القاهرة/14اكتوبر/أيمن رفعت :كتاب "التكتلات الاقتصادية في عصر العولمة "صادر عن مؤسسة الأهرام ضمن سلسلة كتاب الأهرام الاقتصادي ، فيه يتناول د· فؤاد أبو ستيت أستاذ الاقتصاد وإدارة الأعمال بجامعة حلوان، مزايا ومعوقات التكتلات الاقتصادية والإقليمية والعالمية ومدي مساهماتها في خلق وتمويل التجارة بين أعضائها، وكذلك يتناول الأبعاد السياسية للتكامل الاقتصادي، مع تأثير وتأثر كل ذلك بالعولمة·في مقدمة الكتاب يذكر المؤلف تعريفـًا للتكامل الاقتصادي ، بأنه عبارة عن جميع الإجراءات التي تتفق عليها دولتان أو أكثر لإزالة القيود علي حركة التجارة الدولية وعناصر الإنتاج فيما بينها ، وللتنسيق بين مختلف سياساتها الإقتصادية بغرض تحقيق معدل نمو·ومن التعريف السابق يتضح أن التكامل الاقتصادي بين دولتين أو أكثر لابد أن يمر بمراحل أولها، التفضيل الجزئ، ثم منطقة التجارة الحرة، فالاتحاد الجمركي، ثم السوق المشتركة، ويعتمد هذا التصنيف لمراحل التكامل الاقتصادي علي الإجراءات والسياسات الاقتصادية المتبعة بين دول التكامل·أما عن المزايا المتوقعة من التكامل الإقتصادي في الدول النامية، فهي : تمكن التكتلات الإقليمية الدول النامية من تحقيق الإنتاج ذي الوفورات الاقتصادية، كما أنة وسيلة للاستفادة من المواقع والتخصص، وعلي سبيل المثال أن تخصص كل دولة من الدول النامية في سلعة معينة تتميز فيها بالمميزات النسبية مما يؤدي إلي الاستفادة المثلي من المواد الخام والطاقة ، ويؤدي هذا بدوره إلي تقليل تكلفة الإنتاج ·· ومن تلك المزايا أيضـًا أن التكامل الاقتصادي يعتبر وسيلة لزيادة كفاءة القطاع الصناعي، ولما كانت أسواق الدول النامية أسواقـًا صغيرة بالإضافة إلي أن الحماية التي تتميز بها هذه الصناعات من الأمور التي تؤدي إلي ضعف مستوي الكفاءة ، ويتطلب رفع كفاءة هذا القطاع التنسيق بين السياسات الأقتصادية والخاصة بالتعريفات الجمركية وسياسة التجارة الخارجية "تجاه العالم الآخر" والتنسيق أيضـًا في السياسات المالية والنقدية وسياسات تشجيع الاستثمار·ولكن نجاح التكتلات الاقتصادية في صورها المختلفة يتوقف علي التنسيق الجماعي لدول المجموعة لتحقيق الأهداف المنشودة من مثل هذه التكتلات، فكان لابد من تواجد أسلوب معين تستطيع الدول من خلاله تنفيذ التكامل فيما بينها·فتري أسلوبان رئيسيان للتكامل، يقوم الأسلوب الأول "الأطار المنهجي" علي الاعتماد علي قوي السوق أو الاعتماد علي التنسيق والتخطيط، ويهدف إلي تحقيق التنسيق والتجانس بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية لتنظيم أداء الاقتصاد الكلي في دول المجموعة، وإزالة كافة القيود علي حرية انتقال السلع والخدمات وعوامل الإنتاج والتوافق في السياسات الاقتصادية يعتبر من أهم العوامل التي تؤدي إلي إنجاح تجربة التكامل الاقتصادي، ولعل من أهم النماذج التكاميلية والتي طبقت المنهج الإطاري تجربة السوق الأوروبية المشتركة المؤسسة علي اتحاد جمركي·أما الأسلوب الثاني لتحقيق