الرياض / متابعات:إجرى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أمس السبت 14تعديلا وزاريا واسعا شهد دخول امرأة للحكومة للمرة الأولى، كما أجرى تغييرات على رأس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي قطاع القضاء وعلى رأس البنك المركزي ، وإعفاء الرئيس السابق لمجلس القضاء الشيخ صالح اللحيدان ، والرئيس السابق لهيئة (الأمر والنهي ) الشيخ ابراهيم الغيث اللذين أثارت تصريحاتهما وفتاواهما الأخيرة موجة واسعة من الاحتجاجات من قبل الأوساط الاجتماعية والثقافية والإعلامية والنسائية والهيئات التي تعنى بالدفاع عن حقوق المرأة والطفل في السعودية .وبموجب هذا التعديل وهو الاول منذ تولي الملك عبد الله عرش المملكة في 2005, عين العاهل السعودي رئيسا جديدا لمجلس القضاء الأعلى ووزراء جدداً للعدل والتربية والاعلام والصحة. ولم تشمل التغييرات الوزارات السيادية (الدفاع والداخلية والخارجية).ويندرج هذا التعديل في سياق عملية اصلاحات حذرة تجري تحت رعاية الملك عبد الله الذي كان وراء اول انتخابات بلدية جزئية شهدتها المملكة في 2005 حين كان لا يزال وليا للعهد.وشملت التغييرات تعيين الرئيس السابق لمجلس الشورى صالح بن حميد رئيسا للمجلس الاعلى للقضاء والشيخ ابراهيم الحقيل رئيسا للمحكمة العليا.كما عين محمد العيسى وزيرا للعدل والامير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود الوكيل السابق للحرس الوطني في المنطقة الغربية وزيرا للتربية وعبد العزيز الخوجة السفير السعودي في لبنان وزيرا للاعلام وعبد الله الربيعة وزيرا للصحة. كما تم تعيين نورة الفايز نائباً لوزير التربية في حدث غير مسبوق في المملكة السعودية التي لا يمكن للمرأة فيها السفر او العمل او الزواج بدون موافقة «محرم» ذكر من اسرتها.وصدر أمر بتعيين الشيخ إبراهيم بن شايع الحقيل رئيسا لديوان المظالم بمرتبة وزير، فيما تم تعيين علي الحماد نائبا لرئيس ديوان المظالم، كما صدر أمر تعيين محمد الدوسري رئيسا للمحكمة الإدارية العليا، وأمر خادم الحرمين بتشكيل المحكمة العليا برئاسة الشيخ عبد الرحمن الكلية. وعين وزير العدل السابق عبد الله بن محمد آل الشيخ رئيسا لمجلس الشورى وهو مجلس استشاري تم بالمناسبة ايضا رفع عدد اعضائه من 120 الى 170 عضوا.كما اعفي رئيس هيئة حقوق الانسان الحالي تركي السديري من منصبه وعين بندر العيبان رئيسا جديدا للهيئة بدلا منه.واعاد العاهل السعودي تشكيل هيئة كبار العلماء وتوسيعها لتشمل 21 عضوا برئاسة المفتي الحالي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ. وعين الملك عبد الله الفريق ركن حسن القبيل نائبا لرئيس هيئة الأركان العامة، وجرى تعيين اللواء عبد الرحمن المرشد قائدا للقوات البرية برتبة فريق.وتم تعيين فهد العسكر وعبد العزيز الزبن مستشارين بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة، وصدرت كذلك قرارات بتعيين الشيخ عبد الله بن منيع والشيخ عبد الله المطلق والشيخ عبد المحسن العبيكان مستشارين في الديون الملكي بمرتبة وزير.كما جرى تعيين د. وليد أبو الفرج مديرا لجامعة أم القرى، ومحمد الكنهل رئيسا للهيئة العامة للغذاء والدواء، ومحمد الجاسر محافظا لمؤسسة النقد، وعبد الله الجماز مستشارا بالديوان الملكي بمرتبة وزير، وبندر القناوي مديرا عاما تنفيذيا للشؤون الصحية بالحرس الوطني. ويرى مراقبون للشأن السعودي أن الأسماء الجديدة التي حملتها القائمة الموسعة لأعضاء هيئة كبار العلماء -التي بلغت 21 عضوا بعد أن كانت تشمل 12 عضوا فقط، حيث استوعبت ممثلين للمذاهب السنية الأخرى التي ينظر الوهابيون إلى أتباعها بازدراء شديد، ويعتبرونهم من أهل الرأي والبدع والضلال. كما تم تعيين رئيس جديد لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي كان قبل تعيينه يطالب بإعادة النظر في قرارات وسياسات كانت اتخذتها الهيئة في فترات ماضية ، وتسببت في بروز حالة صدام بين الهيئة والمجتمع الذي يعارض تحول هيئة (الأمر والنهي) الى شرطة دينية ورقيب على الضمير ، ما أدى الى قيام الرئيس السابق للهيئة بمطالبة الحكومة السعودية بتخصيص بدل مخاطر لرجال الهيئة نتيجة تزايد حالات الاعتداء على منتسبي الهيئة من قبل المواطنين وبالذات الشباب السعودي ، وهو ما يفسر اول تصريح لرئيس الهيئة الجديدة الذي قال ان الهيئة ستكون بعد اليوم مع قلوب المواطنين ، الأمر الذي جعل المراقبين يربطون بين حديث الرئيس الجديد للهيئة عن ضرورة الاقتراب الى قلوب المواطنين وبين تزامنه مع الاحتفال بعيد الحب الذي يكن له الرئيس السابق للهيئة عداء ً شديدا.