عواطف عبد الحميد خروج المرأة للعمل ليس أمرا مستغربًا في الكثير من المجتمعات فمنذ فجر التاريخ والمرأة تشارك في أعباء المعيشة مع زوجها، بل في المجتمعات الريفية والبدوية نجدها تأخذ دورا صعبا يفوق أحيانا دور الرجل، ولا يتناسب مع إمكانياتها الجسمية والنفسية،تبذل جهدا مضاعفا ،وتقسم وقتها بين العمل وخدمة الزوج والأولاد، وتأتي المجتمعات المعاصرة لتنادي بحرية المرأة ومساواتها بالرجل في العمل لتتحمل فوق طاقتها ،ويضاف إليها عبء فوق عبء رعايتها لزوجها وأبنائها، ولا نملك إلا أن نقول مسكينة هي المرأة . لقد تحول عمل المرأة لجدلية لدى المفكرين وذوي الرأي في المجتمع، وصار مطلبا بدعوى المشاركة في أعباء المعيشة، وتحسين مستوى الإنفاق على الأسرة، ودعم تعليم الأولاد وخاصة حين يكون دخل الزوج دون المستوى ،وتريد هي أن تشارك في ظل الضغوط المعيشية ،ورأينا بعض المنادين بتحرير المرأة يدعون باستقلالها ماديا حتى تكون نظيرة للرجل . ونجد بعضا ممن خاضوا التجربة واكتووا بنارها في ظل ظروف غير ملائمة للمرأة لا تتيحها المجتمعات لا في الشرق ولا للغرب، ويشككون في نجاح التجربة، بل يطالبون أن تترك المرأة العمل، وتحصل على نصف راتبها كحل لمشكلات نشأت نتيجة ارتباطها بموعد عمل منتظم ، وبالتالي قلت الرعاية التي كانت متوفرة قبل عملها لبيتها ، فتنشأ مشكلات ،على أثر عدم رعاية أبنائها بالقدر الذي كان، والاهتمام بجانب آخر غاية في الأهمية .. بأنوثتها وتنمية الجانب العاطفي ، والمعارضون يرون أن وجودها في مملكتها " بيتها " أفضل من استهلاكها في بيئة عمل لا تراعي هذه الجوانب، وإمكانياتها الخاصة جدا ،وظروفها القهرية التي تستهلك جانبا من قوتها. تقارير الأمم المتحدة السنوية حول التنمية البشرية تؤكد أن المرأة هي مدخل التنمية الأساسي فالمرأة العاملة هي امرأة على درجة عالية من الوعي تساهم في تنظيم الأسرة وزيادة دخلها وبالتالي تأمين ظروف حياة أفضل لها. وتؤكد التقارير أن المخرج للنهوض بمجتمعات العالم الثالث من الفقر والتخلُف والبطالة وارتفاع نسبة النمو السكاني هو في تحسين ظروف النساء الصحية و الاجتماعية وإيجاد فرص العلم والعمل لهن فالأسرة التي ترعاها امرأة منتجة هي أفضل حالاً من أسرة تعتمد بشكل أساسي علي دخل الرجل فقط ، والمرأة العاملة تتمتع من خلال التجربة الواقعية بوعي أفضل لمفهوم الوقت ولمعنى الجهد الذي يبذل لانجاز العمل. وبالتالي تعي قيمة الدخل الذي تتقاضاه، ما يكسبها تمرساً في كيفية التصرف به فينتظم سلّم الأولويات لديها وينعكس ايجابياً على الأسرة.لذلك فالربط بين عمل المرأة وارتفاع عدد الزيجات الفاشلة ربط غير واقعي ويفتقر إلي الدقة وينطوي على تحليل غير موضوعي لأسباب فشل الزواج، فالمراقبة الميدانية تظهر واقعاً مغايراً. تقول الإحصاءات أن نسبة الطلاق في العائلات التي لا تمارس فيها النساء أعمالاً خارج البيت لا تقل عن نسبة الطلاق في العائلة التي تضطلع فيها المرأة بعمل أو مهنة. بل إن عمل المرأة بات في حالات كثيرة يشكل عامل استقرار مادي يعزز من مناعة الأسرة وترابطها.