التكامل الاقتصادي فيقوم علي أساس التنسيق بين قطاعات محددة أو مشروعات اقتصادية بعينها، يهدف هذا الأسلوب إلي محاولة التنسيق بين المشروعات المتشابهة بهدف إدخالها كمشروعات مشتركة·[c1]معوقات التكامل الاقتصادي :[/c]ويكشف لنا الكتاب عن معوقات التكامل الاقتصادي، فما زال التكامل والتعاون الاقتصادي وخاصة بين الدول الأفريقية والدول العربية ضعيفـًا، ويرجع ذلك لثلاثة أسباب: سياسية، تاريخية، اقتصادية ·· فالأسباب التاريخية ترجع إلي ارتباط أسواق هذه الدول بأسواق الدول المستقرة، ولبقاء السياسات الاقتصادية المستقرة والسياسية والتجارية بالدول المستقرة، وأصبح هناك اعتقاد لدي معظم الدول بأنه من الأهمية وجود شبكة مواصلات بين أوروبا ويعدون ذلك أهم من وجودها بين الدول الأفريقية أما السبب الثاني وهو سياسي فيرجع إلي الإندماج وهو قرار سياسي بالدرجة الأولي ، في حين أن معظم الدول ما زالت تحاول رسم حددو بلادها، الأمر الذي يجعل من الصعب تحقيق هذا التكامل، بالإضافة إلي أن معظم شعوب هذه الدول ليس لها رأي من تحقيق هذا النوع من التعاون وإنما مرجعه للحكام·· أما السبب الثالث فهو سبب اقتصادي، ويرجع إلي ضعف المؤسسات ويشمل ذلك وجود عدد كبير من منظمات التكامل الإقليمي، وعدم وفاء معظم الدول بالتزاماتها للمنظمات الإقليمية، ضعف هذه المنظمات في الإعداد الصحيح للمؤتمرات، بالأضافة إلي قلة التعاون والمشاورة بين هذه المنظمات·ويقدم الكتاب نبذة مختصرة عن التكتلات الاقتصادية في العالم، مركزًا علي أفريقيا، فتري اتحاد المغرب العربي الذي أنشئ في 1989 ويضم كلا من الجزائر ليبيا، موريتانيا، المغرب، تونس، وتهدف منظمة الاتحاد المغاربي إلي تحقيق التكامل أو الاندماج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، ولكن من المتوقع عدم نجاح هذه التجربة وذلك لضآلة العائد المتوقع من الإندماج، إضافة إلي زيادة العقوبات الاقتصادية التي تواجه معظم هذه البلاد مما يؤدي إلي إثارة النزعة القومية·وتوجد أيضـًا المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا، التي أنشئت في عام 1980 من عدة دول وتهدف إلي إنشاء السوق المشتركة لدول أفريقيا الوسطي وفي خلال 12 سنة تحقق هذه الوحدة الاقتصادية ، ويمكن تحقيق الوحدة الاقتصادية من خلال استقرار وتجانس معدلات الجمارك والسياسات المالية، وإنشاء صندوقين للتوزيع العادل للمكاتب ، والتكاليف الناجمة عن الإندماج الاقتصادي ، وهناك العديد من العقبات المالية التي توجه هذه المجموعة والتي أدت إلي تأجيل الاجتماع السنوي في عام 1988، علاوة علي عدم توحيد للسياسات المالية·[c1]دراسات تطبيقية :[/c]وينقلنا الكتاب إلي الدراسات التطبيقية للتكامل الاقتصادي، وذلك من خلال تحليل للمفهومين الاستكاتيكي والديناميكي لنظرية التكامل الاقتصادي ، فتري التحليل الأستاتيكي لنظرية التكامل، في إن موضوع تنمية العلاقات الدولية التجارية ودراسة تأثيرها علي الدول المنظمة بهدف تحقيق مزايا تفصيلية بين