على هامش فاعليات مؤتمر العالم الإسلامي والغرب
القاهرة/ مشيرة عكاشة:على هامش فاعليات مؤتمر "العالم الإسلامي والغرب·· ميراث الماضي والواقع المعاصر"، أقيمت ندوة لمناقشة قضية الاستشراق وصورة العرب في الاستشراق الغربي ومناهج المستشرقين في دراسة الوثائق الإسلامية، حيث أكد د· عاطف العراقي بكلية الآداب جامعة القاهرة أن موضوع الإستشراق من الموضوعات البالغة الأهمية وليس من المفيد أن نركز على قضايا زائفة وغير مناسبة كقضية الأنا والآخر، لأنها قد تكون أقرب إلي الصراع منه إلي الحوار·وأشار إلى أن موقف المستشرقين تجاه العالم الإسلامي تغير إلى حد كبير، إذا قارنا بين موقفهم في الماضي وموقفهم في الحاضر، موضحاً أنه من المؤسف أن يسرف العرب إلي هذه الدرجة في الحديث عن بواعث دينية أو سياسية خبيثة كانت وراء الاستشراق بكل أنواعه في حين أن الصحيح هو أنه ليس من الضروري وجود بواعث دينية أو سياسية دائمة لاستنهاض حركة الاستشراق الغربي·وقال العراقي: أسدي العديد من المستشرقين خدمات جليلة لتراثنا العربي والإسلامي منهم الأب موريس بويج الذي أقدم علي تحقيق أمهات الكتب الفلسفية ككتب ابن رشد آخر فلاسفة العرب وعن تفسير ما بعد الطبيعة الذي جاء في حوالي ألفي صفحة، كمالا يمكن أن ننسى دائرة المعارف الإسلامية، وهل يمكن التغافل عن الروائع التي قدمها لنا عشرات المستشرقين ومنهم ما سينيون ورينان وآسين بلا ثيوس ونيكلسون وجولد تسيمر وماكس مايرهوف وغيرهم·وأضاف: قدم هؤلاء مالم يستطع تقديمه مئات من الباحثين العرب، وإذا كانت لهم بعض الآراء التي تختلف معهم فيها فإن لهم دينهم ولنا ديننا، ومن واجبنا تحليل هذه الآراء ونقدها على أساس عقلاني وليس خطابي يغلب عليه النزعة غير الموضوعية أو المبالغة علي نحو ما قتم به الشيخ محمد عبده وهيكل والعقاد وأمين الخولي، كذلك وعلينا أن نفتح النوافذ مع هؤلاء المستشرقين ليتحقق الخير كل الخير لنا·[c1]ثروات المستعمرات[/c]وأوضح د· مجدي عبدالحافظ أستاذ الفلسفة الحديثة بكلية آداب جامعة حلوان أن الاستشراق إرتبط في النشأة والهدف بمتطلبات المرحلة الجديدة من صعود الرأسمالية الغربية بتوحشها واتجاهها نحو ثروات المستعمرات المفتوحة، وعلى الرغم من هذه النشأة المشبوهة للاستشراق، فإنه لم يكن كله بهدف خدمة المستعمر ولم يكن المستشرقون عملاء·وأضاف: كان للاستشراق بعض المزايا الإيجابية خصوصاً علي باحثيه في العالم العربي والإسلامي أولها هو رسم طريقة جديدة في مقارنة التاريخ واللغة والفكر العربي عموما، والذي كنا نتعامل معه بشيء من التقديس ففقد هذه القدسية وتم التعامل معه علي نحو تاريخي ومنهجي لأول مرة·وشدد الكاتب أحمد الشيخ على أن الاستشراق شكل ضرورة ملحة في العالم الغربي للتعامل مع المتغيرات الدولية بصعود الحركات الإستعمارية في نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين إذا أملت هذه الوقائع الجديدة علي المستعمرين ضرورة فهم ثقافات الشعوب