د. يحيى عبدالله الدويله:قد يتعرض البعض منا في فترة من فترات حياته للأفراط الشديد في التغذية فلا يلبث أن يجد نفسه وقد بدت عليه علامات واضحة للسمنة فتظهر عليه تغييرات في الشكل الظاهري نتيجة لتراكم الشحوم سواء في البطن أو الأرداف، فيشعر فجأة وقد ظهرت عليه أعراض مرضية مثل إرتفاع السكر وضغط الدم، أو توقف قصير في التنفس عند النوم، كما قد يصاب بهبوط عاطفي أو ضعف في الكفاءة الجنسية. على أن إرتفاع السكر وضغط الدم هما المؤشران الأكثر أهمية في التحكم بالزيادة الوزنية، وهما مرتبطان إلى حد كبير بالنظام الغذائي مع عدم إغفال العوامل الوراثية، حيث أن تناول كميات كبيرة من الدهون والسكريات زائدة عن الحاجة لها عواقب وخيمة فالسكر يخزن بصورة كليكوجين والدهون تخزن بصورة شحوم وكليسترول، لذا فالسيطرة عليهما ضمن الحدود المثلى يضمن ثبات الوزن الصحي وتجنب هذه الأمراض.[c1]ضبط مؤشرات السمنة يقود تلقائيا إلى ضبط المؤشرات الصحية المتمثل في تجنب أمراض إرتفاع السكر وضغط الدم:[/c]هناك إتفاق على أن مؤشرات السمنة تتمثل في الزيادة الوزنية عن الوزن الطبيعي والذي يمكن حسابه بطرح 100 من الطول (سم)، فإذا كان طول شخص ما 160 سم، فإن الوزن الطبيعي هو 60 كجم إي (160-100)، وفي حالة أن وزن هذا الشخص 80 كجم فإن هذا يعني أن هناك زيادة وزنية مقدارها 20 كجم. غير أن هذا المؤشر لا يعكس حجم الشحوم، لذلك يعتبر مؤشر الكتلة الجسمانية أثر دقة للتعبير عن حجم الشحوم، ويمكن حسابة بقسمة الوزن الحالي على مربع الطول، ويتراوح مؤشر الكتلة الجسمانية بين 10-20 بالنسبة للرجال و15-25 بالنسبة للنساء، ففي حالة الشخص الذي يزن 80 كجم وطوله 160 سم فإن مؤشر الكتلة الجسمانية تساوي 80/(1.60 x 1.60)= 31.25% إي أن هناك زيادة في الكتلة الجسمانية (أي حجم الشحوم) مقداره 16.25، ولمعرفة موقع تراكم الشحوم يتم قياس طول الوسط من النقطة فوق الصرة مباشرة، فإذا ما كان طول الوسط أكبر من 89 سم عند الرجال و102 سم عند النساء فإن هذا يعني أن تراكم الشحوم في البطن. وتشير نتائج البحوث الزيادة الوزنية يصحبها عدد من الأمراض، وبمجرد إستعادة الوزن الطبيعي كانت النتيجة هي إستعادة المؤشرات الصحية الطبيعية، فقد أكدت بعض النتائج إلى أن إنخفاض 5 كجم من الزيادة الوزنية إلى إنخفاض في نسبة السكر يصل إلى 30، وتناقص إحتمالات أمراض القلب وزيادة معنوية في نسبة الكوليسترول الجيد وتحسن ملحوظ في ضغط الدم المرتفع لدى كثير من الناس، وبالتالي فإن ضبط مؤشرات السمنة يقود تلقائيا إلى ضبط مؤشرات الصحة المتمثل في أمراض السكر والقلب.ولكن تجذر الإشارة إلى أنه ليس من الضروري أن يرتبط عامل السمنة بهاذين المرضين معا فقد نجد أن الزيادة مرتبطة بإرتفاع السكر فقط أو إرتفاع ضغط الدم والكوليسترول الضار أو عدم إرتباطهما مع السمنة على الإطلاق، لذا فإن حديثا هنا سيقتصر على الحالات التي يرتبط فيها السمنة بإرتفاع هاذين المؤشرين الصحيين، ولا ريب في أن كثير من الأراء نمطية وشائعة والإجابة على بعض الأسئلة قد تكون غير شافية في بعض الحيان بسبب تداخل العوامل الوراثية والمكتسبة، لكننا نأما أن تكون حصيلة المعلومات المتوفرة