فى البداية فإن تحديد الإخوان المسلمين فى كل ما أكتب هو الثقافة وليس الأشخاص. ليس بينى وبينهم كأشخاص أى مشكلة، المشكلة هى مع فكرهم الوهابى المناقض للاسلام والذى يستخدمونه للوصول إلى الحكم فيظلمون الله تعالى ورسوله ودينه قبل أن يظلموا المسلمين وغير المسلمين. ليس ما أكتبه حكما مسبقا على النيات حين أقول ان حكم الاخوان المسلمين الآتى هو "أسفل السافلين " الذى سنترحم فيه على الحضيض ـ وهو حكم مبارك البوليسى الاستبدادى. اننى أقرر هذه الحقيقة بناء على التخصص العلمى فى تاريخ الاخوان وعقلياتهم وانتمائهم الفكرى والفقهى، وبناء على ما عانيته منهم ومن أتباعهم منذ 1977 وحتى الآن. انها شهادة على العصر يؤكدها أشخاص لا يزال بعضهم على قيد الحياة، كما تؤكدها وثائق وأحداث وقعت ولا تزال تقع. اضطهاد مستمر ودعوات للقتل واستعداء للنظام ضدى وتلفيق للاتهامات وتأليف لأكاذيب وافتراءات تدمر السمعة الدينية والوطنية بالتكفير والتخوين والتحقير. انه الاغتيال المعنوى للشخصية الذى يمهدون به للتصفية الجسدية كما حدث مع صديقى الراحل فرج فودة. الاغتيال المعنوي أخذ طابع الاستمرارية والالحاح على القارىء بالاصرار على تكرار الكذب وترديد نفس البهتان دون ملل أو خجل مهما تم الرد وظهر الحق، الى أن يتم الاغتيال المادى. بعده لا يسكتون وانما يستمرون فى تشويه الضحية ولعنه وأكل لحمه ميتا ليكون مستحقا لما فعلوه به وليكون عبرة لغيره. اذا خاف وتراجع فى منتصف الطريق ـ كما حدث لبعض الأصدقاء ـ لم يغفروا ولم يصفحوا عنه، بل تظل محاكمته قائمة لا يرفعها الندم ولا تخففها التوبة. فاذا كان الله تعالى يغفر فهم لا يغفرون، واذا كان الله تعالى يصفح فهم لا يصفحون، واذا كان جل وعلا قد وسعت رحمته كل شىء فان ظلمهم قد شمل كل شىء! ظلموا رب العزة حين زعموا أنه اختارهم من دون العالمين ليحكموا الناس باسمه وليمثلوا دوره فى التحكم بالبشر، وظلموا البشر بالتعالي عليهم واعتبار أنفسهم المؤهلين وحدهم للتحكم فى الناس ومن عارضهم فمصيره القتل فى الدنيا والجحيم فى الآخرة. وهكذا فإنه اذا كان محمد عليه السلام ـ خاتم النبيين ـ ليس له من الأمر شىء كما جاء فى القرآن الكريم فان أولئك زعموا لأنفسهم كل شىء بالتحكم فى الدنيا وفى الآخرة معا. هذه الثقافة الدينية الاجرامية هى التى تحول من يقتنع بها الى شيطان مريد مهما تخفى خلف كلام معسول وابتسامة ساحرة وعمامة ولحية. ان الشيطان يحلو له دائما أن يتخفى خلف كثير من العمائم واللحى،فاذا اشتقت اليه فانظر الى بعض العمائم واللحى وابتعد عنهم مستعيذا بالله العزيز العليم من الشيطان الرجيم. أتذكر بكل أسى ما فعلوه مع الراحل فرج فودة. أعاشوه فى خطابات وتليفونات لا تنقطع من الشتائم والتهديدات فأرعبوا أولاده وأصابوا السيدة زوجته بمرض نفسى عاشت معظم وقتها فى المستشفى من الهلع ، واختطفوا ولده الثانى