بعد أكثر من ربع قرن
[c1]* كلّهـــم مرّوا مـن هنـــا * عندما تهب عليك رياح الحزن وعاصفة الذكريات[/c]... وأنا أخطو نحو بوابة "14 أكتوبر"، المؤسسة والصحيفة في مقرها بالمعلا عصف بي حزن عميق أظنه كان كامناً في مكان ما.. وهبت ذكريات كثيرة متضاربة على روحي دفعة واحدة. فقد كنت أعرف أنني أعود بعد أكثر من ربع قرن إلى مكان أثير إلى نفسي هو بمنزلة بيتي الذي أحببته، وسلخت فيه بعض أجمل سنوات عمري، وعشت فيه مع زملاء وأصدقاء رائعين لم يُعد بعضهم اليوم على قيد الحياة، وذلك وحده كافٍ ليتداعى عليك حزن الدنيا كله، خاصة حين تكون على يقين أنّك لن تراهم مرةً أخرى، ولن تلتقي بهم إلى الأبد...!شيء مؤلم للمرء أن يفقد عزيزاً واحداً عليه، فكيف لو فقد كوكبة من بعض أعز وأنبل الأصدقاء والزملاء، ارتبط بهم بأواصر المحبة وصداقة العمر دفعة واحدة، أو خلال أوقات قصيرة متتالية؟ حينها يكون الحزن مضاعفاً وغير محتمل. ولولا إيمان المرء العميق بربه عز وجل، ونعمة الصبر التي منحها له الخالق، لمات من القهر من فوره لمجرد موت أو فقد عزيز عليه... وأنا خلال أقل من ثلاث أشهر، فقدتُ وفقدت الأسرة الصحافية، في اليمن وأسرة "14 أكتوبر" على وجه التحديد ثلاثاً من فرسان الكلمة، كانوا جميعاً من أقرب الناس الذين عرفتهم إليّ، وأنبل الأصدقاء الذين عشت معهم وارتبطت معهم بصداقة نبيلة.فبعد يومٍ واحدٍ من عودتي من دولة الإمارات العربية المتحدة حيث قضيت السنوات الأخيرة، فوجئت بل صدمت بوفاة الزميل والصديق عصام سعيد سالم نائب رئيس مجلس الإدارة نائب رئيس التحرير، وكنت أنوي القيام بزيارته في اليوم نفسه، لكن القدر لم يمهله حتى يتم هذا اللقاء بعد سنوات من الغياب، لكن كان بيني وبينه محادثات هاتفية متباعدة، كنّا خلالها نتبادل الذكريات ونتواعد على اللقاء أما في عدن أو في أبوظبي.. وهو ما لم يتحقق... ولشدة الصدمة، وعمق الحزن فقد أجلت زيارتي إلى الجريدة واللقاء ببقية الزملاء الذين تشاركت وإياهم هموم الصحافة، وعشق مهنة البحث عن المتاعب.وقبل أن أصحو من الصدمة الأولى، إذا بالأنباء تحمل لي صدمة أخرى بوفاة الزميل والإنسان الرائع شكيب عوض، فإذا الحزن حُزنان، والألم ألمان، وما إن تحاملت على ألمين وتجاسرت على حزني، واحتماء بالصبر والتذرع به، حتى جاءت الأخبار حاملة معها حزناً جديداً وألماً آخراً مضاعفاً بوفاة الزميل عبد الباسط سروري، وكأن لا نهاية لهذه الأحزان...! وكأن لا نهاية لهذه الآلام!.. وكأنّ ملاك الموت حل في "صاحبة الجلالة" لا يود مغادرتها إلا بعد أن يأخذ معه هؤلاء البشر الرائفين، المعجونين بالطيبة! ولكنها سنة الحياة ولن تجد لسنة الله تبديلا.. وإرادة الله التي لا اعتراض عليها، ولا راد لقضائه سبحانه وتعالى.أجيال تذهب بعد أن تؤدي رسالتها ودورها في الحياة... وأجيال جديدة تأتي حاملة معها رسالتها في الحياة، وتناضل في سبيل أن تتحقق.. هكذا هي الحياة، أمم ترث أمماً.. سُنة الله حتى يرث الأرض ومن عليها..