ضحاياه سنوياً كثيرة بمن فيهم فتيات في مقتبل العمر ..
صنعاء / تحقيق / علي مهدي أنتِ مصابة بسرطان الثدي” بهذه الكلمات المختزلة التي نزلت كالصاعقة المدوية فجعت “ ام محمد” وادركت انها اصبحت اسيرة قاتل صامت وعرفت -ولكن متأخرا- انها بدأت تسلك اقرب الطرق الى الموت.علامات الذهول والصدمة ارتسمت على وجهها عند اخبارها بان الفحوصات اظهرت انها مصابة بسرطان الثدي و الذي بدأ في الانتشار في الغدد اللمفاوية والرئتين في مرحلة متأخرة جدا يصعب استئصاله بعملية جراحية وربما اصبح شفاؤها منه امرا مستحيلا.وفي الوقت الذي كانت بحسب افادة ابنها تستعجل اجراء الفحوصات لاجراء عملية لاستئصال غدة تعتبرها صغيرة في ثديها بدأت تسبب لها متاعب ظهرت منذ سنوات لكن النتيجة كانت عكس ما توقعت .كثرة الفحوصات التي وجه الاطباء (ام محمد 45 عاما) باجراءها من فحص هرمونات وانسجة وسيكولوجي واشعة مقطعية وتلفزيونية استمرت اكثر من شهر لمعرفة نوع ومدى انتشار السرطان في جسدها النحيل بحسب افادة الطبيب المختص بالمركز الوطني لعلاج الاورام لتحديد العلاج المناسب لحالة تأخرت كثيرا واصبحت اسيرة قاتل تشبث في جسدها رافضا الخروج او الاستئصال .انه القاتل الصامت يقتل ضحيته بهدوء وبدون سابق انذار ويتسلل دون ان يسبب الم ما يجعله اخطر الامراض فتكا واكثرها سببا للوفاة بين النساء في العالم في ظل غفلة المجتمع وعدم الاهتمام باعراض وتغيرات بسيطة تظهر في الثدي علاجها سهلا في البداية والاهمال يؤدي الى نتائج وخيمة.ام محمد واحدة من مئات وربما آلاف الحالات المكتشفة وآلاف الحالات غير مكتشفة ينتظرها مصير مجهول في صراع مع واحد من اشد الامراض فتكا في اليمن .وكالة الانباء اليمنية (سبأ) تسلط الضوء في هذا التحقيق على سرطان الثدي و طرق الوقاية منه و ذلك في اطار حملة التوعية العالمية بمخاطر سرطان الثدي و ضرورة الكشف المبكر عنه .إزاء الوعي المتدني في اوساط المجتمع وخاصة النساء بخطورة هذا المرض وأهمية الفحص المبكر يروي زوج امرأة في العقد الرابع من عمرها احدى المترددات على مركز اورام الثدي وابحاثه بمستشفى الكويت ان الم بدأ يظهر في ثدي زوجته و باشتداد الالم لجأت الى اخذ سكين وطعنت ثديها في محاولة لشق جزء منه املا منها في اخراج ما يؤلمها لكن الالم كان اقوى لينتهي بها الامر بها الى تحويلها الى قسم الجراحة لمعالجة ما احدثته في ثديها اولا.حالات اخرى تلجأ الى الطب الشعبي واخرى الى المشعوذين خوفا من معرفة مرض يعتبرنه وصمة عار او اجراء عملية في ثدييها ومعرفة الناس بمرضها خاصة المقدمات على الزواج متجاهلة اخطار ومضاعفات المرض والذي قد يفقدها حياتها مفضلة التستر على قاتل والتعايش معه وتحمل آلامه وربما دفنه بين التراب بعد انقضاء الاجل وحالات اخرى تذهب للعلاج في الخارج بعضها يعود لكن بعد استئصال الثدي واخرى تعود جثث هامدة . حالات الاصابة بسرطان الثدي في اليمن لم تقتصر على الكبيرات في السن بل وصلت الى نساء شابات لم يتجاوزن الثلاثين والاحصاءات المسجلة للحالات المصابة بسرطان الثدي مرعبة واكثر منها غير مكتشفة تدق ناقوس خطر يهدد الاسرة والمجتمع وتوجه نداء استغاثة لمواجهة قاتل فار من وجه العدالة .