حمل عنوان ( إطلاق إمكانات النمو الحضري ) .. قراءة لملخص تقرير حالة سكان العالم 2007م
عرض / بشير الحزمي أصدر صندوق الأمم المتحدة للسكان نهاية شهر يونيو الماضي 2007م تقريره السنوي رقم ثلاثون عن حالة سكان العالم 2007م والمعنون بـ ( إطلاق حالة النمو الحضري ) ويتضمن ملحقاً خاصاً بالشباب الذين نموا في الحضر.ويعتبر عنوان التقرير لهذا العام وما تناوله من موضوعات هامة جداً ، وذلك كونه يسلط الضوء على قضية هامة تتعلق بحاضرنا ومستقبلنا وهي قضية النمو الحضري بأبعادها وجوانبها المختلفة والتي قد يغفل الكثيرين ولا يعيروها أي اهتمام.. والأهم ما في التقرير وعنوانه أنه يضع العالم أمام تحد كبير ويطلب من كافة الدول أن يكونوا على أهبة الاستعداد للنمو الحضري المستقبلي.. وأن يستعدوا له الاستعداد الجيد وذلك قبل فوات الأوان .صحيفة 14 أكتوبر,, ونظراً لأهمية التقرير وما تضمنه من قضايا وموضوعات مهمة تتعلق بالنمو الحضري .. يستعرض وعلى ثلاث حلقات أهم محتويات ومكونات وفصول لملخص هذا التقرير وفيما يلي الحلقة الثانية من قراءتنا لملخص هذا التقرير .[c1]الناس في المدن : الأمل مقابل الدمار[/c]الفصل الثاني من التقرير وتحت عنوان (الناس في المدن : الأمل مقابل الدمار.) أوضح أن معركة تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية المتعلقة بخفض الفقر المتوقع بمقدار النصف بحلول سنة 2015م ستخاض في عشوائية العالم ، فالمدن تدلل على وجود مزايا واضحة لديها فيما يتعلق بالحد من الفقر ، ومع ذلك فإن هذه المزايا المحتملة لا تتحقق عملياً ، لأن المدن تحاول الثني عن الهجرة من الريف ، وأهملت الفقراء ، وتجاهلت إمكاناتهم، ونتيجة لذلك يزيد الفقر في المناطق الحضرية بسرعة أكبر من سرعة زيادته في المناطق الريفية الآن إذ يعيش بليون شخص في عشوائيات 90 % منهم في البلدان النامية .ويعيش الفقراء حياة غير صحية والعشوائيات الحضرية تكون مكتظة وعديمة الهواء وكثيراً ما تكون موجودة في بيئات ملوثة وخطرة ، وتفتقر إلى مياه نقية وإلى صرف صحي، والحياة في ظل هذه الأوضاع تؤدي إلى زيادة الإجهاد النفسي ، وبخاصة بالنسبة للمرأة المسئولة إلى حد كبير عن الغذاء والماء والصرف الصحي وإدارة الأسرة المعيشية واحتمالات العنف ، وتحسين الإسكان الحضري يمكن أن يكون له تأثير هائل على الفقر وعلى الرفاه . وتتيح الحياة الحضرية إمكانيات كثيرة للنساء والفتيات ، ولكن قلة منهن ممن ينتمين إلى أسر معيشية فقيرة يمكن أن يستفدن من تلك الإمكانيات ، فالفتيات هن أول من ينقطعن عن الدراسة ، ومعظم عمالة النساء تكون في القطاع غير الرسمي غير المستقر وغير المنظم الذي تدفع فيه أجور هزيلة.