وأنا أخطو نحو البوابة، كنت موقناً إنني لن ألتقي بأي من هؤلاء الراحلين الذين غيّبهم الموت في أقل من ربع العام بعد أن صاروا خبراً في جريدتهم وكانوا الصائعين والكاتبين والمحررين للأخبار والأحداث...!ولعل هذا من مفارقات القدر، والمهنة التي أحبوها وعشقوها، وقضوا العمر الجميل من أجلها.. ولو كانوا أحياءً، وقرأوا ما كُتب عنهم بعد موتهم، لوجدوا في ذلك بعض العزاء الذي كانوا يحتاجونه في حياتهم، ولحظات ضعفهم ومرضهم...!كما كنت على يقين بأنني لن أرى أبداً لا هنا ولا في أي مكان زملاء آخرين غادروا هذه الدنيا إلى العالم الآخر، لكنهم جميعاً يسكنون قلبي، وروحي، وذاكرتي المتعبة.وأسمع أصواتهم في حفيف قلمي، وأرى صورهم فوق أوراقي كلما هممت بالكتابة.لن أجد هنا محمد البيحي وصوته الهامس وطلعته البهية. ولا عبد الرحيم القرشي بشعره المرسل وشعرِه الراقص، ولا أحمد مفتاح بعبارته الرشيقة حتى حين يكتب في السياسة وبضحكته المجلجلة المميزة. ولا أحمد سالم الحنكي بحزمه وجرأته وطيبة قلبه.. ولا عبد الله شرف بوسامته وابتسامته الساحرة. ولا عبد الواسع قاسم بقامته القصيرة وقلمه السامق. ولا أحمد سعيد باخبيرة بمهابته وعمق تفكيره .. ولا ... ولا .... إسماعيل الشيباني أو أحمد عبد الرحمن بشر.. ولا أحمد العبد سعد .. ولا سالم زين.. ولا جعفر عيدروس.يا الله كم من الأعزاء فقدناهم .. وكم من الأرواح النبيلة الهائمة ذهبت إلى السماء.. فليرحمهم الله بإذنه.. ويرحمنا جميعاً.. آمين.ارتبطت بكل هؤلاء بعَلاقة زمالة جميلة. وبعَلاقة صداقة رائعة قائمة على الود والصدق. وعَلاقة رفقة بنيناها طوبة طوبة خلال عملنا في صحيفة "14 أكتوبر"، أو في صحيفة "الثوري"، أو في جريدة "الشرارة"، لكن كان يجمعنا بلاد واحد، فلم يكن أحدنا أو من الآخرين.. يميز من منا الرئيس أو المرؤوس، من رئيس التحرير، أو من مدير التحرير، ومن المحرر، وأرسينا تقاليد جميلة قوامها العشق للمهنة، والعمل الجماعي، واحترام بعضنا البعض.كانت مدرسة 14 أكتوبر، الأكاديمية التي تعلّمنا فيها أبجدية الصحافة، وقداسة الكلمة وصدق الحرف وحرمة الحقيقة.. كما تعلمنا فيها القيمة العظيمة للصداقة ونبل الزمالة، وقد جعلت هذه التقاليد من عملنا في الجريدة في غاية الانسيابية والسهولة برغم الصعوبات الجمة، والإمكانيات الفنية المتواضعة.وتستدعي مني الحقيقة أن اعترف بأننا تعلمنا هذه التقاليد الرائعة من زملائنا وأساتذتنا الذين تتلمذنا على أيديهم، فأخلصنا لها، وتتبعنا خطاهم، وحاولنا بقدر المستطاع أن نتطبع ببعض أخلاقهم الرفيعة وخصالهم الحميدة وأن ننقلها إلى سوانا. وأعني تحديداً رجالاً من أمثال : محمد البيحي - رحمه الله بإذنه - ذلك الإنسان، الإنسان الرائع، الودود، الطيب الذي لا يتكلم إلا همساً، ولا ينطق إلا ما هو مفيد. وحين