لدينا تعطينا الإجابة الشافية لعدد من الأسئلة ولعل أهمها فهم الأساس الفسيولوجي والوراثي للسمنة ونواتجها المرضية، وإستيعاب أهمية تغيير السلوكيات الخاطئة وتطوير أنماط غذائية جديدة وأخيرا وخصوصا عندما تصبح المشكلة واقعا ومحنة ماهي الإجراءات التي ينبغي إتباعها وإسهامات الطب الحديث في معالجة مشكلة السمنة ونواتجها المرضية وينحصر تحليلنا فقط على الحالات التي ترتبط بأمراض إرتفاع السكر وضغط الدم والكوليسترول الضار. [c1]الآلية الفسيولوجية للسمنة تعتمد على كفاءة تحويل الطعام والإستفادة منه، ونشاط هرمون الكوليسايتوكاينين المنظم للإحساس بالجوع والشبع:[/c]لو تأملنا للآليات الفسيولوجية للسمنة لوجدنا أن هناك ثلاثة فئات من الناس، الفئة الأولى: لديها إستجابة كبيرة للطعام وتتمتع بكفاءة عالية لتحويل الطعام إلى طاقة وبناء الجسم، أما الفئة الثانية فهي عكس الفئة الأولى تماما حيث أنها لا تستجيب للغذاء ولديها قدرة وكفاءة منخفضة على الإستفادة من الطعام، أما الفئة الأخيرة فهي تمثل الأشخاص العاديين وهم يمتلكون كفاءة طبيعية لتحويل الطعام والإستفادة منه. إن هذه الآلية الفسيولوجية ليست حصرا على الإنسان فقط بل إنها تنطبق على معظم الكائنات بما في ذلك النبات.إن الآلية الفسيولوجية للإستجابة للطعام مرتبطة بوجود منطقة في المخ تسمى الهيبوثالامس وهي مسئولة بدرجة أساسية على الإقبال والإمتناع عن الطعام، وينظم هذه العملية هرمون يدعى "الكوليسايتوكينين" والذي يصدر إشارات إلى خلايا المخ فعند هظم الطعام وتأخذ خلايا الجسم كفايتها يتحرر هرمون"الكوليسايتوكينين" ويعطي إشارات للمخ بالكف والتوقف عن تناول الطعام إي الإحساس بالشبع، أي أن نشاط الهرمون يتحكم به كمية الدهون حيث انه عند مستوى معين يصدر المخ التعليمات بالتوقف. [c1]بالرغم من إكتشاف الموروثات الخاصة بإنتاج هرمون الأنسيولين، وفرط الكوليسترول، إلا أن موروثات السمنة لم يتم تحديدها بعد:[/c]ولم يتوصل العلماء حتى الآن إلى تحديد الموروثات المسئولة عن السمنة لدى البشر بالرغم من تأكيداتهم بوجود موروثة (OB) في الفئران مسئولة عن إنتاج هرمون يسمى (Ieptin) وهي التي تساعد المخ على التحكم في حجم الشهية من خلال إعطاء إشارات للمخ بالكف عن الطعام، لكن الموروثة التي تنتج هرمون الكوليسيتوكاينين في الإنسان لم يتم إكتشافها بعد وبالقطع سيترتب على إكتشافها حل لغز السمنة.هذا الهرمون لا يعمل لدى البعض وبالتالي مهما زادت كميات الدهون في الجسم لا يستلم المخ إي إشارات ليعطي تعليماته بالتوقف عن الطعام عند الشبع، وبذلك تستمر عملية تراكم الشحوم وتحدث السمنة بسبب عدم قدرتهم على السيطرة والتحكم بالطعام، لكن إذا ما تم توعيتهم وإستيعابهم لهذه الآلية وبتوفر قدر من الإرادة لأمكنهم تجنب الوصول إلى السمنة المفرطة. فبالنسبة لإرتفاع السكر في الدم والذي يتحكم فيه هرمون الإنسيولين فإن هذا الهرمون تقوم بإنتاجة موروثة تتواجد في أنسجة الكبد، لكن مع تقدم السن تجري عملية موت مستمر لبعض الخلايا في البنكرياس والكبد وبالتالي يقل إنتاج هرمون الإنسيولين فيصاب المريض بالسكر. أما بالنسبة لمرض فرط الكوليسترول فهو مرض وراثي