القاهرة / 14 أكتوبر / وكالات / رويترز :رحبت الولايات المتحدة امس الجمعة بقرار المملكة العربية السعودية وبلدان عربية أخرى حضور مؤتمر سلام الشرق الأوسط في انابوليس بولاية ماريلاند وقالت إن ذلك إشارة إلى أن المؤتمر الذي تستضيفه الولايات المتحدة سيكون جادا. ووافق اجتماع عقد بالقاهرة أمس شاركت فيه بلدان رئيسية بجامعة الدول العربية على المشاركة في مؤتمر انابوليس الذي تأمل الولايات المتحدة أن يدشن مفاوضات جادة للمرة الأولى منذ سبع سنوات بخصوص اقامة دولة فلسطينية. واعتبر حضور دول عربية من بينها السعودية التي كانت متشككة في المساعي الأمريكية بخصوص عملية السلام بين العرب وإسرائيل أمرا هاما لنجاح ومصداقية المؤتمر. وقال كارل داكوورث المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "نرحب بقرار لجنة المتابعة بالجامعة العربية بحضور مؤتمر انابوليس على المستوى الوزاري. هذه إشارة إلى أنهم يعتقدون أنه سيكون اجتماعا جادا موضوعيا." وضم اجتماع القاهرة وزراء خارجية من مجموعة الاتصال التي فوضتها الجامعة العربية بمتابعة مبادرة السلام العربية التي اطلقت عام 2002 ووزراء من دول عربية أخرى والرئيس الفلسطيني محمود عباس. ولم تلتزم السعودية من قبل بحضور مؤتمر انابوليس لكن وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل قال للصحفيين في القاهرة إنه يعتزم الحضور. وقال دبلوماسيون في وقت سابق ان السعودية تدرس ارسال مسؤول على مستوى ادنى الى انابوليس وهو ما كان سيشكل صفعة للولايات المتحدة. واتصل الرئيس الأمريكي جورج بوش هاتفيا بالعاهل السعودي الملك عبد الله ليتحدث بشأن مؤتمر انابوليس كما سافر رئيس الوزراء البريطاني السابق ومبعوث رباعي الوساطة للسلام بالشرق الأوسط توني بلير إلى السعودية لحث الرياض على التعاون. وقال داكوورث "سيظهر مؤتمر انابوليس دعما دوليا واسعا لجهود الزعماء الاسرائيليين والفلسطينيين وسيكون نقطة انطلاق لمفاوضات تفضي إلى اقامة دولة فلسطينية وتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين." وتابع "نتطلع إلى أن نراهم جميعا في انابوليس يوم الثلاثاء." وقد رحبت إسرائيل ايضا وعلى الفور بالقرار العربي، معتبرة أنه "إيجابي" و"هام"، في حين دعت حركة حماس الدول العربية الذاهبة إلى أنابوليس إلى عدم تطبيع علاقاتها مع إسرائيل وعدم تقديم أي "تنازل".وقال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية مارك ريغيف إن مشاركة عربية واسعة "أمر هام يمكن أن يكون ضمانة لنجاح هذه المبادرة".ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المتحدث الإسرائيلي ترحيبه بأي تحرك يقوم به العالم العربي لدعم "مسيرة المصالحة الإسرائيلية الفلسطينية"، وأعرب ريغيف عن أمله برؤية "انخراط عربي هام" في هذه المسيرة، داعيا إلى مزيد من المبادرات من الجانبين العربي والإسرائيلي.من جهته قال المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أيمن طه إن حركته كانت تأمل "ألا تشارك الدول العربية لأن مشاركتها ستقدم هدية مجانية من خلال التطبيع وستعطي مزيدا من الأهمية للعدو".إن مشاركة عربية واسعة "أمر هام يمكن أن يكون ضمانة لنجاح هذه المبادرة"ودعيت سوريا إلى المؤتمر باعتبارها ضمن مجموعة الاتصال بالجامعة العربية. وكانت دمشق قالت انها لن تشارك إلا اذا وضعت قضية هضبة الجولان التي احتلتها اسرائيل في عام 1967 على جدول اعمال المؤتمر. وقالت سوريا انها ابلغت بان قضية الجولان ستكون على جدول أعمال مؤتمر انابوليس لكن متحدثا باسم وزارة الخارجية الأمريكية رفض تأكيد ما إذا كانت الوزارة قد ابلغت دمشق بذلك. وصرحت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس للصحفيين يوم الاربعاء بانه بينما يهدف مؤتمر انابوليس لمناقشة المسار الاسرائيلي الفلسطيني فإن سوريا لن تمنع من التحدث بشأن مرتفعات الجولان. وقالت "اذا اختارت سوريا المجيء وأرادت مناقشة قضاياها.. إذ أن قضاياها مفصلة في خارطة الطريق وتمثل جزءا من السلام الشامل.. فمن المؤكد ان لا احد سيرى ان هذا في غير محله." وقد شارك وزير الخارجية الدكتور أبوبكر عبدالله القربي في اجتماع اللجنة الوزارية لمتابعة مبادرة السلام العربية الذي عقد أمس بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة لبحث الدعوة الأمريكية الموجهة للمشاركة في مؤتمر السلام في الشرق الأوسط المزمع عقده في أنا بوليس.وأقرت اللجنة مشاركة الدول العربية المدعوة للمشاركة في المؤتمر بعد إدراج المسارين السوري (الجولان) واللبناني في جدول أعمال المؤتمر والاتفاق على مرجعياته المتمثلة بقرارات الشرعية الدولية وخارطة الطريق والمبادرة العربية للسلام ومبدأ الأرض مقابل السلام.