يعمل يتحول كله إلى طاقة من الحيوية والنشاط، والذي يأسرك بسمو أخلاقه، ونبل مشاعره، وحُسن معشره، وحين تعمل تحت إمرته لا يشرعك بأنّه المسؤول، بل شريكه في المسؤولية. وزميله في المهنة. وينتزع منك طاقة لا تدري أنت نفسك أنّها موجودة فيك. وفي الأخير يكون كل ذلك في مصلحة العمل وإجادته. إنّه نموذج للقيادة المثلى، وللمرونة والحنكة في إدارة البشر، أو القوى العاملة كما نقول اليوم في لغة الاقتصاد.. وأعني أيضاً رجالاً من أمثال الزميل الأستاذ واثق شاذلي نائب رئيس مجلس الإدارة للشؤون المالية والإدارية الحالي في مؤسسة 14 أكتوبر.. والوكيل واثق قبل أن يكون إدارياً ونقابياً، صحافياً بامتياز، وهو واحد من الذين تعلّمنا على أيديهم فن القيادة، وفن الصحافة، وهو كفاءة إدارية وصحافية ونقابية من طراز آخر له طريقته وأسلوبه، فالبشر مختلفون ومتفاوتون في طباعهم وقدراتهم وكفاءاتهم فلكل طريقته في العمل والتأثير على الآخرين..ولقد تعاقب على "14 أكتوبر" قيادات عديدة، جاء بعض إليها من خارج الأسر الصحافية، فمنهم من أثبت كفاءته، وصار واحداً من أسرتها، وتطبع بتقاليدها، وأصبح زميلاً لكل العاملين فيها.. ومنهم أراد أن يكون ديكتاتورياً فيها، يأمر فيطاع لكنه لا يحظى بالحب ولا بالاحترام، فذهب كما جاء غير مأسوف عليه(!)، ومنهم من جاء إليها من داخلها، فكان عارفاً بخفاياها وبأسرار الفشل والنجاح فيها، فوظف معرفته وخبرته مستعيناً بالآخرين لكي يتجنب الفشل ويعزز من فرص النجاح.. فكان نجاحه نجاحاً للمؤسسة والجريدة والعاملين فيها. وكان لكل فن سالم زين محمد رحمه الله وسالم باجميل أطال الله في عمره، أسلوبان مختلفان في فن القيادة. فبقدر ما كان الأول وهو من المؤسسين للجبهة القومية وقيادييها يعتمد على الصرامة وعلى الشدة، كان الثاني يعتمد في قيادته للمؤسسة والجريدة على السهل الممتنع. وكان يتمتع بروح الفكاهة وقادراً على امتصاص غضب الآخرين بلحظة مرح.. كما كان لكل من سعيد الجناحي وسالم عمر حسين، وأحمد سالم الحنكي (رحمهما الله) أسلوبه الخاص وطريقته القيادية.أما صالح الدحان، شيخ الصحافيين أطال الله في عمره فهو مدرسة قائمة بذاته لا يشبه أحداً ولا يشبهه أحد. فهو فريد كإنسان، فريد كصحافي وكاتب. فريد كرئيس تحرير في أسلوب قيادته وطريقة تعامله، وساخر كبير من الدنيا وما فيها، وناقد حتى حين يمدح.. ومن تعليقاته الساخرة أن يقول عن فلان.. وفلان هذا قيادي كبير ومعروف أنّه "أحسن السيئيين"! وقد أستطاع خلال مدة قصيرة من ترؤسه لصحيفة "الشرارة" أن يضع بداية لنمط جديد غير مألوف في الصحافة اليمنية. وقد سعدت بالعمل معه سكرتيراً للتحرير لفترة، تعلمت خلالها منه أشياء كثيرة لم أكن لأتعلمها في سنين. وقد جعل من "الشرارة" خلالها منافساً خطيراً لـ "14 أكتوبر" رغم كونها صحيفة مسائية. وكان ما يميز "الشرارة" عن الأخيرة، وعن سواها من صحف