أنقرة / 14 أكتوبر / من جاريث جونز :يوجه فوز حزب العدالة والتنمية ذي التوجهات الإسلامية في الانتخابات البرلمانية التي جرت في تركيا يوم الأحد ضربة للمؤسسة العلمانية بما في ذلك جنرالات الجيش ويعزز الآمال بإرساء ديمقراطية أقوى في البلاد التي تسعى للانضمام للاتحاد الأوروبي.ولكن ما زال يتحتم على رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان التحرك بحذر بالغ فيما يتعلق بالقضايا المهمة للمعسكر العلماني مثل هوية الرئيس التركي المقبل والحظر المفروض على ارتداء الحجاب في الجامعات والمصالح الحكومية.وفاز الحزب المشجع لقطاع الأعمال والذي يمثل يمين الوسط بنحو نصف الأصوات بالرغم من أن المكاسب التي حققها القوميون قلصت الأغلبية التي يتمتع بها في البرلمان إلى 340 من 550 مقعدا بعد أن كان يشغل من قبل 352 مقعدا.وقال سوات كينيكلي اوغلو النائب الجديد بحزب العدالة والتنمية والمحلل السياسي السابق "تركيا تريد التغيير ولا تريد بعد الآن الوسائل غير الديمقراطية للهيمنة على المجتمع والسياسة.، " الانقسام الحقيقي في تركيا ليس بين العلمانيين والإسلاميين ولكن بين هؤلاء الذين يريدون ديمقراطية مفتوحة وشفافة والذين يريدون الابقاء على الوسائل الاستبدادية القديمة."وجرت الانتخابات البرلمانية قبل موعدها المحدد بشهور بعد مذكرة نشرها الجيش التركي على موقع على الانترنت في ابريل نيسان يعارض فيها اختيار حزب العدالة والتنمية لوزير الخارجية عبد الله جول لمنصب رئيس البلاد.وأصدرت المحكمة الدستورية أحد أعمدة العلمانية أيضا حكما بضرورة حضور ثلثي الأعضاء في البرلمان الجلسة الخاصة باختيار رئيس البلاد ومن ثم فشلت محاولة جول.ويعتقد العلمانيون أن اردوغان وجول يريدان إضعاف فصل الدولة عن الدين في البلاد وهي مزاعم ينفيها الرجلان.وقال كينيكلي اوغلو "هذه الانتخابات كانت رد الشعب على مذكرة الجيش في 27 ابريل (التي استهدفت جول). أتوقع الآن أن تعيد المؤسسة العلمانية تقييم نفسها وتنظيم صفوفها."وكرر محللون آخرون وجهة نظره هذه وأشاروا إلى أن الجيش التركي بالرغم من أنه قوي إلا أنه لا يمكنه التحرك على الساحة السياسية إلا عندما يشعر بالثقة من تمتعه بالدعم الشعبي.وقال متين هيبر عميد كلية العلوم الاجتماعية بجامعة بيلكنت في أنقرة "سيفقد الجيش مكانته عند الشعب (إذا تحرك الآن ضد حزب العدالة والتنمية) وهذه المكانة مهمة للغاية بالنسبة له."ويعتبر الجيش التركي نفسه الوصي على الدولة العلمانية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك عام 1923 وقبل عشرة أعوام أطاح الجيش بدعم شعبي قوي بحكومة ذات توجه إسلامي لم تحظ بشعبية.ويعد الجيش أكثر المؤسسات التي يشعر المواطنون بالثقة فيها إلا أن محللين يقولون ان الانتخابات أوضحت أن الأتراك لا يفضلون تدخل الجيش في السياسة في الأوقات العادية.وحصل الحزب الشعبي الجمهوري الذي كان يتزعمه أتاتورك وهو حزب المعارضة العلماني الرئيسي على 112 مقعدا فقط وهو ما يقل عن 178 مقعدا حصل عليها عام 2002 .والاختبار الفوري للعلاقة بين الجيش والحكومة يتمثل في انتخاب البرلمان خلال الأسابيع المقبلة لرئيس جديد ليخلف الرئيس العلماني أحمد نجدت سيزر.وكان أردوغان لمح إلى أن حزبه قد يقترح من جديد جول بالرغم من أنه سيكون بحاجة إلى مساندة الأحزاب الأخرى وعلى الأرجح المستقلين الموالين للأكراد لتحقيق النصاب البالغ 367 عضوا.والاعتماد على دعم المستقلين الذين يسعون لمنح المزيد من الحقوق للأقلية الكردية الكبيرة في تركيا قد يغضب الجيش الذي يقاتل المتمردين الانفصاليين الأكراد في جنوب شرق تركيا.وقال جاريث جنكينز الكاتب المتخصص في شؤون الجيش التركي ومقره اسطنبول "أنها مسألة حفظ ماء الوجه أيضا. سيكون من الصعب على الجيش التراجع."وبإمكان الرئيس استخدام حق الاعتراض (فيتو) ضد القوانين وتعيين الكثير من المسؤولين في المؤسسات العلمانية مثل رؤساء الجامعات والقضاة.وهو أيضا القائد الأعلى للقوات المسلحة. وجنرالات الجيش يخشون تدخل حزب العدالة والتنمية.واتفق محللون على أنه من غير المرجح أن يتحرك اردوغان في أي وقت قريب لتخفيف الحظر المفروض على ارتداء الحجاب في الجامعات والمكاتب الحكومية.وقال هيبر "قال حزب العدالة والتنمية انه يريد تشكيل توافق في الآراء فيما يتعلق بهذا الأمر."