قصة قصيرة
بلقيس الربيعي ( أم ظفر ) لا يزال الطقس رطباً . يهب هواء ابريل مفعماً بعبق الربيع القادم وبجليد الشتاء المنصرم .. وقفت امام النافذة المفتوحة ونسيم لذيذ يصافح وجهها بنعومة تصارعه هبات من الهواء الثقيل البرودة وكان خاطرها مشدوداً لرؤية القمر وقد اكتمل بدراً كان الوقت التاسعة مساءاً انه بالضبط موعد رسالتها . أي منظر جميل امامها ! قطعان من الغيوم السوداء تتجه كوحوش كاسره ، تبغي افتراس وجه قمرها ولكن ضوءه النقي يمسح عن جبينها تجاعيد الغضب يخترقها الى القلب .. تهدأ تتحلق حوله اطاراً لابهى صورة يبرز وجهه من خلال طياتها باسما زاهياً .. وهي وقمرها الحبيب وحديث طويل رسالة الى حبيبها . " ياريت بس اقدر بكلمة اعبر .. " اغنية لشادية تناهت لها من البعيد وتشرح في البعيد وذكرياتها الجميلة ولقائها الاول وعلاقتهما التي اصبحت مثلاً يتحدث عنه الكثيرون ويعطي البهجة والامل بحب اكبر في الحياة في زمن فلت وندرك فيه علاقات الحب الحقيقي.. ياقمراً ، ياحبيب العاشقين .. يا واهب المسرة ، هناك حبيبي ارجوك ان تتسلل اليه برسالة لي في حلم من اجل الاحلام قبلت ضياءه وهتفت في داخلها .. يا خالداً انسكب بضيائك على خديه قبلاً وسودة . احست بمرارة وغصه في حلقها وهي تتفقد ذكرياتها التي لا تزال كعطر شاعري . يا الهي ، ماذا اقترفنا كي تؤول حياتنا الى ما اصبحت عليه ؟ ولم عش الا والدموع تملأ مقلتيها ويد حانية تربت على كنفها وصوت ابنها يوقظها من تأملاتها . اماه اما تشمين رائحة طعام يحترق ؟ مسحت دمعة فرت من عينها بلعت غصها وصاحت ياإلهي نسيت الكعكة في الفرن . وهرولت الى المطبخ لتجد نفسها وسط سحابة كثيفة من الدخان . اخرجت الكعكة وقد تحولت الى قطعة فحم . احمر وجهها خجلاً من ابنها فغداً عيد ميلاده . بالتأكيد يا مي كنت غارقة في ذكرياتك ونسيت الكعكة في الفرن . اجل يا ولدي الذكريات الجميلة تتحجر فقط عندما يموت الانسان وذكرياتي معه باقية هنا ( واشارت الى رأسها). لكن لم تنسيك سنوات الفراق الطويلة؟ انتفظت.... نظرت اليه وصور الماضي الجميل تتدافع الى نفسها من جديد . لا يا ولدي انه موجود في اعماق روحي ويسري في كل قطرة من دمي .. خياله الحبيب يطوف امامي في كل لحظة وأراه مرشحاً في كل الوجوه وكأنه الانسانية مجسده في وجوه الناس . يظل الحبيب حياً في الذكريات على الرغم من ان عمري قد تعدى الخمسين لكني لا زلت اعيش مراهقة في حبه . لا ياامي ارى الشباب يتجدد فيك يا امي وان من لها هذا القلب الكبير وتمارس حباً حقيقياً وعشقنا ربيعياً لن تشيخ. مجنونه هي السنين التي تنال منك فعلى شفتيك ترتسم كل ابتسامات نساء العالم .. وفي عينيك بغزل العشق اسطورة له . احتظنها .. ضمها الى صدره .. امتلأت عيناه بالدموع . عادت الى غرفتها من جديد .. وقفت ترمق الصور المعلقة على الجدار .. تأملت صورته التي تتوسط الصور وراح ذهنها يرسم صورة للصف يوم كانا طالبين في الثانوية مكانها المفضلان الكرسيان في الصف الاول .. انها بعض الاسماء واماكنهم بالضبط كان عددهم ثلاثون طالباً وهي البنت الوحيدة بينهم خالجتها مشاعر جياشة .. بلل اجفانها حياتها السابقة معه . استقلت على السرير عيناها على الصوره وشفتاها جامدتان .. لم تستطع النوم لانها كانت تحلم طوال الليل بعينين مفتوحتين طلع الفجر ،وصاحب الشمس ترسل اشعتها الاولى من خلف الافق .