إفريقيا شريك استراتيجي لدول الخليج لمواجهة أزمات الغذاء
القاهرة/14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية:أصبحت دول الخليج العربي الآن مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتعزيز علاقتها وإقامة شراكة استراتيجية مع دول القارة الإفريقية التي تعتبر الخيار الأمثل للخروج من الأزمة الغذائية الحالية على المديين المتوسط والبعيد.هذا ما أكده تقرير أعدته الباحثة ماري ليلو منسقة العلاقات الخليجية الإفريقية في مركز الخليج للأبحاث والتي أكدت فيه أن إفريقيا تحولت الى ساحة للتنافس على الموارد الطبيعية ، لذا ينبغي على دول مجلس التعاون الخليجي أن تنظر إلى إفريقيا على أنها شريك استراتيجي وليست مجرد حل سريع للأزمة الحالية وبالتالي يمكن تحقيق المصلحة المشتركة لكل الأطراف المعنية.وأشار التقرير إلي أن تضخم أسعار المواد الغذائية ناجم جزئيا عن نقص كميات الغذاء وارتفاع تكلفة النقل والمواصلات مما أدى إلى ظهور مشكلة الغذاء في كثير من دول العالم وكانت الأزمة مصحوبة أحيانا باضطرابات اجتماعية وتوتر سياسي ، ومن هنا يجب على دول الخليج أن تضع قضية الغذاء على رأس أولوياتها لمنع وقوع مثل هذه الاضطرابات وإن كانت بعض دول الخليج قد استجابت للأزمة بعد أن شعر سكانها بوطأة غلاء الأسعار ، خاصة أن هذه الدول مهددة بنقص كميات الغذاءبسبب ندرة المياه وتدهور القطاع الزراعي بها ، فضلا عن أنه محدود أصلا، وبالتالي فقد أصبح من الضروري تأمين ودعم احتياطيات المواد الغذائية عن طريق تنويع مصادر الواردات الغذائية والاستثمارات الزراعية وأصبح من الضروري أيضا أن تخوض دول الخليج المنافسة من أجل تعزيز مكانتها ونفوذها داخل الدول المصدرة للمواد الغذائية قبل أن يفوت الأوان ويصبح من المستحيل الحصول على أراض زراعية في إفريقيا وغيرها ، ومن هنا يتعين على دول الخليج إقامة شراكة قوية طويلة الأمد مع الدول الإفريقية.ونبهت الدراسة إلى ضرورة مراعاة هذه الاستثمارات للمصلحة المشتركة لدول الخليج والدول الإفريقية مع وضع المتطلبات الملحة لاقتصاداتها سريعة النمو في الحسبان حتى لاتأتي هذه المشروعات والأنشطة المصاحبة لها بانعكاسات سلبية على البلدان الإفريقية ، منها إهمال حاجات ومتطلبات السكان المحليين مما يهدد بظهور حالة من السخط واختلال الأمن والاستقرار الداخلي في هذه البلاد وهو ما لايخدم مناخ الاستثمار ولايعود بالنفع على المستثمرين الأجانب ، كما حدث في بعض مشروعات النفط التي لم يستفد منها غالبية سكان الدول الإفريقية واضعفت قدرة مجتمعاتهم على مزاولة أنشطتها التجارية والاقتصادية التقليدية وتسببت هذه الأوضاع في قلائل واضطرابات، ومن هنا توصي الباحثة بأن تعود الشراكة الاستراتيجية المقترحة بالنفع على الطرفين وتخدم مصالحهما معا بفتح قنوات لإمداد دول الخليج بالمواد الغذائية وتحسين البنية التحتية بالدول الإفريقية وزيادة انتاجها من المحاصيل الزراعية لتكفي احتياجاتها المحلية والتصدير مع التركيز على الاهتمام بصغار المزارعين حيث يعتمد65 % من سكان إفريقيا جنوب الصحراء على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل لكنهم يواجهون معيقات كثيرة منها تدهور البنية الأساسية وشبكات الطرق ونظم الري والأساليب الزراعية بصفة عامة ، لذا يجب أن تهتم الاستثمارات الخليجية بهذه المشكلة لتلعب دورا مهما في تلبية الطلب علي الغذاء في إفريقيا والخليج معا.من جانبه أكد تاج السر محجوب الأمين العام لمجلس التخطيط الاستراتيجي في السودان أن الدول المنتجة للنفط تنفق سنوياً حوالي 40 مليار دولار على استيراد الغذاء من الخارج.وأشار إلى ضرورة توجيه نسبة من هذا المبلغ لاستثمارها في مشروعات إنتاجية بإفريقيا تساهم في مواجهة أزمة الغذاء العالمية خاصة أن الدول الإفريقية تمتلك مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة لم يتم استغلالها حتى الآن.وطالب بضرورة العمل على وضع استراتيجية إفريقية لمواجهة أزمة الغذاء العالمية وتلويح بعض الدول الكبري باستخدام بعض المواد الغذائية في إنتاج الوقود الحيوي وانتشار الفقر والبطالة ومعدلات الإصابة ببعض الأمراض المتوطنة في إفريقيا.