سطور
يوم الخميس الماضي (16 أبريل) يوم ودعناه قبل (7سنوات) (2002م).. يوم فقدناه وهو الذي كان يمتعنا ويسعدنا ونتشوق إليه وإلى انحناءاته ونبرات صوته الرخيم، وإيماءات يديه العطرتين.. إنه يوم للوفاء، لذلك العملاق الفني الأصيل الذي قل أن تجد مثله في اليمن، وفي الساحة عموماً.. ذلك هو أبو مشتاق الفنان اليمني الكبير.. وهل يخفى على المحبين اسم مثل اسمه وتاريخ حافل خلده وبه تخلد إلى أبد الآبدين؟!محمد سعد عبدالله.. كيف لنا أن نحتفي بذكرى وفاتك التي هي وفاة لنا (نحن) الأحياء.. ألا تتذكر أبا مشتاق كيف كان الوضع سيئاً وأنت في نزعاتك الأخيرة في غرفة العناية المركزة بمشفى الجمهورية بعدن.. ألا تذكر كيف مروا من أمامك ولم يلقوا نظرة الوداع - ألم يكن ذلك ما جعلك توصي بعدم حضور أي مسؤول (منافق) في جنازتك الطاهرة..آه يا أبا مشتاق.. كم هي المآسي التي عشتها أنت في فترة عمرك وعطائك الفني، وكم هي مأساتنا بعدك، وهي فترة قصيرة جداً، آه يا أبا مشتاق وأنت الذي غادرتنا إلى ملكوت الله عز وجل، لو تعلم بحالنا بعدك وكيف صارت الأمور.. ولعلها حكمة الإله جل جلاله أن يأخذك إليه قبل أن ترى الأمور (المشقلبة)، والحق المستلب، والقهر بقوة الغطرسة والإنكار حتى للمبادئ والقيم التي ورثناها لأجيال.لقد اختارك المولى في فترة كانت الأمور (أهون)، أما اليوم فهي (أهول) مما تتصور وصدق المثل القائل (زياد أضرط من أخيه) ولا تسلني عن قصة المثل لأنها قد تؤدي إلى (س) و (ج) و(ن) والمعنى لدى اللبيب الحصيف.. يعني..ونحن الذين ينطبق عليهم البيت الشعري القائل :( ليس من مات فاستراح بميت[c1] *** [/c] إنــمــا الميـت ميـــت الأحيــاء)لا نجد ما يبرر هذا الجفاء والجحود الذي لم يستحوا في أن يبرروه، فلقد خانتهم العشرة، وضيعتهم الفلوس (قاتل الفلوس) لقد نسوا أنك الذي كنت تعطر حياتهم وتلونها، وتطرب قلوبهم، لقد نسوك ولفقوا عليك الكثير.. حتى لكان البعض يفتري زوراً أنه تم منح أسرتك بقعة أرض، وهو افتراء، وليتهم يصدقوه.. كما لهفوا تاريخك الفني وسلبوا الأسرة حقها من أن تنتفع بنزر منه لمواجهة أعباء الحياة التعيسة اليوم.نعم أبا مشتاق، وأنت الذي لو كنت أشرت إشارة من أحدى أصابع يديك لحصلت أنت وأبناؤك على ما تشتهون وأزيد، إنهم اليوم لم يلتفتوا إلى أبنائك وبناتك في الوظيفة (الحق المشروع) وحتى النجم الكروي اللامع (مشتاق) أصبح فريسة الواقع المؤلم (لا شغل ولا مشغلة) اللهم من أخلاق الأسرة الطيبة.. وأعذرنا فقد أثقلنا عليك يا أعز الناس)!.لقد نكثوا بالمدينة وأهلها - أعلامها - فنانيها، مثقفيها، وصاروا حيتاناً يبتلع الكبير منهم الصغير، لكنهم لم يقووا على طمس التاريخ - أبا مشتاق - لأنك جزء متوهج من هذا التاريخ، ونسيج مهم من ديموغرافيا عدن التي تشرفت تربتها بحضن رفاتك الطاهر.. فنم قرير العين.. ولا نامت أعين الجبناء!.