ناتج عن التقاء العوامل الوراثية المتنحية من الآباء وهو يتسبب عن وجود خلل في نسختي الموروثة (LDL receptor) المسئولتين عن إستقبال الكوليسترول الضار وإستبعاده من الدم وعند إلتقاء العوامل الوراثية السائدة أو الخليطة فإن نسبته ترتفع في الدم ولذلك فإن إحتمالات ظهورة عند زواج الأقارب عالية. [c1]تطوير أنماط غذائية جديدة على أساس التعامل العقلاني في تناول الغذاء منذ المراحل العمرية المبكرة أهم الإجراءات الوقائية لتجنب الإصابة بالسمنة وأمراض السكر وإرتفاع الضغط المرتبط بها: [/c]إن البحوث التي أجريت في مجال التغذية بشكل خاص والصحة البشرية بشكل عام أكدت على أن السلوكيات والعادات الغذائية مهمة كحل للكثير من المشكلات الصحية والتي يصعب علاجها بسهولة إذ أن هناك بعض الأمراض الوراثية والمكتسبة ومنها إرتفاع السكر وضغط الدم يحتاج إلى التعامل العقلاني في تناول الغذاء وضبط إيقاعة في تناغم مع إحتياجات الجسم والأوضاع الصحية المثلى من خلال عدم تجاوز المستويات الحرجة والتي تشكل ضرر لوظائف الأعضاء الحيوية تكون عواقبة فشل او عطل عن تأدية الوظائف الفسيولوجية. إن أول شرط لتجنب هذه العواقب هو التحكم بالسكر والدهون (الكوليسترول) ومعرفة النتائج المترتبة على السلوكيات الغذائية الخاطئة ولعل أهم عناصرها هو معادلة بسيطة طرفها الأول هو الطاقة الداخلة للجسم (كمية الطعام) والطرف الثاني هو نواتج الطاقة الخارجة من الجسم ومصيرها داخل الجسم (طاقة لتأدية وظائف الجسم وهي إجبارية والطاقة المستخدمة للمجهود الجسماني وهي إختيارية)، وكما هو معروف أن جم دهون = 9 سعر حراري وجم السكر (حلوكوز) وكذا جم البروتين = 4 سعر حراري لذلك فإن أي خلل ناتج في هذه أطراف هذه المعادلة يعني إختلال في التوازن الغذائي، فإذا زادت كمية الطاقة الداخلة إلى الجسم عن الإحتياجات الضرورية فإن هذه الطاقة الفائضة سيكون مصيرة تراكم الدهون بصورة شحوم والسكر بصورة كليكوجين، وبقدر قدرتنا على السيطرة على أطراف المعادلة نكون دائما في منطقة الأمان الصحي. إن معرفة هذا الأمر يجب أن يعكس من خلال تطوير سلوكيات غذائية سليمة تبدأ من المراحل العمرية المبكرة حيث أن مرحلة الطفولة مهمة جدا لما لها من علاقة في إكتساب عادات غذائية خاطئة تصبح عادة يصعب التخلص منها، ولعل من المناسب أن نذكر إحصائية تشير إلى ان 30 من أطفال دول الخليج مصابون بالسمنة نتيجة تناول كميات كبيرة من المنتجات السكرية والدهنية وهذا كارثة بشرية قطعا ستؤثر على التنمية البشرية والإقتصاد القومي، لذلك فإن ما يحرص عليه البعض من تشجيع أطفالهم بل حتى إرغامهم لتناول الأغذية الدسمة وأحيانا تحت ضغط إيمانا منهم بإظهار الترف الغذائي يعد خطأ ومؤشر على التخلف وعدم النضج المعرفي بخطورة مثل هذه العادات.