هذا ما يؤكده المدير الفني بالمركز الوطني لعلاج الاورام استشاري علاج الاورام بالاشعاع الدكتور علي عبدالله الاشول بالقول ان عدد حالات الاصابة بسرطان الثدي في اليمن يكاد يكون مقاربا لعدد حالات سرطان الرأس والعنق.وقال” لاتوجد احصائية رسمية دقيقة بعدد الحالات المصابة بالسرطان في اليمن وخاصة سرطان الثدي الا ان احدى الاحصائيات تقول ان حالات سرطان الثدي تمثل حوالي 16 بالمائة من اجمالي حالات السرطان باليمن “.وفي حين تشير تقارير منظمة الصحة العالمية ان عدد الأشخاص الذين يصيبهم السرطان بشكل عام في اليمن يبلغ نحو20 ألف شخص سنويا، الا ان عدد الحالات المسجلة بالمركز الوطني لعلاج الاورام تتجاوز الـ 17 الف حالة .ويقول رئيس عيادة التشخيص المبكر لسرطان الثدي في المستشفى الجمهوري بصنعاء الدكتور محمد الجولحي امين عام جمعية اصدقاء مرضى سرطان الثدي ان عدد الحالات التي وصلت عيادة الكشف المبكر لسرطان الثدي منذ افتتاحها في 2007م للفحص بلغت 6900حالة منها 220 حالة اصابة مؤكدة بسرطان الثدي والحالات الاخرى تعطى رقم وموعد لاجراء الفصح الدوري بعضها يواصل والاخرى لا تعود .ويضيف بان الحالات التي تأتي الى العيادة تكون متأخرة جدا مشيرا الى امرأة في العقد الثالث من عمرها حضرت الى العيادة وقد التهم السرطان ثدييها كاملا دون ان تخبر اهلها.وعند الحديث عن سرطان الثدي كان لا بد من التعريف باعراضه حيث يشير الدكتور الاشول ان سرطان الثدي لايعطي في أول ظهوره أي ألم أو مشاكل ولكن مع تقدم الحالة يمكن أن يحدث كتل أو تجمعات بالمنطقة المحيطة بالثدي وتحت الجلد وتغيرات في حجم وشكل الحلمة والثدي، وإفرازات من الحلمة وسرطان الثدي في اغلبه اكثر من 90 بالمائة يأتي على شكل ورم بدون الم.ومن اعراضه - كما يقول- ظهور تغيرات في لون وشكل جلد الثدي ويصبح مثل قشرة البرتقال يصاحبه تورم وسخونة في الثدي ويكون لونه أحمر ...منبها :” عند ظهور أي من هذه الأعراض يجب التوجه الى الطبيبة المختصة وسرعة العلاج مبكرا”.ويتكون الثدي من الناحية الفسيولوجية - وفق ادبيات علمية - من الخلايا المفرزة المرتبة في فصيصات دقيقة والمسماة العنيبات، وهي الغدد التي تصنع الحليب، وتحمل شبكة من القنوات الحليب إلى الحلمة، وتحاط القنوات والغدد بالنسيج الداعم الدهني والليفي ويغطيها الجلد.ويعتبر الثدي من أكثر الأنسجة المعرضة للسرطان لدى النساء فهو يشكل حوالي ربع حالات السرطان لدى النساء على مستوى العالم والأورام السرطانية قد تنتج في النهاية من أي جزء من الثدي وغالباً تلاحظ عندما تشعر المرأة بكتلة (الكتل السرطانية تكون صلبة لا تختفي وعادة خالية من الألم ولكن في الغالب ليس دائماً، والغالبية العظمى من الكتل الثديية ليست سرطانية بل يكون معظمها كتلاً ليفية أو أكياسا ).ويقول الدكتور محمد الجولحي انه لا توجد طريقة معينة لمعرفة سرطان الثدي من دون فحص اخصائي، والكتلة التي يبدو انها تكبر لاتتحرك عند دفعها قد تكون كتلة سرطانية أو قد يكون سبب العقدة ..”