رحلتي مع المسرح
عمر عوض بامطرففي الحلقة الماضية من هذه السلسلة رقم (199) المنشورة في يوم السبت تاريخ 28يناير 2006م. حدثت القارئ عن أهمية التسجيل لكل ما يتعلق بالشئون الدولية أو الإدارية ، أو المعرفية بعد أن وجدت أن المسرحيات التلفزيونية التي عرضت بين عامي 1965م. _ 1969م. لم تؤرشف ولم يتم تسجيلها من قبل مكنب الثقافة ولا من ادارة التلفزيون لبيان اسم المؤلف والمسرحية ، وهل هي أصلية أم مقتبسة أو مترجمة ،ولغتها التي صدرت بها /واسم مؤلفها الأصلي واسم المترجم ، وشعرية هي أم نثرية ، واسم الفرقة التي عرضتها / واسم أبطالها الرئيسيين والمسرح الذي عرضت فيه وتاريخ عرضها، ومصدر هذه التعريفات ..وقد استشهدت بأهمية الأرشيف المسرحي أو السجل العام للمسرحيات بالكتاب الذي ألفه البروفيسور يعقوب .أم . لنداو المعروف باسم (دراسات في المسرح والسينما العربية ) الذي صدر وكتب مقدمته البروفسورأتش .أي .آر. جب عام 1958م. وقام بترجمته والتعليق عليه الأستاذ أحمد المغازي عام 1969م. وراجعه الدكتور لويس مرقص وصدرعن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1972م. وقد كان هذا المؤلف للبروفيسور لنداو في نظر العديد من المؤرخين للمسرح غربيين وعرب ، أكبر دليل على أهمية السجل العام لأي فن من فنون المعرفة ، وقد احتوى كتاب(دراسات في المسرح والسينما العربية ) أسماء المسرحيات الأصلية المؤلفة والمترجمة والمقتبسة التي ظهرت على المسارح بمصر وغيرها من البلاد العربية ، وسجّل مترجم الكتاب في صفحة (5) أن حواشي المسرحيات بلغت (751) حاشية. ان حبنا للمعرفة يزداد عندما نقرأ ما يكتب علماؤنا وأدباؤنا ومؤرخونا عما يتصل باهتماماتنا في مجالات الأدب والفنون المتنوعة والتاريخ ، وان معارفنا تتطور باطلاعنا على تاريخ حضارتنا بما نقرأ أو نشاهده على خشبة المسرح .. والمسرح كلمة جامعة لمختلف الفنون من أدب وبلاغة، وعلم بأحوال النفس البشرية وما يعتلج فيها من فضائل وخسائس ، وشجاعة ومكر ، وبطولة وانهزام ، وعدل وتسلط وظلم ، وتسلية بالإضحاك واعطاء العبر ، وهو جامع للفنون الموسيقية والتشكيلية والهندسية ..لم تكن صحفنا العاملة خلال القرن الماضي تتابع باهتمام سير الحركة المسرحية الا نادراً ، وهي منذ مطلع هذا القرن لا تعطي المسرح الإهتمام اللازم له كحقل اشعاع ثقافي، ولم تكن الفرق التي تعرض نشاطها المسرحي تحتفظ بنسخ من مسرحياتها ولا بسجل ولو في حدود قيد اسم الرواية ومؤلفها والفرقة التي عرضتها ومخرجها وأبطالها الرئيسيين ، ولو عملت لكان لذلك عظيم الفائدة لنؤسس بصورة أوسع البنية اللازمة لتأريخ المسرح في اليمن .وأذكر اليوم كيف أني في غضون شهر سبتمبر عام 1964م.