إهدار المياه أثناء عملية الإصلاحات في الشبكة مسؤولية مَنْ؟!
كتب / محبوب عبد العزيز- تصوير / عبد الواحد سيفحدث تحسن كبير في وضع المياه خلال العام الماضي 2006م ولم يأتِ هذا التحسن كما أفاد مسؤولون في قيادة المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بمحافظة عدن من فراغ بل كان نتيجة لجهود متفانية بذلتها المؤسسة استناداً إلى خطط ودراسات مسبقة تم تنفيذها بعد خروج أحد أهم حقول المياه عن الجاهزية في عام 2004م وهو “حقل تُبن” بسبب الاستخدام غير المنطقي والاستنزاف الجائر للمياه في محافظة لحج التي تتبع حقولها مؤسسة مياه عدن، ورغم كل الدعوات والمناشدات التي أطلقت في تلك المرحلة لوقف هذا الهدر للثروة المائية والمخزون الجوفي من المياه، إلا أنّ العبث ظل مستمراً إلى الحد الذي وصل الأمر إلى الانخفاض الحاد في إنتاجية المياه والذي بالكاد يغطي احتياجات مدينة الحوطة.. أمام هذا الوضع عملت المؤسسة على إيجاد حلولٍ ومعالجات بديلة للخروج من هذا المأزق الحرج وتداركاً لتفاقم حجم المشكلة تم حفر عشرة آبار جديدة في منطقة بئر أحمد وبدأ إنتاجها في العام الماضي، بالإضافة إلى حفر عشرة آبار جديدة أخرى وتجهيزها بالمعدات اللازمة على أن يبدأ تشغيلها فور الانتهاء من إنشاء الخط الناقل للمياه إلى عدن كما تمّ حفر ثلاثة آبار جديدة في حقل الردّة بأبين لتدخل إلى حيز الإنتاجية إلى جانب الآبار التسعة عشر الموجودة من السابق، وعملت المؤسسة كذلك على استبدال أجزاءٍ من الشبكة القديمة وتنفيذ أعمال الصيانة للمعدات في محطات الضخ وإعادة الضخ وهذه الإجراءات كما يقول مسؤولو المؤسسة أسهمت في تحسين خدمات تموين المشتركين بالمياه وشعر المواطن بهذا التحسن من خلال مرور فصل صيف جيد انخفضت فيه مشكلة الانقطاعات إلى حدٍ ملموس وهو الأمر الذي تسعى إلى تحقيقه المؤسسة في صيف العام الحالي 2007م من خلال الاستعدادات التي قامت بها وقد بلغ إجمالي الاستهلاك في عام 2006م الماضي 22 مليوناً و866 ألف متر مكعب من المياه مقارنة بعشرين مليوناً و573 ألف متر مكعب في العام السابق 2005م.رغم أنّ بلادنا كما يفيد خبراء مختصون تعمل في وضع مائي صعب جداً وتعتبر من الدول التي تعيش تحت خط الفقر المائي بل وتأتي اليمن في ذيل القائمة وتعاني من الشح في مصادر المياه، وهذا الأمر دفع المعنيين وذوي العَلاقة إلى إعداد دراسة شاملة لمستقبل المياه في عدن ومن المتوقع أن يتم إنجازها والانتهاء منها منتصف العام الحالي، وستحدد آفاق التوسع المستقبلي.ومن ضمن الحلول والمعالجات الموضوعة على الطاولة الاتجاه نحو تحلية مياه البحر، ولكن المشكلة هنا تكمن في ارتفاع الكلفة محلياً رغم انخفاضها عالمياً بفضل التقدم والتطور التكنولوجي وهناك دراسة لتحديد الجدوى الاقتصادية لمشروع تحلية مياه البحر وهو أحد المصادر البديلة، ولكن يظل المعوق الأساسي هو التسعيرة إذ تبلغ 160ريالاً لإنتاج المتر المكعب الواحد من المياه وهو أضعاف أضعاف قيمة المتر المكعب الذي تبيعه المؤسسة للمشتركين في الشريحة الأولى