قبل عدة أسابيع طرح التلفزيون السعودي في قناته الثالثة قضية“الرياضة المدرسية للبنات” في برنامج الطاولة المستديرة ، وكان ضيوفه الطبيب صالح قنباز والكاتب تركي ناصر السديري ، وكان من المفترض أن يشارك في هذه القضية الشيخ خالد الدايل ، وتتداخل هاتفيا الكاتبة الدكتورة نورة السعد ، لكنهما اعتذرا في آخر لحظة لظروف شخصية .وكانت الإحصائيات والدراسات التي قدمها الطبيب “قنباز” تقول لنا وبصريح العبارة : لماذا تؤخر وزارة التربية والتعليم قرار فرض التربية البدنية في مدارس البنات ؟وكان هذا السؤال بلا إجابة ، إلى أن تداخل مع البرنامج الداعية عبدالله الشمالي ، الذي أجاب على السؤال بطريقة تثير الدهشة ، فهو أخضع فكرة ممارسة التربية البدنية للبنات في المدارس لقاعدة “درء المفاسد” وأنه يكفي مفسدة واحدة ليتم منع أو تحريم هذا الشيء ، ونسي أن هذه القاعدة لها شروط ، فالقاعدة تقول : “إن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح بشرط أن تكون المفاسد مساوية أو أعظم ، والدليل الذي تستند عليه هذه القاعدة قوله تعالى : “يسألونك عن الخمر والميسر ، قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ، وإثمهما أكبر من نفعهما” ، ولهذا حرم الخرم .ثم يذكر الداعية مفاسد أن تمارس الطالبة الرياضة في المدرسة ، بأن الرياضة ستجعل الفتاة تفتن بالفتاة ، أي أن الرياضة ستؤدي إلى الشذوذ الجنسي ، بعد هذه التهمة أضاف الجانب الاقتصادي ، وأن المرأة ستبذر الأموال على الملابس الرياضية ، وختم مداخلته أن الرياضة هي مباريات كرة قدم فقط أدري كيف توصل الداعية لهذا الاستنتاج ، مع أن الطبيب أكد أن ممارسة الرياضة للمرأة تساعد على الإنجاب وليس العكس ، كذلك ما دخل الافتتان أو “الشذوذ الجنسي” في الرياضة .فالشذوذ الجنسي سببه ـ إن لم يجانبني الصواب ـ نفسي ، أو خلل هرموني ، أو البيئة “أعلى نسبة شذوذ في العالم موجودة بالسجون ، وعادة ما يعتبر هذا الشذوذ مؤقتا لأنه لا يوجد بديل للسجين الذي بالتأكيد الجانب الأخلاقي لديه ضعيف”.بمعنى أن الرياضة لا دخل لها في الشذوذ ، ولا هي الرياضة تزيد من نسبة الشذوذ ، بل أن الرجل أو المرأة اللذين لديهما مشكلة جنسية “أي الجنس لديهما أعلى من الطبيعي” حين يذهبان للطبيب لمعالجة هذه المشكلة ، أول شيء يفعله الطبيب قبل صرف أي دواء هو أن يطلب منهما ممارسة الرياضة كحل أول لتخفيض معدل الجنس لديهما .يقول أحد المفكرين : “ويل أمة لم تعد أبناءها بدنيا ، ففي الأزمات ستكتشف فداحة ما فعلته” ، ومع هذا البعض لدينا وبسبب خوفه مما هو جديد ، أو بسبب غياب المعرفة عنه ، يظن بالرياضة كل الظنون ، أو عقله الخائف يبتكر له مخاوف لا يمكن لعقل متسلح بالعلم أن يقبلها .بقي أن أقول : إنني لا أشك بنوايا الداعية ، وأنه يهدف للصالح العام ، ومع هذا حين أخضع نواياه للقاعدة الثانية في باب سد الذرائع ، والتي تقول : “إن ما أفضى إلى محرم فهو محرم” ، هذه القاعدة لا تعتد بالنية بل بما يؤدي له الفعل ، وأظن من الظلم أن نمنع الرياضة المدرسية للبنات ، ثم نغضب لأنهن غير قادرات على القيام بمجهود بدنية في البيت ، ويعتمدن على الخادمات .ـــــــــــــــــــــــــــ[c1]نقلا عن جريدة “شمس” السعودية
الرياضة في مدارس البنات والشذوذ
أخبار متعلقة