دفاعاً عن البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية.. دفاعاً عن الدولة الوطنية الحديثة ليمن 22 مايو (الحلقة الثامنة)
[c1]احذروا..مشروع دولة طالبانية في اليمن[/c]أصدر الأستاذ الدكتور حسن مجلي كتاباً بعنوان : ( ملاحظات على مشروع قانون العقوبات ) المقدم من لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية في مجلس النواب - التي تخضع لهيمنة حزب التجمع اليمني للإصلاح وجامعة الإيمان - بدلاً عن مشروع التعديلات الذي تقدمت به الحكومة تنفيذاً لتعهدات فخامة رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي .ونظراً لأهمية ما جاء في الكتاب تنشر صحيفة ( 14أكتوبر ) محتوياته على حلقات. مادة مضافة بعد (جريمة السحر)جريمـــة الشعـــوذةاقترحت اللجنة إضافة نص بعد تجريم مزعوم السحر بعنوان: (جريمة الشعوذة)، وحسناً فعلت اللجنة بهذه الإضافة، ولكن يتضح من خلال تعريف الشعوذة في المادة المضافة، وجود فرق بين السحر والشعوذة، من حيث كون هذه إيهاماً وخداعاً لا يبلغ مرتبة السحر. وهذا تكريس، غير جائز، لمزعوم (القدرات الخارقة) التي يتمتع بها مزعوم الساحر.ولذلك نرى إلغاء عبارة ((الذي لا يبلغ مرتبة السحر)) من المادة المضافة تحت عنوان: ((جريمة الشعوذة))، وأن تضاف بعد كلمة (الخداع) العبارة التالية: ((بقصد الحصول على مال أو منفعة)).فيصير نص المادة بعد التعديل المقترح من قبلنا كالتالي:((الشعوذة هي كل فعل من أفعال الإيهام أو الخداع بقصد الحصول على مال أو منفعة، ويعاقب المشعوذ بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، ولا تخل هذه العقوبة بحق المجني عليه في الدية أو الأرش عما يصيبه من أضرار جسدية أو نفسية)).المــادة (225)الجرائــم العسكريــةالنــص الحالــي((كل فرد من أفراد القوات المسلحة لا يكون مسئولاً عن:1 - تنفيذ أمر غير قانوني صادر من رئيسه وتقع مسئولية التنفيذ على الرئيس وحده ما لم يكن من الواضح أن الأمر مخالف لحكم في قانون العقوبات أو القانون الدولي العام فعندئذ يكون الرئيس والمرؤوس مسئولين عما حدث.2 - إذا رفض تنفيذ أمر رئيس واضح مخالفته لقانون العقوبات أو القانون الدولي العام.)). النص بعد التعديلاقترحت اللجنة حذف الجرائم العسكرية الواردة في المواد (220 - 229) من القانون النافذ والاكتفاء بما ورد في قانون الجرائم والعقوبات العسكري.برهــــان :يكفي لبيان عدم صواب إيراد كلمة (شرعي) في المادة (2) من مشروع القانون أن اللجنة لم تورد، في كافة مواده، كلمة (شرعي) مطلقاً، وعلى سبيل المثال لم ترد هذه الكلمة في ثنايا المادة (225) ببنديها (1 ، 2) حول (الجرائم العسكرية)، وإنما ورد فيها (تنفيذ أمر غير قانوني)، كما أن عنوانها هو (الأمر غير القانوني) ولم ترد في العنوان كلمة (شرعي)، ما يؤكد ما سبق أن أوضحناه من أن كلمة ((قانوني)) تتضمن بذاتها ما هو ((شرعي)).المــادة (231)الإنســـان المعصـــومالنــص الحالــي((الإنسان المعصوم هو :1 - المسلم أياً كانت جنسيته.2 - اليمني أياً كانت ديانته.3 - من ينتمي إلى دولة معاهدة غير محاربة أو بينها وبين الجمهورية هدنة.4 - من دخل أراضي الجمهورية بأمان ولو كان منتمياً لدولة محاربة ما دام الأمان قائماً.ويعتبر الإذن بدخول البلاد أماناً حتى يلغى بقرار من السلطة المختصة.)).النص بعد التعديل((الإنسان المعصوم هو :1 - المسلم أياً كانت جنسيته.2 - اليمني أياً كانت ديانته.3 - من ينتمي إلى دولة معاهدة غير محاربة أو بينها وبين الجمهورية هدنة.4 - من دخل أراضي الجمهورية بأمان ولو كان منتمياً لدولة محاربة ما دام الأمان قائماً.