د . زينب حزامفي شهر رمضان المبارك تظهر المناطق الصحراوية في اليمن بطابع ديني مميز يختلف عن بقية ايام السنة، ذلك ان اليمن من البلدان الاسلامية المشهورة بكثرة بناء المساجد حتى في المناطق الصحراوية النائية فالمسافر اليها يغوص في كثبان المفردات التي تحتويها ثقافتنا الاسلامية المحافظة على التقاليد والعادات العربية والاسلامية، ولعل مهرجان البلدة السنوي الذي اقيم في حضرموت هذا العام 2007م، قد اظهر العادات والتقاليد اليمنية في المناطق الصحراوية.وفي شهر رمضان يحلو السهر في ظل القمر، ويقعد الساهرون على الكثبان الممتدة وكأنها تصل الافق المنبسط بآخر يحجب نور القمر .. ولاتزال الرمال تحتفظ باصابع الريح الباردة وقد عبثت ببشرة الاطراف لتترك آثارها خطوطا لاقدام الجمال التي تستخدم في المناطق الصحراوية كوسائل للنقل في المسافات القريبة، كما ان الجمال ثروة حيوانية، حيث تستخدم لحوم الجمال في الموائد الرمضانية للقبائل اليمنية عندما يتجمع افراد القبيلة على مائدة الافطاء مع الخبز المطبوخ على وقود النار الخشبية ما يسمى (الموفى) وتشوى عليها اللحوم سواء لحوم الجمال او الماعز التي تشتهر به اليمن، كما يقدم على مائدة الافطار الرمضانية التمر مع لبن الناقة او الماعز، بعد الافطار خاصة بعد صلاة العشاء، وبعد صلاة التراويح، يجتمع الاهالي في المناطق الصحراوية اليمنية في حلقات رجالية او نسائية، ويبدأ اكبرهم سنا في افتتاح الحفلة الشعرية او القصصية وقد نشأ ابناء هذه القبائل على قول الشعر الشعبي، وترديده في المناسبات والاماسي الرمضانية، لاستعادة الروح الشعرية عند افراد القبيلة التي تستمد صورها من الحياة الصحراوية وطبائعها .. والمسابقات الشعرية تأتي بعد المسابقات القرآنية والاحاديث النبوية في شهر رمضان المبارك .. وفي هذا الشهر المبارك يحلو السهر حتى موعد السحور حيث يتبادل الاهالي الامثال والاقوال المرويات المغناة، كما يقيم اهالي هذه المناطق الصحراوية اليمنية سباق الهجن وهي من الالعاب الشعبية التي تميز بها اليمنيون منذ القدم وتقوم المهرجانات السنوية لهذه المسابقة وتشرف عليها الدولة وهي تهدف من وراء ذلك البحث عن الذاكرة الجماعية، ليس عودة الى الماضي وانما لاستعادة التراث الشعبي اليمني وفي هذا المهرجان الشعبي والامسيات الرمضانية والذي يعتبر في المحافظة على التاريخ الاسلامي الصحراوي للخيول والابل وتأصيل عاداته، حيث يبلغ طول مضمار السباق 100 كيلومتر، حيث يصطف المشاهدون حول المتسابقين ولاينافسهم سوى الفوز في هذه المسابقة الشعبية والمشهورة في اليمن والحصول على لقب الفارس الفائز في هذه المسابقة الرمضانية والحصول على الجائزة المالية، وفي هذه المسابقة الرمضانية يتم استعراض الجمال ويتخلل هذا العرض ايقاع الطبول والمزامير والدف والاناشيد الرمضانية الاسلامية. والامر في هذا الحفل الرمضاني الذي يحتوي على طقوس الجد والمرح حيث نشاهد في هذه الامسيات الدينية جمال وروعة الصحراء اليمنيةن التي يتخللها الصيد وعراك الفحول والغناء حول البئر والرقص بالسيوف واللعب والاناشيد الدينية، وتبادل الاشعار والاغاني والقصص عن سير الانبياء والابطال الشعبيين في اليمن .. ويستمر هذا الاحتفال حتى موعد السحور وانتظار الخبز الذي ينضج على لوحته الحديدة او المعدنية المستديرة فوق نار الخشب المقطوع من غصون الشجر او الخبز (المطبوخ بالتنور) اضافة الى الحليب والسمن والعسل اليمني المميز بجودته.وفي الامسيات الرمضاانية تشتهر الصحراء اليمني ايضا بمسابقات المهاري وهي نوع من الرياضة وتنظم مسابقتها على مدار السنة وتزيد في امسيات شهر رمضان وقد ازدهرت الرياضة في اليمن بالاونة الاخيرة.وفي الصحراء اليمنية مشاهد رمضانية رائعة تبين الطبيعة الصحراوية اليمنية المتميزة بزراعة االنخيل التي تتذهب بأشعة الشمس.وفيما ينتظر المتسابقون والساهرون من هذا الشهر المبارك اذ ان صلاة الفجر وابتداء يوم الصيام .. تنام الصحراء في النهار خلال هذا الشهر الرمضاني ويطرز بستان الرمال الممتد كبساط بين مسافة واخرى او ترى الصغيرات المرتديات الازياء الشعبية اليمنية هن يرعين الاغنام والماعز في فرح وسرور ونسيم الصباح الهادئ يداعب خصلات شعرهن، بينما ينام الكبار حتى ساعة اذان الظهر.وفي الصحراء اليمنية ترى المهاري والغزلان الشاردة، كما ترى في الافق النجوم ساطعة .لقد نالت الصحراء اليمنية اعجاب العديد من الرحالة العرب والاوروبيين نظرا لجوها البارد في فصل الشتاء ومناظر النخيل والحيوانات الاليفة التي تنتقل من مكان الى آخر بحرية كاملة.في الصحراء اليمنية يوجد سوق الصناعات التقليدية وسوق الحيوانات الاليفة ومنها الماعز والاغنام والابل ويزور الصحراء اليمنية الممتدة بين حضرموت وشبوة العديد من الزوار في الليالي السياحية حيث يقومون برحلات صحراوية على ظهر الابل ويقومون بشراء اجود انواع التمور والعسل والصحراء اليمنية الممتدة بين المهرة وحضرموت وشبوة يسكنها البدو الرحل ولها سحرها الخاص، وقدر رسمها الفنانون اليمنيون باللون الاصفر الذي ينتظر يقظة السماء بزرقتها بينما غيمة بيضاء تبتسم وهي تبحث عن مطر يلطف حرارة صيفها.
