مع الأحداث
ما أحب كلمة “الأبناء” إلى نفوسنا، فهم بحق زينة الحياة الدنيا” وفلذات أكبادنا، لأنهم.. يملؤون بيوتنا بهجة وسروراً وانشراحاً. إنهم أشبه بالغرسة التي يتعهدها البستاني بالري والعناية التامة، يمنحها كل سبل الرعاية والصيانة، حتى تنمو وتكبر هذه الغرسة فتعطي ثمارها الطيبة. وهكذا “الأبناء” كلمة تحمل في حروفها أحلام عمر ورحلة كفاح طويلة، وتتمحور حولها حياة الكثيرين من الأبناء لدرجة تجعلهم يتخلون عن كل أو (بعض) أحلامهم، ويختزلونها في حلم واحد هو نجاح الأبناء.* والسؤال المطروح أمامنا هو هل تغير الأبناء في سلوكهم وقولهم عن أبناء الجيل الذي سبقهم؟ نقول بكل ثقة: نعم. لقد تغيروا، ما من شك في ذلك، حيث أصبحوا الآن أبناء عصر المعلومات والكمبيوتر وشبكة الإنترنت، وأصبح لنا في التربية شركاء آخرين لا نبالغ إذا قلنا إنهم أصبحوا أكثر اقتراباً منا لهم، بل أكثر تأثيراً.* ترى هل تغير الآباء بما يتناسب مع تغير الأبناء في عصر تقنية المعلومات؟ وهل تغير أسلوب التربية والمعاملة بما يسمح لأبناء هذا الجيل بالتواصل مع أبائهم، وعدم شعورهم بأن هناك بونا شاسعاً وفجوة واسعة؟ لقد صدق قول الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) حينما قال عن أبنائنا:”إنهم خلقوا لزمان غير زماننا” مما يدل على أنه لن تعد اللغة الآمرة والسلطة الأبوية هي الحاكمة، والمسيطرة على علاقة الأبناء بالآباء، وبقدر ما أصبحت هناك لغة أخرى أكثر إقناعاً، وأشد عمقاً وتأثيراً وهي لغة العقل والحوار.* ونذكر بهذه المناسبة أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يستشير الأطفال. ولما سئل عن ذلك، قال:”إنهم أحد منا ذكاء، لأنهم لم يرتكبوا معصية بعد”.ترى هل تحترم عقل أبنك وتقدر تفكيره بما يشعره أنه كائن مقبول ومؤثر؟ وهل تتصل به - هاتفياً - وأنت خارج البيت لتعويض انشغالك عنه، وإشعاره بأنك مهتم به؟* لا شك أن مثل هذه الأمور الصغيرة والبسيطة تصنع المعجزات في حياة الأبناء، بل وتخلق شخصية صغيرة، مؤثرة قادرة على التواصل مع المجتمع، وقبل ذلك، التصالح مع الذات.* وما دمنا نحب أبناءنا جميعاً، ونسعى إلى تربيتهم تربية صالحة، فإن الأمر يحتاج منا - اولاً - أن نربي أنفسنا على الفضائل مثل الصدق والأمانة والوفاء والنزاهة والأخلاق في العمل والانتماء إلى الوطن والإحساس بالمسؤولية، واستيعاب تلك المفاهيم والقيم استيعاباً جيداً، والتي نريد أن نغرسها في نفوس أبنائنا، وتمثلهم لها سلوكيا، بحيث يخرج جيل صالح يحمل قيم وثوابت الأجداد ومفاهيم ولغة العصر. فهل نحن فاعلون؟ أرجو ذلك.