أضواء
رغم عديد هفوات الفتاوى الدينية الصادرة من غير أهلها، إلا أن بقية «غير أهلها» لا تعتبر. ورغم ما تحدثه من أضرار على سمعة الإسلام والبلاد، إلا أن نزيفها لم يوقف بعد. ألجهلٍ تام، أم لانخفاض منسوب الوعي، أم لتحد؟ لا أعلم.ما أعرفه، في السعودية هيئة خاصة بالافتاء، وأعضاء معروفون لا يجهلهم أحد، لكن كالعادة يتصدى للفتوى أشخاص لمجرد تدريسهم في جامعات إسلامية أو إمامتهم للمساجد، فيطلقون من الفتاوى النارية، التي يثقون أنها ستكسبهم شعبية واسعة عند المراهقين.ما يجري اليوم من فيضان الفتاوى التحريضية، يشبه كثيراً ما عاشته البلاد في العقود الثلاثة الماضية. فتاوى مباشرة، ومواقف سياسية تتدثر بعباءة الدين، سعى أصحابها إلى الكسب الجماهيري، والتمدد في أرجاء البلاد، واليوم لم تتغير إلا الأسماء فقط.خلال الأيام الماضية صدرت عدة فتاوى غريبة، وكذلك أجوبة عن أسئلة، حاول أصحابها التلاعب بالكلمات، حتى لا يقال إنها «فتوى»، ولكنها «فتوى» بمعنى الكلمة، عندما يقال في بداية الإجابة: يجب. وكذلك عندما ضيعها صاحب الموقع الإسلامي في صفحة الفتاوى.ولا حاجة إلى إيراد هذه الفتاوى والأجوبة الصارخة للقارئ، حتى لا ننشغل بأقوال أصحابها أكثر من الانشغال بالفوضى، التي يحدثونها بارتكابات دعوية غير مسؤولة مطلقاً.ولمن يحرص على الاستزادة والاستمتاع، فليس مكلفاً عليه القيام بزيارة المواقع الإسلامية المحلية على الإنترنت، والدخول إلى صفحات الإفتاء، والتجول بأعلى مزاج متوافر.المؤسف أكثر، أن التكفير والإرهاب الفكري واستغلال الدين ومشاعر الجمهور، يختتم فيه مطلقها بالقول إنه عضو هيئة تدريس. فقط لمجرد انه عضو هيئة تدريس، ومحتسب غير رسمي في الطرقات، يملك هذه الحقوق كلها في التنكيل بمخالفيه الفكريين، دون حسيب أو رقيب.وهناك الكثير من الأعضاء يزاملون عضو هيئة التدريس في الجامعة، والذين فقدت الجامعة عشرات الطلبة في السنوات الأخيرة، نتيجة لمساهمتهم الفكرية في التحريض ودفع المراهقين أبناء السنوات الأولى في الجامعة إلى أقصى اليمين، الذي ينتهى في خندق «القاعدة». يكفي القول إنهم تجاوزوا المئة طالب في سنوات لم تتجاوز الخمس!مسؤولية الإصلاح التربوي والتعليمي تبقى على عاتق مديري الجامعات أيضاً، مثلما كانت المطالب تنصب على وزارة التربية والتعليم، فكثير من الإرهابيين الواردة أسماؤهم في قائمة «القاعدة» السعودية، كانوا دشيراً أيام المرحلتين المتوسطة والثانوية، وفجأة انقلبت حالهم إلى إرهابيين عندما وصلوا إلى الجامعة ذاتها.لا مبالغة في القول، فمعظم السير الذاتية للإرهابيين وأعوانهم متوفر للمتابع. يمكن مراجعتها وتفحصها جيداً، ليكتشف، من يبذل يسير الجهد، أن عشرين شخصاً من أصل المائة، على أقل تقدير، في عام واحد، كانوا من الفئة الداشرة وتحولوا إلى فئة الإرهاب داخل الجامعة.[c1]* عن/ جريد ة (الرياض) السعودية [/c]