الدول الأعضاء أو حتي تحقيق شكل أكثر تفوقـًا من أشكال التكامل الاقتصادي، يعد من أقدم الموضوعات التي طرحت للدراسة في إطار نظرية التكامل الاقتصادي، ويعتبر الاتحاد الجمركي أحد أشكال التكامل الاقتصادي ويمثل الأساس في قيام السوق المشتركة ويعرف الاتحاد الجمركي بأنه يتكون من منطقة اقتصادية تشمل الأعضاء الذي يقومون فيما بينهم بالامتناع عن فرض ضرائب جمركية بين بعضهم البعض ، أو فرض أي نوع من الضرائب له نفس الآثار أو أي موانع كمية، كما أنهم يطبقون ضرائب جمركية مشتركة عند تعاملهم مع الدول غير الواقعة في نطاق الاتحاد بتشريع جمركي·أما التحليل الديناميكي ، فيقوم بين الدول النامية علي أساس الافتراض بأنه من الأفضل النظر إلي ما بعد أنماط الإنتاج الموجودة حاليـًا إلي ما يحمله المستقبل في ظل اختلاف المميزات النسبية والعلاقات التجارية ، وتقوم هذه الفرضية علي أن التكامل الاقتصادي بين الدول يؤدي إلي زيادة النمو الاقتصادي وإحداث التغيرات الهيكلية في اقتصاديات الدول النامية، ويقوم أيضا التحليل الديناميكي علي افتراض أن عناصر الإنتاج وخاصة العمل ورأس المال يتميزان بصفة التغير والناعلية والكفاءة أي أن التحليل الديناميكي ينظر إلي الآثار الديناميكية وليس الآثار الاستكاتيكية عند الحكم علي التكامل الاقتصادي بين الدول·وتجمع معظم التحليلات علي المزايا التي يمكن تحقيقها من جراء التكامل الاقتصادي ومنها تحقيق المزايا الاقتصادية الناجمة عن اقتصاديات النطاق، لأنها تؤدي إلي زيادة درجة التخصص ومن ثم زيادة الإنتاج نتيجة انخفاض التكاليف والاستفادة من الوفورات الاقتصادية المحققة والناجمة عن اتساع نطاق السوق، حيث يمكن الاستفادة القصوي من الموارد الناجمة عن الإنتاج الكبير والتي لا تتناسبها الأسواق المحلية لصغرها، ومن ثم فإن زيادة الإنتاج تتطلب أسواق كبيرة الأمر الذي يؤدي إلي زيادة أبحاث السوق ومن ثم تؤدي زيادة الأسواق إلي زيادة حد المنافسة وهي ميزة أخري يمكن أن تحقق من جراء التكامل الاقتصادي، الأمر الذي يؤدي بدوره إلي تغيير الهياكل الإنتاجية، فعلي سبيل المثال يتم انتهاء واحتكار القوي لبعض المنتجات وسرعان ما تحول هذه المنتجات إلي احتكار قلة من السوق، ويصبح الأمر أكثر إيجابية كلما زاد الوعي المتبادل بالنسبة للمراكز الانتاجية في السوق، الأمر الذي يؤدي إلي انخفاض احتكار القلة حيث يسود التكامل في السوق·ومع كبر حجم السوق في ظل التكامل الاقتصادي، يؤدي ذلك إلي زيادة إنتاج السلع والخدمات الأمر الذي يؤدي إلي خلق العديد من الفرص الاستثمارية أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية، كما يؤدي تشجيع الاستثمار إلي فتح مجالات جديدة للصناعات التي تعتمد علي التصدير ولكن زيادة المنافسة الناجمة عن كبر حجم السوق وزيادة الإنتاج من السلع والخدمات يتطلب تغيرات جوهرية في الأسلوب التكنولوجي المستخدم ، ومن ثم نجد أن أحد المميزات الناجمة عن التكامل الاقتصادي هو اتباع التقدم التكنولوجي في الإنتاج