كتب / صقر أبوحسن ما يميز هذا الشهر في اليمن مأكولاتها خاصة” المحلبية والرواني والسنبوسة” ، هذا ما لخصته من حديث شقيقتي ذات الثمان سنوات عن رمضان “ فرمضان له أكلات يمنية كثيرة ، فـ” السنبوسة”- التي يتم صناعتها بحشو العجين المخصص لها باللحم المفرم وعملها بشكل مثلث وقليها بالزيت - تأتي بقدوم رمضان وتختفي بانتهائه أكثرها شعبية ، وكما هو الحال في “ السنبوسة “ الحال مشابه في أكلة الرواني والمحلبية وغيرها الكثير.وفي كل ليلة من ليالي الشهر الكريم وبعد صلاة العشاء تتعالى أصوات المؤذن بالصدوح بذكر الله عن أداء صلاة “التراويح” والتي تستمر أحيانا إلى أوقات متأخرة من الليل.. وبعد صلاة التراويح تبدأ ساعات الراحة التي تمتد إلى ساعات الصباح الأولى.. ساعات ممتعة الأحاديث المتداخلة بين هذا الموضوع وذاك أو سرد أحداث حدثت في الماضي بنوع من البسمة لما يرسم على الجلسة شيء من السحر خاصة إذا كان الحديث عن ذكريات جميلة لسنوات الطفولة وطيش الشباب. لرمضان في ذمار”مدينتي” نكهة خاصة أو كما يقول صديقي “عادل”الذي ينتمي إلى محافظة تعز “ :ذمار اشعر فيها في هذا الشهر إني اقضي أياماً في عصور ليست في التاريخ ، ذمار حالة فريدة ، قبل عدة أعوام قرر أن يكون للمدن الرئيسة اليمنية مدفع رمضاني لكي يضبط الوقت وهو ما جعل رمضان في اليمن يشبه أساطير وحكايات ألف ليلة وليلة, فرمضان له من الجمالية التي لا يمكن وصفها .. مع أن أمي “ حفظها الله” جالت بالمنزل وهي تحمل بيدها المبخرة تبخر كل زاوية من زوايا البيت كما هي عادة أهل “مدينة ذمار- 100 كم إلى جنوب من العاصمة صنعاء”, عند استقبال رمضان إلا أني لم انتبه إلا عندما سألت والدي” لماذا تبخر أمي البيت”؟ رد والدي وهو يحاول أن يخفي استغرابه “ غداً رمضان”, خاصة بعد أن تضاربت الأنباء حول تحديد أول أيام الشهر الكريم.التلاحم الأسري في الشهر الكريم يكون في أشده وفي اقوى وثاقه ففيه, التبادل الدافئ للزيارات العائلية والاجتماعية بين أفراد المجتمع، الأسر والجيران تتبادل الزيارات فيما بينها وتبعد بهذه الزيارات كل الغيوم التي لبدت سماء العلاقات الاجتماعية. كما هو حال اغلب مدن اليمن, فالحياة اليومية للناس تبدأ في منتصف النهار وتنتهي عند الفجر فذمار حالها لا يختلف عن بقية هذه المدن باختلاف بسيط هو أنها ليست كلها تنام صباحاً ففي أجزاء من هذه المدينة مثل “سوق الربوع وحي الجمارك وسوق المواشي” وغيرها.. الحياة فيها لا تختلف كثيراً عن أيام الفطر العادية. و حالة من التصوف هي المسيطرة، فبين زيارة القبور والمكوث لساعات طويلة لقراءة القرآن في المساجد ، وبين المسواك والمسبحة التي أحيانا كثيرة لا تفارق أيادي وأفواه الناس هنا في ذمار, بين هذا وذاك شيء يدعوك نحو النظر وبعمق إلى الروحانية التي صنعها رمضان في نفوس الناس.حتى أصحاب الدراجات النارية ووسائل المواصلات بمختلف أنواعها وأحجامها يصدع من مسجلاتها أما صوت شيخ يرتل القرآن أو شيخ واعظ .. حتى المساجد التي اشتكت من قلة المصلين فيها، اليوم تشهد تزايد غير عادي فقط لا يلاحظ إلا عند قدوم الشهر الكريم.يقول فيصل صريم : رمضان لا أعرف ماذا أقول عنه ! لكنه شهر اقل ما يمكن وصفه بأنه جميل على الرغم من كونه شهر الصبر والتحمل وأيضا شهر العمل, شهر البركة والخير والرحمة بين الناس.وأضاف المدرب في التنمية البشرية : لذلك تجد كل الناس تحزن لانتهائه، رمضان يعلم الإنسان دروساً في تهذيب النفس وتمرينها على حب الخير والمواظبة عليه.بينما يعتبر علي محمد صبر- صاحب محل خضروات”رمضان”شهر الخير”وقال:دخلي تحسن من خلال تزايد الطلب على الخضروات فعملي يستمر من الصباح الباكر إلى أوقات متأخرة من الليل و الكل يريد أن يشتري!!..أما صاحب البقالة التي أمام منزلنا فقد علق بعبارة واحدة عندما استفسرت منه عن رمضان:كل شي جميل في رمضان .وقال إبراهيم دوس- موظف”هذا الشهر الكريم تكون الأعصاب مشدودة إلى آخرها فأي شيء يمكن أن يشدها ويحدث مالا يحمد عقباه”.مشيرا إلى أن “الجلسات العائلية أو الأسرية تكون لياليها لا يمكن نسيانها “.رمضان بكل ما فيه مغفرة وعتق من النار.. رمضان .. ذمار .. فيها شيء من الترابط الروحي والمعنوي وتحمل من صفات الجمال والروعة الكثير. (أن كنت لم تزر ذمار فقد فقدت احد عناصر الجمال، وخسرت رائعة من روائع الرومانسية).هذه من مقالة مدرس سوري “ معلمي في المرحلة الثانوية “ قبل أن يغادر اليمن عندما وجدته بمكتب التربية والتعليم قبل أيام كثيرة .
|
رمضانيات
ذمار في رمضان..الروحانية وحديث الذكريات
أخبار متعلقة