وكان فى الرابعة عشرة من عمره ، وأطلقوا سراحه بعد ضرب مبرح ، ولولا همة البحث البوليسى وخوف القبض عليهم ومعرفة المتورطين فى الخطف والتعذيب لصبى برىء ما أطلقوا سراحه. هذا هو الجانب الخفى الذى شهدته فى صحبتى لفرج فودة ، والذى أبت كرامته الشخصية الحديث عنه أوالشكوى منه. يرتبط بذلك أزماته المالية المستمرة بعد أن حاربوه فى رزقه ـ كمستشار اقتصادى ـ فى الوقت الذى يؤلفون فيه الروايات المفتراة عن الملايين التى تصل اليه من الغرب. كان فى سعة من الرزق قبل أن ينغمس فى العمل السياسى والفكرى ، كان له مكتب وسيارة وعملاء كثيرون لا ينقطع توافدهم على مكتبه. فلما أصدر كتابه " قبل السقوط " بدأت ضده الحرب الضروس فهرب عملاؤه وأقفر مكتبه الا من زوار الفكر والفقر من أمثالى، نجلس سويا نحكى همومنا ونحلم بمستقبل افضل لمصر. رشح نفسه عن دائرة شبرا وفيها تجمع كبير من الأقباط ، كان يحمل همومهم يريد أن يصل بها الى مجلس الشعب، وكمسلم كان يريد أن يعبر عن كل المصريين جميعا.كان واضحا تفوقه واكتساحه الجميع بما فيهم مرشح الحزب الوطنى. أسقطه الاخوان المسلمون بطريقتهم الشيطانية: قبل الانتخابات بيومين امتلأت شوارع شبرا عن آخرها بمنشور يزعم أنه يعرض لمؤلفات فرج فودة. ويفترى أنه فى كتابه كذا قال كذا فى الطعن فى القرآن ، وفى سب النبى محمد عليه السلام قال كذا ، وفى الاستهزاء بالصحابة قال كذا.. الخ. يذكر الكلام كأنه نصوص منقولة من كتب فرج فودة. فوجىء فرج بهذه الأكاذيب السامة التى لم تخطر على باله، تحرك بسرعة يعقد الندوات حاملا كتبه يثبت أنه لم يذكر أى حرف من ذلك الافك المنسوب اليه، ولكن كان السهم قد نفذ ، ولأننا شعب الثقافة السمعية فقد تناقل الجميع كل ما جاء به البيان كحقائق مؤكدة خصوصا مع الهجوم المستمر عليه من خطباء المساجد الذين روجوا لهذا الافتراء يتهمون فرج بالكفر وعداء الاسلام والطعن فى الله تعالى ورسوله والعمالة للغرب، فرسب فرج فى الانتخابات بتلك الحيلة التى تعبر عن"الافتراء" وهو أهم سلاح (شرعى) للاخوان. مع أزماته المالية ـ التى كانت أحيانا تعوقه عن اصلاح سيارته المتهالكة ـ الا أنه كان كريما سخيا. مرت على ّ أوقات غاية فى الفقر فكتبت مقالا ساخرا بعنوان " فان مع العسر يسرا " أمتدح فيها صديقى الدائم طبق الفول وأتحسر على زمن اللحم الذى ولى ولم يعد. كنت أنشر مقالا اسبوعيا فى الأحرار بفضل توسط فرج فودة وعلاقته بوحيد غازى رئيس تحرير الأحرار وقتها مقابل مائة جنيه كانت تشكل بندا أساسيا فى قوام معاشى. وقتها كان ينشر فيه الأخوان المسلمون وأعوانهم ـ ولا يزالون ـ أكاذيب ضخمة عن ملايين تأتى لى من اعداء الاسلام!!. بعد نشر مقالى المشار اليه فوجئت بفرج فودة ـ يرحمه الله تعالى ـ يستدعينى على عجل من تليفون البقال ـ وكان أقرب تليفون لبيتى حيث لم يكن لدى المقدرة وقتها على ادخال تليفون فى بيتى