بيني و بينك
بحزن بالغ تلقيت يوم أمس من عدن نبأ وفاة السيدة الفاضلة (أم نبيل) التي انتقلت إلى جوار ربها عن عمر ناهز السبعين عاماً.. وكانت الفقيدة الغالية موضع حب وتقدير واحترام أسرتها وأهلها وجميع جيرانها ومعاريفها الكثيرين جداً في عدن، الذين يكنون لها كل الحب والمعزة.. فلقد كانت المغفور لها بإذن الله تعالى امرأة فاضلة بأخلاقها الحميدة وحبها وإخلاصها ووفائها لأهلها ومعاريفها. ناهيك عن أنها كانت امرأة عصامية اهتمت كثيراً بتربية وتعليم أبنائها وبناتها منذ طفولتهم حتى أصبحوا اليوم شباباً مثقفين خلوقين سعداء في حياتهم الزوجية وناجحين في حياتهم العملية.إن الحديث عن الفقيدة العزيزة حديث ذو شجون.. تربطنا بها علاقة قرابة عائلية.. وكذا كنا جيراناً في حارة الهاشمي بالشيخ عثمان منذ الثلاثينات وحتى اليوم.. وكانت من أعز أصدقاء المرحومة الفاضلة والدتي.. وعندما ولدت في عام 1945م ونشأت وترعرعت في مدينة الشيخ عثمان.. كانت تزورنا يومياً في منزلنا أو أذهب أنا لزيارتها وأمها وأخواتها الفاضلات في منزلهن حيث كن رحمهن الله يحببنني ويعتبرنني ابناً لهن. حقاً لقد كانت (أم نبيل) امرأة مثالية بما تحمله الكلمة من أسمى المعاني وذلك بشخصيتها الفذة النادرة التي دخلت بها القلوب من دون استئذان وذلك لما تتمتع به من صبر طويل على مواجهة معاناة الحياة.. وقناعة تامة بمستوى معيشتها.. مؤمنة إيماناً راسخاً بما كتبه الله جل شأنه لها ولأسرتها في هذه الدنيا.. ونجدها دائماً بوجهها الباسم المشرق بالأمل الواعد بالخير العميم.. ويتجلى ذلك في روحها الطيبة الزاخرة دوماً بالطرفة والمرح حيث كانت تضفي على جلساتها مع الأهل والجيران وصديقاتها أجواء من البهجة والمسرة وتجلي عنهم المشاكل والهموم ونجدهم يضحكون من أعماق قلوبهم لتلك الحكايات الجميلة الطريفة التي كانت تحكيها لهم.ومهما نسيت.. فلن أنسى أبداً هذه السيدة الفاضلة الوحدوية وذلك في الثمانينات قبل قيام الوحدة اليمنية المباركة.. حيث كانت تحرص مرة في كل عام على السفر من عدن إلى صنعاء لزيارة ابنتها المتزوجة في صنعاء وكذا زيارتنا في منزلنا للاطمئنان.. ذلك بالرغم من صعوبة الحصول على ترخيص من الداخلية في عدن للسفر إلى صنعاء إبان العهد التشطيري إلا بضمان تجاري بالعودة إلى عدن.. إلا أنها كانت (رحمها الله) تسعى بكل جهدها وتحصل على ضمين.. لأنها كانت موضع ثقة واحترام وتقدير أي ضمين تجاري.. وكنا نسعد كثيراً بقدومها وزيارتها لنا في صنعاء.. ونرسل معها الهدايا لأهلنا في عدن التي كانت تسلمها لأهلنا كاملة دون أي نقص مؤكدة بذلك أمانتها النموذجية النادرة.ولكم تمزقت نياط قلوبنا ألماً وحسرة على فراق الفقيدة الغالية (أم نبيل) ولكن هذا قضاء الله وقدره.