بمبلغ 25 ريالاً فقط.. ومن المشكلات التي تعاني منها المؤسسة بحسب إفادة مسؤولين فيها الحفر العشوائي للآبار في مناطق حقول المؤسسة وهو ما أدى إلى استنزاف كميات كبيرة من المخزون بالإضافة إلى الربط المباشر من خطوط الضخ التي تمر في أراضي بعض المواطنين، إلا أنّ هذه الإشكالية أصبحت في نطاق ضيق بعد تعاون المسؤولين في محافظتي لحج وأبين مع مطالب المؤسسة بوقف هذه الأعمال المخالفة، التي تهدد مصادر المياه والمخزون الجوفي الذي هو ملك وحق عام.وبالنسبة للعام الحالي 2007م فقد اعتمدت مؤسسة مياه عدن مبلغ مليارين وثمانمائة وأربعة وثلاثين مليون ريال لمشاريع البرنامج الاستثماري، من أبرزها حفر عشرة آبار جديدة في حقل بئر ناصر وتمديد الخط الناقل للمياه من حقل بئر أحمد إلى محطة البرزخ في خور مكسر بطول 27 كم وقطر 630 ملم، وسوف يسهم هذا الخط في خفيف الضغط على الشبكة والحد من الاختناقات كما سيتم إقامة شبكة المياه ضمن مشروع تعويض الملاك في منطقتي البريقة الشعب، بالإضافة إلى مشاريع للصرف الصحي في عددٍ من المناطق وترميم جزء كبير من شبكة المجاري في الممرات الخلفية وأخيراً إنشاء مبنىً جديداً للمؤسسة يستوعب حجم النشاط المتنامي والتوسعات الحاصلة فيها.إلى هنا والكلام جميل والجهود مشكورة وتستحق التقدير والثناء ولكن ماذا نقول عندما نجد أنّ المياه تهدر ليل نهار عبر الصمامات والمحابس والعدادات والتوصيلات وغيرها من المسميات؟.وماذا يمكن للمؤسسة أن تبرر إصرار عمالها وخرق الصيانة والطوارئ على إصلاح الأعطاب والكسور في ظل استمرار ضخ الماء وعدم قطعه أثناء عملية الإصلاح؟!لقد شاهدتُ بأُم عيناي خلال هذا الأسبوع عمليتي إصلاح لكسور الشبكة كانت الأولى في خط فرعي وما يطلق عليه “الركزة” في منطقة القلوعة وقد بذل العمال كل ما يستطيعون لتركيب القطعة التالفة لكنهم عجزوا أمام تواصل ضخ وتدفق المياه وبقوة شديدة حتى وصلت إلى الدور الثالث من المبنى المجاور لموقع الكسر ولولا أنّ الله سلّم لحدثت مشكلة أخرى إذا وصلت المياه إلى كابلات وأسلاك الكهرباء والمهم أنّ المحاولات بقيت مستمرة دون جدوى حتى تم إغلاق الماء وقطعه عن المنطقة بأكملها بسبب كسر بسيط وبعد أن أهدرت آلاف الجالونات من المياه إلى الأرض فأين هي الصمامات الفرعية؟ ولماذا لا توجد محابس عند موقع توزيع خطوط الشبكة.أما المشهد الثاني فكان قبل ثلاثة أيام وبجانب مبنى المؤسسة التي تصدر منها هذه الصحيفة، قد اشرنا في خبر سابقٍ أنّ العمل استمر طوال أكثر من 15 ساعة حتى تم السيطرة على المشكلة بسبب وجود عوائق عديدة وهي مرور أنبوب المجاري وآخر لتصريف مياه السيول فوق خط المياه الأمر الذي استدعى كسرهما للوصول إلى الخط المطلوب إصلاحه وكذا وجود كابلات الكهرباء والاتصالات فوق الخط ذاته وهو مشهد أكد العبث في تنفيذ مشاريع البُنى التحتية وتداخل الخدمات مع بعضها في موقع واحدٍ وهنا أيضاً استمرت عملية الإصلاح مع تدفق الماء من الأنبوب وشفطه أولاً فأول عبر السيارة الناقلة لذلك بعد إهدار كمية كبيرة من المياه!!