تحويل الأعمال السينمائية إلى مسلسلات .. هل أفلست الدراما التلفزيونية؟
القاهرة /متابعات: يبدو أن (موضة) تحويل الأعمال الفنية (أفلام سينمائية -مسرحيات) إلى مسلسلات تلفزيونية بدأت تلقى صدى كبيرا لدى أغلب المنتجين العرب عموما والمصريين بشكل خاص، فبعد نجاح التجربة مع أفلام مثل (الباطنية) ومن ثم (العار) تتسابق شركات الإنتاج لتكرار التجربة التي تطرح تساؤلات عدة حول إفلاس كتاب الدراما ولجوء المنتجين إلى أسهل طريقة للربح. وبما أن رأس المال لا يعرف سوى منطق الربح (كما يؤكد بعض النقاد) فإنه سيلجأ للاتكاء على شهرة بعض الأفلام الهامة من قبيل (الأرض) و(إمبراطورية ميم) و(زقاق المدق) وغيرها عله يحقق بدوره المزيد من الشهرة والربح، وإن كان الأمر لا يعدو عن كونه (استنساخاً للأفكار) في ظل انخفاض سوية الأعمال التلفزيونية المقدمة خلال الموسم الحالي وانخفاض شعبيتها رغم الكلفة الباهظة لبعضها. وتؤكد مجلة (روز اليوسف) أن النجاح الذي حققه مسلسل (العار) في رمضان دفع عدداً من المنتجين لشراء بعض الأفلام السينمائية الناجحة لتحويلها إلى أعمال تليفزيونية، حيث قامت شركة (العدل جروب) بشراء قصة (الأرض) للكاتب عبدالرحمن الشرقاوي لتحويلها إلى مسلسل يقوم ببطولته الفنان السوري جمال سليمان ويخرجه خالد يوسف، كما أعلنت شركة (كنغ توت) أنها ستقدم مسلسل (سمارة) ورشحت غادة عبدالرازق لبطولته، في حين اختارت شركة الجابري فيلم (شفيقة ومتولي) لتقدمه في مسلسل تلفزيوني وتعاقدت مع سمية الخشاب لتقوم بدور شفيقة .وتنقل عن المنتج جمال العدل قوله (لابد أن نفرق بين أمرين وهما أن نستغل نجاح فيلم سينمائي ونعيد تقديمه في مسلسل تلفزيوني وأن نشتري رواية أدبية ونحولها لعمل درامي بصياغة جديدة حتى ولو سبق تقديمها في السينما أو المسرح، فعندما وقع اختيارنا على رواية(الأرض) للكاتب الراحل عبدالرحمن الشرقاوي وقررنا تحويلها لمسلسل تليفزيوني فإننا هنا لا نستغل نجاح فيلم (الأرض) وإنما نعيد صياغة عمل أدبي وهذا موجود في كل الدنيا). ويضيف العدل (لست مع فكرة تحويل الأفلام السينمائية الناجحة لدراما تلفزيونية خاصة إذا كانت قصة الفيلم ليست مأخوذة عن عمل أدبي والأعمال التي تم إعادتها لم تلق النجاح الذي حصل عليه الفيلم). ويرى البعض أن إعادة تقديم الأعمال السينمائية في مسلسلات تعتبر إفلاسا فكريا لدى كتاب الدراما واستغلالا لنجاح تلك الأعمال من قبل المنتجين، مؤكدا أن هذه التجربة نجحت في عدد قليل من الأعمال. أما الكاتب بشير الديك فيرى (إن هذا الاتجاه يعتبر إفلاسا فكريا واستغلالاً لنجاح عمل ونقصا في الموضوعات، رغم أن مصر بها العديد من الموضوعات والقضايا التي تصلح كمواد درامية ومعظم هذه الأعمال يتنبأ لها بالفشل، وهذا الاقتباس من القديم يؤكد عدم رؤية الواقع المعاصر، وقد تكون هذه الأعمال عرضة للمط والتطويل للشخصيات والأحداث). ويؤكد المخرج مجدي أحمد علي إن هذا الاتجاه يعبر عن إفلاس و(يعني أننا لا