[c1]أهم السلوكيات الغذائية المحلية الجيدة هو خلوها من اللحوم الحمراء والإعتماد على الأسماك كمصدر للبروتينات ويؤخذ عليها إستهلاك كميات كبيرة من النشويات وشحة الخضار والسلاطات وبعض البقوليات:[/c] ببساطة أهم السلوكيات الغذائية تعتمد على تقليل اللحوم الحمراء (الدهون الحيوانية) وإذا كان لابد من المفاضلة فأن الأولوية تعطى للأسماك لأن دهون الأسماك لها قيمة غذائية عالية مقترنة بإرتفاع الكوليسترول الجيد (HDL) وبالتالي تحمي من أمراض القلب فللحوم البيضاء والإبتعاد قدر الإمكان عن اللحوم الحمراء، إن معدة الإنسان معدة في الأساس على هظم الأعشاب ثم أدخلت اللحوم في قائمة طعامه في مراحل متأخرة من تطورة الإجتماعي، ويأتي في المقام الثاني تقليل إستهلاك السكريات، ويظل إستهلاك للسلطات والخضار والأعشاب والبقوليات مفتوح لما تمثله من أهمية في توفير الفيتامينات، المعادن والألياف وهي هامة لجسم الإنسان ولا تحتوي على دهون.إن تقييم سريع للسلوكيات والعادات الغذائية المحلية يضعنا أمام خلل واضح في تقدير الإحتياجات الغذائية، فبالرغم من خلو المطبخ اليمني من اللحوم الحمراء والإعتماد على الأسماك كمصدر للبروتين بسبب خلوها من الدهون والزيوت المشبعة وهذا مؤشر جيد، إلا أن ذلك وضع إجباري أو إضطراري بسبب غلاءها ولم يعد بمقدور معظم الأسر على توفيرها وليس ناتجا عن ثقافة غذائية وقناعة حيث أنه بمجرد أن تتحسن ظروف الحياة نجدها تنفتح بشراهة على اللحوم الحمراء والبيضاء معا، وما يعيب الوجبات اليمنية هو إعتمادها بشكل رئيسي على المواد النشوية وأهما الأرز والبطاطس، أما السلطات والخضار والأعشاب فهي قليلة الإستهلاك برغم أهميتها الفسيولوجية والحيوية، وأسوأ العادات الغذائية اليمنية هي الإفراط في شرب الشاي وإضافة كميات كبيرة من السكر وأكل الحلوى بعد الوجبات الرئيسية.[c1]إرشادات السلامة الغذائية قائمة على إحترام إشارات الجوع والتوقف عند الشبع والإنتباه عند تجاوز الوزن الطبيعي:[/c]إن أهم إرشادات السلامة الغذائية تعتمد في المقام الأول على إحترام حديث المخ والمعدة إي إحترام إشارات الجوع، لكن يجب التوقف عند الشعور بالشبع وعدم المواصلة لمجرد أن الطعام وفير، ويجب التركيز على الإحتياجات من السعرات الحرارية لليوم الواحد بدلا من التركيز على عدد الوجبات وكميات الطعام وعدم السرعة عند الأكل والحرص على إستهلاك كميات كبيرة من الماء وعدم شرب العصائر التجارية والمياه الغازية عند العطش لانها تحتوي على كمية كبيرة من السكر مما يعطيك سعرات حرارية خالية من إي فوائد غذائية، وينبغي دائما الإنتباه عند تجاوز الزيادة الوزنية وهذا يتطلب وكما أسلفنا ثقافة غذائية منذ الصغر ومعرفة اسباب الزيادة الوزنية.ويعد أيضا تقليل إستهلاك ملح الطعام من أهم الإجراءات الضرورية خصوصا لدى الأشخاص التي تعاني من إرتفاع ضغط الدم، كما يجب أن تتكون علاقة حميمة وعشق كبير بين الغذاء وتلبية إحتياجات الجسم بدلا أن تكون عبئ على كفاءة أعضاء الجسم وإبقاءه في أبهى حالته الصحية، وينبغي أن يعرف الشخص دائما حالته النفسية والصحية، فالفحص الدوري لمؤشرات السمنة والصحة وأهمها تغيير مقاييس الملابس فبمجرد أن تلاحظ أن مقياس الخصر قد زاد عن 98 سم (للرجال) و102 سم (للنساء) فعليك عندها الإنتباه وتدارك الأمر بسرعة بإعادة النظر في سلوكياتك الغذائية وممارسة الرياضة المناسبة، أما المؤشرات الصحية فأهمها الفحص الدوري للسكر والكوليسترول، ويجدر الملاحظة أن الإنقلاب الوزني يحدث في المتوسط عند سن الـ 30-40. [c1] أهم فوائد الرياضة إبطاء