المرشحة للوقوع في شرك الاستعمار وعاداتها ودياناتها وكل ما يتصل بها·[c1]خصوصية وتميز[/c]وتحدث د· محمود علي مكي عن الاستشراق الإسباني، قائلاً: بعد الاستشراق الإسباني حالة خاصة في مدارس الاستشراق العربية لما لها من خصوصية يتميز بها عن غيره من دروب الاستشراق الأوروبي، فإذا كان المستشرقون الأوروبيون أو معظمهم يدرسون الحضارة العربية الإسلامية بصفتها حضارة غريبة عنهم، فإن المستشرق الإسباني يتحدث عن حضارة عاشت وازدهرت على أرض بلاده متمثلة في الأندلس، التي ظل وجودها مستمرا على شبة جزيرة إيريا علي مدي عشرة قرون·وأشار إلى أن الاستشراق الإسباني بالمفهوم الحديث بدأ في أواخر القرن الثامن عشر، وذلك بعد قطيعة مع التراث العربي الإسلامي فرضتها علي إسبانيا محاكم التفتيش، التي كانت تضطهد بقيم الشعب الإسلامي الأندلس، وتعمل علي طمس معالم حضارة الأندلس، موضحاً أن بداية هذا الاستشراق يعود إلى استقدام كارلوس الثالث ملك إسبانيا للراهب اللبناني ميخائيل الغزيري، الذي عهد إليه لفهرسة المخطوطات العربية في خزانة الإسكوريال، وبالفعل قام الغزيري بعمل هذه الفهرسة ونشرت في مجلدين بين سنتي 1770-1760ت، والتقت حوله عدد من تلاميذه اهتموا بالتراث الأندلسي، وكان أبرزهم "خوان الدريس" وكان راهباً يسوعياً طرد من إسبانيا وعاش في إيطاليا، وهناك أصدر كتاباً بالإيطالية·نادي فيه بآراء عدت "ثورية" في ذلك الوقت، إذا كانت خلاصته هي أن كل ما تدين به أوروبا من نهضة إنما يرجع إلي ما أخذته من الثقافة العربية عبر الأندلس·وأضاف: وكان من ثمرات هذا الاهتمام بالتراث الأندلس كتاب "تاريخ الحكم العربي في الأندلس" سنة 1820 وهو يعد أول كتاب فيه إنصاف للحضارة الأندلسية، وإن كانت فيه أخطاء، ونجد "جابا نجوس" أول من شغل كرسي الدراسات العربية في جامعة مدريد وكان راعياً للدراسات العربية الأندلسية، وهو أيضاً صاحب المشروع الكبير الذي كان بعنوان "المكتبة الأندلسية" هذا بالإضافة إلي كثير من دراساته حول التاريخ الأندلسي عبر فيها عن تقديره الكبير لذلك التراث الإسلامي·[c1]الإستشراق الألماني[/c]أما تركي المغيض أستاذ الأدب العربي المشارك بجامعة الكويت فتحدث عن صورة العرب في مرآة الإستشراق الألماني، وقال: العلاقة بين العرب والألمان قديمة ممتدة تضرب أعماق التاريخ وتوثقت عراها واتخذت طابع الصداقة والمودة منذ عهد قيصر ألماني أحب العرب وأعجب بهم وأوقف سفك الدماء إبان الحروب الصليبية فأحل الصداقة المتبادلة محل الكراهية والعداء·وأضاف: وعلى الرغم من ذلك كله تقول د· زجريد هونكة في كتابها "شمس العرب تسطع علي الغرب" إن الألمان لايعرفون إلا القليل عن جهود العرب الحضارية ودورهم في نمو حضارة الغرب، وبينت د· كاترينا موقرن في كتابها "جوته والعالم العربي" تقديرها لقدماء العرب وآدابهم وآثارهم الثقافية، وأعلنت عن حبهم المتميز للعرب المستند إلى أواصر قربي باطنية، فقد كان "جوته" صديقاً للعرب ومعجباً بهم.