ـ ويطلب منى أن ألقاه على عجل. قابلته فى مكتبه ألهث لمعرفة السبب فى هذا الاستدعاء العاجل، طمأننى واصطحبنى الى مطعم كباب وأقسم بكل عظيم أن أقبل دعوته على الغذاء مع ان موعد الغذاء لم يكن قد حل بعد. لم يتركنى أتساءل عن السبب اذ شغلنى بمشكلة فقهية أثناء الطعام زعم أنها تؤرقه وهى السبب فى دعوتى. استيقظت لنفسى بعدها وأنا فى بيتى وقد عرفت السبب فجأة أذ كان يومها الاثنين وكانت الأحرار قد نشرت مقالى اياه بعد كتابته وارساله بشهر سابق ونسيت أمره، فلما نشرته الأحراروقرأه فرج فودة بادر بهذا التصرف النبيل. هو نفسه فرج فودة الذى دافع عنى وأنا فى سجن طرة دون معرفة سابقة بيننا فى مقاله:" أحمدك يا رب " المنشورفى " ألاهالى "، وكان موقفه النبيل منى أساس صداقتنا فيما بعده، ولقد حكى هذا فى كتابه " نكون أو لا نكون"، وحكيت نفس الحادثة فى نقابة الصحفيين فى أول مناسبة لتأبينه بعد اغتياله. وأحكيها هنا أيضا للتحذير من عصر أسفل السافلين القادم ان لم نتكاتف لانقاذ مصرنا ومصيرنا ومصير أولادنا.منذ بداية الثمانينيات بدأ الفكر الوهابى يسيطر على جامعة الأزهر، بعد انحسار الوصاية الصوفية عنه. كان لى الفضل فى مواجهة الفكر الصوفى وقهره خلال رسالتى للدكتوراة وصراعى مع النفوذ الصوفى فى الأزهر بسببها فيما بين 1977 الى 1980، ثم فى كتبى اللاحقة 1982 ـ 1984، وكنت سنيا معتدلا وقتها أطمح الى اصلاح الفكر السنى أسوة بما فعلته فى التصوف. واندلعت الحرب بينى وبين شيوخ الأزهر السنيين سنة 1985 حين أحالتنى جامعة الأزهر للتحقيق بعد تأليفى خمسة كتب للترقية لأستاذ مساعد وقمت بتدريسها للطلبة، كان أهمها كتاب :"الأنبياء فى القرآن الكريم ".لم تكن تهمة "انكار السنة " قد جالت بخاطرهم بعد. لذا اتهمونى بانكار شفاعة النبى محمد عليه السلام وانكارعصمته المطلقة وانكار تفضيله على الانبياء السابقين عليهم السلام. وطلب مجلس التأديب الذى أحالونى اليه تقريرا عن كتبى من بعض الأساتذة ومن الأمين العام لمجمع البحوث الاسلامية وقتها وكان الشيخ عبد الجليل شلبى. جاء تقرير عبد الجليل شلبى أكثرها رفقا بى اذ اختلف معى فكريا الا انه أشاد بمشاعرى الاسلامية واجتهادى وشدد على عدم الاضرار بى وبسمعتى ومعالجة الأمر بهدوء داخل الجامعة. طبقا لقرارتهم جلست فى بيتى عامين محروما من الترقية لاستاذ مساعد ومن السفر للخارج ومن العمل داخل الجامعة، بل صادروا معظم مستحقاتى المالية السابقة واللاحقة حتى اتراجع عن عقيدتى فلم أرضخ. أحس بمشكلتى صديق فاضل يعمل رئيسا لقسم التاريخ وقتها فى جامعة المنصورة فجعل رئيس جامعة المنصورة يخاطب جامعة الأزهر للموافقة على نقلى الى قسم التاريخ هناك حلا للمشكلة، فأرسلوا اليه انذارا يأمره بالابتعاد عنى، وعزز الأمر بتأييد من مباحث أمن الدوله فاضطر عميد القسم ورئيس الجامعة فى المنصورة للانسحاب خوفا.