[c1]فجوة غذائية[/c]فيما أكد د. أحمد جويلي أمين عام مجلس الوحدة الاقتصادية العربية أن هناك فجوةً غذائيةً تعيشها المنطقة واعتمادًا شبهَ كلي على الخارج، لذا فإنه على دول الخليج توجيه جزء من أموالها للاستثمارات الزراعية في البلدان العربية التي تتمتع بأرض خصبة ومساحات زراعية كبيرة وتوافر القدر الكافي من المياه ، مشيرًا إلى أن العالم العربي يستورد 75 مليون طن غذاء كل عام، منها 50 مليون طن حبوبًا بقيمة إجمالية تصل إلى 17 مليار دولار سنويًّا ، لذا فإنه من الضروري اتخاذ جميع التدابير الممكنة للتكامل الاقتصادي والخروج من أزمة الغذاء الطاحنة التي تلقي بظلالها على المنطقه كلها.وأوضح أن ذلك تحدٍّ كبير يواجه العرب يضاف إليه تحدي نقص المياه في المنطقة العربية الذي لا يتوافق مع حجم عدد السكان ، حيث إن عدد سكان العالم العربي يمثل 5 % من سكان العالم ومساحة الدول العربية تمثل 10 % من مساحة العالم، بينما نصيب الدول العربية من المياه يمثل 0.5 % فقط إلى جانب التغيرات المناخية واتجاه العديد من دول العالم لإنتاج الطاقة الحيوية البديلة وكلها تؤثر في القدرة التنافسية للاقتصاديات العربية.وشدد على حاجة الدول العربية للمزيد من التكامل فيما بينها لمواجهة ضعف تنافسية الاقتصاد العربي الذي يعتمد بشكل كبير على ما أسماه بالرزق السهل، والذي يأتي دون جهد عن طريق الصادرات البترولية والقروض والإعانات.وعلق د. حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي على الدراسة مؤكداً أنه مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وندرة الأراضي الزراعية والمياه، تتجه دول الخليج العربية إلى الاستثمار الزراعي في بلدان أخري ، وتتجه السعودية والإمارات -أكبر الدول المستوردة للمواد الغذائية في الخليج- إلى آسيا وإفريقيا ، وقد أدي النمو الاقتصادي المدفوع بارتفاع أسعار النفط إلي زيادة أعداد العمالة الوافدة وبالتالي زيادة الطلب على المواد الغذائية ، خاصة أن إحصاءات مجلس التعاون تشير إلى أن عدد السكان في الدول الست الأعضاء بمجلس التعاون ارتفع من 30 مليونا عام 2000 إلى أكثر من 35 مليونا عام 2006، ومن المتوقع أن يصل إلى 39 مليونا عام 2010 و58 مليونا عام 2030 ، ورغم الثروات الهيدروكربونية التي تتمتع بها هذه الدول فإنها تعتبر من أفقر الدول بالنسبة لموارد المياه والأراضي الزراعية التي تشكل فقط 2 % من أراضي السعودية و1 % فقط من الإمارات.ويوضح أن السعودية سعت في سبعينات وثمانينات القرن الماضي إلى تطوير القطاع الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي، لكن ذلك تم بمساعدات حكومية ضخمة بسبب الظروف المناخية في المنطقة ، لكن في الوقت الحالي فإن مسألة الأمن الغذائي تدهورت على مستوى العالم بسبب ارتفاع أسعار الغذاء وزيادة الطلب، ولذلك فإن دول مجلس التعاون تتطلع لتنفيذ مشروعات زراعية في الدول القريبة -مثل السودان- لتكون بديلة عن الإنتاج المحلي المرتفع التكلفة.[c1]تشجيع القطاع الخاص[/c]من جانبه أشار د.أحمد السيد النجار إلى أهمية اتفاق دول التعاون مع الدول العربية التي تتمتع بإمكانات زراعية كبيرة مثل السودان واليمن لتخصيص أراض للاستثمار الزراعي تكون ملكيتها وإدارتها وتسويق محاصيلها في أيدي الشركات الخليجية التي يتم تأسيسها لهذا الغرض، مشيراً إلى ضرورة اعتماد مبالغ في الميزانيات الحكومية لمقابلة زيادات الأسعار، وإنشاء مراكز أبحاث لدراسة هذه الظاهرة وتوعية المستهلكين لتغيير أنماط الاستهلاك الغذائي، وإنشاء تكتلات للتفاوض مع المنتجين الرئيسيين للمواد الغذائية الأساسية بهدف الحصول على مميزات سعرية.وأوضح أهمية تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في القطاع الزراعي ، وتأمين الخامات الزراعية اللازمة للصناعات الغذائية ، والذي من شأنه أن يساهم في سد الفجوة الغذائية التي تعانيها دول المجلس ، مؤكداً أن عدم وجود سياسة زراعية واضحة ، وضعف اهتمام القطاع الخاص بالقطاع الزراعي والتصنيع الغذائي ، وضعف الربحية والمردودات المالية للاستثمارات الزراعية ، وضعف نظم البحث ودراسات تطوير وتنمية القطاع الزراعي، واعتماد سياسة الإحلال العمراني والاستثمار العقاري على حساب القطاع الزراعي وتنميته، كان لها دور كبير في تنامي الفجوة الغذائية.