14 يونيو العام الماضي كما شهد إقالة عباس الحكومة التي كانت تقودها حركة حماس والتي فرضت عليها عقوبات غربية لرفض الحركة نبذ العنف ضد إسرائيل. وفي غضون ثلاثة أسابيع من الاستيلاء على السلطة سارعت حماس إلى الإعلان بفخر عن نجاحها في تأمين الإفراج عن المراسل المحتجز رهينة الان جونستون. ويقول المتحدثون باسمها إن الحركة ما زالت معارضة للفصائل المتشددة التي تمارس العنف. وأضاف أبو زهري المتحدث باسم الحركة «أي فرد يتسبب بالتعرض للمصالح العامة فبالتأكيد هو ملاحق بالقانون ويتعرض للمحاسبة» بينما قال إن حماس مستعدة لقبول مساعدة مثل هذه الجماعات في قتالها ضد إسرائيل. وتسيطر حركتا حماس والجهاد الإسلامي على أغلبية المساجد في غزة وتقيد الجماعتان نشاط الفصائل المتطرفة الأخرى التي تميل إلى الاجتماع في المساجد الأصغر أو في منازل أعضائها حيث يلقون دروسا عن مفاهيمهم الأكثر تشددا للإسلام. وتشهد أكشاك بالأسواق نشاطا كبيرا في بيع تسجيلات خطب زعماء تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري والراحل أبو مصعب الزرقاوي إضافة إلى تسجيلات الفيديو التي تظهر مشاهد لقطع رقاب جنود وأشخاص أمريكيين وأجانب في العراق. وفي إطار مناخ زاد فيه الحصار الإسرائيلي المشدد ضد حماس من الصعوبات التي يواجهها الناس في القطاع يبدو لبعض المحللين أن بعض أشكال الإسلام الأكثر تشددا أصبح لها تأثير متنام على بعض الفلسطينيين. وقال محلل سياسي من غزة طلب عدم نشر اسمه خوفا من الانتقام إن تأثير حماس في تشجيع إتباع سلوك اجتماعي أكثر ميلا للتشدد في غزة متفاوت. وجادل بأن مسألة تولي حماس السيطرة ثم عدم تطبيقها نظاما إسلاميا أكثر تشددا ربما يكون عزز تلك الجماعات التي تحبذ هذا. وأردف المحلل قائلا «حماس حريصة ألا تبدو كدولة إسلامية متشددة ولذلك هم ابتعدوا عن إقرار قوانين وتشريعات متشددة لإجبار الناس جهة ما يعتقدون. لم يحاولوا اتخاذ خطوات لأسلمة متشددة للمجتمع ولكن السماح لمثل هذه الجماعات الشبيهة بالقاعدة بالتواجد هو أمر خطر.» وقال أبو حفص ذو اللحية الكثة إن جماعته تجد مجندين بين أعضاء حماس والفصائل الأخرى الذين تحرروا من الوهم. وألقي القبض عليه ثلاث مرات ليستجوبه رجال الأمن التابعون لحماس لكن في كل مرة كانوا يطلقون سراحه. ولجماعته طموحات أوسع نطاقا من هدف حماس المعلن بإقامة دولة موحدة في ما يعرف الآن بإسرائيل والأراضي الفلسطينية. ومضى أبو حفص يقول «حتى لو انتهى حكم اليهود في فلسطين نحن أصحاب دعوة ولابد أن ننطلق بالدعوة» مضيفا أن على الدول الأخرى القبول بالحكم المطلق للإسلام، وأردف قائلا «إما أن يدخلوا الإسلام أو يدفعوا الجزية وإلا فالسيف». واتسمت بيانات ابن لادن والظواهري بتأكيد متزايد على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كما حث الظواهري الفلسطينيين الأسبوع الماضي على تصعيد هجماتهم ضد إسرائيل. أبو حفص معه قال إن جماعته التي أحجم عن التحدث بالتفصيل عن قوتها موالية للقاعدة بالرغم من افتقارها لصلة رسمية تنظيمية مع أسامة بن لادن، وأضاف «بالنسبة للقاعدة فلا حاجة لأن تكون في غزة. القاعدة كفكر ونهج موجودة على الأرض.» وأردف قائلا «ليس لنا أي علاقات تنظيمية مع القاعدة ولكنهم إخواننا. هم إخواننا في العقيدة ولا يوجد لدينا اختلافات في الفهم.» ولا يزال من الصعوبة بمكان قياس تأثير هذه الأفكار المتشددة بين أفراد الشعب الفلسطيني في غزة والذين طالما اتسم منهجهم في الإسلام بتنوع أكثر سماحة من المنهج الموجود في أقصى الشرق في العالم العربي. وبالرغم من فوز حماس بأغلبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في غزة عام 2006 فإنه لا يبدو واضحا أن جميع أنصارها يحبذون إقامة دولة إسلامية متشددة رسمية. ويقول كثير من سكان غزة إنهم يشعرون بالضغط بسبب الوجود واسع الانتشار لمقاتلي حماس الذين يحثونهم على الالتزام بالإسلام بدرجة اكبر. وقال أبو عماد ويعمل مدرسا «أنا أعرف أشخاصا غيروا نغمات رنات جوالهم (هاتفهم النقال) إلى أناشيد إسلامية. بعض النساء بدأت ترتدي غطاء رأس خاصة عند خروجهن من البيت.» غير أن بعض النساء ذكرن أنهن شعرن بحرية اختيار ألا يرتدين الحجاب بسبب الشعور بمزيد من الأمن في الشوارع بعد توقف القتال بين الفصائل في يونيو الماضي. وقالت أحلام التي تعمل سكرتيرة «أنا لا أحب حماس ولكنني أشعر أكثر أمنا وحرية في ألا أرتدي غطاء رأس لأن رجال شرطة حماس لا يضايقونني.» أبو عماد الذي طلب عدم نشر اسمه بالكامل خوفا من مواجهة مشاكل مع السلطات قال إنه يعتقد أن الناس حذرون بشأن حكامهم الإسلاميين الجدد، وأضاف «يبقى أن حماس ليست طالبان وحكمهم ليس إسلاميا متشددا.»