إنتقال الطعام وسحب السعرات الحرارية المخزونة في الجسم وبناء الخلايا العضلية والمحافظة على المستويات الطبيعية للسكر والكوليسترول:[/c] أما حين نضطر إلى تناول كمية من الطعام أكثر من إحتياجتنا فعندها لابد من التخلص منها وليس هناك إجراء أفضل من ممارسة الرياضة فهي الطريقة الوحيدة للتخلص من الطاقة الزائدة حيث أنها وسيلة فعالة لإحراق السعرات الزائدة ولن تكون هناك حاجة لتخزينها في الجسم، بالإضافة إلى ذلك فإن الرياضة تزيد من حجم عضلات الجسم ولا تسمح بتكوين الخلايا الدهنية وهي أخطر مرحلة من مراحل السمنة فمجرد تكوين هذا النوع من الخلايا يصعب التخلص منها بسهولة وتتعقد مسألة إستعادة الأوضاع السابقة، وكما هو معروف فإن الخلايا العضلية تحرق السعرات الحرارية المتراكمة أسرع بكثير من الخلايا الدهنية. على أن أهم فوائد الرياضة هو إبطاء إنتقال الطعام من الجهاز الهضمي وبذلك يبقي في المعدة فترة أطول مما يطيل فترة الشعور بالشبع وليس العكس. إن آلية عمل الرياضة ينحصر في سحب السعرات الحرارية المخزونة في الجسم بصورة الجليكوجين إي من مخزون النشويات في العضلات والكبد بتحويل النشويات إلى سكريات بسيطة والدهون من مخزون الشحوم بتحويل الشحوم إلى أحماض دهنية بسيطة إي ذوبان الشحوم وبالتالي تحافظ على مستوى طبيعي للسكر في الدم وإيضا رفع الكوليسترول الجيد والتخلص من الكوليسترول الضار. إن الخلايا العضلية لا تحتاج إلى سعرات حرارية للبقاء بينما على العكس من ذلك بالنسبة للخلايا الدهنية ولذلك فإن تكوين الخلايا العضلية هو الضمانة لبناء نظام حرق متواصل للسعرات الحرارية، وعلية فإن المحافظة على الوزن الطبيعي من خلال الرياضة تكون طويلة المدى مقارنة مع المحافظة على الوزن الطبيعي عن طريق الإلتزام بحمية غذائية. كل هذا يفرض على المرء حسب فئته العمرية أن يحدد الرياضة التي تتناسب مع ظروف حياته وسلوكياته الغذائية من خلال حسبة بسيطة يتم فيها تقدير السعرات الحرارية الأسبوعية التي يجب فقدها بالرياضة وتنصح الكلية الأمريكية للرياضة والطب بممارسة الرياضة ذات الإيقاع المتوسط لفترة 30 دقيقة لمعظم (والأفضل لكل أيام الأسبوع)، وهذه الكمية كافية لمعظم الناس، ولكن إذا كنت تريد إنقاص وزنك عليك أن تستنفذ حدا أدنى 200-300 سعر حراري على الأقل 3 أيام في الأسبوع حيث أكدت نتائج البحوث أن إنقاص 15 كجم من الوزن يحتاج إلى إستنفاذ مقدار 2.800 سعر حراري إسبوعيا من خلال الرياضة. ويتم إختيار الرياضة المناسبة وفقا للحالة الوزنية وعموما الرياضة التي تستهلك مجهودا أقل ومدة أطول أفضل من الرياضة التي تستهلك مجهود أكبر ومدة أقل، فإذا ما شعر الشخص أن عليه إحراق كمية معينة من الدهون ففي هذه الحالة يحتاج إلى الأكسجين وبالتالي يفضل إختيار الرياضة التي ينتج عنها تنفس عميق مثل المشي، العدو، الأيروبيك، نط الحبل وسياقة الدراجات فهي فعالة في حرق مخزون الشحوم، أما إذا كان الهدف هو تنمية العضلات ففي هذه الحالة يفضل ممارسة رياضة رفع الثقال حيث أنها تركز على تنمية العضلات ومصدر الطاقة المستخدم في هذه الحالة هو مخزون النشويات (الجليكوجين) داخل العضلات وليس من مخزون الشحوم. [c1]إجراءات