حزبية ونقابية يومها جرأتها وجرعتها العالية في نقد الأخطاء. وهو أمرٌ لم تحتمله المرحلة التي كانت تؤمن بالصوت الواحد، واللون الواحد، فأغلقت "الشرارة"، وظلت "14 أكتوبر" وحيدة في الساحة كصحيفة يومية شبه رسمية.. ولم يقدر لتجرِبة صالح الدحان القائمة على "دع مائة زهرة تتفتح" الاستمرار.. وهو مثال استعارة من إقامته في الصين حين عمل فترة من الزمن محرراً ومترجماً في وكالة "شينخوا". وأدرك الدحان بعد إطفاء جذوة شرارته أنّ التجرِبة في اليمن الديمقراطية لا تحتمل إلا نمو زهرة واحدة. وقد انتهت التجرِبة بأكملها بعد عدة سنين بنجاحاتها وإخفاقاتها، لكن الزهرة الوحيدة ظلت باقية مدرسة لأجيال وأجيال من الصحفيين.. وزهرة تتفتح ضمن زهور كثيرة في زمن آخر.. زمن الوحدة والديمقراطية والتعددية السياسة والفكرية، وحرية الصحافة واحترام الرأي ونقيضه.كل هذه الذكريات وغيرها كثير عصفت بي خلال تلك الثواني القليلة وأنا في طريقي من البوابة إلى مكتب نائب مدير التحرير.. وأكثر من هذا فقد أصبحت نهباً لشتى الانفعالات والأفكار.. فبقدر ما كنت موقناً الآن بأنني لن أرى أولئك الزملاء الذين رحلوا وتركونا للحزن والدموع، لم أكن واثقاً بالقدر نفسه من أنني سوف أحظى برؤية من تبقى من الرعيل الأول الذين عاصرتهم خلال سنوات طوال. لم أكن أعرف من بقي منهم حياً صامداً في موقعه، ومن منهم أقعده المرض، أو ذهبت بقواه الشيخوخة، أو قست عليه الظروف والحياة فلم يُعد يحتمل أو يقوى على معاناة مهنة البحث عن المتاعب، والموت الفجائي، ومن منهم ذهب ضحية الإهمال بحثاً عن مورد رزق آخر، لكن سوسة الصحافة لا تزال تجري في دمه وفي تنفسه.!.كما أنني لم أكن على معرفة وثيقة بكل زملاء المهنة الجدد، وإن قرأت للعديد منهم، واستبشرت خيراً بهم وبأقلامهم الواعدة. ومن هؤلاء نجمي عبد المجيد الذي ينبش في ذاكرة التاريخ والمدينة لكي تعرف الأجيال الجديدة تاريخاً لم تعشه لكنه لا يزال يؤثر في حياتها اليوم وسوف يظل يؤثر في مستقبلها في قادم الأيام. وكان أول من تلقاني وقاد خطاي إلى مكتب الزميل الجميل إقبال علي عبد الله الذي ما أن رآني أدخل مكتبه الصغير الضيق حتى حب واقفاً، وخرج من وراء طاولته وعانقني بحرارة أحسست معها بأنّه عناق شوق ومحبة، وعناقه لي ربما نيابة عن كل الزملاء، من مازال منهم على قيد الحياة، ومن افتكره ربه فصار في عالم الخلود.وكان من لحظات سعادتي البالغة المؤثرة إنني التقيت في مكتبه بواحد ممن بقي من جيل 14 أكتوبر الأول، وأعتقد أنّه يمثلهم جميعاً، ليس عمراً فقط، بل خبرة وكفاءة، وربما معاناة، الصحفي المخضرم معروف حداد، وكان لقائي به في تلك اللحظة العمرية، كافياً لوحده بأن يثير في نفسي مشاعر عديدة، وأن أرى في صورته صور جميع أولئك الزملاء. من بقي منهم على قيد الحياة، ومن لقي وجه ربه. رأيت فيه معاناتهم، حزنهم، ألقهم، أرقهم، وتساؤلهم فيما بقي من العمر. العمر بحلوه، وبمره. وكأنّ لسان حاله يقول ما قاله الشاعر التركي العظيم ناظم حكمت "... وأجمل أيامنا تلك التي لم تأتِ بعد!"