حوار عبر الأثير مع صحافي معارض
في الجزء الأول من هذا المقال عرضت جانباً من حوار هاتفي مع الزميل عبدالحكيم هلال، وهو صحافي معارض يكتب في العديد من الصحف المعارضة والصحف المستقلة التي تتبنى الخطاب السياسي والإعلامي للمعارضة، بشكل مطلق!!أعجبني في ذلك الحوار أنّ الزميل هلال كان صريحاً وصادقاً في تساؤلاته ، وكنت في المقابل صريحاً وصادقاً في الإجابة عليها، الأمر الذي أسهم في تصحيح الصورة السلبية التي تكوّنت لديه عن كاتب هذه السطور والإعراب عن سعادته، بأنّه كسب من ذلك الحوار صديقاً حميماً رغم الاختلاف في الرأي.لفت انتباهي في ذلك الحوار اهتمام هلال بما يطرحه الحزب الاشتراكي اليمني وأطراف معارضة أخرى بشأن ضرورة تنفيذ وثيقة العهد والاتفاق كأساس للخروج مما أسماه ((الأزمات والاحتقانات السياسية والاجتماعية)) في المحافظات الجنوبية، فقلت له إنني لا أقدِّس الوثائق النظرية والسياسية للأحزاب والتنظيمات والحركات السياسية ، لأنّها من صنعنا وليست يقيناً مقدسا ًأو مطلقاً لا يأتيه الباطل ، مشيراً إلى أنّه بوسعنا تغيير مواقفنا من الوثائق النظرية والسياسية القديمة تبعاً لمتغيرات الوقائع والظروف.وبهذا الصدد أوضحت للأخ هلال موقفي من وثيقة العهد والاتفاق بعد مرور حوالي أربعة عشر عاماً على صدورها ، مؤكداً له أنّ الوثيقة لم تعد صالحة اليوم ، لأنّ الزمن تجاوزها ، ناهيك عن ان مشاريع الإصلاحات المطروحة اليوم من قبل السلطة والمعارضة تجاوزت تلك الوثيقة وتقدّمت عليها .وبمناسبة الحديث عن وثيقة العهد والاتفاق سألنـي الزميل هلال عن رأيي في بعض ( اللقطات ) الصحفية التي اعتاد على قراءتها ، و يذكرني فيها خصومي بمشاركتي في الجبهة الوطنية للمعارضة ((موج)) وصحيفة ((الوثيقة)) الناطقة باسمها حين كنت رئيساً لتحريرها بعد ان أكرهتني تداعيات حرب صيف 1994م على النزوح إلى القاهرة بصورة رسمية وعلنية، بعد شهر من انتهاء الحرب ، وعبر المطار وليس عبر البحر !!في البدء أوضحت للأخ / هلال أنّ السؤال نفسه سبق وأنّ وجهه إليَّ الأخ العزيز علي الجرادي رئيس تحرير ((الأهالي)) حالياً في مقابلة نشرتها صحيفة ((الناس)) عام 2003م على إثر تعييني ناطقاً رسمياً باسم المؤتمر الشعبي العام قبل الانتخابات البرلمانية السابقة، بينما كنت قبل سنوات معدودة رئيساً لتحرير صحيفة ( الوثيقة) الناطقة بلسان الجبهة الوطنية للمعارضة ( موج ) في الخارج بحسب ما جاء سؤاله.!! وكانت إجابتي على سؤال الجرادي واضحة وسريعة ، حيث طلبت منه توجيه ذلك السؤال إلى قيادة المؤتمر والسلطة التي يقودها، وأكدت له صحة ما يقوله ، مشيراً إلى إنني لا أنكر ذلك ولست نادما عليه ، ولا أعتقد في الوقت نفسه أنّ السلطة والمؤتمر الشعبي العام يجهلان إنني كنت عضواً في الجبهة الوطنية للمعارضة ((موج)) ورئيساً لتحرير صحيفة (( الوثيقة)) الناطقة باسمها خلال سنوات النزوح خارج الوطن! وعندما واصلت الإجابة على هذا السؤال عبر الهاتف بتوسع فوجئ الزميل هلال بمعلومات قال إنّه - لأول مرة يعرفها - حيث أوضحت له أنّ صحيفة ((الوثيقة)) صدرت عن الجبهة الوطنية للمعارضة ((موج)) التي كان الأستاذ عبدالرحمن الجفري رئيساً لها، إلى جانب الأستاذ سالم صالح محمد الذي كان نائباً لرئيسها.