ويعتبر الإذن بدخول البلاد أماناً حتى تنتهي مدته أو يلغى بقرار من السلطة المختصة.)).النــص المقتــرح((الإنسان المعصوم هو:1 - المسلم أياً كانت جنسيته.2 - اليمني والعربي أياً كانت ديانته.3 - من ينتمي إلى دولة معاهدة أو غير محاربة أو بينها وبين الجمهورية هدنة.4 - من دخل أراضي الجمهورية بأمان ولو كان منتمياً لدولة محاربة ما دام الأمان قائماً ويعتبر الإذن بدخول البلاد أماناً حتى يلغى بقرار من السلطة المختصة.)).أوجـــه الاعـــتراض :اعتبر النص القانوني الوارد بالمشروع بعد تعديله بواسطة اللجنة، أن مجرد انتهاء المدة المحددة في الإذن بدخول اليمن، يعتبر ناقضاً للأمان، وبالتالي، نافياً للعصمة ما يجعل الأجنبي الذي انتهت إقامته لا عصمة له أي مهدور الدم. ويؤخذ على هذا التعديل ما يلي مما نوجزه في الأوجه التالية:الوجه الأول : أن مجرد الإذن بالدخول إلى اليمن وإقرار الدولة الصريح بذلك، يترتب عليه العصمة أي ثبوت حرمة دم ومال وعرض الإنسان القاطن فيها مهما كانت جنسيته أو ديانته، والثابت هو أن تقرير زوال العصمة بمجرد انتهاء مدة الإقامة، هو حكم ضمني لا يجوز تقريره، واستدلال فاسد لا يصح الأخذ به، طالما وقد ثبتت العصمة، صراحة، بإذن الدولة، لأن في ذلك انتقالاً من اليقين إلى الظن، ذلك أن الدولة لا يجوز أن تزيل عصمة المأذون له إلا بقرار صريح يتضمن إلغاء الإذن الرسمي الصادر عنها، ويترتب عن ذلك، أن مجرد انتهاء المدة المحددة في الإذن، لا يترتب عنه أن الدولة أباحت أو استباحت دم المأذون له بدخول اليمن والإقامة فيها، لأن عدم تجديد مدة الإذن (الإقامة)، ربما يكون راجعاً لظروف قاهرة لا يد للأجنبي فيه، كما أنه ليس إلا إجراءً إدارياً لا يجوز أن يترتب على مخالفته إهدار دم الأجنبي في اليمن.الوجه الثاني : أنه، في الأحوال التي تنتهي فيها مدة الإذن للأجنبي بالإقامة في اليمن، بينما المأذون له ما زال في مضمار المعاملة الخاصة بإطالة المدة، فإنه سيعتبر، طبقاً لنص المادة (231) الواردة بالمشروع، في حكم مهدور الدم، والمعلوم خلافه، لأن الأجنبي في اليمن في هذه الفترة الانتقالية، ما زال معصوماً، طبقاً للمعاهدات والأعراف الدولية والقانون، الأمر الذي يؤكد أن المعيار الأسلم والأصح في هذه الأحوال وما في حكمها، هو إذن السلطة بالدخول والإقامة أو إلغاؤه لا المدة وتجديدها.الوجه الثالث : إن انتهاء مدة الإذن لا تجيز، طبقاً للمعايير العصرية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وحتى الأعراف الدولية ومبدأ المعاملة بالمثل، أن يصير الأجنبي مهدور الدم بسبب مخالفته شروط الإقامة.الوجه الرابع : إن مؤدى التعديل الذي أوردته اللجنة الموقرة، هو أنه إذا انتهت مدة إقامة الأجنبي في اليمن صار غير معصوم أي مهدور الدم، فإذا قتل يمني مسلم أجنبياً، بعد انتهاء مدة إقامته، فإن عقوبة القاتل تكون ثلاث سنوات فقط لا تتعداها، وقد تمسي (24) ساعة فقط إذا رأى القاضي ذلك مناسباً.الوجه الخامس : نرى إضافة كلمة (العربي) بعد كلمة (اليمني) في البند (2) من المادة (231) وذلك لأن من أهداف الثورة اليمنية الستة، تحقيق الوحدة العربية، فتصير صيغة البند المذكور كالتالي: ((اليمني أو العربي أياً كانت ديانته)).فهل يعقل، على سبيل المثال، أن يكون المواطن العربي وفي مقدمة هؤلاء (المصري) مجرد فرد معصوم الدم، لأن لديه إقامة ولأنه ينتمي إلى دولة (معاهدة) غير محاربة أو بينها وبين الجمهورية اليمنية (هدنة)؟! وليس لأنه أخ عربي (مصري) ينتمي إلى دولة ضحت بالغالي والنفيس، وفي مقدمة ذلك آلاف الشهداء، من أجل اليمن وطناً وشعباً ولا تزال؟!