التخسيس تعتمد على إستبعاد الأطعمة العالية الطاقة وإستخدام بدائل السكر واالعقاقير المزيلة للدهون والفيتامينات وإستبدال الزيوت النباتية المشبعة بالغير مشبعة:[/c] أما حينما يفرض علينا عدم القدرة على السيطرة على شهوات الطعام فلا نستطيع التحكم في كمياته فلا ندرك أنفسنا إلا وقد إكتسبنا وزنا زائدا وتنخفض كفاءة أعضاء الجسم في تأدية وظأئفها مع تقدم العمر فيرتفع السكر في الدم أو يرتفع ضغط الدم والكوليسترول الضار فعندها لابد من الإشارة إلى بعض إجراءات التخسيس المساعدة في وقف إي تراكم إضافي للسكر والدهون، وإستعادة الوزن الطبيعي قدر الإمكان.تعتمد إجراءات التخسيس على مبدأين؛ الأول: هو إيقاف أو تخفيض الزيادة الوزنية من خلال الخفض التدريجي لكميات الطعام عن المستوى السابق وإستبعاد الأطعمة العالية الطاقة (الدهون)، والمبدأ الثاني: يعتمد على تناول أطعمة تحتاج كميات عالية من الطاقة لهضمها أكثر من الطاقة التي تضيفها أو أن الجسم لا يمتصها أو يستفيد منها. من جهة أخرى تتزامن هذه الإجراءات مع التدريج في ممارسة الرياضة المناسبة والتي أشرنا إليها سلفا.وأهم المركبات التي لا يمتصها أو يستفيد منها الجسم السكر الصناعي أو ما يسمى "ببدائل السكر" غير أن هناك تحفضات لا تشجع إستخدام بدائل السكر لإحتمالات إمكانية أنها تسبب السرطانات، ومهما يكون الأساس الذي يقيم هؤلاء إعتراضاتهم فإن لمخاوفهم ما يبرره حيث نتائج الأبحاث التي أجريت على الفئران أكدت لكن ما يجدر الأشارة اليه أن تركيزات عالية جدا من السكر الصناعي (السكرين) إستخدمت في تجاربهم، ويستخدم السكر الغير قابل للإمتصاص حاليا في صناعة منتجات خاصة لمرض السكر، وتتوفر حاليا في البقالات شوكلاتات، حلاوة طاحينية وبسكويت مصنعة من السكريات الغير قابلة للإمتصاص وبالتالي تخفيض تناول السكر وتراكمة في الجسم. غير أن هناك فواكه وخضار منخفضة السكر أو أنها تنتج السكر الغير قابل للإمتصاص طبيعيا، وهذا النوع من الفواكه والخضار غير متوفرة محليا مما يستدعي إجراء البحوث لإستكشاف أو حتى إدخال سلالات من الفواكه والخضار تنتج خصيصا لمرضى السكر. أما بالنسبة لتراكم الدهون وتحديدا الكوليسترول الضار فإن هناك أدوية مزيلة للكوليسترول وبالتالي تقليل نسبة تراكم الدهون بصورة كوليسترول ضار، غير أن أفضل إجراء غذائي هو إستبدال الزيوت النباتية المشبعة بالغير مشبعة عند الضرورة مثل زيت الذرة الشامية، فول الصويا، دوار الشمس والسمسم وهي متوفرة تجاريا. ويتوقع في الغالب مع تقدم العمر وبسبب قلة تناول الخضار والسلاطات نقص الفيتامينات واهم الفيتامينات المرتبطة المساعدة في علاج حالات إرتفاع نسبة الدهون في الدم، داء السكري والإضطرابات العضلية الهيكلية والمحافظة على الوزن الطبيعي مجموعة فيتامينات أ، د،هـ،ج وب1،2،6،12 والتي تعتبر من أهم المنظمات لتوزيع الدهون حيث أنها تعمل على إزالة الدهون الزائدة من الكبد ومقاومة ترسبها في الأوعية الدموية، إن هذا التأثير يساعد بشكل كبير على تحقيق أيض منظم للدهون وبالتالي الوقاية من الإحتمالات المترتبة على تراكمها ومن ضمنها الأخطار التي يتعرض لها القلب والأوعية الدموية، هذا