الرئيسان اليمني والامريكي من الارشيف
ذويزن مخشف يرى العديد من المراقبين أن الزيارة التي يقوم بها حالياً فخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية للولايات المتحدة الأمريكية ستكون نقلة نوعية وجديدة في علاقات البلدين التي بدأت قبل أكثر من نصف قرن من الزمان وأكدوا أنها تكتسب أهمية كبيرة كونها ستتيح للجانبين الفرصة لترجمة رغبتهما المشتركة في تعزيز مجالات التعاون بين البلدين لاسيما ما يتعلق بالتنفيذ الواقعي لتوصيات مركز الشرق الأدنى والدراسات الاستراتيجية الأمريكي التي خرجت بها ندوة الحوار عن (العلاقات اليمنية الأمريكية) التي عقدت أواخر فبراير الماضي في العاصمة صنعاء .وقد عبرت الندوة عن اهتمام وحرص الولايات المتحدة في توسيع أطر الشراكة القائمة مع اليمن كاستحقاق باتت تقتضيه النجاحات التي حققتها الجمهورية اليمنية على الأصعدة الديمقراطية وحقوق الإنسان، والمشاركة الشعبية في صنع القرار، ومكافحة الإرهاب، فضلاً عن الدور الايجابي الذي أصبحت تلعبه في جانب تعزيز مناخات الأمن والاستقرار في منطقتي الشرق الأوسط والقرن الأفريقي وهو ما تنظر له الولايات المتحدة بعين التقدير والاحترام.[c1]ترقب واهتمام بنتاج الزيارة[/c]وتترقب الأنظار باهتمام بالغ قمة الزعيمين علي عبد الله صالح وجورج دبليو بوش في واشنطن اليوم الأربعاء وما ستخرج بها هذه القمة من نتائج لاسيما في ضوء تأكيدات الرئيس علي عبد الله صالح قوله: "أننا في اليمن نتطلع كثيراً إلى دور أمريكي فاعل للدفع بعملية السلام في المنطقة من خلال إقناع إسرائيل بالقبول بالمبادرة العربية من دون أي تعديل أو انتقاص باعتبارها من أكثر المبادرات وضوحاً في تفصيلاتها وتكاملاً في أهدافها ومضمونها"، كما انها تمثل اليوم خياراً عربياً ودولياً واقعياً لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة, إستناداً الى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع العربي – الاسرائيلي".وتأتي زيارة الرئيس صالح إلى أمريكا بعد أقل من شهرين على قرار مجلس إدارة صندوق تحدي الألفية بالولايات المتحدة إعادة إدراج اليمن ضمن الدول المستفيدة من برنامج مساعدات التأهل للصندوق، وهو القرار الذي جاء تجاوبا مع الاصلاحات التي نفذتها اليمن في العديد من المجالات .[c1]مراحل تطور العلاقات اليمنية - الأمريكية[/c]وبما إن العلاقات اليمنية الأمريكية قد مرت بمراحل تشكّل وتعمق المصالح المشتركة فإنها مازالت رغم سنوات الشد والجذب جيدة عموما. وينطلق الاهتمام الأمريكي باليمن من موقعها الجغرافي الهام ووجودها في منطقة تقاطع الممرات المائية الدولية، إضافة إلى حيازتها لأهم مصادر النفط، ونهجها الديمقراطي الذي يمثل نموذجا يحتذى به في المنطقة. وتعود العلاقات اليمنية الأمريكية إلى العام 1959 حينما أقامت الولايات المتحدة الأمريكية ممثلية مقيمه في مدينة تعز اليمنية وشكل اعتراف إدارة الرئيس كينيدي في 19 ديسمبر 1962 بقيام الجمهورية العربية اليمنية نقطة مفصلية في العلاقات الثنائية. وشهدت الفترة من 1970-67 انقطاعا في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، إلا أنها عادت للازدهار بعد حرب 1978 عقب