ما لم يكن يعرفه عبدالحكيم هلال أنّ النازحين في الخارج وجدوا أنفسهم منذ اللحظات الأولى بعد نزوحهم إلى الخارج أمام مشروع لا يختلف في تفاصيله وأهدافه عن مشروع ((الجنوب العربي)) الذي انبعث مجدداً في الآونة الأخيرة تحت شعار ((القضية الجنوبية وحق تقرير المصير للجنوب))، وكان لهذا المشروع منبر إعلامي صدر بعد حرب صيف 1994 من باريس باسم صحيفة ((بريد الجنوب)) التي كان يرأسها الصحافي الفلسطيني بشير البكر، وكانت تلك الصحيفة تتبنى ذات الخطاب ((الجنوبي)) الذي يحاول هذه الأيام تسويق التنظير لما تسمى بالهوية العربية للجنوب ، بدلاً عن هويته الوطنية اليمنية . وكانت تلك الصحيفة مجهولة التمويل ولا يعرف أحد من النازحين الجهة التي كانت توجهها و ترسم خطابها السياسي والإعلامي!!أبدى هلال دهشته عندما قلت له إنّ النازحين بعد حرب صيف 1994م وجدوا أنفسهم أمام حقائق جديدة ومريرة تعد الوجه الآخر لمأساة تلك الحرب.. فمثلما أنتجت الحرب متنفذين أثرياء من ((غنائم)) الحرب و((فتوحاتها)) في الداخل، فقد اكتشف النازحون الوجه الآخر لهذه الصورة السوداء عندما وجدوا أنفسهم أمام أثرياء أنتجتهم أسواق السياسة والسلاح في الخارج على هامش مآسي تلك الحرب السوداء، وعلى حساب ضحاياهم في الداخل والخارج معاً.كان عبدالحكيم هلال يصغي إليّ باهتمام شديد عندما قلت له إنّ صدور صحيفة ((الوثيقة)) ارتبط بامتناع بعض قيادات الحزب الاشتراكي في الخارج عن المشاركة في الجبهة الوطنية للمعارضة ((موج))، وظهور بعض التحركات باتجاه تأسيس حزب ((جنوبي)) تستبعد من عضويته القيادات والكوادر الجنوبية النازحة، التي تؤمن بالوحدة اليمنية، بالإضافة إلى استبعاد القيادات والكوادر الاشتراكية التي تعود جذورها و ( جينات دمائها ) إلى المحافظات الشمالية.والحق أقول إنّ الأستاذ عبدالرحمن الجفري رئيس حزب رابطة أبناء اليمن (( رأي)) ، والأستاذ سالم صالح محمد الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني سابقاً، كانا يرفضان هذا المشروع، ولعبا دوراً كبيراً في التصدي له وتأسيس الجبهة الوطنية للمعارضة ((موج)) وصياغة خطابها السياسي والإعلامي على أساس الدعوة لإدانة حرب صيف 1994م وإزالة آثارها السلبية، بما يصون الوحدة ويجعلها قابلة للاستمرار.. وقد تمّ اختياري لرئاسة تحرير صحيفة ((الوثيقة)) لبلورة هذا الخطاب أنطلاقا من قناعة قيادة ( موج ) بأنني مؤهل لهذه المهمة من بين الذين كانوا مرشحين لها.وبوسعي القول إنّ الخطاب السياسي والإعلامي لصحيفة ((الوثيقة)) كان لا يجسد موقف ورؤية رئيس تحريرها فقط، بل كان يجسد أيضاً نهج ((موج)) وقيادتها السياسية برئاسة الأستاذ عبدالرحمن الجفري الذي عاد إلى الوطن بعد ذلك على طائرة الرئاسة الخاصة مباشرة من جدة الى عدن ، وشارك في الحملة الانتخابية لفخامة رئيس الجمهورية في عدن ، معلناً تأييد حزبه لإعادة انتخاب الرئيس علي عبدالله صالح رئيساً للجمهورية، كما كان ذلك الخطاب يجسد أيضا نهج الأستاذ سالم صالح محمد نائب رئيس الجبهة الوطنية للمعارضة ( موج ) سابقا ً، والذي يشغل حالياً منصب مستشار رئيس الجمهورية، ورئيس لجنة مكافحة الظواهر السلبية التي تضر بالوحدة الوطنية وهي لجنة تمّ تشكيلها بقرار من الرئيس علي عبدالله صالح الذي شرّفني بعضويتها.