[c1]التحف والملابس التقليدية في شهر رمضان المبارك[/c]في شهر رمضان المبارك تهدأ الحياة في النهار وتنشط في الليل طوال ايام الاسبوع فاذا الصورة الرمضانية ترسم نفسها في حركة الناس بين بيع متطلبات الشهر الكريم والاستعداد المبكر لعيد الفطر المبارك، وشراء الملابس التقليدية وتحف الزينة المزخرفة بالنقوش والخطوط العربية الاسلامية، فاذا بالصمت الذي يلفه الهدوء، ينطلق اطراف الجسد بالوان البهجة لاتخطئها العين، واشكال من الحركة يلهث وراءها الوصف في بقعة تعد من اقدم اسواق العالم خاصة في حضرموت التي اشتهرت منذ القدم بالتجارة ومنها تجارة التمور والعسل واللبان ومازالت هذه التجارة مستمرة حتى يومنا هذا، ويرتفع الستار عن حوار هنا وحركة هناك ولكن نهار شهر رمضان تشتد فيه الحركة بعد صلاة العصر حتى طلوع الفجر وتزداد فيه حركة بيع السجاجيد بتفاصيلها ومنمنماتها وهي احدى منتجات النسيج الحضرمية، اضافة الى بيع المسابح والملابس المطرزة والمزينة بانواع مختلفة وملونة من الخيوط الحريرية.[c1]الاغاني والأناشيد الشعبية في الصحراء اليمنية [/c]يقيم معظم اهالي الصحراء اليمنية في حضرموت، خاصة في شهر رمضان العديد من الاهازيج والاشعار والاناشيد والاغاني في الامسيات الرمضانية ومن هذه الاشعار الغنائية قصيدة الشاعر الشعبي بدر جعفر بن عقيل من القصائد الشعبية لشعراء حضرموت المهاجرين في اصقاع الارض كشرق آسيا وشرق افريقيا والهند وكذلك تغني قصائد الشاعر اليمني الامير حسين بن عبدا لله القعيطي الذي نفاه الانجليز من حضرموت الى الهند نتيجة خلافه مع ابن عمه السلطان عوض بن عمر القعيطي والذي اصبحت قصيدته هذه من القصائد الشعبية التي تردد من الجلسات السمر الشعبية حيث يقول في بعض ابيات قصيدته:يا الله يا غفار زلاتي اذا العمر انصرموامسيت في دار البقاء تاوي على دفن ارتكمنائي عن الاوطان والخلان واهلي والخدم عسى عمل صالح ينجينا من اهوال النقمراجي عظيم العدو يمحى ما في اللوح ارتقماذا ضويته ضيف يشملنا بعفوه والكرمومن القصائد المغناة في ليالي السمر في شهر رمضان المبارك :صوت (بني يثرب) نكش ما في الفؤادهيج اشواقي وذكرني سعاد بعد ما عبرت في الغربة سنينطول ليلي ما تهنا بالرقادوالمغرب له الى ارضه حنينقسموا قلبي على غير المرادنصف في الغربة ونصف في البلادخل في المهجر وفي الوادي حنينان رمضان في الصحراء اليمنية من حضرموت وشبوة والمهرة بامتداد القوافل العابرة للصحراء والتاريخ معا، نجد رائحة التمر والعسل والخبز واللبن وهناك وجبات رمضانية مشهورة تجعل لهذا الشهر المبارك ميزته الخاصة .. انها لوحات من دون توقيع ولكن الفنان الانسان اليمني البسيط رسمها بضمير امته العربية المسلمة.