نجد موضوعات لنقدمها، لذلك نبحث في الدفاتر القديمة التي سبق أن نجحت لنستغلها وهذا يعبر عن استهلاكية بشعة، حيث نقبل بأي مادة قديمة لتقديمها). وترى الكاتبة فتحية العسال التي تنكبّ على تحويل مسرحيتها (سجن النساء) إلى مسلسل من إنتاج شركة (العدل غروب) أن هذا الأمر لا يعتبر إفلاساً إبداعياً، كما يدعي البعض، لأن المسرحية تختلف عن المسلسل، مشيرة إلى أن الأعمال العالمية كلها تحولت إلى دراما سواء تلفزيونية أو سينمائية، ما يعني أن الفكرة نفسها قابلة لإعادة تقديمها مراراً شرط أن تكون معالجتها مغايرة. وتضيف العسال لصحيفة (الجريدة) إن (مسرحية (سجن النساء) التي قدمت منذ 25 عاماً لا تنفَّذ بحذافيرها اليوم، لاسيما أن زمن العرض المسرحي لا يتجاوز الساعة ونصف الساعة، بينما تتخطى حلقات الدراما التلفزيونية الـ 30، ما يعني أنها ستضم أحداثاً أخرى جديدة وغير مطروحة في المسرحية). ويؤكد الكاتب يسري الجندي أن ظاهرة تحويل المسرحيات والأفلام إلى مسلسلات ليست مسألة آلية بل لها شروط أهمّها أن تكون ثمة ضرورة تفرض القيام بهذه الخطوة وتتوافر وجهة نظر جديدة في الموضوع يعاد طرحها. ويضيف الجندي (عندما قدمت (عنترة) على خشبة المسرح كانت ثمة وجهة نظر في المسرحية تختلف عن ظروف اليوم، لذا لا بد من أن أعيد تقديمها بوجهة نظر جديدة، وهو شرط واجب توافره في المسرحيات أو الأفلام التي تحول إلى مسلسلات، وإلا سيكون الأمر بهدف الكسب المادي فحسب). ويشدد الجندي على ضرورة أن يكون العمل الفني (فيلم -مسرحية) مؤهل للتعامل معه تلفزيونياً، (لاسيما أن أفكاراً معينة تولد مسرحية وأخرى سينمائية ولا تصلح أن تكون غير ذلك). ويقول المخرج سعيد حامد (لا أؤيد أن يصبح هذا اتجاها للاقتباس الكامل من الأفلام وتحويلها إلى مسلسلات لأن الأحداث في الفيلم تكون جرعة كاملة مكثفة لمدة ساعتين، لكن تحويلها لمسلسل في 22 ساعة وإضافة تفاصيل إلى الفكرة الأساسية تجعلنا نبتعد عنها في بعض الأحيان، كما أن الأفلام الأساسية شاهدها الناس كثيراً وحفظوا تفاصيلها). وتعارض الناقدة ماجدة موريس فكرة تحويل العمل السينمائي إلى تلفزيوني مبرره هذا بأن الفيلم الذي يقع في 120 دقيقة لا يصلح لأن يتحول إلى مسلسل عدد حلقاته 30 حلقة أو حتى 15 إلا (بالمط والتطويل)، وتبرز بعض الأمثلة حول فشل الأفلام التي تحولت إلى دراما تليفزيونية مثل (الباطنية)الذي (كان فشله متعلقا بالفشل في طرح جديد). ويقول الناقد لويس جريس (إن جمهور الشاشة الصغيرة أوسع من جمهور السينما، لذا فالعمل السينمائي حينما يتحول إلى تلفزيوني ربما يحقق نجاحا أكبر إذا حمل رؤية ولمسات من المؤلف وفريق العمل ككل). ويرى الناقد رفيق الصبان أن تحويل الأعمال الفنية (وخاصة الأفلام السينمائية) إلى مسلسلات أصبحت “موضة وتشبه ما يحدث للتاجر الذي تبور تجارته فيعود لتجارته العتيقة ويبحث في دفاتره القديمة”، مؤكدا أن “أميركا قامت بهذا من قبل، لكن في حدود ضيقة جدا وفشل بعضها).