الأديب السعودي عبد العزيز التويجري
[c1]* أديب ومؤرخ مسكون بحب وطنه العربي الكبير * اقتفى أثر المتنبي ولم تعقه رمال اليمامة والدهناء[/c]كثيراً ما استوقفنا الأديب السعودي المعاصر عبد العزيز محسن التويجري بأعماله الأدبية واهتماماته التربوية وكل ما خلف في سيرة حياته من أعمال جعلته واحداً من أعلام الفكر والأدب في المملكة العربية السعودية الشقيقة والوطن العربي بصفة عامة.. كان رحمه الله كثيف الحضور والتفاعل في ساحة الأنشطة الفكرية والأدبية التي كانت تقام هنا وهناك في بعض أجزاء أمتنا العريقة.كان شديد الشغف بالأدب.. كثيراً ما يجد نفسه في ساحة السياسة خصوصاً وقد برز نجم الرجل متزامناً مع التحولات التي شهدها هذا الجزء من الوطن العربي إذ اسندت له مهام عدة منها المهام السياسية والإدارية باعتباره واحداً من الأعلام الفكرية النابعة ومنها رواد بدايات التحولات العميقة التي شهدتها ربوع المملكة الشقيقة.. أما أبرز إسهاماته فقد تمثلت في مساعيه التنويرية العصرية التي هدفت تحويل مجتمعه إلى مجتمع عصري محتفظاً بخصائص عروبته وثوابت ديانته منذ مجامع محيطه الكوني تحت راية المحبة الإنسانية المشتركة التي تستظل تحت رايتها شعوب المعمورة بغض النظر عن مللها ودياناتها.. كما اهتم بإبراز الجوانب التراثية في عادات ذلك المجتمع البدوي الذي لم يتوان عن إظهار عمق تاريخه في سلسلة العطاء الإنساني ونسقه الحضاري ناهيك عما في مكنوناته من خصب وثراء الإنسان العربي المنتمي لروح وقلب البادية.من هنا كانت اهتمامات التويجري أكثر استجلاء لإشراقات الإنسان وتجليات عطائه في مختلف الحقب والأزمنة.. غائصاً في نسيج ذلكم التاريخ والحضور العشري يعين الأديب والمؤرخ النابه كما إن تأثر الرجل برحلاته المختلفة إلى بلدان العالم والاحتكاك بثقافات الشعوب ولدت لديه اهتمامات ثقافية واسعة كما هو حال جهوده في بعض المشروعات الكبيرة على هذا الصعيد في ربوع المملكة ومنها مكتبة الملك عبد العزيز بمدينة الرياض.إلا أن عشق التويجري للأدب.. كان أعمق من أي اهتمامات أخرى بل غدا عطاؤه بارزاً على هذا الصعيد من خلال كتابه المعروف في أثر المتنبي بين اليمامة ولد هنا ويمكننا أن نستجلي منه كم كان الرجل خليفاً في مجال الأدب أما كتابه رسائل وما مكنه في فبين شفافية الروح المؤمنة لدى التويجري وعمق صلتها بالخالق.وفي كتابه تحت عنوان أجهدتني التساؤلات.. نجد نفساً فلسفياً فكرياً عميقاً أي أن الراحل التويجري.. هو مؤرخ وأديب بامتياز.. ولا نبالغ إذا ما رجحنا ميل الرجل في حياته إلى التأملات الفلسفية التي يعكسها في الكثير من كتاباته سواء الأدبية أو التاريخية فهي لا تخلو في كنهها من تأملات فلسفية عميقة.ونجده بهيئة وصورة أخرى لكنها هذه المرة نسخة تلحق في سماء الشعر والشعراء في إثر المتنبي ما يعطي إجابات شافية في ثنايا رحلته الأدبية تلك اللذيذة والشيقة في إثر واحد من ألمع وأغزر شعراء العربية عطاء ومكانة بل هو الشاعر الذي شغل الناس في شعره.. وخلق جدلاً مازالت ساحاته مفتوحة لمن أراد أو يريد أن يطل على عطاء المتنبي الشعري. فالتويجري كان متواضعاً بل مستهيب أن يقتفي أثر واحد من أبناء جلدته ومحيطه الجغرافي.. لم يرد أن يقول التويجري إنه ناقد لا لغوياً شارحاً ولا محباً أو مبغضاً ولا خصماً حاقداً إنما هو خلف يعترف بعظمة الأسلاف ومجدهم.. ما دعاه للقول أعني أديبنا الراحل التويجري حين المقتفي أثر المتنبي.إنه إنما يحمل فأسه وحبله ويحطب من وادي المتنبي الفكري..تعبير ظريف وصادق من علم يدرك معنى استهابة الوقوف أمام هامات التاريخ من جيل الأجداد فما بالنا عندما يكون هذا الجد هو أبو الطيب أحمد بن حسين المتنبي.إذن كتابه عن المتنبي هو قراءة إلا أنها قراءة عميقة منحها أديبنا التويجري قدراً من ما كشفت عنه ببراعة الأديب.حقاً برحيل التويجري خسر الوطن العربي واحداً من أبرز أعلامه الأدبية والفكرية علماً تنوعت إسهاماته في خدمة مجتمعه وأمته.إلا أن بصمات عطاء رحلته في حياة امتدت إلى قرن من الزمان.. تلخصت بعدد من إسهاماته الفكرية والثقافية التي يمكنك استقراؤها في جنادرية المملكة ومكتبتها العريقة أعني مكتبة الملك الشهيرة بالرياض بالإضافة لما بين أيدينا من كتب قيمة تطل من ثناياها روح أديب مرهف ومؤرخ عميق.. وسياسي حصيف فهو دائماً أيها الخلف لخير السلف.