المواجهات مع النظام في الجنوب سابقا، وتطورت العلاقات العسكرية تحت مظلة حماية منطقة الجزيرة والخليج في وجه المد الشيوعي. [c1]تحول في العلاقات [/c]ومنذ تولي الرئيس علي عبد الله صالح، مقاليد الحكم في 17 يوليو 1978 يمكن القول إن العلاقات اليمنية الأمريكية بلغت ذروتها، واستمر المدّ إلى نشوب أزمة الخليج التي أدت إلى انتكاسة واضحة في العلاقة بين الجانبين. وفي ابريل 1987 أجرى نائب الرئيس الأمريكي حينذاك جورج بوش زيارة عمل هامة للجمهورية اليمنية أسست لاستيعاب الولايات المتحدة اللاحق لأهمية علاقاتها باليمن.وكانت مناسبة لدخول الاستثمارات النفطية الأمريكية إلى اليمن. [c1]أول زيارة لرئيس يمني إلى أمريكا[/c]ومثل قيام الرئيس على عبدالله صالح بأول زيارة يقوم بها رئيس يمني للولايات المتحدة في 26 يناير 1990، قبل بضعة أشهر من قيام الجمهورية اليمنية ، تدشينا لمرحلة جديدة من العلاقات اليمنية-الأمريكية في الفترة من 1990 - 2000 ، مما انعكس على حيوية وأهمية اليمن بالنسبة لأمن البحر الأحمر.غير انه سرعان ما شهدت العلاقات بين البلدين التباساً في الفترة التي سبقت حرب الخليج الثانية، وترتب عن ذلك إقفال مكتب الوكالة الأمريكية للتنمية، وإنهاء التعاون العسكري.[c1]تزايد الاهتمام الأمريكي باليمن[/c]وخلال النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تبدي اهتماما متزايدا بالجمهورية اليمنية، وشكل دعم أمريكا للوحدة اليمنية أمام المحاولة الانفصالية ركيزة للتطور اللاحق في العلاقات الثنائية. وظلت العلاقات الثنائية متنامية بين اليمن والولايات المتحدة، الى ان وقعت حادثة تفجير المدمرة كول في ميناء عدن في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2000، الأمر الذي أدى إلى تدهور العلاقات الثنائية مرة أخرى، رغم تعاون اليمن مع المحققين الأمريكيين.وفي 19 أكتوبر 2000 دافع الجنرال انطوني زيني القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية الوسطى USCENTCOM في شهادته أمام لجنة الخدمات العسكرية في الكونغرس الأمريكي، بعد أسبوع من الحادث الإرهابي الذي استهدف المدمرة الأمريكية USS COLE في ميناء عدن، أهمية العلاقات اليمنية - الأمريكية من منظور سياسي وعسكري واستراتيجي، وعلى الرغم من حراجة اللحظات حينها بالنسبة للعلاقات بين البلدين إلا أن الجنرال تبين بنظرته الفاحصة أهمية تطوير سياسة الاقتراب الشامل من اليمن.لتشهد بعد ذلك السنوات الأخيرة، وتحديدا بعد حادثة المدمرة كول، والأحداث التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية في 11 سبتمبر انتعاش العلاقات الثنائية، تحسنا لافتا في علاقات التعاون بين البلدين اسفر عن زيادة الدعم الأمريكي لجهود التنمية في اليمن، وتدعيم التجربة الديمقراطية وزيادة التعاون العسكري والأمني، لتصبح اليمن شريكا مهما في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب في الإقليم. وأسهمت التحولات الديمقراطية العميقة التي شهدتها الجمهورية اليمنية منذ قيامها في تطوير التقارب بين الدولتين، من خلال دعم المنظمات السياسية وغير الحكومية التي تعنى بالتجارب الديمقراطية في الجمهورية اليمنية باعتبارها احد ابرز تجارب الديمقراطيات الناشئة في العالم. [c1]التعاون في مكافحة الارهاب[/c]وشهدت العلاقات اليمنية الأمريكية خلال الخمس السنوات الأخيرة تحديات أثبتت تماسكها وقدرتها على البقاء والنماء.