لأنه كان هينا فى تقريره ضدى فقدعوقب الشيخ عبد الجليل شلبى بعدم التجديد له فى مجمع البحوث بينما تمت ترقية الشيخ سيد طنطاوى رئيس اللجنة التى كانت تحاكمنى فأصبح مفتى مصر لموقفه المتشدد معى. خلال العامين قدمت استقالتى فرفضوها فرفعت ضدهم دعوى لارغامهم على قبول استقالتى فاضطروا الى اصدار عزلى من الجامعة. أعطواالفرصة للشيخ عبد الجليل شلبى ليكفر عن خطئه فاسندوا له وظيفة جديدة هى كتابة العمود اليومـى " قرآن وسنة " فى الجمهورية بعد موت الشيخ محمد سعاد جلال. قام الشيخ عبد الجليل بالهجوم على شخصى يتهمنى بكل ما يسىء لدينى وشرفى وخلقى وعلمى. نسى الشيخ ـ وكان وقتها يقترب من الثمانين من عمره ـ ما كان أوصى به زملاءه الشيوخ من عدم الاضرار بى ومعالجة الأمر بهدوء بعيدا عن الصحافة، فكان هو الذى استمر فى الهجوم الصحفى علىّ بطريقة كانت لا تخلو أحيانا من سفاهة، كأن يقول عنى اننى أتهمت النبى محمدا فقلت " ووجدك ضالا فهدى" ناسيا أنها آية قرآنية. الا أنه كان يلح دائما على اتهامى بتلقى الملايين من الخارج لأخرب الاسلام، حتى يفلت من مناقشة آرائى القرآنية.بعد تركى الجامعة فى مارس 1987خططوا للقبض علىّ وعلى أخوانى القرآنيين بتهمة جديدة هى انكار السنة، فتوالت مقالات الشيخ شلبى فى عموده اليومى "قرآن وسنة " تتهمنى بتلقى الملايين من الخارج فى الوقت الذى كنت عاجزا فيه عن شراء ملابس العيد لأولادى. ان انسى لا أنسى أن كنت يوما بصحبة ابنى الأكبر محمد نسير فى شوارع العتبة وأسواقها التجارية. كان محمد قد ازداد طولا ويرتدى الملابس القديمة التى تقاصرت عليه، وكانت آخر ملابس اشتريها له منذ تركت الجامعة. طافت بى عواصف الأسى وتساءلت فى نفسى : ما ذنب أولادى فى الذى يجرى لى ؟ وهل عليهم دفع الثمن لمجرد انهم ابنائى ؟ وأين خصومى وافتراءاتهم لينظروا حالنا؟ أقول هذا الآن لأحمد الله سبحانه وتعالى وأنا أرى أولادى قرة عين لى ولعائلتى برجولتهم وثقافتهم بما تعلموه معى من الصبر على الشدائد !! كنت قد خرجت من الجامعة محالا على المعاش وأنا فى الثامنة والثلاثين من عمرى بعد عمل فى جامعة الأزهر استمر خمسة عشر عاما فقط استحققت عليه معاشا شهريا لم يبلغ فى سنته الأولى 86 جنيها لا تكفى نفقة اسبوع، بينما ينعم الشيوخ الأفاضل حتى بعد السبعين من أعمارهم بمعاشات ومكافآت بكل العملات الصعبة والسهلة من الوظائف المختلفة فى اللجان الشرعية فى البنوك الاسلامية و الجمعيات المختلفة الحكومية والشعبية والرسمية وشبه الرسمية. ليلة القبض على كنت أكتب الجزء الثانى من موسوعة لم أتمها كانت بعنوان " شريعة الله وشريعة البشر " اناقش فيها التناقض بين سريعة القرآن والفقه السنى. الجنود البواسل الذين قبضوا على صادروا كل ما كتبته فى تلك الموسوعة وما أعددته من مادة علمية كما صادروا قرابة الف نسخة من آخر كتاب لى طبعته على حسابى وبمعونة أصدقائى، وهو " المسلم العاصى ". تركونى أصلى ركعتين وأودع زوجتى وأولادى وأترك معهم اربعين جنيها محتفظا لنفسى بكل ما تبقى لدى من مال وكان ثمانين جنيها، وخرجت معهم الى المجهول.