مع الأحداث
سقطت العاصمة بغداد في التاسع من أبريل عام 2003م وها نحن على أبواب الذكرى الخامسة يوم دخلها الغزاة واستباحوها ودنسوا أرضها العربية .لم يكن سقوط بغداد أمراً مفاجئاً لنا، لأن حجم الغزو كان كبيراً وكبيراً جداً، كبيراً في تعدد الجيوش الغازية ، كبيراً في آلته الحربية، كبيراً في استخدام التكنولوجيا المتطورة المستخدمة في أسلحتهم.لم يكن مفاجئاً بعد أن قام الغزاة بأكبر عملية قصف بالطيران لمدينة بغداد قبل دخولها.لم يكن مفاجئاً كون العراق كان محاصراً ولسنوات طويلة ماحرمه من التسلح المتطور، ولم يكن يملك الأسلحة النووية التي كانوا يتحدثون عنها، واتخذوا منها ذريعة لعدوانهم واحتلالهم، وليس من المعقول أن يصد العراق غزو جيوش بهذا الحجم وهذه القوة، كان قد اعد له مسبقاً من أجل اسقاط النظام.لم يكن سقوط بغداد مفاجئاً لأنه وللأسف الشديد هناك من ذوي القربى ممن قدموا كل التسهيلات اللازمة لوصول قوات الاحتلال إلى عراقنا الشقيق.ولكن المفاجىء ليس لنا بطبيعة الحال إنما لقوات الاحتلال، هذه المقاومة العراقية البطلة التي ألحقت أفدح الخسائر خلال السنوات الخمس في صفوف المحتلين، حيث زاد عدد القتلى في صفوف الأمريكان إلى الأربعة آلاف قتيل وعدد الجرحى إلى خمسة وثلاثين ألف جريح، هذا ما تتحدث عنه تقاريرهم، وهذا فقط في صفوف الأمريكان؟سقوط بغداد، ليس سقوطاً لهذه العاصمة العربية فحسب فهناك عواصم سقطت، ودون احتلال، ودون أن تقصف بالطيران وتدمر، ودون أن يقتل أبناؤها، ودون أن يعدم رئيسها، ودون أن يهجر مواطنوها.في الذكرى الخامسة لسقوط بغداد، لا أعرف ما هو شعور حكامنا العرب وهم يشاهدون على الفضائيات تعذيب المعتقلين من المواطنين العراقيين في سجن أبو غريب وغيره من السجون، لا أعرف ما هو شعورهم وهم يشاهدون العشرات بل المئات الذين يقتلون في كل يوم في المدن العراقية، ما هو شعورهم والطيران الأمريكي يقصف في العام الخامس للاحتلال- البصرة والحلة، وبعقوبة، وحتى بغداد ، لا أعرف كيف ينظرون والمسلم يقتل أخاه المسلم بعد أن جرى تغذية الطائفية التي لم تكن موجودة يوماً في العراق كثيرة هي التساؤلات التي نبحث لها عن إجابة، طبعاً الإجابة موجودة لكن من يجرؤعلى قول الحقيقة .من يتحدث عن الحقيقة فهو إرهابي من وجهة نظر المحتل، التهمة جاهزة، إذاً لا تتكلم حتى لا تنعت بالإرهاب . في الشهر القادم مايو آيار سنكون أمام الذكرى الستين للنكبة، واحتلال فلسطين ، وعندما هجر المواطن الفلسطيني حمل مفتاح بيته إيماناً منه أنه عائد بعد أسبوع أو شهر على الأكثر، أيماناً منه بعروبته وقوميته ، وبأن الجيوش العربية قادمة لتحرير فلسطين، ولم يدرك حينها لأن حجم المؤامرات كان أكبر مما تصور .ما أخشاه وهذا ليس من باب التشاؤم ، ولكن حتى لا نخدع من جديد أن تطول هجرة المواطن العراقي ، وأن يلحق به ما لحق بأخيه الفلسطيني، وأن يطول الاحتلال ، ويتحول إلى أمر واقع كما حصل في فلسطين .وها نحن اليوم ندعو إلى الاعتراف بإسرائيل ونتنازل لها عن الوطن ونكتفي بالفتات مما تبقى منه لنقيم عليه دولتنا الفلسطينية عندما يسمح لنا السيد بوش والسيد أولمرت بذلك.لا أريد أن أتحدث أكثر من ذلك حتى لا يقولوا عني أنني إرهابي فهذه الكلمة أصبحت السيف الذي تقطع فيه رقاب المناضلين أتوقف لأعيش مع الأمل بأن أمريكا ليس قدراً، لأعيش مع الأمل بأن أمتنا العربية، وبالرغم من كل ما أصابها ستبقى حية .سأبقى مع الأمل مع الأطفال في العراق وفلسطين جيل المستقبل.