مدائن صالح
اسمها ينتسب إلى “صالح” من بني العباس وليس النبي صالح.في الطريق إلى مدائن صالح “الحجر” تستعيد من ذاكرتك أناشيد الأماكن التاريخية وملامح صمودها في وجه تصاريف الزمن . ومدائن صالح الآثار والتاريخ تختزم دهاليزها الأسرار وقلما نجد مدينة في كل بقاع الأرض جمعت ما تحتويه مدائن صالح بين ثناياها وفي انحائها من خصائص متفردة تمتزج فيها أسرار التاريخ بالانثربولوجيا ودهاليز الماضي الثليد وتختلط بخصوصية غرائبية المشاهد وبانورمية الصور .. هنا في مدائن صالح قد يغيب جزء كبير من الحاضر رافعاً قبعته للسيد “التاريخ” الحافل بالعراقة المتميزة وبروعة شواهد الأمس البعيد ومعالم العصور الغابرة . في مدائن صالح تتوقف الأعين أمام حيز مكاني تضاريسي يأبى أن ينكشف للزائر منذ أول وهلة لتنجلي عجائبه على مهل وفي استحياء شديد كاشفاً في كل مرة من تجلياته عن معالم باهرة ومفاتن تشعرك بالفعل أنك في “مدينة” ليست مثل كل المدن وأمام معلم استوفى من الاسرار ما لا تكفي معه أيام ولا شهور لسبر أغواره والغوص في اعماقه وأستجلاء رهبة المكان .عندما تسير بين دهاليز مدائن صالح تجد أن الواقع يمتزج بالخيال . . بالحلم . . وبالفانتازيا ثم يحرك المشهد لتتداعى الصور . . صورة بعد أخرى أمام شواهد حضارة انسانية لا تزال شواهدها قائمة من آثار وقبور وسدود ونقوش وكتابات وزخارف وفنون متنوعة ، تصور بكل تفرد تلك الحضارة الحافلة بالنبوغ في المناحي العمرانية والثقافية والتجارية. ويعتقد الكثير من الناس أن اسم مدائن صالح تعود تسميتها إلى نبي الله صالح عليه السلام وهذا خطأ شائع يجب الانتباه اليه حيث بدأ الناس يتعارفون على هذا المسمى منذ القرن الثامن الهجري ويذكر ابن ناصر الدين محمد عبد الله نقلاً عن أبي محمد القاسم البرزالي ان مدائن صالح التي تبعد عن محافظة العلا 32 كلم ينسب اسمها إلى صالح وهو من بني العباس بن عبد المطلب . . أما قبل ذلك فكان يطلق عليها مسمى “الحِجر” وقد ورد ذلك في القرآن الكريم بل وحمل أسمها احدى سور القرآن الكريم وهي سورة الحِجر رغم عوامل التعرية الا أن التاريخ يظل صامداً ولسان حاله يقول : حاوروني واسألوا “الأمكنة” إنها امامكم لن تضن عليكم باجابة استنطقوا كل شيء عن الماضي وتفاصيل حياة انسان الجزيرة العربية في عصور ما قبل الميلاد والى ما قبل 2800 عام . في آثار مدائن صالح تسطع الحضارة (النبطية) بكل ما بلغته من شأن كبير من حيث فنون النحت والزخرفة والعمارة كما يبدو ذلك جلياً على واجهات الاضرحة والمقابر المنحوتة في الجبال والتي تتزين بأشكال هندسية متناسقة من مثلثات ومربعات ودوائر وكذلك الرسومات التي تحتفل كثيراً بطائر “النسر” وكائنات أخرى تتصل بما كان يجمع عليه اولئك القوم من معتقدات وطقوس .