بالإضافة إلى أهميتها الوقائية والعلاجية من الأعراض العامة الناتجة عن تقدم السن مثل ضعف الأداء الجسدي والذهني وفقدان التركيز. [c1]إعظم إنجازات "الهندسة الوراثية" هو الحصول على خلايا المنشأ لتعويض الفقد في خلايا البنكرياس والكبد، زراعة نسخ سليمة من موروثات إنتاج الإنسيولين والمزيلة للكوليسترول الضار:[/c] إن البحوث العلمية تمضي سريعة ومكثفة في محاولة لفهم وظائف الموروثات المرتبطة بإرتفاع السكر والكوليسترول الضار، ففي المراحل المتقدمة من العمر، عادة ما يحدث وجود عطل أو توقف لهذه الوظائف الفسيولوجية للموروثات يمكن إصلاحة بزرع الموروثة المعطوبة وقد أطلق على ذلك "طب الموروثات" وهو الطب الذي يهتم بزرع نسخ سليمة من المورثة التي لا تعمل في عضو الشخص المصاب وبذلك تعاود أداء وظائفها بشكل طبيعي. إن أعظم إكتشاف في هذا المجال هو هو الحصول على خلايا المنشأ من جنين الإنسان حيث تمكن العلماء من زراعتها وإكثارها في المختبر في أنابيب الإختبار، وهذه الخلايا لديها القدرة على التميز والتحول إلى خلايا من نوع آخر تكون نسيج أو عضو يقوم بتأدية الوظائف الفسيولوجية المفقودة. وإستخدامها بالتعويض عن الخلايا المفقودة في مراحل المتأخرة من حياة الأنسان , كما هو الحال في حالة السكري، حيث مع تقدم العمر تجري عملية موت مستمر لبعض الخلايا في البنكرياس والكبد مما يؤدي هذا الفقد الإصابة بالسكري، ولخلايا المنشأ القدرة على تجديد وتعويض النقص في كبد المريض. كما إننا نجد في الهندسة الوراثية أيضا بعض الحلول التي يمكن أن تجنبنا مخاطر إرتفاع السكر والكوليسترول الضار، فبالنسبة لإرتفاع السكر في الدم فأن الأمل الجديد هو إمكانية تحول خلايا البداءة الأصل المتعددة القدرة إلى خلايا قادرة على صناعة هرمون الأنسولين لتحقن في بنكرياس المريض الذي لا تفرز خلاياه مادة الأنسولين، وأعظم ما في هذا الإنجاز هو إمكانية زراعة هذه الموروثة في أي كائن مهما كانت صلة قرابته مع الإنسان حيث تستطيع الموروثة التعبير عن نفسها بإنتاج هرمون الأنسوليين في أي كائن حي.وبنفس الطريقة يمكن أيضا معالجة الخلل الناشئ من عطل نسختي االموروثة الخاصة بإستقبال الكوليسترول الضار وإستبعادة من الدم وذلك بزراعة الموروثة السليمة والتي ستقلل نسبة الكوليسترول الضار في الدم وتجنبنا حدوث تلف في القلب والكبد فلا تستطيع أداء وظائفها الطبيعية بتنقية الدم من الكوليسترول الضار. وبالرغم من أن علم الفسيولوجي متقدم على علم الوراثة في تحديد الآليات الفسيولوجية للسمنة بدقة إلا أن تحديد الموروثات التي تقف خلف هذه الآليات يعد مفتاح حل لغز السمنة، وفي رأيي أن تحديد الموروثات المشفرة لهرمون الكولسايتوكاينين المنظم للجوع والسبع سيمكن العلماء من إنتاج هذا الهرمون وبالتالي حقنه أو زرع الموروثات المشفرة له وسنحصل بذلك على أحد الحلول لوقف شهوة الطعام والتحكم فيه لأولئك الذين يعانون خلل في عمل هذا الهرمون. إن هذه النتائج المبشرة ستحسم الكثير من المشكلات الصحية للسمنة، فهل تصبح السمنة وأمراض السكر وإرتفاع ضغط الدم من أمراض الماضي.
هل تصبح السمنة وإرتفاع السكر وضغط الدم من أمراض الماضي ؟
أخبار متعلقة