كان الأخ محسن بن فريد الأمين العام لحزب الرابطة رئيساً لمجلس إدارة صحيفة ((الوثيقة))، فيما كان الأستاذ عبدالرحمن الجفري موجهاً سياسياً للصحيفة ، باتجاه نقد الممارسات الخاطئة التي نجمت عن حرب صيف 1994 م، وعدم التعرض للرئيس علي عبدالله صالح انسجاماً مع نهج ((موج)) الداعي إلى المصالحة الوطنية وإزالة آثار حرب صيف 1994م كأساس لحماية الوحدة وتصويب مسارها، خصوصاً وأنّ الرئيس علي عبدالله صالح كان ولايزال منفتحا على معارضيه في الداخل والخارج ، وحريصاً على التواصل مع قيادات المعارضة في الخارج ودعوتهم إلى العودة، الأمر الذي ميّز الخطاب الإعلامي لصحيفة ((الوثيقة))، بالاعتدال في معارضة النظام كعادة الأستاذ عبدالرحمن الجفري الذي أشهد له بعفة اليد واللسان، وبالشجاعة في إعلان مواقفه ودفاعه عنها وعدم تنكره لها ، والاستعداد لتصويبها عندما يستدعي الأمر ذلك.وقد تعرّضت صحيفة ((الوثيقة)) بسبب انتهاجها خطاً مدافعاً عن الوحدة، وحرصها على الاعتدال في خطابها الإعلامي المعارض إلى هجوم شرس من بعض الأطراف التي كانت تعتبر الخطاب الإعلامي لصحيفة ((بريد الجنوب)) الصادرة من باريس أقوى من خطاب صحيفة ((الوثيقة))، بل أنّ بعضهم سعى أثناء اجتماع المجلس الوطني لجبهة ( موج ) في مدينة (اليماسول) بجزيرة قبرص الى تحريض قيادة ((موج)) ضدي بقصد إبعادي من رئاسة تحرير (( الوثيقة)) بذريعة أن ما كان يُنشر في صحف المعارضة بالداخل من نقدٍ للنظام ، أقوى وأخطر مما كانت تنشره صحيفة ((الوثيقة)) ّّ. وقد تم تسجيل وقائع ذلك الاجتماع في شريط فيديو مصور بالصوت والصورة، وعلمت فيما بعد ان الاستاذ عبدالرحمن الجفري وزعه على العديد من الهيئات والمنظمات الدولية وبضمنها الحكومة اليمنية وسفاراتها في بعض الدول العربية والأجنبية .ومما له دلالة أنّ الأستاذ عبدالرحمن الجفري والأستاذ محسن بن فريد قاوما في ذلك الاجتماع كل الضغوط التي تعرضا لها، ورفضا إبعادي من رئاسة تحرير صحيفة ( الوثيقة ) ، كما أكدا على سلامة وصواب أدائها السياسي والإعلامي . ويتذكر الكثير من الإخوة الذين كانوا نازحين في الخارج، كيف قام ((البعض)) بتصوير إحدى صفحات جريدتي ((26 سبتمبر)) و((14 أكتوبر)) التي تضمنت قرار الرئيس علي عبدالله صالح عام 1997م بمنح عدد من الشخصيات الوطنية والاجتماعية وسام ((الاستقلال)) من الدرجتين الأولى والثانية بمناسبة مرور ثلاثين عاما ً على الاستقلال الوطني ، تقديراً لدورهم في الكفاح ضد الاستعمار ومن أجل الحرية والاستقلال والوحدة، وكنت واحداً منهم. وقد ترافق توزيع تلك القصاصات مع اتهامات حاقدة بوجود عَلاقة تربطني بالنظام والسفارة اليمنية في القاهرة عندما كنت نازحا في الخارج.