القدس المحتلة / 14 أكتوبر / رويترز :قال مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون وغربيون إن الأزمة السياسية التي تهدد بالإطاحة برئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت وإجراء انتخابات جديدة تحد من فرص التوصل لاتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين هذا العام. وتأتي الأزمة في توقيت قد يكون أسوأ توقيت ممكن بالنسبة لإدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش التي ترى الأشهر القليلة المتبقية أمامها قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر تشرين الثاني القادم كنافذة محدودة للتوصل إلى اتفاق بشأن الدولة الفلسطينية. وتحدى أولمرت حتى الآن مطالب وزير الدفاع إيهود باراك زعيم حزب العمل شريكه الرئيسي في الحكومة الائتلافية بالتنحي بسبب اتهامات بحصوله على مظاريف تحتوي على مبالغ نقدية من رجل أعمال يهودي أمريكي. ونفى أولمرت ورجل الأعمال ارتكاب أي أخطاء. وقال مسؤولون إسرائيليون مقربون من أولمرت تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم إن الإستراتيجية التي سيتبعها أولمرت ستركز على السعي للمضي قدما في مفاوضات السلام كأن شيئا لم يتغير ويأمل ألا تنتهي التحقيقات التي تجرى في قضية فساد إلى توجيه اتهامات ضده. ولكن في ظل الغموض السياسي يكون أمام أولمرت مساحة أقل للمناورة بالنسبة لكل من مفاوضات الوضع النهائي وتلبية المطالب الأمريكية لتخفيف قيود التنقل والتجارة المفروضة على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. وقال مسؤول إسرائيلي كبير «الأمور لا يمكن أن تسير كالمعتاد.» وقال مسؤولون إسرائيليون آخرون إن الغموض السياسي أصاب بعض المفاوضين بالذهول وشل حركتهم. ووصف المفاوض الفلسطيني صائب عريقات الأزمة بأنها «شأن إسرائيلي داخلي» لكنه قال إن الجانب الفلسطيني يشعر بقلق على مستقبل المحادثات التي بدأت في نوفمبر تشرين الثاني الماضي. وقال عريقات في إشارة للفلسطينيين «مهما تكن الطريقة التي ننظر بها للأمر فإنه إذا عطس شخص في تل أبيب سأصاب بالانفلونزا في أريحا.» وتابع قائلا «إنني أول من يتأثر بالأزمة الداخلية. وعندما شهدت إسرائيل أزمات مماثلة (في الماضي) فإنها ترجمت إلى صعوبات أكبر بالنسبة لنا. أرجو ألا يكون الأمر على هذا الحال هذه المرة.» وقال دبلوماسي أوروبي كبير قريب من المحادثات إن الأزمة تأتي في «وقت سيئ تماما» يقوض الفرص إلى حد أن باراك الذي يتولى منصب وزير الدفاع ويضع نصب عينيه الانتخابات سيكون مستعدا لتحمل مخاطر من قبيل إزالة حواجز طرق ونقاط تفتيش لتعزيز وضع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقال الدبلوماسي الذي كان يعمل مع باراك والفلسطينيين في مسألة نقاط التفتيش «نسير في اتجاه سيكون إنجاز الأمور فيه أكثر صعوبة.» وقال مسؤولون إسرائيليون إن وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ستواصل الاجتماع بشكل منتظم مع نظيرها الفلسطيني. وأضافوا أن المفاوضات غير المباشرة مع سوريا ستستأنف بعد عودة أولمرت من زيارة لواشنطن في السادس من يونيو حزيران. وقال مسؤول إسرائيلي كبير «الاجتماعات ستستمر. لكن لتقديم تنازلات تحتاج إلى حكومة قوية. إن ظهور انتخابات تلوح في الأفق يجعل هذه الحكومة ضعيفة.» وشبه مسؤول إسرائيلي كبير آخر كلا من المسارين الفلسطيني والسوري بركوب دراجة ساكنة تراوح مكانها. وقال المسؤول «تتصبب عرقا ولكن دون أن تتحرك.» وأضاف المسؤول إنه بينما المحادثات مع الفلسطينيين ستستمر فإن اتخاذ أي قرار سيكون «مؤجلا» حتى ربيع عام 2009 مما يقضي على الجدول الزمني الذي وضعته واشنطن لإنجاز اتفاق قبل أن يترك بوش منصبه في يناير كانون الثاني القادم. وقال دبلوماسيون غربيون إنهم لا يرون نتائج إيجابية كبيرة