لذلك نرى أن يكون النص كالتالي:الإنســان المعصــوم((الإنسان المعصوم هو:1 - المسلم أياً كانت جنسيته.2 - اليمني والعربي أياً كانت ديانته.3 - من ينتمي إلى دولة معاهدة أو غير محاربة أو بينها وبين الجمهورية هدنة.4 - من دخل أراضي الجمهورية بأمان ولو كان منتمياً لدولة محاربة ما دام الأمان قائماً ويعتبر الإذن بدخول البلاد أماناً حتى يلغى بقرار من السلطة المختصة.)).مادة مضافة بعد المادة (231)قتل من لا عصمة لهمـــادة مضافـــة :((لا يجوز لغير السلطة المختصة وبالطريقة التي يحددها القانون المساس بمن لا عصمة له وكل من يخالف ذلك ولو كان ولي الدم يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات)).يلاحظ على المادة المضافة في مشروع القانون بعد المادة (231) أنها معيبة من وجوه عديدة منها التالي:الوجه الأول : استخدم النص كلمة ((المساس))، وهو لفظ عام يشمل أي نشاط موجه لمن لا عصمة له، ولكن المقصود به هو القتل طبقاً لعنوان المادة (231) والذي هو: (قتل من لا عصمة له)، وبالتالي يلزم استخدام اللفظ الموضح للركن المادي (الموضوعي) للجريمة وليس سواه.الوجه الثاني : يتضمن النص إهداراً للحق في الحياة بالنسبة لكل من لا يعتبر معصوماً طبقاً للمفهوم الضيق الوارد في المادة (231)، وذلك على النحو الذي فصلناه بصدد الاعتراض عليها في موضعه.الوجه الثالث : ينطوي هذا النص على تشجيع لجرائم القتل بباعث الثأر، إذ كل من له (دَيْن دم) لدى الغير سيلجأ إلى استيفائه بنفسه، طالما أن اللجوء إلى القضاء سيكلفه عشرات السنين من عمره، بينما العقوبة المقررة لجريمته، إذا قتل غريمه، لا تزيد على ثلاث سنوات.الوجه الرابع : أن النص يجعل عقوبة القتل العمد إذا وقعت على أجنبي انتهت مدة إقامته في اليمن أقل من العقوبة المقررة للقتل الخطأ، فضلاً عن أن النص يهدر حق المجني عليه وورثته في الدية والأرش، بحيث يقتصر على العقوبة التعزيرية التي هي الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، أي أنه يدرج القتل ضمن الجرائم غير الجسيمة ويعاقب مرتكبه بعقوبة لا تصل إلى عقوبة الشروع، الأمر الذي ينبغي معه حذف هذا النص المضاف.الوجه الخامس : مخالفة النص المضاف لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية، حيث تنص المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ما يلي:((لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان دون أي تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر أو الأصل الوطني أو الاجتماعي ... الخ)).كما تنص المادة السابعة منه على الآتي:((كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعاً الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا)).ويفترض طبقاً للدستور والمعاهدات الدولية والقوانين الجنائية المعاصرة عدم وجود هذا النص في قانون العقوبات اليمني، حيث أن اليمن يجب أن تلتزم بالمعاهدات الدولية ونصوص المادة (14) من الدستور اليمني وغيرها من المواد الدستورية ذات العلاقة التي تنص صراحة على حماية الحق في الحياة لكل الناس وأن الناس سواسية أمام القانون.