بعد توزيع تلك القصاصات نشرت مقالاً في صحيفة ((الوثيقة)) شكرت فيه فخامة رئيس الجمهورية بمنحي وسام ((الاستقلال من الدرجة الثانية)) بعنوان (خطوة تستحق التقدير.. ولكن!! ) ، ودعوته بعد شكره على ذلك القرار إلى تكريم صُنـَّاع الوحدة، وأبطال الاستقلال من القادة النازحين في الخارج والتصالح معهم ومنحهم الأوسمة التي يستحقونها. وكان من الصعب قول ذلك والمطالبة به في تلك الظروف.. وفور صدور العدد الذي تضمن ذلك المقال اتصل بي الأستاذ عبدالرحمن الجفري من مقر إقامته في لندن، وأبدى إعجابه بذلك المقال الذي لم يعجب آخرين ، خصوصاً عندما أوردت عبارة ((فخامة الرئيس)) من باب التقدير والاحترام لهذا المنصب السيادي. وبوسع كل من يقرأ ذلك المقال وهو المقال الوحيد الذي كتبته ونشرته في صحيفة ((الوثيقة)) طوال فترة رئاستي لتحريرها ملاحظة أنّ ما جاء فيه لا يتناقض مع نهج الجبهة الوطنية للمعارضة ((موج)) التي كانت ترفض إحياء مشروع ((الجنوب العربي)) ، وتتمسك بخيار الوحدة، وتدعو بصراحةٍ إلى حمايتها وتصويب مسارها وإزالة آثار حرب صيف 1994م، وهي مهمات وطنية عاجلة أصبحت اليوم مطلباً وطنياً وتوجهاً ثابتاً للسلطة والمعارضة رغم الاختلاف.. وقد تجسَّد اتجاه السلطة لإنجاز هذه المهام الوطنية في عددٍ من المواقف، وبضمنها قرار الرئيس علي عبدالله صالح الذي أعلنه في الاحتفال بالعيد الأربعين للاستقلال في 30 نوفمبر 2007م ، بشأن منح أوسمة (( الوحدة)) من الدرجة الأولى لكل القيادات المعارضة في الخارج، ودعوتهم للعودة والانخراط في الحياة السياسية والحزبية . إلى جانب الجهود المثابرة التي يبذلها فخامته من أجل إزالة آثار حرب صيف 1994م ، وفي أساسها معالجة قضايا الأراضي التي تمّ الاستيلاء عليها بعد الحرب، وحل مشاكل المتقاعدين والمسرحين العسكريين والمدنيين ، وإعادة بناء مؤسسات ومرافق الدولة الحيوية التي تعرضت للإهمال والتهميش والركود في المحافظات الجنوبية ، وتشجيع الاستثمار والدفع بعجلة التنمية فيها، والحد من البطالة وبناء مساكن للشباب، واستعادة الأراضي التي استولى عليها المتنفذون وبعض قيادات المعارضة التي شاركت في حرب 1994م ، والتوجيه بتوزيعها لصالح محدودي الدخل والجمعيات السكنية والزراعية والمشاريع الاستثمارية.ولا أُذيع سراً أنّ الرئيس علي عبدالله صالح الذي أصدر قراراً جمهورياً قضى بتشكيل لجنة خاصة بمكافحة الظواهر السلبية برئاسة الأستاذ سالم صالح محمد الذي كان نائباً لرئيس الجبهة الوطنية للمعارضة ((موج))، حدد مهمات وواجبات وطنية عديدة وكبيرة لهذه اللجنة.. لكنه فاجأ أعضاءها وأنا واحد منهم أثناء اجتماعه بهم في عدن أواخر عام 2007م عندما شدد على ضرورة وضع قضية إزالة آثار حرب صيف 1994م في صدارة خطة عمل اللجنة لعام 2008م، انطلاقاً من إدراكه لمخاطرها على الوحدة الوطنية، وحرصه على قطع الطريق عن الذين يحاولون استثمار تلك الآثار السلبية لصالح إحياء مشروع ((الجنوب العربي))، والانتقام من الوحدة ودعاتها وصُنـَّاعها في نهاية المطاف.