وأكدت اللجنة أن الاجتماع هو بداية لإطلاق مباحثات الحل النهائي للصراع العربي الإسرائيلي وأن التطبيع لن يتحقق إلا بتحقيق السلام العادل والشامل على كافة المسارات.وقالت جامعة الدول العربية أمس الجمعة إنها وافقت على حضور مؤتمر أنابوليس في الولايات المتحدة على مستوى وزراء خارجية الدول العربية. وقال سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في بيان تلاه عقب اجتماع وزراء خارجية 12 دولة عربية والمندوبين الدائمين في الجامعة لثلاث دول أخرى "قررت لجنة متابعة السلام العربية قبول الدعوة إلى مؤتمر أنابوليس على مستوى وزاري. وسئل وزير الخارجية السعودي عما إذا كان القرار يعني حضوره المؤتمر فأومأ برأسه إيجابا. وسئل إن كان سيصافح وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني فقال "نحن غير مستعدين أن نكون جزءا من عمل مسرحي في الاجتماعات. المصافحات واللقاءات التي لا تعبر عن الموقف السياسي نحن غير مستعدين لها." في غضون ذلك قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان الولايات المتحدة وافقت على إدراج مرتفعات الجولان المحتلة في جدول أعمال مؤتمر انابوليس للسلام لكن سوريا ستقرر ما إذا كانت ستحضر عندما تتلقى جدول الاجتماع. ونقلت وكالة الأنباء العربية السورية عن وزير الخارجية السوري قوله ان الولايات المتحدة "بعثت بتأكيدات بأنها ستضمن المسار السوري الإسرائيلي.. الجولان..على جدول أعمال اجتماع انابوليس." وأضاف "ان سورية ستتخذ قرارا بالمشاركة أو عدمها في ضوء استلامها لجدول أعمال الاجتماع (انابوليس)." ويعتبر المراقبون أن مؤتمر أنابوليس للسلام في الشرق الأوسط الذي دعا إليه الرئيس الأميركي جورج بوش لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ليس سوى محاولة للنجاح في اختبار فشلت فيه معظم الإدارات الأميركية السابقة، لاسيما أنه يأتي وسط مناخ من التناقضات الصعبة وفي الوقت الضائع من ولاية بوش.واللافت للنظر أن أول هذه التناقضات يكمن في الموقف الأميركي نفسه قبل أن تكون في الموقفين الإسرائيلي والفلسطيني على صعيد ضعف حكومة إيهود أولمرت والانقسام الفعلي ما بين قطاع غزة والضفة الغربية.فوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس قطعت الطريق على أي حلم باحتمال أن يحققه المؤتمر الذي سيقام في الأكاديمية البحرية في أنابوليس بولاية ميرلاند، بالتأكيد على أن اللقاء لن يحمل حلولا بل سيمهد لانطلاق مفاوضات جدية بين الإسرائيليين والفلسطينيين من أجل التوصل لتسوية تحقق مبدأ بوش القائم على أساس الدولتين على أرض واحدة.وبلغ هذا التناقض ذروته بقول رايس نفسها بعد يوم من توزيع الدعوات الرسمية للمؤتمر إن الطرفين تخليا عن فكرة القدوم إلى المؤتمر بوثيقة مشتركة واصفة ذلك "بالتطور السليم لأن الشيطان يكمن في التفاصيل".واعتبرت رايس أن الوثيقة المشتركة وخلال المفاوضات التي جمعت بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، أصبحت أقل أهمية من ذي قبل مع قرار الزعيمين البدء بالمفاوضات الكاملة. علما بأنها وفي نفس التصريح قالت إن المؤتمر لن يكون سوى منصة لانطلاق المفاوضات.هذا ما يدعو إلى التساؤل: كيف يمكن لمؤتمر سلام لا يتجاوز عمره ثلاثة أيام أن يحقق ما عجزت عنه سنوات من المفاوضات حول تفاصيل يفترض أن تدخل في بنود اتفاق ملزم للطرفين برعاية المجتمع الدولي، وإلا فإن المؤتمر ليس سوى استعراض دبلوماسي لقدرة الولايات المتحدة على عقد المؤتمرات الفاشلة.يضاف إلى ذلك أن موقف الرئيس عباس وشريكه في المفاوضات أولمرت لا يبدو في أفضل حال.فعباس فعليا يرأس حكومة لا تسيطر سوى على الضفة بعد سيطرة حركة حماس على القطاع في يونيو الفائت، وأولمرت الملاحق بقضايا الفساد لا يتمتع بشعبية كبيرة تمكنه من اتخاذ قرارات كبيرة وجريئة خاصة بعد فشل حكومته في حربها على حزب الله اللبناني العام الماضي.وفي هذا الإطار يرى روب مالي مساعد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون الذي شارك في محادثات السلام عام 2000 في كامب ديفد بين الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، أن كلينتون وعندما أقدم على تحريك عملية السلام في الشرق الأوسط كان "الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي يشعران بإمكانية تحقيق شيء ما.ففي ذلك الحين كان عرفات يجسد ويمثل الكفاح الفلسطيني وقائدا فعليا للسلطة الفلسطينية، فيما كان باراك (وزير الدفاع الحالي) رئيسا للوزراء وصل إلى الحكم استنادا إلى برنامج انتخابي يدعو للسلام.ولهذا شدد مالي على أن المؤتمر - بالشكل الذي يتوقع أن يظهر عليه- يحتاج إلى معجزة لتحقيق اختراق حقيقي على صعيد أزمة الشرق الأوسط، في ظل رئيس نأى بنفسه بعيدا عن مشاكل الصراع العربي الإسرائيلي منذ توليه السلطة مفضلا على ذلك الدخول في كوارث من العيار الثقيل بحجم العراق وأفغانستان.