... لكن هل بقي في العمر بقية يا معروف حتى ننتظر تلك الأيام؟! وما أدرانا إن كان القادم هو الأجمل.. أم أنّ الماضي الذي عشناه كان هو سنوات العمر الجميل؟! أم أنّ من الحكمة أن نردد مع شيخنا الجليل عمر الخيام "غد بعلم الغيب".... والبقية أنت تعرفها يا معروف!وبقدر ما أسعدني وأثر بي لقائي القصير والمعبر من دون كثير كلام بمعروف حداد، فقد منحني شحنة تفاؤل عميقة أن بعض زملائي، الذين يزعمون أنّهم تلامذتي، هم الذين يقودون اليوم "14 أكتوبر" في زمنها وثوبها الجديدين ومن هؤلاء : نجيب محمد مقبل مدير التحرير، وإقبال علي عبد الله نائب مدير التحرير وهما من شباب 14 أكتوبر النابه الذين تربوا في مدرستها العظيمة منذ وقتٍ مبكرٍ من عمريهما. ويستحقان موقعيهما وأكثر منه لأنّهما وصلا إليه بكفاءتهما ومهنيتهما المشهودة. ولم أخف فرحي بهما وبنجاحهما، كما لم أخف على نجيب محمد مقبل خوفي عليه من أن تأخذه الصحافة من الشعر، كما أخذتني ذات يوم من القصة قبل أن أتدارك نفسي وأعود إليها وإلى عالمها الأثير!ومن حُسن حظهما وحظ 14 أكتوبر أنّ كفاءة إعلامية وصحافية وإدارية كبيرة تقف على رأسها.. مؤسسة وصحيفة ممثلة بالزميل الأستاذ/ أحمد محمد الحبيشي رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير، ولأنّه كان في صنعاء لمتابعة قضايا تهم الجريدة مع المسؤولين في وزارة الإعلام كما عرفت لم ألتقي به لكنني تحدثت معه على الهاتف. وقد استطاع خلال وقت قصير من قيادته لها أن ينتشل المؤسسة والصحيفة ويعيد إليهما الروح.. وأظن أنّ طموحه سيوصلهما إلى ما هو أكبر من ذلك.وخلال هذه الزيارة على قصرها، سعدت بلقاء زملاء لي من بينهم نعمان قائد سيف وعلي القاضي، وهما من زملاء المهنة، والحرف الجميل اللذين ظلا مخلصين لهما، وأظنهما سيظلان كذلك مثلي إلى آخر العُمر.كما سعدت بلقاء زميلتين عزيزتين وقريبتين إلى نفسي هما من أُوائل الصحفيات اللائي تعلمن في مدرسة 14 أكتوبر، وكبرتا معها وبها، وما زالتا تواصلان العطاء.. الزميلة الصحافية نادرة عبد القدوس، والزميلة الصحافية الطاف محمد عبد الله.. ولا أريدهما أن يغضبا مني إن وصفتهما بالكبيرتين وليس العمر ما أعنيه بل المكانة.ولقد أثر بي إلى حدٍ كبير ذلك النبل والوفاء الجميل الذي لمسته من كل الزملاء والزميلات من موظفين وعمال الذين رحبوا بين، وجاءوا لتحيتي والسلام عليّ.. ويكفي المرء سعادة أنّه يحظى بكل هذا الحب الدافئ في قلوب زملائه بعد كل هذه السنين.. وأنا أيضاً أحبكم جميعاً من جئت على ذكر اسمه ومن لم تسعفني الذاكرة بذكره.. فليعذرني فللعمر أحكامه.. وأنا أخطو بقدمي نحو الستين!... ودقوا على الخشب...[c1]* كتبت هذه المادة قبل وفاة الصحفي القدير معروف حداد [/c]