غضون
- أعجبني حكم قضائي أصدره قاضي محكمة ابتدائية في العاصمة في قضية معقدة ومثيرة.. وهو حكم عادي لو كان كل القضاة يطبقون القانون مثل قاضي تلك المحكمة الذي يعد في نظري انموذجاً للقاضي الفقيه بالقانون والملتزم بنصوصه..- ملف القضية التي صدر فيها ذلك الحكم يبين أن شرطة المباحث التابعة لشمال العاصمة راحت تترصد “ عبود ومريم” اللذين يسكنان في الحي الدبلوماسي جنوب العاصمة، ثم بعد أيام قامت باقتحام مسكنهما واعتقالهما وضبط بعض الأدوات في المنزل الذي كانا يمارسان فيه الجريمة المزعومة، وقد أودع الاثنان السجن واخضعا لمعاملة غير قانونية، ثم أحيل ملف القضية إلى النيابة التي تبنت رأي المباحث وقدمت “عبود ومريم” إلى المحكمة مع قرار اتهام يقول إن “عبود ومريم” ارتكبا جريمة زنا، والدليل أنه تم ضبط كاميرا فيديو وشريط يظهران فيهما وهما يمارسان عملية جنسية! وطلبت النيابة إنزال أشد العقوبة بالزاني والزانية تطبيقاً للشرع والقانون.- أتاح القاضي للرجل والمرأة المتهمين بجريمة زنا الدفاع عن نفسيهما وتمكين المحامي من اثبات براءتهما، كما مكن النيابة من شرح ملابسات الجريمة وأدلة اثباتها. وفي الجلسة الأخيرة من المحاكمة نطق القاضي بالحكم..- أولاً: عبود ومريم بريئان من تهمة الزنا، لسبب بسيط وهو أنهما زوجان على سنة الله ورسوله بناء على وثيقة نكاح شرعي بخط قاض ٍ معتبر وبحضور شهود عدول.. ووبخ القاضي النيابة لكونها تبنت رأي رجال المباحث ولم تدقق في القضية..- ثانياً.. إن عبود ومريم تعرضا لمعاملة غير قانونية وتم اعتقالهما وحبسهما خلافاً للقانون، ولهذا هما يستحقان التعويض المادي، غير أن حقهما في التعويض يسقط بسبب كونهما أقدما على سلوك فيه انتهاك لحرمة وخصوصية الحياة الزوجية، وذلك كونهما صورا نفسيهما وهما يمارسان حقوقهما الزوجية على شريط فيديو..- ثالثاً.. يستحق عبود ومريم التعزير لانتهاكهما حرمة الحياة الزوجية، غير أن إجراءات المباحث والنيابة في القبض والحجز والتحقيق كانت باطلة، لذلك مابني على باطل فهو باطل.. - رابعاً.. تصادر الكاميرا ويتلف الشريط بنظر المحكمة، ويتم مساءلة رجال الضبط القضائي الذين مارسوا مهاماً خارج نطاق اختصاصهم المكاني.. وبالطبع تضمن الحكم الإفراج عن الزوجين فوراً..