ببساطة تغيرات ليفية كيسية طبيعية تحدث أثناء الدورة الشهرية” .نصائح غاية في الأهمية!الى ذلك يؤكد رئيس وحدة التشخيص المبكر على اهمية الفحص الذاتي الدوري لتجنب الاصابة بسرطان الثدي ويتم الفحص الدوري شهرياً بعد انتهاء الدورة الشهرية بيوم واحد وطريقة فحص الثدي تتم في ثلاث مراحل :-الاولى رؤية الثدي أمام المرآة لفحص أي تغيرات بهما، والثانية تقوم المرأة بفحص ثدييها من خلال رفع اليد اليمني فوق الرأس ويتم الكشف باستخدام راحة الاصابع الثلاث الوسطى لليد اليسرى بحركة دائرية على الثدي من اعلى الى اسفل والضغط الخفيف على انسجة الثدي وتكرر الطريقة على الثدي الايمن .والطريقة الثالثة ان تستلقي المرأة على ظهرها وتفحص ثدييها بنفس الطريقة السابقة وقد تكتشف تغيرات عند الاستلقاء على الظهر اكثر من أي وضع واذا لاحظت المرأة أي تغير في الثديين يجب التوجه مباشرة الى المستشفى بالاضافة الى قيامها بعصر كل حلمة برفق لمعرفة ما إذا كان هناك دم أو سائل أصفر مائي أو قرمزي.و يضيف الى ذلك الدكتور الاشول موكدا ان التوعية تلعب دورها هاما في سرطان الثدي كون الفحص الدوري يساعد على اكتشاف المرض في المراحل المبكرة ويرفع كثيراً من احتمال التخلص نهائياً من المرض .وفيما لاتزال اسباب الاصابة بسرطان الثدي غير معروفة على وجه التحديد الا ان الدكتور الاشول يقول ان هناك عوامل تساعد على زيادة احتمال الإصابة بسرطان الثدي او عوامل الخطورة، منها عدم النشاط في الحياة اليومية في السرطان بشكل عام والثدي بشكل خاص وكذا التلوث البيئي ونوع الغذاء و زيادة الوزن المفرطة وبعض الابحاث تشير الى المواد الدهنية الحيوانية وكذا التدخين يساهم في ظهور 40 بالمائة من السرطان بشكل عام.كما تشمل هذه العوامل سن المرأة حيث تزيد احتمالات الإصابة كلما زاد سن المرأة والتاريخ المرضي للعائلة إذا أصيب أحد أقارب المرأة (أم، أخت، أو بنت) خاصة قبل انقطاع الطمث ويكثر احتمال الإصابة عند المرأة التي تحمل بالطفل الأول لها بعد سن الثلاثين أو التي لم تحمل أبدا وعدم الرضاعة وتناول الأدوية تحتوي على الهرمونات والبداية المبكرة للدورة الشهرية.وتعتبر التوعية الصحية من اهم طرق الوقاية من سرطان الثدي وضرورة اجراء الفحص المبكر والذي يشمل الفحص الذاتي للثدي وينبغي على كل امرأة من سن 18 الى40عاما القيام بالفحص الذاتي الدوري شهريا وعلى كل امرأة تجاوزت 40 عاما اجراء فحص سريري عند طبيبة متخصصة مرة كل عام باستخدام الأجهزة المتطورة .ويضيف استشاري علاج الاورام بالاشعاع الدكتور علي الاشول ان السرطان مشكلة يعاني منها الانسان منذ القدم ولم يفرق بين غني وفقير او صغير وكبير ورجل او امرأة لكنه في الوقت الحالي ازداد فيما يتعلق بالعدد والانواع نتيجة للمستجدات التي تحصل في العصر والتلوث البيئي والغذاء وتغير نمط الحياة والحياة الراكدة .