والذي يؤدي بدوره إلي تخفيض التكلفة وزيادة الربحية ، وهذا يتطلب مجهود مضاعف من دعم وتطوير مراكز البحوث للنهوض بالتقدم التكنولوجي·[c1]تضارب المفاهيم :[/c]ويتطرق الكاتب إلي العولمة وعلاقتها بالتكتلات الإقليمية، حيث يري أن العولمة أصبحت ظاهرة لا تهم الأكاديميين فقط بل امتدت علي مستوي أجهزة الإعلام والرأي العام والتيارات السياسية والفكرية المختلفة، ومن ثم فلا يوجد تعريف محدد للعولمة، فالبعض ينظر إليها بأنها ظاهرة اقتصادية مثل التكامل الاقتصادي، أو اندماج بين الأسواق، أو اتساع نطاق التجارة والاستثمارات، فيما يري البعض الآخر بأنها ظاهرة اقتصادية، سياسية، اجتماعية ولكن في نفس الوقت يوجد آراء مؤيدة للدور الإيجابي للعولمة وهناك الآراء المعارضة، فالرأي الأول، والذي يري أن العولمة سوف تؤدي إلي زيادة الرفاهية وإعطاء التنمية دفعة قوية وخاصة الدول النامية من خلال: زيادة الاعتماد المتبادل والمنافسة العالمية بين الدول مما يؤدي إلي تشابه السياسات الاقتصادية بين الدول المتقدمة والنامية علي حد سواء، تؤدي العولمة إلي تمكين الدول النامية من الوصول إلي الأسواق العالمية، وإلي الاستفادة من التطورات التكنولوجية الهائلة، وإن التقدم التكنولوجي الملازم للعولمة يؤدي إلي تخيض تكلفة النقل والصفقات المالية، كما أن إزالة القيود علي التجارة سوف يؤدي إلي اتساع المجال في التبادلات التجارية، كا تساعد العولمة الدول النامية في اتخاذ العديد من السياسات الإصلاحية المتعلقة بتحرير الاقتصاد الوطني، حيث وجد أن هناك علاقة ترابطية قوية بين تحرير التجارة ومعدلات النمو الاقتصادية·أما الرأي الثاني، الذي يري أن للعولمة تأثيراتها السلبية علي التنمية في الدول النامية، لأن العولمة تؤدي إلي تقليص دور الدولة مما قد يؤدي إلي إعاقة النمو الاقتصادي، فمثلاً الولايات المتحدة الأمريكية، انجلترا، اليابان، كوريا الجنوبية، حققوا معدلات نمو اقتصادية مرتفعة، وذلك للدور الهام والفاعل للدولة، كما أن فكرة العولمة أدي إلي تجاهل العديد من المصطلحات الهامة التي شغلت الكثير من المفكرين الاقتصاديين ومتخذي القرار مثل: العالم الثالث، التقدم، حوار الشمال والجنوب، التنمية الاقتصادية، وعليه فإن العالم المتقدم أصبح يتجاهل مشاكل دول العالم الثالث، كما أن عملية الإنفتاح الاقتصادي والدعوة إلي استخدام السياسات التي تؤيد تحرير الأسواق المالية والنقدية والتي يدعو إليها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، تؤدي إلي خروج ودخول الأموال علي نطاق واسع وبالمليارات في لحظات سرية جدًا، ومن ثم فإن السلطات النقدية تقف عاجزة عن الدفاع عن أسعار الصرف وأسعار الفائدة وأسعار، الأوراق المالية في البورصات، وعليه فإن العالم تحول إلي رهينة في قبضة حفنة من المضاربين·[c1]- الكتاب: التكتلات الاقتصادية في عصر العولمة - الناشر: مؤسسة الأهرام بالقاهرة - الطبعة : 2007[/c]
|
دراسات
التكتلات الإقتصادية في عصر العولمة
أخبار متعلقة