وكنت أواصل البحث عن أول ظهور للمسرح في عدن لدى البعض من أهالي عدن من عرب وهنود وفرس،مع متقفين وأميين ،مؤرخين وكتاب ، كهولاً ومعمرين( راجع الحلقة 162)،وكنت كلما أحصل من أحدهم على معلومة عن مسرحية عرضت يجهدني البحث والتحري وتكرار الزيارة لهذا وذاك لأسجل بعد التدقيق والإقتناع القدر الممكن من البيانات اللازمة التي رصدتها في الفقرة الأولى من هذه الحلقة عن كل مسرحية .. وتسجيل التاريخ من شفاه المعمرين يعرف اليوم بـ (التأريخ الشفهي Oaral History) وأعترف اليوم أيضاً أن ما سجلته وأضناني البحث عنه في تلك الأيام كان يشوبني شيء من عدم الإقتناع بكماله لعدم استيفاء ما يتعلق بكل معلومة لازمة لتسجيل البيانات الوافية عن بعض المسرحيات والمسرحيين الذين ذكرتهم فيما نشرت وأذعت باسم ( قصةالمسرح في عدن )أو (لمحات من تاريخ المسرح في عدن ) وكلا البحثين ضممتهما في هذه السلسلة بعنوان : ( رحلتي مع المسرح من أثينا الى عدن ) بعد أن توفرت لي المراجع لأبحث وأسجل أوائل ظهور المسرح في أثينا من بلاد اليونان وتتبعت انتقاله الى عاصمة كل بلد من بلدان العالم .. ولكني راض كل الرضى _ وليس هذامدحاً للذات _ بأنني حققت وأثبت بما لا يعتريه شك من أي جانب أن عام 1904م. كان العام الذي ظهر فيه المسرح على يد فرقة هندية كانت في طريقها الىجنوب أفريقيا ، وبقيت في ميناء عدن أسبوعاً للتزود بالفحم لوقودها. ( أنظر الحلقة رقم 163من هذه السلسلة ) .وقد وضعت بقدر جهدي رصداً للحركة المسرحية بين عامي 1904م. و1970م. استفاد منه كثيرون ممن كتبوا عن المسرح في اليمن سواء منهم من أشار الى كتاباتي ضمن مراجعه ومنهم من لم يشر ، وأذكر أن منهم من كان يزورني في بيتي ممن يدرسون المسرح في الخارج ليتزودوا مني بما يلزمهم بحسب توجيه المشرف على رسالته التي يعدها،لأن الأخذ عمن كتب وألف أفضل من النقل مما نشر، ولكنهم بعد أن كتبوا ونشروا وعادوا لم يذكروني بنسخة مما كتبوا ، ولا أريد أن أذكرأسماء.. صحيفة (14 أكتوبر تخصص صفحة أسبوعية للدراما ) :خلال شهر سبتمبر 2001م زارني فقيد الحركة المسرحية المخرج والناقد أحمد سعيد الريدي يرحمه الله ، وكانت بيننا صداقة متينة منذ التقينا في المكلا في أغسطس عام 1976م. قبل تخرجه من المعهد العالي للتمثيل في الكويت وكنت ضمن فريق وزارة الثقافة لتدريس فنون المسرح ، وقد شاركنا الفقيد نشاطنا خلال مدة تلك الدورة .وكان كثيراً ما يزورني منذ ذلك التاريخ في بيتي وكان المسرح مدار أحاديثنا،أنظر الحلقة(161=14/4/2005م ,188=14/10/2005م.) وكان لا يطيل غيابه عني ، وجاءني يوماً وقال لي أن زميله الأستاذأحمد عبدالله سعد طلب منه أن يسهم بكتاباته عن المسرح في صفحته التي وصفها بالمتميزة وكانت ( واحة الدراما ) متميزة كما قال الفقيد ، وقد خصصتها ادارة صحيفة (14 أكتوبر) الغراء للبحث في تاريخ المسرح وفنونه .. وبعد حديث واستعراض أفكار قرر أن يكون عنوان ما يكتب للصفحة : ( البحث عن صياغة جديدة لتاريخ المسرح في عدن ) ، وصدر العدد رقم 11724 من الصحيفة يوم السبت 2001م. يحمل الموضوع الأول للبحث المرجو .. والى اللقاء في الحلقة القادمة بإذن الله .