المــادة (232)قتــل الــزوج زوجتــهالنــص الحالــي((إذا قتل الزوج زوجته هي ومن يزني بها حال تلبسهما بالزنا أو اعتدى عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو عاهة فلا قصاص في ذلك وإنما يعزر الزوج بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة، ويسري ذات الحكم على من فاجأ إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته متلبسة بجريمة الزنا)). النص بعد التعديل((إذا قتل الزوج زوجته هي ومن يزني بها حال مباشرتهما فعل الزنا أو اعتدى عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو عاهة فلا قصاص في ذلك وتكون الدية أو الأرش بديلاً عن القصاص إذا كان الجاني غير محصن، وفي كل الأحوال يعاقب الزوج بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة، ويسري الحكم ذاته على من فاجأ إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته متلبسة بجريمة الزنا)).النــص المقتــرح((إذا قتلت الزوجة زوجها هو ومن يزني بها حال تلبسهما بالزنا أو اعتدت عليهما اعتداءً أفضى إلى موت أو عاهة فلا قصاص في ذلك، وتكون الدية والأرش بديلاً عن القصاص إذا كانت المزني بها غير محصنة، وفي كل الأحوال تعاقب الزوجة بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بالغرامة)).أوجـــه الاعـــتراض :الوجه الأول : قصور عنوان المادة عن شمول مضمونها، إذ اقتصر العنوان على مطلق قتل الزوج زوجته فقط دون شريكها في الزنا، ومن غير بيان القتل وهو جوهر النص القانوني.ولذلك نرى أن يعدل العنوان بحيث يصير كالتالي:((قتل الزوج زوجته ومن يزني بها أثناء التلبس بالزنا)).الوجه الثاني : اشترط النص القانوني المقترح بواسطة اللجنة في مشروعها حول زنا الزوجة، للاستفادة من العذر المخفف، مباشرة فعل الزنا بدلاً من الاكتفاء بحالة التلبس، بينما في زنا الأصول أو الفروع أو الأخوات اكتفى نص المشروع بالتلبس، وفي هذا تحكم لا مسوغ له، إذ ما وقع زنا الأصول أو الفروع أو الأخوات على الزوج، بأشد من وقع زنا الزوجة، حتى يشترط المشرع مباشرة فعل الزنا هنا، ويكتفي بالتلبس هناك، بل إن الواقع يشير إلى أن حالة الاستفزاز التي يتعرض لها الزوج، عند زنا زوجته، أشد منها في حالة زنا الأصول أو الفروع أو الأخوات، فكان الأولى الاكتفاء بالتلبس أيضاً، أو اشتراط المباشرة (الجنسية) في كل الأحوال، الأمر الذي كان يتحتم على اللجنة الموقرة مراعاته عند تعديل النص. والراجح أنها لم تقف على الفرق بين معنى ((التلبس)) و ((المباشرة)) كما هو موضح في مبادئ القانون الجنائي، فأوردت الكلمتين للتعبير عن معنى واحد، ظناً منها أن الكلمتين تحملان المعنى ذاته، وهذا خطأ.الوجه الثالث : المقصود بـ ((حال مباشرتهما فعل الزنا)) الواردة في مشروع اللجنة، حدوث الاتصال الجنسي، ومقتضاه أن يشاهد الزوج قضيب الفاعل مولجاً في فرج المرأة كما يرى الميل في المكحلة، أي عملية الجماع بين الزوجة ومن يزني بها، وهو أمر يكاد يستحيل إثباته، بينما (التلبس) يقصد به أيضاً مقدمات الزنا (الجماع)، أو أن يوجد من المظاهر ما يدل على أن الزنا (الاتصال الجنسي)، قد وقع أو على وشك الوقوع، ومثال ذلك أن يفاجئ الزوج زوجته في غرفة النوم في خلوة مع الرجل المتهم بأنه يزني بها، وهما عاريان، ففي هذه الحالة تقوم حالة التلبس رغم أن المباشرة الجنسية، ربما لم تقع بعد، ولذلك فإن اشتراط ذات المباشرة لا لزوم له ويكفي، لقيام الجريمة وتوافر العذر القانوني المخفف للعقاب، وجود حالة تلبس.الوجه الرابع : لم يبين النص المعدل في مشروع القانون حكم ما إذا كان القاتل يرث في هذه الأحوال أم لا؟!الوجه الخامس : ينص التعديل المقترح من اللجنة على إيقاع عقوبة الدية أو الأرش بدلاً عن القصاص إذا كان الجاني في الزنا غير محصن، ويلاحظ على ذلك ما يلي:أولاً : كيف يعرف الشخص أن المتلبس بالزنا مع الزوجة أو إحدى الأصول أو الفروع أو الأخوات محصن من عدمه، ثم أنه ما دامت العلة في تخفيف العقوبة هي الاستفزاز والهياج النفسي الذي يلحق الشخص عند مشاهدته للجريمة فإنها تتحقق سواء كان المتلبس محصناً أو غير محصن.