ففي 9 / 12 / 2002 تعرضت سفينة شحن كورية شمالية محملة بشحنة صواريخ سكود مشتراة لصالح وزارة الدفاع اليمنية، لاعتراض القوات الأسبانية العاملة ضمن قوات التحالف الدولي في عملية " الحرية الدائمة " في منطقة البحر العربي.وخلال الـ 24 الساعة التالية للحادث تبادلت القيادات السياسية في صنعاء وواشنطن الاتصالات الدبلوماسية، ونشطت وزارتا الخارجية في البلدين لتبيان أبعاد الصفقة في ضوء القانون الدولي وأثرها على علاقات البلدين وتحالفهما لمكافحة الإرهاب. اذ انطلق التحرك الدبلوماسي اليمني من تبيان شرعية الصفقة ضمن جهود اليمن وقواتها المسلحة للدفاع عن السيادة الوطنية، وتحقيق استتباب الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة. واعتمد اليمن مبادئ القانون الدولي للدفاع عن مشروعية الصفقة وفقا للاتفاقيات الدولية المرعية، الأمر الذي جعل الإدارة الأمريكية تؤكد بعد الإمعان في الموضوع، انه لا يوجد نص في القانون الدولي يمنع اليمن من تسلّم صواريخ من كوريا الشمالية، وبعد التأكد من أن الشحنة تتبع القوات المسلحة اليمنية ولن تذهب إلى أي دولة إرهابية محتملة. وعلى الرغم من محاولات بعض الأطراف التي لها مصلحة في تعقيد علاقات الشراكة بين اليمن وأمريكا، في تضخيم القضية ومحاولة تقديمها من زاوية فشل الدبلوماسية الأمريكية لاستثارة المشاعر، إلا أن الصراحة والمباشرة والانطلاق من مبادئ راسخة في القانون الدولي، أفشلت رهان الاصطياد في الماء العكر، ورجحت فكرة التحالف وتعميق الشراكة على غيرها. على أن واقعة شحنة الصواريخ الكورية ليست هي التحدي الوحيد الذي تعرضت له علاقة البلدين فقد شهدت الأعوام الخمسة الماضية تحديات أخرى عززت علاقات الشراكة المسؤولة بين البلدين، ونجاحاتهما المشتركة في شتى المجالات. وكان الحادث الإرهابي الذي استهدف ناقلة النفط الفرنسية ليمبرغ في ميناء المكلا بمحافظة حضرموت في 5 أكتوبر 2002، نموذجا يؤكد أن الإرهاب يحتاج إلى تظافر الجهود الدولية لمحاربته. اما النموذج الثاني فتمثل في استبعاد اليمن من قائمة الدول المؤهلة للحصول على دعم صنوق الالفية بعد انتقادات لما قيل عنه تباطؤ في تنفيذ الإصلاحات والتي استندت إلى معلومات غير رسمية تحمل الكثير من المغالطات حول هذا الجانب وأبرزها ما كانت تنشره صحف المعارضة .[c1]تحديات.. وخطوات للأمام[/c]وعلى مدى الأربع السنوات الماضية نجح اليمن في رأب الصدع الذي حدث فأعيد مؤخرا إدراجها ضمن الدول المستفيدة من برنامج مساعدات التأهل للصندوق الالفية عبر قنواته الدبلوماسية من جانب ومن جانب اخر عبر مواصلة أجندة إصلاحاته الوطنية التي انتهجها اليمن فكانت النجاحات التي حققتها اليمن على صعيد الإصلاحات السياسية خلال السنوات الأخيرة محل إشادة دولية أوربية وأمريكية سواءً من خلال تصريحات المسئولين أو من خلال التقارير الصادرة عن المؤسسات الأمريكية وبالذات العاملة منها في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان.فقد وصف التقرير الصادر عن الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان 2006 م الانتخابات الرئاسية التي جرت في اليمن سبتمبر 2006م بأنها كانت انتخابات حرة وتنافسية بشكل عام، وأكد التقرير :إن الانتخابات كانت خطوة غير مسبوقة في البلدان ذات الديمقراطية الناشئة، منوها الى انها كانت منصفة ودقيقة.وتبع هذا التقرير تقرير آخر أصدره المعهد الديمقراطي الوطني للشئون الدولية الأمريكي ( حول الانتخابات اليمنية)أكد فيه المعهد أن الانتخابات الرئاسية والمحلية التي شهدها اليمن في سبتمبر 2006م حققت تطورا هاما على صعيد تجربتها الديمقراطية ومع ذلك تبقى هناك تحديات جسيمة يجب معالجتها من اجل الحفاظ على هذه التطورات وتحقيق الإصلاح السياسي".ورأى التقرير إن انتخابات 20 سبتمبر 2006 الرئاسية والمحلية "خطوة بالغة الأهمية على طريق تحقيق الديمقراطية في اليمن. فمن الممكن وصف كل من الانتخابات الرئاسية والمحلية بأنها اتسمت بطابع ديمقراطي تنافسي"، منوها إلى "التحول في العلاقات السياسية بين الأحزاب"، قائلا إنه و"لأول مرة لم تتفاوض أحزاب المعارضة الفاعلة مع الحزب الحاكم قبل الانتخابات حول تسوية بعض الأمور الانتخابية قبل ان تبدأ واعتبر ذلك مؤشرا ايجابيا باتجاه تبلور معارضة جادة مهدت لتظهر الطبيعة التنافسية للانتخابات"التقرير أشار كذلك إلى انخفاض ملحوظ فى أحداث العنف أثناء الانتخابات , فلم تسجل رسميا سوى 3 حالات قتل خلال انتخابات سبتمبر2006 بينما كانت هناك 47 حالة قتل خلال انتخابات 2001؛ و7 حالات خلال انتخابات 2003".[c1]القمة اليمنية - الأمريكية وابعادها [/c]وبالعودة إلى الزيارة الحالية التي يقوم بها الرئيس على عبدالله صالح للولايات المتحدة ولقاءته عدد من المسئولين في واشنطن وفي مقدمتهم الرئيس بوش حيث يعد هذا اللقاء الرابع الذي يجمعهما ، تدخل ضمن أجندة الزيارة والمتمثلة في (بحث علاقات الشراكة التنموية والامنية ومكافحة الارهاب والقضايا المتصلة بعملية السلام في المنطقة ) تدخل اجندة أخرى تتمثل في دعوة الشركات والمستثمرين الامريكيين للاستثمار في اليمن حيث عبر الرئيس علي عبدالله صالح عن ذلك بالقول "أن زياره للولايات المتحدة الأمريكية ستمثل مناسبة سوف نغتنمها لدعوة الشركات والمستثمرين الأمريكيين مجدداً للاستثمار في اليمن وسوف يحضون بكل الرعاية والتشجيع بما يحقق الفائدة والمصالح المشتركة للجانبين". وأردف فخامة الرئيس قائلا:" هناك نماذج ناجحة للاستثمارات الأمريكية في اليمن, ونحن مقبلون خلال الفترة القادمة ـ وكما اكدنا في مؤتمر فرص الاستثمار في اليمن ـ على إتخاذ المزيد من الإجراءات الهادفة لتقديم المزيد من التسهيلات أمام المستثمرين وتبسيط الإجراءات امامهم في اطار نظام النافذة الواحدة عبر الهيئة العامة للاستثمار وإيجاد بيئة استثمارية آمنة وجاذبة للمستثمرين".. معبرا عن تفائله بمستقبل الاستثمار في بلادنا.مؤكدا إن مثل هذه اللقاءات المتكررة وتبادل الزيارات بين المسئولين في البلدين وعلى مختلف المستويات، تعزز من العلاقات الثنائية والتعاون المشترك بينهما وتفتح أمامهما آفاقاً واسعة لترجمة التطلعات المشتركة للشعبين اليمني والأمريكي .