إعداد / د. محمد أحمد الدبعي البلهارسيا من الأمراض الطفيلية الشائعة التي تصيب الإنسان .. عُرف ولا يزال معروفا في الأوساط الشعبية بمرض ( التبول الدموي ) كون المصاب به يشكو من خروج قطرات من الدم مع البول أو في نهايته، لكنها تسمية عامة . فالاسم الحقيقي العلمي للمرض هو ( البلهارسيا ) .لقد ظل هذا المرض مجهولا عبر العصور دون أن يُكشف سببه المباشر حتى نهاية القرن التاسع عشر، عندما كشف عنه النقاب العالم ( تيودور بلهارس )، لدى إكتشافه الطفيلي المسبب للمرض في جثة أحد الموتى في كلية الطب بمدينة الإسكندرية. ومشكلة البلهارسيا على المستوى المحلي سيئة للغاية، فوجود نحو ( ثلاثة ملايين ) إصابة بهذا المرض يشكل عبئا وتهديد على مختلف الأصعدة، لاسيما إذا ما تعلق الأمر بإصابة الأطفال والنشء في الفئة العمرية ( 6 - 18 عاماً )، لأن هاتين الفئتين أكثر إصابة بالبلهارسيا والأكثر تأثراً ومعاناة من الإصابة .بينماعلى المستوى العالمي، يقدرعدد المعرضين للإصابة بالبلهارسيا بنحو (600 مليون ) شخص هناك نحو (200 مليون ) مصاب بالبلهارسيا، تشكل فيهم الفئة العمرية من (6- 18عاماً ) نسبة ( 80%) .إن للإصابات المزمنة بالبلهارسيا في المناطق الموبؤة علامات مرضية واضحة، مثل فقر الدم الشديد، الاستسقاء، تضخم الطحال والكبد، وفي بعض الأحيان ضعف الذاكرة, أما المضاعفات الناتجة عن هذه الإصابات المزمنة، فهي كثيرة أهمها وأخطرها سرطان المثانة وسرطان القولون. وتداعيات خطيرة كهذه - لاشك -تلقي بالعبء الكبير من الناحية الاقتصادية على الدولة، لما يمثله علاج الحالات المرضية المزمنة من تكاليف باهظة تستنفد الكثير من الموارد المالية للبلاد. كما إن وفاة عائل الأسرة بسبب مضاعفات البلهارسيا لإهمال علاج المرض، لها بالغ الأثر على الوضع الاجتماعي والمعيشي للأسرة. ولعل غياب أو ضعف مشاريع الصحة العامة المؤمنة مياه الشرب النظيفة والآمنة - كما هو الحال في الكثير من الأرياف - لأسباب ترتبط بظروف الأرياف المتناثرة على قمم وسفوح الجبال وجوانب الأودية الصعبة، شكل صعوبة في تامين المياه النقية والصالحة للشرب .. الشحيحة أساساً في اغلب تلك المناطق. وإحصائيا أثبتت الدراسات أن القرى التي توجد فيها نسبة إصابة كبيرة بالبلهارسيا، تقل النسبة إلى الحد الأدنى عند مدها بالمياه الصالحة للشرب وبناء المساكن والمرافق الصحية والحمامات فيها. وبكل المقاييس فإن هذه طريقة مثلى لتحسين البيئة وإحدى الوسائل الفاعلة في مكافحة هذا المرض الخطير الذي يشكل تهديداً لصحة الإنسان.ولا يصل بنا وجود عراقيل كالتي ذكرت إلى حد التسليم بالأمر الواقع دون حراك ودون تدخل قوي يعيق ويقوض انتشار هذا المرض. فالناس في المناطق الموبوءة قادرون على أن يكونوا فاعلين في مكافحة البلهارسيا من خلال نهج السلوكيات الصحية الكفيلة بالحد تماما من الإصابة بالبلهارسيا بما يؤمن ويعزز القضاء على مرض البلهارسيا، والدفع بمساعي وزارة الصحة العامة والسكان نحو التخلص من هذا المرض. وإنها لكارثة تلك العادات والسلوكيات غير الصحية السائدة في أغلب الأرياف مثل ( الاستحمام - الوضوء - السباحة -الشرب - غسل الأواني والملابس) في برك الإمطار المكشوفة والحواجز المائية والسدود والغيول الجارية، وأسواها وأفظعها اقتراف أعمال قبيحة أنكرها الدين، كالتبول والتبرز في مصادر المياه أو بالقرب منها، كون هذه القاذورات لاتفسد المياه وتلوثها بمختلف الإمراض الخطيرة وحسب، بل وهي السبب الوحيد لعدوى البلهارسيا وانتشارها واستكمالها لدورة الحياة. عدا عن إهمال النظافة الشخصية وعدم أتحاذ المراحيض لقضاء الحاجة، وإلا ما جدوى معالجة البلهارسيا بمعزل عن الالتزام بقواعد الوقاية على مرض البلهارسيا.وبالتالي فإن تنفيذ حملات وطنية للتخلص من البلهارسيا لن يكفي بمعزل عن ترسيخ الممارسات والسلوكيات الوقائية، بلوغ النجاح والوصول إلى تحقيق هدف التخلص من مرض البلهارسيا والقضاء عليه. بقي أن أذكر بأن المرحلة الثالثة للحملة الوطنية للتخلص من البلهارسيا تتخذ المدارس موقعاَ لتنفيذها وتستهدف جميع من تتراوح أعمارهم بين (18-6 عاماً) من طلاب وطالبات المدارس وغير الملتحقين بالدراسة أيضاً ممن ينتمون لهذه الفئة العمرية، ومن المقرر تنفيذها على مدى أربعة أيام، في الفترة من (12-9 نوفمبر 2008م) في (32) مديرية بمحافظة ( صنعاء - لحج- الحديدة- إب- شبوة- صعدة).وللعلم فإن علاج البلهارسيا في الحملة مجاناً لجميع المستهدفين من طلاب وطالبات المدارس وغير الملتحقين بالدراسة ممن تتراوح أعمارهم بين (18-6عاماً)، وإعطاؤهم الجرعة المضادة للبلهارسيا يعتمد على قياس طول الجسم. ولكل من له صلة بقريب أو صديق لا يدرس وينتمي إلى الفئة العمرية المستهدفة، من (18-6 عاماً) أن يدعوه ويصطحبه لتلقي علاج البلهارسيا بالمدرسة، على أن يتناول الجميع طعامهم قبل توجههم إليها لأخذ العلاج.[c1]* من كوادر المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان[/c]
|
محليات
الحملة الوطنية للتخلص من البلهارسيا .. شفاء ووقاية
أخبار متعلقة