فى سجن طرة كنت انظر فى حسرة الى الثمانين جنيها مؤنبا نفسى لماذا لم أتركهم لأولادى وهم وحدهم فى تلك المحنة؟!. لا أنسى أننى فى موقف ضعف بينى وبين نفسى اجتاحنى الغم والوساوس تأكلنى حول حال أولادى وكيف يعيشون بالقليل الذى تركت معهم وأتهم نفسى بالأنانية. سمعت صوتا ينادينى وكان أحد المساجين يقرأ فى الجمهورية يقول لى مبتسما: إن الشيخ عبد الجليل شلبى يتحدث عنك هنا. أعطانى " الجمهورية " لأقرأ فيها مقال الشيخ يتشفى فى سجنى ويتحدث عن الملايين التى تأتينى وكيف أنها ما أغنت عنى شيئا. لأول مرة فى تجربة السجن تلك غلبتنى دموعى من القهر ونظرت الى السماء أطلب المزيد من الصبر. لم يكن اهلى قد عرفوا بعد اين أخذونى، وطاف أهلى يبحثون عنى فى أقسام البوليس بينما تطاردهم الصحافة المصرية فى شهامتها المعهودة تهاجمنى وتفترى أكاذيب عنى. كانت الصحف القومية هى المسموح بها فقط فى السجن دون صحف المعارضة. وقد عشت أوقاتا كئيبة وأنا أقرأ ما تكتبه الصحف القومية عنى من افتراء وهجوم دون وازع من ضمير أو شرف أو محاولة لاستطلاع رأى الطرف الآخر المسجون الذى لا حول له ولا قوة. فى هذه الأثناء ظهر فى "الأهالى "مقال فرج فودة " أحمدك يا رب " وكان الوضع قد تحسن اذ عرف أهلى اننى فى طرة، فجاءوا فى أول زيارة لى ومعهم ما لذ وطاب من الطعام، تسلمته عبر الأسلاك وسمعتهم يؤكدون على أهمية ورق الجرائد الذى يغلف أوانى الطعام. فتحت أوراق الجرائد فاذا بها "الأهالى " وفيها مقال فرج فودة الذى يدافع عنى بكل قوة ويهاجم مباحث أمن الدولة وتلفيقها تلك التهمة لى قائلا انه يقتنع بنفس الفكر، وان الامام أبا حنيفة قد قال نفس ما قلته من قبل. نزل مقال " أحمدك يارب " على قلبى بردا وسلاما، وأكد لى أن فى مصر رجالا مهما تكاثر فيها الأشرار والخصيان والأنذال. وطفقت اقارن بين فرج فودة وعبد الجليل شلبى. الأول كاتب علمانى لا يعرفنى ويندفع للدفاع عنى وكل ما قرأه لى هو الاتهامات الواردة فى الأهرام وغيرها عن كتاباتى وهى كلها دلائل اجتهاد علمى ولكن تحولت فى الزمن الأغبر الى جرائم تستحق السجن. الثانى شيخ جاوز الثمانين قرا كتبى وعرفنى وقال شهادة حق ثم تنكر لها وواصل الهجوم بالأكاذيب لمن لم يسبق له أن اساء اليه، بل حتى لم يترفق به بعد تركه الجامعة او حين وضعوه فى السجن مظلوما. فارق هائل بين شهامة ونبل فرج فودة وموقف عبد الجليل شلبى الذى أترك تقييمه لحكم القارىء. توالت مقالات الشيخ عبد الجليل شلبى تهاجمنى بنفس الأكاذيب بعد الافراج عنى، لم يعد الهدف هو القبض على بل دفع الارهابيين لقتلى. حضيض النظام العسكرى الاستبدادى كان أكثر رحمة بى منهم. ليس فى القانون المصرى عقوبة