شفاء منصر ترى هل كانت الدعوة المتحمسة والمؤمنة حد الهوس بقضية تحرير المرأة التي انبعثت اصوات اصحابها العالية ( وجلهم من الرجال ) في سنوات الاستعمار المظلمة ابتداء من رفاعة الطهطاوي ، وقاسم امين ، وهدى شعراوي ، وانتهاءً بالكتاب والادباء الذين جاءوا فيما بعد وتبنوا شعار تحرير المرأة في كتاباتهم الادبية المختلفة .. هل كانت تلك الدعوة الى تحرير المرأة واتجاه تحريرها تتحرك في المسار الصحيح ام العكس ؟! بدءاً يمكن القول ان هذه الدعوة في ظاهرها كانت تبدو وكأنها تعمل لتحرير المرأة العربية من الاضطهاد الاجتماعي في مجتمع كان اسيراً للتقاليد والعادات البالية المتزمته في ظل مرحلة اجتماعية محددة هي مرحلة الاستعمار وفي باطنها عرقلة لمسيرة المرأة نحو حريتها وانعتاقها مما جعل تلك الدعوة " لا تتحرك خطوة حقيقية الى الامام وان كانت قد تحركت في اتجاهات مختلفة وليست كلها صحيحة " . والمأخذ الذي يؤخذ على رواد الدعوة الى تحرير المرأة كما يقول الكاتب ( منير العتيبي ) في دراسة له بعنوان " حصاد الرماد " وهي قراءة ادبية في اعمال وكتابات نسائية من مختلف الاقطار العربية .. " ان الدعوة الى تحرير المرأة اتخذت نموذجها في الحرية من المرأة الاوروبية عموماً والمرأة الفرنسية بصفة خاصة كما ان اتخاذ حركة تحرير المرأة اتجاه التحرير من الرجل وليس التحرير ( مع ) الرجل في دول تعاني من الاستعمار والجهل واتخاذ الحركة من المجتمع الاوروبي والمرأة الاوروبية مثلها الاعلى ونموذجها وليس المرأة المسلمة والمجتمع الاسلامي هذا ما جعل الحركة، تتشعب في طرق غير مجدية وهذا هو البعد الغائب منذ البداية في هذه الحركة أي ان تلك الحركة تطورت في الاتجاه الخاطئ حتى وصلت ذروتها فيما عبر عنه احسان عبدالقدوس في روايته ( انا حرة ) التي توضح مفهوم الحرية او التحرير عن الكثير من الفتيات كان يعني الرقص ومصاحبة الفتيات والسهر حتى اوقات متأخرة خارج البيت وعدم طاعة الاهل وقد اتخذت بطلة الرواية نموذجها ومثلها الاعلى اسرة يهودية مصرية " والحقيقة اذا كانت هناك روايات وكتابات كثيرة في الادب العربي المعاصر قد عبرت عن مجموعة من الاراء المغلوطة والخاطئة التي كرست صعف شخصية المرأة وسلبيتها من خلال النماذج النسائية الغريبة والمريضة التي جسدها كتاب مثل احسان عبدالقدوس . * فقد كانت هناك بالمقابل روايات جميلة ناقشت الحرية ليس من منظور ( اباحي ) وانما من وجهة نظر يستخلص منها الاهداف العربية والاسلامية المستنيرة والتي تخرج عن اطار التداعي الساخر للعادات والتقاليد بعيداً عن المفهوم الصهيوني الذي اساء لكثير من قيمنا الثقافية والدينية والتاريخية . خلاصة القول يمكنني القول ان مرجعية تحرير المرأة ينبغي ان لا تكون ضد الرجل وانما مع الرجل ومن خلال ترجمة مبادئ هذه المرجعية عربياً وفي ضوء تنفيذ برامج ومشاريع علمية وثقافية واجتماعية وسياسية لا تعمل في اطار استراتيجية عمل المرأة من اجل المرأة وانما من اجل المجتمع .
|
ثقافة
مفهوم تحرير المرأة في الثقافة العربية المعاصرة
أخبار متعلقة