تذكر يمكن أن تنجم عن الأزمة الحالية فيما يتعلق بالمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية الجارية. وقال أحد الدبلوماسيين «أولمرت سيتضرر على نحو أو آخر» مما يقلل قدرته على الصمود أمام شركاء في الحكومة الائتلافية مثل حزب شاس الديني المتشدد الذي هدد بالانسحاب وإسقاط الحكومة إذا قدم أولمرت تنازلات كبيرة للفلسطينيين. وتسليم مقاليد الأمور إلى ليفني حتى لو كان حلا مؤقتا سيكون وسيلة للحفاظ على المحادثات الراهنة مع الفلسطينيين وهو هدف أمريكي رئيسي. وقال مسؤولون إسرائيليون إنه نظرا لأن الانتخابات تلوح في الأفق فإن ليفني وحزب كديما الذي تنتمي إليه قد يلزمان الحذر في تقديم تعهدات قد تمنح ذخيرة لحزب الليكود اليميني الذي يتقدم زعيمه بنيامين نتنياهو في استطلاعات الرأي. وقال دبلوماسي غربي «عندما تخوض انتخابات فانه يتعين عليك أن تبدو متشددا.» وقال عريقات «نشعر بقلق من هذا.. نعم.» واستطرد قائلا «إذا أجروا انتخابات مبكرة فإننا لا نريد أن يظهروا كمتشددين في المستوطنات والتوغلات وحواجز الطرق على حسابنا.» ومن ناحية أخرى قال أعضاء بارزون في حزب كديما الحاكم في إسرائيل أمس الجمعة إن قادة الحزب يفكرون في الاجتماع خلال أسبوع للبت في أمر إجراء انتخابات داخلية يمكن أن تستبدل زعيم الحزب ايهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يواجه فضيحة فساد. وتحدى أولمرت حتى الآن مطالب وزير الدفاع ايهود باراك وزعيم حزب العمل الشريك الأكبر لكديما في الحكومة الائتلافية بتنحيه بشأن فضيحة الفساد المتصاعدة. ووجد استطلاع للرأي أجرته صحيفة يديعوت احرونوت الواسعة الانتشار أن نائبة اولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني ستفوز في أي تصويت داخلي على زعامة حزب الوسط. وحصلت ليفني كبيرة مفاوضي إسرائيل مع الفلسطينيين على تأييد 39 في المائة من أعضاء حزب كديما وفقا ًللاستطلاع. وجاء وزير النقل شاؤول موفاز في المرتبة الثانية وحصل على 25 في المئة. لكن استطلاعا للرأي في صحيفة معاريف اليومية وجد ان ليفني اذا اصبحت خليفة اولمرت ستخسر الانتخابات لصالح بنيامين نتنياهو زعيم حزب ليكود اليميني اذا جرت الانتخابات العامة. وقال تساحي هنجبي رئيس اللجنة المركزية في حزب كديما لراديو اسرائيل امس الجمعة ان اعضاء كديما سيعقدون الاجتماع بعد عودة أولمرت من زيارته للولايات المتحدة بنهاية الاسبوع القادم. وذكرت مصادر من حزب كديما ان أولمرت يريد من الحزب الوسطي تأجيل انتخابات الحزب لمدة أشهر على أمل ان يتمكن من تخطي الفضيحة التي تحقق فيها الشرطة بعد ان أبلغ رجل الاعمال الامريكي موريس تالانسكي محكمة اسرائيلية بأنه سلم اولمرت مظاريف بها الاف الدولارات. ونفى أولمرت ارتكابه اي أخطاء لكنه قال انه سيستقيل اذا وجه له اتهام رسمي. وتهدد الاضطرابات باخراج محادثات السلام الاسرائيلية الفلسطينية عن مسارها. ووجدت صحيفة يديعوت احرونوت ان 60 في المئة من اعضاء حزب كديما يرون انه لا يتعين على اولمرت ان يستقيل في هذه المرحلة في التحقيق. ورد اولمرت على الازمة بالانخراط في مشاغله اليومية المعتادة. وقال مسؤولون اسرائيليون انه من المتوقع ان يجتمع مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم غد الاحد. وقال المفاوض الفلسطيني صائب عريقات انه لم يحدد موعد بعد. وعقد المحامي العام مناحيم مازوزو اجتماعا لممثلي الادعاء وضباط الشرطة يوم الخميس لبحث الخطوات القادمة في التحقيق ضد اولمرت. وأصدر مازوزو بيانا بعد الاجتماع قائلا انه سيتم الاسراع «من اجل استكماله (التحقيق) في اسرع وقت ممكن». ولم يذكر اطارا زمنيا محددا لاتخاذ قرار بشأن ما اذا كان سيتم توجيه اتهام الى رئيس الوزراء. وتخطى اولمرت عواصف مماثلة منذ ان تولى السلطة في اوائل عام 2006م.