ثانياً : لم يبين التعديل المقترح نوع الدية أو الأروش التي يحكم بها على الفاعل، هل هي دية عمد؟ أم دية خطأ؟ وهل هي من مال الجاني وحده؟ أم أن العاقلة تتحمل جزءاً منها؟ وهذا القصور يدع المجال مفتوحاً لاجتهاد القضاة وينجم عنه اختلاف في تمايز الأحكام القضائية في الوقائع المتشابهة.ثالثاً : إن تقرير عقوبة الدية أو الأرش على الزوج أو المحرم الذي يقتل متلبساً بالزنا مع الزوجة أو إحدى المحارم المذكورة في المادة غير محصن يتضمن تفويض الزوج تنفيذ عقوبة القتل على المتلبس بالزنا المحصن، يؤكد ذلك أن النص لم يقرر الدية أو الأرش لغير المحصن باعتبار العقوبة المقررة عليه هي الرجم حتى الموت، والمشرع هنا أغفل أن العقوبة لا تطبق إلا بعد صدور حكم بالإدانة وانعدام أسباب سقوط الحد بحيث يجب أن لا يتوافر أي منها حتى تمام التنفيذ، وبالتالي فإن بقاء النص على ما هو عليه في القانون النافذ أسلم وأولى من إقرار التعديل الذي تضمنه المشروع.الوجه السادس : لم يبين النص المعدل الوارد بالمشروع، ما إذا كان يشترط توافر الدليل الشرعي لإثبات الزنا أم لا؟!الوجه السابع : كان يلزم شمول الزوجة بالعذر المخفف إذا شاهدت زوجها متلبساً بجريمة الزنا في منـزل الزوجية.ولذلك نرى أن تضاف مادة بعد المادة (232) بعنوان:((قتل الزوجة زوجها ومن يزني بها أثناء التلبس بالزنا)).ويستثنى من نص المادة المقترحة الأصول والفروع والأخوان.ولذلك نقترح أن يكون نص المادة كالتالي:((إذا قتلت الزوجة زوجها هو ومن يزني بها حال تلبسهما بالزنا أو اعتدت عليهما اعتداءً أفضى إلى موت أو عاهة فلا قصاص في ذلك، وتكون الدية والأرش بديلاً عن القصاص إذا كانت المزني بها غير محصنة، وفي كل الأحوال تعاقب الزوجة بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بالغرامة)).وحجتنا في ذلك أنه ما دامت العلة واحدة وهي الاستفزاز والهياج النفسي الناجم عن مشاهدة الجريمة حال وقوعها، فيلزم، لذلك، توحيد الحكم تأسيساً على وحدة السبب.وهذا ليس رأياً غريباً، فقد ورد، على سبيل المثال، منذ مئات السنين في (شرح الأزهار)، المجلد الرابع، ص (347) هامش رقم (14 ، 16) ما يلي:[(14) وهل يجوز للمرأة قتل من وجدت مع أمَتها أو ولدها سل القياس أن لها ذلك.(16) وكذلك المرأة لها قتل من وجدت مع زوجها. أ هـ. بحر.].المــادة (234)القتـــل العمـــدالنــص الحالــي((من قتل نفساً معصومة عمداً يعاقب بالإعدام قصاصاً إلا أن يعفو ولي الدم فإن كان العفو مطلقاً أو بشرط الدية أو مات الجاني قبل الحكم حكم بالدية ولا اعتبار لرضاء المجني عليه قبل وقوع الفعل.ويشترط للحكم بالقصاص أن يطلبه ولي الدم وأن يتوافر دليله الشرعي فإذا تخلف أحد الشرطين أو كلاهما واقتنع القاضي من القرائن بثبوت الجريمة في حق المتهم أو إذا امتنع القصاص أو سقط بغير العفو يعزر الجاني بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات.ويجوز أن يصل التعزير إلى الحكم بالإعدام إذا كان الجاني معروفاً بالشر أو ارتكب القتل بوسيلة وحشية أو على شخصين فأكثر أو من شخص سبق أن ارتكب قتلاً عمداً أو توطئة لارتكاب جريمة أخرى أو لإخفائها أو على امرأة حامل أو على موظف أو مكلف بخدمة عامة أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأدية وظيفته أو خدمته حتى لو سقط القصاص بالعفو.)).