والمدن أكثر انفتاحاً لمشاركة المرأة اجتماعياً وسياسياًَ ،ويمكن أن تساعد المنظمات المجتمعية التي تعتمد على نفسها النساء الفقيرات على التفاوض بشأن العقبات التي تحول دون تمكينهن وعيشتهن حياة أفضل ولكنها تحتاج إلى دعم من جانب الحكومة ومن جانب المنظمات الدولية والخدمات الصحية أفضل عموماً في المدن ولكن النساء الفقيرات تقل احتمالات حصولهن على تلك الخدمات ويكن أكثر تعرضاً للحمل غير المرغوب وللإصابة بالأمراض التي تنتقل جنسياً ومن بينها فيروس نقص المناعة البشرية الإيدز وللعنف ضد المرأة وإيلاء الأولوية لتمكين المرأة يؤدي إلى زيادة الرفاه بوجه عام ، ويعزز حقوق الإنسان ويتيح خيارات على صعيد السياسة الحضرية .والتحضر يجلب تغيراً ثقافياً ، يكون قدر كبير منه إيجابياً ، ولكنه ليس موحداً أو متسقاً ، فـأوجه انعدام المساواة تكون أكثر وضوحاً في الحضر كما تكون الصراعات فيه أكثر حدة ، وتتيح الحياة الحضرية إمكانيات لاكتساب هويات ثقافية جديدة ، من بينها هويات دينية، ولكنها تؤدي أيضاً إلى زيادة انعدام الأمن ، وانعدام الجذور ، وإمكانية التعرض للعنف والجريمة.وستكون نجاحات وإخفاقات الشباب الفردية حاسمة بالنسبة لمستقبل التنمية ، ولكن نادراً ما تجسد العمليات السياسية أولوياتهم ، فكثيرون ينشئون في ظل الفقر ، حيث يكونون محرومين من المزايا الحضرية المتمثلة في التعليم والرعاية الصحية وفرص العمل ، وهذه الأوضاع تديم الفقر وانعدام الأمن والإحباط وتؤدي إلى زيادة احتمالات العنف .ويمثل المسنون أيضاً نسبة متزايدة من سكان الحضر ، وكما هو الحال فيما يتعلق بأية فئات أخرى ، تتيح لهم الحياة الحضرية فرصاً ولكنها كثيراً ما تستبعد الفقراء وغيرهم من غير القادرين على الاستفادة من تلك الفرص .وسد الثغرات الكبيرة بين الإمكانات الحضرية والواقع الحضري معناه أولاً قبول النمو الحضري واتخاذ موقف إيجابي منه وهذا بدوره يستدعي القيام بأنشطة في مجال الدعوة ويستدعي التزاما سياسياً ، وينبغي أن تعمل الحكومات مع منظمات فقراء الحضر ومع المنظمات غير الحكومية على الاستفادة من النمو الحضري .[c1]إعادة التفكير في السياسات المتعلقة بالفقر الحضري[/c]أما الفصل الثالث والذي جاء تحت عنوان ( إعادة التفكير في السياسات المتعلقة بالفقر الحضري ) أشار إلى أنه كثيراً ما عارضت المواقف الرسمية التوسع الحضري ولم تدعم المنظمات غير الحكومية التي تسير هذه العملية ، وهذا يمثل إستراتيجية فاشلة ، تستند إلى افتراضات خاطئة فالمهاجرون الحضريون يتخذون قرارات رشيدة، وهم يحتاجون إلى دعم لكي يفلتوا من براثن الفقر، ولكي يسهموا في إطار هذه العملية في النمو الاقتصادي الحضري والنمو الاقتصادي الريفي على حد سواء.وانعدام المأوى اللائق يمثل لب الفقر الحضري ، فوجود سقف وعنوان في منطقة تمكن السكن فيها هو أول مطلب وسيعود بالفائدة على المرأة بوجه خاص ، وهو أول خطوة نحو الحياة الأفضل.ويلجأ الفقراء لأن عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم في سوق الأراضي غير المنظم والذي لا يرحم ، إلى احتلال الأراضي المتاحة وإقامة أي مأوى يستطيعون إقامته وتزويد هذه العشوائيات والمستقطنات الآن بالبنية التحتية وبالخدمات هو أمر غير عملي ، ولكن توفير إسكان مزود بخدمات كاملة هو أمر غير عملي أيضاً .