الإهداء : إلى دعاة الفتنة والتمرد والتطرف والغلو والإرهاب.. يظن الكثير من الناس بأن الجهل هو ضد العلم، نعم ولكن يبدو أن المعنى الأصلي للجهل هو الخضوع لسطوة الانفعال والاستسلام لقوة العاطفة دون الاحتكام إلى رزانة العقل وقوة المنطق وأن هذا الجهل هو ضد الحلم والرشد قال الشاعر الجاهلي متفاخراً بجاهليته: [c1]أحلامنا تزن الجبال رزانةوتخالنا جناً إذا ما نجهل[/c] وبين المعنى التاريخي لمصطلح “ الجاهلية” وبين معنى “ الجهل “ في استخدامنا المعاصر وشائج، فعدم العلم وانتفاء المعرفة ركيزة أساسية للخضوع لسطوة الانفعال والاستسلام لقوة العاطفة أو لنقل “ التعصب” فالجهل ينصب على السلوك المنافي للعقل والمنطق وهو كما يفهم من سياق الاستخدام في شعر ما قبل الإسلام- العدوان الذي لا سبب ومبرر له من جهة العقل والمنطق ، انه في التأويل الاجتماعي للغة الاستناد إلى مبدأ القوة والقهر في العلاقات بين القبائل من جهة وبين الأفراد والجماعات (بطون القبيلة) داخل القبيلة من جهة أخرى إنه المبدأ الذي صاغه زهير بن أبي سلمى الشاعر في قوله:[c1] ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لايظلم الناس يظلم [/c]ولا شك أن العلاقات الاجتماعية القائمة على الظلم / الجهل كانت من أهم أسباب التخلف العام في ذلك الواقع. وكان من أخطرها ما جاء به الإسلام لتطوير هذا الواقع مبدأ الاحتكام إلى (العقل) ونفي الظلم والجهل ويمكن أستناداً إلى هذه الحقيقة فهم كل ما جاءت به النصوص الدينية الأولية من تنديد بـ (حكم الجاهلية) بوصفه دعوة لتحكيم العقل والمنطق. وتحولت كلمة (الجاهلية) في لغة ما بعد الإسلام لتكون مصطلحاً دالاً على مرحلة تاريخية في تطور المجتمع العربي، هي مرحلة ما قبل الإسلام.. الموقف النقيض فمعنى ذلك أنه يمثل جوهرياً موقف الاحتكام إلى العقل والمنطق والحوار والجدال بالحسنى ..!!.لمزيد من إيضاح مصطلح (الجهل) المضاد للحلم والرشد والأضداد كما هو معروف تتميز بأضدادها فإذا كان (الحلم) خلاف الطيش والعجلة والحليم هو المحسن لمن أساء له ..الصابر المحتسب العاقل الرزين في سلوكه وأفعاله وأقواله والذي إذا خاطبه الجاهل قال سلاماً. وبالمقابل فإن الجاهل هو المتهور المتجاوز للحد والطغيان المستخف والساخر والمستهزئ.والمستفز والمداهن والمحتقر للآخرين وكأن به سفهاً في عقله وغباء وحمقاً وخفة عن معرفة الحقائق وعواقب الأمور والجاهل هو المتابع لهواه ويضمر الحقد والغل في قلبه ويحرص على الدنيا أكثر من حرصه على الآخرة كالمنافق الظان بالله الضعيف الإيمان واليقين الذي يصيبه الخوف والهلع ويصيبه ويعتريه الغضب ويتعمد السباب وفيه نزعة الشر والعدوان .والجاهل لا يتورع عن فعل المنكرات وارتكاب الفواحش ما ظهر منها وما بطن لجهله ويجنح للشهوات المنحرفة والمتعة الوقتية كالزنا واللواط وانتهاك الحرمات وهو ظالم لنفسه ولغيره ومعاند وقاس على نفسه وغيره ويميل إلى حب العلو والظهور والوجاهة والمناصب الرفيعة وينسى أن الشرف الحقيقي في الإيمان والحلم والصبر وليس في الجحود والنكران والأنفة والكبر.أما الحليم فهو عكس ذلك الجاهل لأنه يتصف بالرزانة صاحب العقل الراجح غير المتهور المسيطر على عواطفه الجياشة وانفعالاته المنفلتة ولا تحكمه أهواؤه ونوازعه الضيقة وأنانيته وميوله المنحرفة ولا يميل إلى السخرية والغل والحقد والحسد والشر للآخرين ولا يفرق بينهم بل يعمل على إصلاح ذات البين لأنه إنسان سوي ونفسيته غير مريضة ولا معقدة.رب أرزقنا حلماً ورشداً وزدنا علماً وحكمة ورجاحة في عقولنا ونجنا من الجهل والجهالة والجاهلية الأولى والمعاصرة وجنبنا الشطط والغلو والتطرف والتجاوز والطغيان والإرهاب وأصلح ذات بيننا ... آمين.
هل تعلم أن الجهل ضد الحلم ..؟!
أخبار متعلقة