تماماً مثلما يغرم الجمهور باي نجم كان حبنا ( لاحمد زكي ) بهذه البساطة وبهذه العفويه .. ممثل يفرض عليك محبته لانه بارع في تقديم نفسه كفنان وكصاحب موهبة مؤثرة وليست على غرار آخرين ممن يقفون على ناحية " المواهب " وهم كثر . ما يميز احمد زكي عن غيره انه عاصر مراحل مهمة في تاريخ السينما المصرية فهو احد الممثلين القلائل ممن نقرأ عنهم في الكتب مثابر وباحث ومجتهد في عمله قلما تجد مثل هذه الصفات في ممثل عربي معاصر ونجم بالتحديد ولا ننسى بأن هناك العديد من القواسم المشتركة التي جمعت بينه وبين عملاق الطرب العربي الاصل " عبدالحليم حافظ " فكلاهما عانى مرارة اليتم المبكر وشظف العيش والحرمان المادي والمعنوي فلا يد توضع على الرأس ولا احد يسأل اليتيم الصامت . والاثنان عاشا في كنف الاقارب وليس في اسرة من أب وام واشقاء كما هو حال اغلب اطفال العالم . كما ان الاثنين حفيت اقدامهما قبل ان يلفتا الانظار ويصلا الى المكانه التي وصلاها ويتربعا على عرش النجومية .. ولم يكن طريق احمد زكي مفروشاً بالورد بل اجتهد لكي يحفر طريقه قبل ان يصبح ظاهرة فنية لا تعوض . وشق احمد زكي دربه وانتظر طيلة ما يقرب من عقد ونصف العقد قبل ان يصبح ظاهرة مسرحية وسينمائية تلفزيونية قد لا تمحى صورتها في العقود القادمة بتلقائية مكنته من احتلال مكانة متقدمة في عالم الفن فكان ممثلاً شاملاً ادى الدراما بشقيها " الكوميدي والتراجيدي " فكان كلما تقدم خطوة الى الامام كان يقف عند تلك الخطوة ومن تم يقدم على خطوة اخرى وكانت افلام " اسكندريه ليه " " الباطنيه " " طائر على الطريق " " العوامه 70" " الايام " " عيون لا تنام " " النمر الاسود " " ضد الحكومة " " موعد على العشاء " " البريء " " البيضة والحجر " " زوجة رجل مهم " " ناصر 56" " الراقصة والطبال " .. والى آخر القائمة التي تضم عناوين 57 فيلماً بعدد سنوات عمر الامبراطور . وكان من الطبيعي ان يحصد الامبراطور مع كل هذا الاجتهاد العديد من الجوائز المحلية والعربية والعالمية من بينها جائزة افضل ممثل مصري التي استحقها بجدارة فأحمد زكي ليس نجم لعام واحد فقط بل هو نجم لكل الاعوام التي اتت ولم تأت بعد . ومن عجيب المصادفات ان يرحل احمد زكي في يوم المسرح العالمي الذي كان بمثابة بيته وقبل ثلاثة ايام من حلول الذكرى 30 لرحيل عبدالحليم وبعد ان فرغ من تصوير 90 من مشاهد فيلم " حليم " الذي لعب فيه دور عبدالحليم حافظ وهو الدور الذي حلم ان يلعبه دائماً من اخراج شريف عرفه وسيناريو محفوظ عبدالرحمن ومن هنا ارتبط اسمه باسم عبدالحليم حافظ على الرغم من ان الاول قد رحل عن عالمنا قبل ثلاثين عاماً عندما كان احمد زكي لا يزال في السابعة والعشرين من عمره يدق بقبضته العادية ابواب المستقبل الذي حلم من اجل تحقيق هدف واحد الا وهو ان يشعر بوجود الناس بجانبه وان يحس الناس بوجوده . رحل احمد زكي عنا تاركاً وراءه فراغاً مثلما رحل العندليب الاسمر وسعاد حسني وغيرهم من الذين ضربت بهم اروع الامثال في اهمية التمثيل ومدى تأثيرهم على الناس .
|
ثقافة
وداعاً أيها الإمبراطور
أخبار متعلقة