ابوظبي / وكالات :حققت دول مجلس التعاون إنجازات كثيرة على طريق العملة الخليجية الموحدة، توجت بالاتفاق على إصدار عملة خليجية موحدة في مطلع العام 2010. وخطت دول المجلس حتى الآن خطوات مهمة لتحقيق هذا الهدف، اذ تم الاتفاق خلال العام الماضي على معايير مالية ونقدية للأداء الاقتصادي يتطلبها الاتحاد النقدي الخليجي، وتشتمل على أسعار الفائدة، ومعدلات التضخم، ومدى كفاية احتياطات السلطة النقدية من النقد الأجنبي، ونسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة العجز السنوي في المالية الحكومية العامة الى الناتج المحلي الإجمالي. وفي المرحلة الأولى من مراحل الوصول إلى الاتحاد النقدي الخليجي، تقدمت لجنة التعاون المالي والاقتصادي، ولجنة المحافظين، باقتراح للجدول الزمني، وهو اقتراح اقره المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون في دورته الحادية والعشرين في ديسمبر/ 2001، وتم بموجبه ربط أسعار صرف عملات المجلس بالدولار الأميركي كمثبت مشترك في نهاية 2002.وفي المرحلة الثانية تم إنشاء وحدة الاتحاد النقدي بالأمانة العامة لدول مجلس التعاون، التي عملت على التنسيق بين دول المجلس في ما يتعلق بتحقيق التقارب في معايير الأداء الاقتصادي ذات العلاقة بالاستقرار المالي، التي أقرها المجلس الأعلى في قمة أبوظبي في ديسمبر 2005، وهي معايير التقارب النقدي التي تشمل معدلات التضخم، وأسعار الفائدة، ومدى كفاية احتياطيات السلطة النقدية من النقد الأجنبي، كما تتضمن المعايير وتشمل نسبة العجز السنوي في الميزانية إلى الناتج المحلي الإجمالي، والتي ستكون في حدود 3 في المئة، ونسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي. ورافق هاتين المرحلتين حماس وتفاؤل شديدان، ساد معهما شعور عام بأن إنجاز وإصدار العملة الموحدة لن يتأخر عن موعده المحدد في يناير/ الثاني من العام 2010، وكان من المتوقع أن تسير المرحلة الثالثة أيضاً بالسلاسة والوتيرة التي جرت فيها المرحلتان السابقتان، خصوصاً أن المرحلة الثالثة تعتبر تحصيل حاصل، لأنها تتعلق بالخطوات العملية لإصدار العملة.لكن - وكما أشرنا سابقا - تتباين وجهات النظر بين المصرفيين والاقتصاديين الخليجيين بشأن الوحدة النقدية فالمؤيدون يرون أن الوقت قد حان لتدشين الوحدة النقدية الخليجية في ضوء التحديات التي تواجه دول المجلس في حين يرى المعارضون أو المتحفظون أن دول المجلس لا تزال مكانها عند منجزات بسيطة، لا تؤهلها للدخول في وحدة نقدية لها تبعاتها، وتستلزم قطع شوط طويل من إقرار خطوات عدة… ومن الآراء المؤيدة تلك التي يسوقها مدير التسويق الرئيسي لمجموعة بنك الإمارات الدولي سليمان المزروعي، اذ يرى أن اعتماد عملة خليجية موحدة له مزايا كثيرة ستنعكس بشكل إيجابي على اقتصاد دول الخليج من جهة وعلى مواطني دول المجلس اذ ستلغى العملة الموحدة مسألة تبديل العملة عند الانتقال من بلد خليجي إلى آخر ما يعطي حرية أكبر في انتقال الأفراد بين الدول الأعضاء ويشجع التجارة البينية والسياحة بالإضافة إلى أن العملة الموحدة ستجعل من الدول الأعضاء كتلة اقتصادية واحدة لها ثقلها في مواجهة تكتلات اقتصادية عالمية مثل الاتحاد الأوروبي الذي سيجد نفسه مضطرا إلى إعادة النظر في علاقته الاقتصادية مع دول الخليج، بعد أن أصبح لها عملة موحدة.في المقابل يتحفظ مدير البحوث والإحصاء بالبنك المركزي العماني علي حمدان على إقرار عملة خليجية موحدة قبل إقرار عدد من السياسات كما يقول أبرزها: «وضع آلية لتقريب السياسات النقدية مثل سعر الفائدة وسعر الخصم والأسعار المالية المفتوحة من أجل الوصول إلى المزيد من التنسيق، وتجنب الهزات الخارجية العنيفة، كما أن التوصل إلى عملة خليجية موحدة يحتاج إلى وقت، فالأوربيون لم يوحدوا عملتهم فجأة أو بسرعة، إنما استغرق ذلك وقتا طويلا تم خلاله وضع معايير وسياسات تم التعامل معها بنجاح حتى تم إقرار العملة الأوربية الموحدة».لكن الكل يجمع على أنه لا يمكن التوصل إلى عملة موحدة دون توحيد السياسات المالية والمصرفية بين دول المجلس، فليس من المعقول أن يتم الحديث عن اتحاد نقدي دون أن نكون - كما يقول حمدان - قد توصلنا إلى اتحاد جمركي أو سوق مشتركة، وليست لدينا معايير فيما يتعلق بمعدلات وأحجام العجز في الموازنات، ومن هنا أقول: إن هناك شوطاً طويلاً وجوانب كثيرة لا بد من التعامل معها مثل الأمور المتعلقة بالدين العام والميزان التجاري والميزان الجاري وغيرها من المعايير المعروفة عالميًّاً.
العملة الخليجية الموحدة
أخبار متعلقة