النص بعد التعديل((من قتل عمداً عدواناً إنساناً معصوماً يعاقب بالإعدام قصاصاً إلا أن يعفو ولي الدم فإن كان العفو مطلقاً أو بشرط الدية أو مات الجاني قبل الحكم حكم بالدية ولا اعتبار لرضا المجني عليه قبل وقوع الفعل، ويشترط للحكم بالقصاص أن يطلبه ولي الدم وأن يتوفر دليله الشرعي، فإذا تخلف أحد الشرطين أو كلاهما واقتنع القاضي من القرائن القوية بثبوت الجريمة في حق المتهم يعزر الجاني بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات)).وجـــه الاعـــتراض :الصواب هو استبعاد كلمة (معصوماً) من النص، لكي تشمل الحماية جميع بني الإنسان في اليمن، ولكي يكتسب النص القانوني الطابع الدستوري، لأنه بدون هذا التعديل، تكون المادة (234) من مشروع قانون العقوبات مخالفة للمادة (6) من الدستور، والتي تؤكد التزام الدولة اليمنية بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدول العربية وقواعد القانون الدولي، وكلها تحتم حماية الحياة الإنسانية من الاعتداء عليها، سواء كان الإنسان (معصوماً) أم (غير معصوم) من الناحية الدينية.على أنه فيما يخص أحكام (العصمة) فيمكن الرجوع إليها في مجال الإجراءات ومضمار المحاكمة وإصدار الحكم القضائي، دون حاجة لإيراد شرط (العصمة) في صلب النص القانوني الخاص بحماية عموم الحياة الإنسانية، يضاف إلى ذلك أن كلمة (عدواناً) تغني عن إيراد كلمة (معصوم) في هذا المقام.المــادة (238)القتل غير العمدالنــص الحالــي((يعاقب بالدية من تسبب بخطئه في موت شخص، ويجوز فوق ذلك تعزير الجاني بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة فإذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو مخالفته للقوانين واللوائح أو كان تحت تأثير سكر أو تخدير عند وقوع الحادث كان التعزير الحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات)). النص بعد التعديل((يعاقب بالدية من تسبب بخطئه في موت شخص، ويجوز فوق ذلك تعزير الجاني بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة، فإذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو مخالفته للقوانين واللوائح كان التعزير الحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات)).وجـــه الاعـــتراض :حذفت اللجنة في مشروعها عبارة: ((أو كان تحت تأثير سكر أو تخدير عند وقوع الحادث)) من النص القانوني النافذ باعتبارها ظرفاً مشدداً، وهذا التعديل بالحذف في غير محله، وكان الأولى الإبقاء على الظرف المشدد، خاصة مع ازدياد عدد حوادث القتل بالسيارات وما في حكمها وعدم وجود ضوابط حازمة فيما يخص شروط قيادة السيارات والالتزام بأنظمة المرور.أما ما تعللت به اللجنة من أن شارب الخمر يعاقب بنفس العقوبة، إذا سكر باختياره، طبقاً لنص المادة (33)، فمردود عليه بأن هذا النص يتحدث عن حكم السكران الذي يباشر النشاط الإجرامي، أما المتسبب، خطأ، في جريمة ما فلا يدخل ضمن هذا النص، فإذا شرب شخص خمراً وقاد سيارته فخالف اللوائح وقتل، فمعلوم أن هذا القتل هو خطأ، كذلك الحكم لو قام شارب الخمر بحفر بئر في أرض غيره فوقع الغير فيها فمات، فالقتل هنا خطأ أيضاً، ولا يحكم بالعمدية على الإطلاق لمجرد أنه كان تحت تأثير السكر، وإنما لا بد للحكم بذلك، من توافر الأمارات والدلائل المحيطة بظروف الواقعة، والتي بموجبها يتم استنتاج توافر القصد الجنائي، وبالتالي يتبين أن اللجنة تكلفت في دراسة هذا النص وأخطأت في فهمه، فأوردت حكماً في غير محله، وبالتالي فالأولى أن يظل النص بصياغته في القانون النافذ.[c1]* أستاذ علوم القانون الجنائي كلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء المستشارالقانوني والمحامي أمام المحكمة العليا[/c]