في هذا السياق سألني عبدالحكيم هلال عن المقابلة التي جرت بيني والأخ سلطان البركاني رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام في برنامج (( الاتجاه المعاكس)) الذي بثته قناة ((الجزيرة)) عام 1998م، فأجبته بأنني سأكون سعيداً جداً لو أعيد اليوم نشر تلك المقابلة ومقارنتها بما يُقوله هذه الأيام قادة أحزاب (اللقاء المشترك) في صحف المعارضة وشوارع عدن والضالع وردفان وحضرموت حيث تتم المراهنة على تصفية حسابات المعارضة مع السلطة في هذه الشوارع المفتوحة على لعبة عمياء. وقلت للزميل هلال في ذلك الحوار إن ما قلته في قناة ((الجزيرة)) عام 1998م لا يتعارض مع ما يُطرح اليوم على مستوى السلطة والمعارضة بشأن ضرورة معالجة آثار تلك الحرب السوداء، بل أنّه لا يتعارض مع ما قاله الرئيس علي عبدالله صالح في خطاب ألقاه أمام الضباط في معهد الشهيد الثلايا بعدن أواخر عام 2000م ،عندما أتهم جهات لم يحددها بأنّها لم تقاتل في عام 1994م دفاعاً عن الوحدة.. بل قاتلت من أجل الفيد والغنائم والاستيلاء على الأراضي، حيث أبرزت صحيفة ((الأيام)) في اليوم التالي للخطاب عناوينه الرئيسية بالصفحة الأولى .والثابت إنني كنت صريحاً في ذلك اللقاء التلفزيوني الذي بثته قناة ( الجزيرة )عندما تناولت بالنقد ممارسات خاطئة تمت باسم الوحدة، وأصبحت اليوم محل إجماع وطني على إدانتها والمطالبة بإزالة آثارها السلبية التي تضر بالوحدة الوطنية.. وقد دافعت عن الوحدة بصراحةٍ كما هو مسجل في شريط فيديو احتفظ به ويحتفظ به آخرون ومن بينهم الأخ سلطان البركاني. وأنكرت واستنكرت بصوت عال وصريح تهمة الانفصال التي كان يتم توزيعها بإفراط وإسفاف يميناً وشمالاً، الى حد الإسراف في منح الأوصاف الوحدوية لأبناء وأحفاد سلاطين ما كان يسمى ( اتحاد الجنوب العربي ) الذين شاركوا في حرب 1994 للانتقام من ثورة 14 اكتوبر والحزب الاشتراكي اليمني وأبطال الاستقلال ، مقابل إطلاق الأوصاف الانفصالية على الوحدويين الذي أفنوا معظم أعمارهم في الكفاح من أجل الوحدة والدفاع عنها ومقاومة كل المشاريع الاستعمارية الأنجلو سلاطينية التي أستهدفت طمس الهوية اليمنية للجنوب . وقد أسفر هذا الميزان المقلوب رأسا على عقب بعد حرب صيف 1994 المشؤومة عن تداعيات وآثار سلبية خطيرة مهدت الطريق لدعاة ومنظري الانفصال الحقيقيين الذين يحاولون اليوم مواصلة استثمار تلك التداعيات لصالح إحياء مشروع (دولة الجنوب العربي ) ، والانتفام من الوحدة، وإنكار الهوية اليمنية للمحافظات الجنوبية ، والتحريض على إثارة مشاعر الكراهية ليس فقط ضد أبناء المحافظات الشمالية ، بل وضد أبناء المحافظات الجنوبية الذين ينحدر آباؤهم وأجدادهم من المحافظات الشمالية . حيث يشترط هؤلاء الانفصاليون على كل من يستحق ما تسمى ((الهوية العدنية و الجنوبية)) ، أن يكون جده من مواليد عدن أو الجنوب.. بمعنى أنّ أولادي لا يستحقون هذه الهوية على الرغم من أنّهم مع والدهم ولدوا وعاشوا في عدن، لأنّ مجرد انتماء جدهم ـ وهو والدي أطال الله في عمره ـ الى قرية قحزة ، وهي مسقط رأسه ، في مديرية حبيش بمحافظة إب ، كاف لحرماني وحرمان أولادي من الهوية ( العدنية أو الجنوبية ) ، واحتمال تعرضنا ومعنا مئات الآلاف من المواطنين لحروب التطهير العرقي في حال انتصار مشروع ((الجنوب العربي )) سيئ الصيت !![c1]( يتبع )عن / صحيفة ( 26 سبتمبر )[/c]