إن وعي المجتمع لحاجته إلى عمل المرأة في رفع مستوى دخل الأسرة وتغطية النفقات المتزايدة مع تطور الحياة العصرية، فضلاً عن دوره في إنضاج شخصيتها ومصالحتها مع عصرها، كل ذلك ساهم في إيجاد صيغ متعددة تساند المرأة في الاضطلاع بمسؤولياتها كزوجة وأم وامرأة عاملة. لقد تقلّصت المسافة بين ما يخصّ الرجل وما يخصّ المرأة في رعاية شؤون الأسرة فباتت المشاركة فعلاً حقيقياً يعزّر روابطها ويحمل المتعة والتقارب لكل أطرافها: الزوج والزوجة والأولاد. ربما كانت أغلب الأصوات المضادة لعمل المرأة و والمنادية بضرورة عودتها للمنزل بحجة أن عملها يهدد استقرار الأسرة أغلبها أصوات رجالية وذلك نظراً لأن المرأة تمكنت خلال مسيرة طويلة من النضال خلال القرن الماضي من إحراز خطوات متقدمة على هذا الصعيد. فقد خرجن إلى العمل وحصلن على حقوق حجَبَها عنهن المجتمع الذكوري طويلا تحت غطاء التقاليد والأعراف، بل وبدأن ينافسنه في الكثير من المجالات، بدليل دراسات أجريت في المجتمعات المتقدمة تشير إلى أن الإناث يحققن نسبا أعلى من الذكور في المدارس والجامعات، مما يخولهن الحصول على وظائف مهمة بسهولة اكبر. وقد أكدت التجارب أن عمل المرأة في رفع مستوى دخل الأسرة وتغطية النفقات المتزايدة مع تطور الحياة العصرية، عامل مهم في إنضاج شخصيتها ومصالحتها مع عصرها، وساهم كذلك في إيجاد صيغ متعددة تساند المرأة في الاضطلاع بمسؤولياتها كزوجة وأم وامرأة عاملة. وقد توصلت أحدث الدراسات حول مردودية عمل المرأة على أسرتها أن هذا الأخير جعل الرجل أقرب إلى يوميات الأسرة وإلى المعاناة المباشرة للمرأة، ما دفعه تلقائياً لأن يتقاسم معها مسؤوليات البيت من دون أن يشعره ذلك بأي انتقاص في رجولته ، فلم يعد يعاني من الإحراج في دخول المطبخ أو رعاية الأطفال بكل ما يتطلب الأمر من صبر ودراية. و تقلّصت بالتالي المسافة بين ما يخصّ الرجل وما يخصّ المرأة في رعاية شؤون الأسرة فباتت المشاركة فعلاً حقيقياً يعزّز روابطها ويحمل المتعة والتقارب لكل أطرافها: الزوج والزوجة والأولاد. إذن من حيث المبدأ والممارسة، لا يتعارض عمل المرأة مع تماسك الأسرة إذا ما ارتكزت العلاقة بين طرفيها، الرجل والمرأة، على التفهم والوعي والمشاركة والإرادة الجدية في الحفاظ على روابطها، بل إن دخلاً إضافيا يؤمنه عمل الزوجة، يحمل إلى المؤسسة الأسرية الشعور بالأمان المادي . بل ويفيد المرأة في أحيان كثيرة وهذا ما أكدته إحدى الدراسات البريطانية الحديثة التي أشارت إلي أن جمع المرأة بين عملها وكونها زوجة أو لها شريك حياة وأطفال يساعدها على تمتعها بصحة جيدة.حيث اكتشف العلماء القائمين علي الدراسة أن النساء اللائي لعبن أدوارا متعددة في الحياة انخفض لديهم خطر المعاناة من مشاكل صحية أو البدانة في منتصف العمر بالمقارنة بربات المنازل أو الأمهات اللائي يعشن دون شريك حياة أو النساء دون أطفال. واكتشف الباحثون أن النساء اللائي كن ربات منزل في معظم أوقات حياتهن كن أكثر عرضة للمعاناة من مشاكل صحية. وجاء في المرتبة الثانية الأمهات اللائي يعشن بلا شريك حياة والنساء اللائي لم ينجبن.بل أكدت الدراسة علي أن ربات المنازل كن أكثر عرضة لزيادة الوزن وهذه الفئة اكتشف فيها أعلى معدل للبدانة بنسبة 38 بينما كان المعدل في ادني درجاته لدى النساء العاملات والزوجات و الأمهات.
|
ومجتمع
عمل المرأة صمام أمان لسعادة الأسرة
أخبار متعلقة