وقال “ العلم حقق انجازات عظيمة فيما يتعلق بسرطان الثدي فقد اخضع للابحاث ووجد ان هناك ما يكون له علاقة وراثية ولكن الاغلب بدون علاقة وراثية، وسرطان الثدي اذا تم اكتشافه في المراحل الاولى اصبحت امكانية الشفاء منه كبيرة جدا وهذا يعكس مدى الوعي لدى المواطن في الكشف المبكر”.وقال “ الاشكالية ان بعض النساء تشعر بتورم او تغيرات في الثدي لكنها لا تحضر الى المركز او المستشفى لان الورم لايؤلم وهذا يدعوها الى الاطمئنان وسرطان الثدي في اغلبه يأتي على شكل ورم بدون الم وبعض الحالات قد تظهر على شكل افرازات من حلمة الثدي مصحوبة بدم وفي هذه الحالة يجب ان تُعرض المريضة على الطبيب واذا لم تستجب للمضادات الحيوية يبدأ التفكير في فحص الخلايا التي تخرج من الحلمة” .وعن الحالات الغريبة التي تصل الى المركز الوطني للاورام يقول الدكتور الاشول ان بعض الحالات تصل وهي على شكل حكة حول الحلمة واحمرار وكانها حساسية وهذا احد انواع سرطان ثدي وهي حالات كثيرة.وحول طرق العلاج يقول ان سرطان الثدي يدخل فيها انواع كثيرة من العلاج وفي الغالب يكون دور للجراحة والاشعاع والكيماوي حسب الحالة، وفي حال الانتشار تستجيب الحالة اذا كانت في المرحلة الاولى والثانية والثالثة وفي المرحلة الرابعة يكون هناك فائدة من العلاج لكن لاتصل الى مرحلة الشفاء للاسف الشديد.وفيما يتعلق بالصعوبات التي تواجه المركز الوطني للاورام الذي تتوافد عليه الحالات من مختلف محافظات الجمهورية يقول الدكتور الاشول ان اكبر مشكلة تواجه علاج السرطان بشكل عام الكلفة الكبيرة للتشخيص والعلاج وهناك ادوية حديثة جدا يصعب على المريض وعلى المركز شرائها حيث يعمل المركز بموازنة لم تتغير منذ خمس سنوات ناهيك عن ازدياد عدد لحالات التي يستقبلها وكذا شراء الادوية باهضة الثمن . رغم التنبه لخطر هذا المرض حيث حذرت المؤسسة الوطنية للسرطان مؤخرا من انتشار سرطان الثدي بشكل كبير وبدأت تنظم حملات توعية حول اهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي وطرق الوقاية منه بهدف تفادي الاصابة أو السيطرة عليه في وقت مبكر الا انها ما تزال محدودة وبحاجة الى تضافر جميع الجهود الرسمية والشعبية ومنظمات مجتمع مدني ووسائل الاعلام لتكثيف حملات التوعية بصورة مدروسة ووصولها الى الارياف لما من شأنه مكافحة مرض يهدد الاسرة والمجتمع ككل.وزارة الصحة العامة والسكان اكدت استعدادها تقديم الدعم الكامل للحملة الوطنية للكشف المبكر عن سرطان الثدي التي ينظمها تحالف منظمات المجتمع المدني والتي تستهدف في مرحلتها الاولى محافظات صنعاء وعدن وتعز .واكدت وكيلة وزارة الصحة العامة والسكان الدكتورة جميلة الراعبي على ضرورة تضافر جميع الجهود لتأييد الكشف المبكر عن سرطان الثدي وخلق شراكة حقيقة لتوعية المجتمع والتعريف بخطورة هذا المرض .تؤكد الابحاث الطبية ان حوالي 90 بالمائة من اورام الثدي ليست سرطانية وعلاجها سهل لكن الاهمال والتأخير في التشخيص وعدم إتباع طرق الكشف المبكر وكذا تأخر المصابات في مراجعة المستشفيات لفترة طويلة حتى بعد اكتشاف كتلة غير طبيعية في الثدي يؤدي الى نتائج وخيمة.