على الاتهام المنسوب لى وهو" انكار السنة" ولو كانت دولة الاخوان المسلمين لكانت التهمة "حد الردة " وعقوبتها القتل بدون محاكمة كما يرون فى عقوبة " الزنديق " التى قال بها ابن تيمية فى رسائله، وسيد سابق فى كتابه " فقه السنة" وابو بكر الجزائرى. كل ما فعله الاستبداد العلمانى المصرى هو السجن لمواجهة ضغط سياسى هائل قادته السعودية وأعوانها من الشيوخ الأزهريين السنيين الوهابيين. وبعدها بأكثر من عشر سنوات حين ازداد نفوذ الوهابية فى مصر وازداد ضعف النظام فى مصر وازداد حنقه على ما نفعله بالتعاون مع مركز ابن خلدون فقد قرر معاقبة القرآنيين بتهمة ازدراء الأديان، وبذلك حكم على بعض الرفاق القدامى بالسجن بضع سنين.احقاقا للحق فى شهادتى هذه لابد أن أذكر بعض الايجابيات لبعض ضباط ومسؤولي أمن الدولة دون ذكر اسماء. لقد تعاملت معهم متهما يستدعونه للتحقيق وللترويع منذ عام 1986 طبقا لأوامر عليا من الوزير زكى بدر ثم من جاء بعده. ولا زلت أذكر غرفة النشاط الدينى فى لاظوغلى التى دخلتها عشرات المرات فيما بين 1986 الى 1997 ثم بعدها فرع أمن الدولة فى المرج ودار السلام. خلال تلك السنين عايشت ضباطا كبارا أنهوا خدمتهم، وضباطا صغارا كبروا أمام عينى مثل أطفالى وترقوا من ملا زم أول الى مقدم، وكنت اسميهم بينى وبين نفسى ساخرا " الضباط بتوعى ". كانت مهمتهم التخفيف من غضب الشيوخ وضغوطهم المستمرة التى تلح على اعتقالى وسجنى لتسهيل إغتيالى فى السجن بعد أن صرت مشهورا ومعروفا ومطلوبا.أفهمنى أولئك الضباط أن إستدعائى هى مجرد أوامر، وبهدف حمايتى. قبل القبض على بأيام قال لى رئيس النشاط الدينى، وكانت أمامه مذكرة القبض علىّ كما عرفت فيما بعـــد :" يا دكتور أحمد أنا لا أنام الليل من أجلك ، لماذا لا تقعد فى حالك ولا تخطب فى المساجد ". قبلها طلب هو نفسه من الشيوخ عقد مناظرة بيننا فى أى موضوع يختاره الشيوخ ولا يحضره سوى كبار ضباط أمن الدولة لأنهم مقتنعون بأننى مسلم حريص على دينه ولست كافرا كما يقول شيوخ الوهابية. رفض الشيوخ بالطبع. قبلها وفى سنة 1985 طلب رئيس نادى جامعة الأزهرالدكتور عويضة عقد نفس المناظرة بينى وبينهم داخل الجامعة فرفضوا. إنهم لا يجرؤون على مواجهتى فى مناظرة، ولا يستريحون إلا بتغييبى فى سجن أو فى قبر. هذه هى نظرة الشيوخ الأخوان لكل من يختلف معهم فى الرأى. فهل ستتسع صحراء مصر للقبور الجماعية التى سيقيمها الأخوان المسلمون لكل من يعترض عليهم ؟ فى مواجهة الآخوان وغيرهم من المتطرفين الذين شوهوا الاسلام العظيم سينطلق قريبا موقع (أهل القرآن ) الذى سينقل للقراء كل مؤلفاتى ومنها (الصلاة بين القرآن والمسلمين ). وسيكون موقع ( أهل القرآن ) بعونه تعالى بيتا فى فضاء الانترنت لكل المسلمين المستنيرين. والحمد لله تعالى رب العالمين..[c1]* مفكر ازهري مصري[/c]
الإخوان وأهل القرآن
أخبار متعلقة