غضون
* منذ زمن والثأر يدرس في الكتب المدرسية على أنه من الظواهر الاجتماعية السيئة، وقد تخرجت من تلك المدارس أجيال متعاقبة ولايزال الثأر فاشياً، والتطور الذي حدث أن رجال القبائل كانوا في الماضي يصنعون الثأرات في مناطقهم بينما يدخلون اليوم “ليتراموا” داخل العاصمة ويقتل في معاركهم مدنيون عن طريق الخطأ، فهل علينا أن نبرم معهم اتفاقية شبيهة باتفاقية جنيف بشأن أدب وأخلاقيات الحرب؟.* في أوائل مارس 2004م أطلق الرئيس دعوة من محافظة مأرب تتضمن إقامة صلح بين القبائل في المحافظات التي ينتشر فيها الثأر ووقف الثأرات لمدة خمس سنوات تقوم خلالها الدولة والقبائل بحصر مشاكل الثأر ودراستها ووضع حلول لها .. ويوم 17 مارس من العام نفسه وجه رئيس الجمهورية الحكومة بتشكيل لجنة وطنية عليا ولجان فرعية تابعة لها لذات الغرض .. ولاحقا صدر قرار جمهوري برقم 15 في 21 سبتمبر 2004م بإنشاء اللجنة برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير المالية وعضوية وزراء الداخلية والإدارة المحلية والعدل وأربعة قضاة .. ولاحقا – مرة أخرى – صدر قرار بتعديل قوام اللجنة .. وحينها كان مجلس الشورى قد طرح ظاهرة الثأر في جدول أعماله “وقتلها” بحثاً ودراسة ومقترحات وتوصيات وانخرط في الموكب مشائخ قبليون ومشائخ دين وكتاب وصحفيون وجمعيات وأحزاب، وبعد أن أفرغ المحاربون أسلحتهم من الذخيرة عادوا إلى مواقعهم سالمين وبقي الثأر يعمل مثل آلة تتحرك على قدر وتطحن الأرواح .. ويالها من آلة صماء بكماء محصنة ضد أي خدش قانوني أو ديني أو إنساني ولاتخترقها مدفعية “الحكمة يمانية”.* لا أدري ما إذا كانت كل تلك اللجان والقرارات والأشياء الثأرية الأخرى قد آلت إلى اختصاص اللجنة التي يترأسها حاليا المناضل سالم صالح محمد، لكن كيفما كان مصيرها، فإن السؤال الكبير هو هل على رئيس الجمهورية عندما يصدر توجيها أو قرارا أن يقوم هو نفسه بتنفيذه؟ لماذا لاتبادر الهيئات الأدنى إلى تحويل قول الرئيس أو توجيهه أو قراره إلى خطة عمل جادة وهادفة؟ وبالمناسبة الأمر لايتعلق بمشكلة الثأر فحسب بل من الواضح أن القرارات التي تصدر من أعلى تتعرض “للقتل” المتدرج في المستويات الأدنى وصولاً إلى “القتل” الرحيم عند أسفل درجات السلم الإداري.. وإذا لم تشتد الحكومة نفسها وتتابع عمل كل عامل فيها وتسائله وتعاقبه على التقصير، فيا زلة القدم!