ويجب أن تتكهن السياسة العملية بالنمو المستقبلي وأن تلبي أيضاً الاحتياجات الحالية ، وتوفير أراض مزودة بالحد الأدنى من الخدمات يعالج صلب المشكلة ، ومع وجود حيازة مأمونة ، وإمكانية الوصول إلى الشوارع ، ومياه ، وصرف صحي ، وتخلص من النفايات ، وكهرباء ، سيقوم الفقراء بأنفسهم بتشييد مساكنهم التي ستكون بسيطة في البداية ولكنها ستتحسن بمرور الوقت.وهذا ليس حلاً مثالياً ولا سهلاً فهو يتطلب إتباع نهج استباقي فيما يتعلق بالحكم الحضري ويتطلب على وجه الخصوص ، تنظيماً لعرض الأراضي أكبر من التنظيم الذي ترغب الآن مدن كثيرة في توفيره ولكنه حل عملي وخاصة في المدن الصغيرة التي يكون من الأيسر الحصول فيها على الأراضي إذا توفر لها دعم قوي من جانب الحكومات المركزية ومن جانب المجتمع الدولي ومن الجوهري أن هذا النهج يعترف بمصالح الفقراء وبمساهماتهم وبحقوقهم الإنسانية .[c1]استخدام قابل للاستدامة [/c]وفي الفصل الرابع من التقرير وتحت عنوان ( استخدام الحيز استخداماً اجتماعياً وقابلاً للاستدامة ) ذكر بأنه كان يفترض أن النمو الحضري ضار بحد ذاته ، ولكن الكثافة يمكن أن تكون مفيدة وتتوقف فائدتها على كيفية نمو المدن، فالحيز الحضري يتزايد بسرعة أكبر من تزايد سرعة سكان الحضر ، والنمو الحضري الآن يتسم بكثافته من حيث الأراضي فبحلول سنة 2030م ستكون مساحة الأراضي الحضرية في البلدان النامية قد زادت بمقدار ثلاثة أمثال ، وستكون قد زادت في البلدان الصناعية ، بمقدار الضعف ونصف الضعف ، وقد ساهم تفضيل الحياة في الضواحي في هذا الاتجاه وربما يكون قد أدى إلى تسارعه.أما العامل الرئيسي الآخر الذي يسهم في الامتداد الحضري فهو التحضر في المناطق المحيطة بالمدن وهو إقامة أنشطة اقتصادية وسكنية في المناطق الانتقالية الواقعة بين الريف والمدينة ، حيث تكون الأراضي واليد العاملة أزهد ويكون تنظيمها أقل صرامة وتشجع العولمة التي تجند إقامة مرافق كبيرة على مساحات كبيرة من الأرض هذه العملية وعلى الرغم من أن المناطق المحيطة بالحضر قد تعاني من بعض أسوأ عواقب النمو الحضري ومن بينها الفقر والتلوث وتدهور البيئة ،فإنها تتيح فرصاً للعمالة وتؤدي وظائف أساسية أخرى للمناطق الحضرية من قبيل توفير الغذاء والطاقة والماء ومواد البناء.ولا يوجد توافق في الآراء بشأن الإمداد الحضري ، باستثناء أنه غير قابل للاستدامة بأشكاله الحالية ، وهذه المسألة لن تحل نفسها بنفسها ؛ إذا لا توجد يد خفية تأمر بالنمو الحضري ، وقد يتعين على البلدان أحياء وظائف التخطيط الحضري والإقليمي التي أدت عمليات التكيف الهيكلي وعملية العولمة الطاغية إلى تراجع أهميتها وبدلاً من وضع مخططات نموذجية مثالية ، تستدعي الحاجة وجود تخطيط واقعي يقبل النمو الحضري باعتباره أمراً حتمياً ويطبق في سياق إقليمي لا في سياق حضري تماماً ، فإتباع نهج ( المدينة - المنطقة ) وتقديم يد المساعدة إلى الحكومات الحضرية والمحلية الموجودة حالياً ، والتنسيق فيما بينها ، هي أمور من شأنها أن تعالج الشواغل الاجتماعية والبيئية وكذلك الشواغل الاقتصادية ، ومن بينها مساهمة فقراء الحضر الأساسية .