ولا يستبعد الذين أدهشتهم هذه التغييرات أن تكون الخطوة القادمة هي إعادة النظر في قرارات مهمة مثل قضايا تقنين الشريعة والتأمين التجاري «خاصة من الأعضاء الجدد ممن لديهم وجهات نظر مختلفة»، مشيرا الى ان التشكيلة الموسعة تستعين بالخبرة والحيوية، وهذا أمر مهم للغاية، وأيضا تنوع التخصصات، فالأعضاء الجدد أكثرهم يحمل مؤهلات علمية عالية، وهم أيضا خريجو جامعات إسلامية كالأزهر والزيتونة، وهؤلاء نحتاجهم للانفتاح على المذاهب الإسلامية الأخرى، كما يوسع دائرة الاجتهاد التي تحتاجها السعودية لحل مآزق التشريع الحالي الذي ينحصر فقط في الفقه الحنبلي بل وفي أضيق حلقاته المتمثلة في فقه ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وتابعهما محمد بن عبدالوهاب ، حيث تسببت هذه الأحادية ببروز معضلات نجمت عن اغتراب الأحكام الفقهية الوهابية عن العصر والمتغيرات الجارية في المجتمع السعودي الحديث ، وبالذات ما يتعلق بحقوق المرأة ومشاكل تزويج الصغيرات وتولي النساء مناصب الولاية العامة في الوزارات والمؤسسات العامة ، وغير ذلك من القضايا التي يتشدد فيها فريق حنبلي إقصهئي يحتكر الفتوى والتشريع استنادا الى فقه ابن تيمية وابن القيم ومحمد بن عبدالوهاب ، وما ترتب على ذلك من تشوه في الخطاب الديني السائد في السعودية لجهة التعامل مع المذاهب الاسلامية المخالفة التي ينظر الحنابلة الوهابيون الى أتباعها كأهل بدع وضلال ، وصولا الى أتباع الأديان الأخرى التي يتم توصيف البلدان التي تدين بها على أنها دار حرب !!وبحسب مراقبين يعتبر أحد الأعضاء الجدد في هيئة كبار العلماء - وهو الشيخ د. قيس آل الشيخ مبارك- وينتمي إلى عائلة «آل مبارك» الأحسائية الكبيرة، وهي عائلة علمية مالكية المذهب وهو فقيه مالكي حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الزيتونة في تونس، كما أن لديه عديداً من الدراسات والمؤلفات العلمية.وهو من عائلة مالكية عريقة، توارث أبناؤها القضاء، ولديهم مدرسة للفقه المالكي يديرونها، كما أن منطقة الأحساء عرفت تاريخيا بضمها للمذاهب الفقهية الأربعة ،.وسبق لعدد من عائلة مبارك تولي منصب القضاء في أبو ظبي، بوصفها مالكية المذهب، وكان آخرهم الشيخ العلامة أحمد المبارك رحمه الله تعالى».أما العضو الجديد الشيخ د. محمد بن محمد المختار محمد، فهو من مشايخ المدينة المنورة، وترجع عائلته إلى أصول شنقيطية وهي من العائلات المالكية، بحسب ما يقوله الشافي.ومن الأعضاء الجدد أيضا الشيخ د. يعقوب بن عبد الوهاب بن يوسف الباحسين ، وهو عالم كبير متخصص في أصول الفقه، و من مواليد الزبير، وتخرج في جامعة بغداد، وتخصص في الشريعة والقانون، كما حصل على الدكتوراه من جامعة الأزهر في أصول الفقه».ويعد الباحسين من علماء السعودية البارزين في أصول الفقه، وتتميز منطقته التي يرجع إليها بالتنوع المذهبي الذي يرفضه المتشددون الحنابلة من أتباع الفرقة الحنبلية الوهابية التي تعتبر نفسها الفرقة الوحيدة الناجية من النار!!من جانبها قالت الدكتورة نورة الفايز، وهي أول امرأة تشغل منصب نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنات في تشكيل وزاري بتاريخ الحكومات في السعودية، إنها ستجري تغييرات في واقع تعليم البنات وفقا للقيم والثوابت السعودية ، موضحة أن أولى الخطوات التي ستتخذها هي فهم واقع تعليم البنات، لتنتقل بعدها “إلى مرحلة التطوير والتغيير والتحديث.وشغلت نورة عبد الله الفايز، ما قبل هذا التعيين، منصب المديرة العامة للفرع النسائي بمعهد الإدارة العامة في الرياض، وهي حاصلة على ماجستير تربية -تخصص تقنيات تعليم- جامعة ولاية “يوتا” الأمريكية.