في برقية شكر وعرفان من المشاركين في المؤتمر الفرعي للسلطة المحلية في محافظة عدن إلى فخامة رئيس الجمهورية:
رفع المشاركون في المؤتمر الفرعي للسلطة المحلية بمحافظة عدن والذي اختتم أعماله أمس الخميس بصدور البيان الختامي وبحضور الأخ عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر برقية تهنئة إلى فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية بمناسبة الاحتفالات بالعيد الوطني للجمهورية اليمنية 22 مايو ورعايته الكريمة للمؤتمرات الفرعية للسلطة المحلية بالمحافظات جاء فيها:فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهوريةنحن المشاركين في المؤتمر الفرعي للسلطة المحلية بمحافظة عدن نتقدم إلى فخامتكم بمناسبة اختتام فعاليات مؤتمرنا بأحر التحيات الوطنية الصادقة، مؤكدين لكم دعمنا المطلق لدوركم الريادي في قيادة مسيرة بناء الدولة الوطنية الحديثة، وتعميق مضمونها الديمقراطي، وتسريع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة على طريق تعزيز وترسيخ وحدة الوطن اليمني أرضا وشعبا.وبهذه المناسبة يسرنا أنْ نجدد لكم العهد - يا فخامة الرئيس - على أننا سنظل أوفياء للتاريخ الوطني المجيد لمدينة عدن الباسلة، وللتضحيات التي اجترحها أبناؤها في مختلف مراحل الكفاح من أجل الحرية والاستقلال والوحدة.. ولن نفرط بهذا التاريخ الذي يلهم الأجيال الجديدة من شعبنا اليمني العظيم مزيدا من البذل والعطاء في سبيل حماية المكاسب الوطنية، التي تعمدت بالدماء الزكية والتضحيات الجسيمة، ومواصلة العمل الدؤوب لتحقيق المزيد من الإنجازات والتحولات على طريق بناء اليمن الجديد والإنسان الجديد في ظل وحدتنا اليمنية المباركة.ولئن كان مؤتمرنا هذا ينعقد في ظل تحديات غير مسبوقة تستهدف ضرب وحدتنا الوطنية وطمس هويتنا اليمنية، وتمزيق النسيج الوطني والاجتماعي لشعبنا من خلال محاولات إحياء العظام الرميمة للمشاريع الاستعمارية الأنجلو سلاطينية التي قاومها شعبنا، والسعي لتسويق ثقافة الكراهية بين أبناء الشعب اليمني الواحد، فإننا نعاهدكم يا فخامة الرئيس .. ونعاهد من خلالكم كل جماهير شعبنا بأنّ مدينة عدن ستظل - مثلما كانت - مقبرة لكل المراهنات الخاسرة والأوهام المريضة والمشاريع الصغيرة التي تستهدف مصادرة حقوقنا المشروعة في حياة آمنة وكريمة ووطن حر وموحد.لقد قاومت مدينة عدن في الأربعينيات من القرن الماضي مشروع الكومنولث الاستعماري الذي استهدف التمييز ضد قسم من أبناء اليمن والتحريض ضد حقهم في العمل والعيش في مدينتهم عدن بما هي جزء أصيل من وطنهم اليمني الواحد أرضا وشعبا وتاريخا وحضارة.كما تصدت مدينة عدن في الخمسينات بالمظاهرات والإضرابات والكتابات والأعمال الأدبية والفنية ، ومختلف وسائل المقاومة السلمية لمشروع اتحاد إمارات الجنوب العربي الذي استهدف تطويق شعارات الاستقلال الناجز والوحدة اليمنية ، وتشرفت منذ وقتٍ مبكر بدورها الريادي في خوض أولى وأشرف معارك الدفاع عن الوحدة والهوية ضد هذا المشروع الاستعماري الأنجلو سلاطيني الذي استهدف نزع الهوية اليمنية عن مدينة عدن وسائر مناطق الجنوب المحتل آنذاك، وتلفيق هوية بديلة على طريق تجزئة الوطن إلى كيانات ودويلات.كما تصدت مدينة عدن في الستينات من خلال ثورة 14 أكتوبر الخالدة ـــ إلى جانب غيرها من المدن اليمنية في الجنوب المحتل ـــ بكل وسائل المقاومة الوطنية المشروعة وبضمنها الكفاح المسلح، ضد ضم عدن إلى اتحاد الجنوب العربي، ووقف أبناؤها وعمالها ومثقفوها وتجارها وشبابها ـــ رجالا ونساء ـــ وقفة واحدة ضد قانون تسجيل الأجانب الذي كان يعتبر المواطنين اليمنيين من أبناء المناطق الشمالية أجانب في وطنهم، وساندوا بلا حدود ثورة 26 سبتمبر الخالدة التي قضت على النظام الإمامي الاستبدادي في شمال الوطن ، وأقامت على أنقاضه أول جمهورية في شبه جزيرة العرب، وفتحت الطريق لمواصلة النضال ضد الاستعمار على طريق التحرير الكامل واستعادة الوحدة الشاملة.وكما كان لمدينة عدن تاريخها الوطني الزاهر ، ودورها الريادي البارز ، في رفع بيارق الكفاح من أجل الحرية والاستقلال والوحدة، وإفشال المشاريع الاستعمارية الأنجلو سلاطينية التي استهدفت طمس هويتها اليمنية ، وتجزئة الجنوب إلى ثلاثة كيانات انفصالية وهي اتحاد الجنوب العربي ، وسلطنات حضرموت والمهرة وسقطرى التي أراد لها المستعمرون أن تظل خارج كيان ما كان يسمى (الجنوب العربي ) المزيف.. فقد كان لمدينة عدن أيضا شرف الريادة في طرد المستعمرين والسلاطين من كافة أراضي الجنوب المحتل، وإصدار شهادة وفاة ما كان يسمى (اتحاد الجنوب العربي ) ، وتثبيت الهوية اليمنية للجنوب المتحرر يوم الثلاثين من نوفمبر 1967م المجيد، وصولا إلى تشرفها بالسبق في رفع علم الجمهورية اليمنية الموحدة يوم 22 مايو 1990م الخالد.إنّ تاريخـا خالدا ومعمدا بالتضحيات والدماء والبطولات كهذا الذي تتميز وتفخر به مدينة عدن الباسلة ، لا يمكن أنْ تطمسه أوهام المراهنين على إعادة عجلة الزمن إلى الوراء ، وتزييف وعي الأجيال الجديدة من خلال الانغماس في اللعبة العمياء لمشاريع الشوارع، وممارسة التخريب والتحريض ضد وحدة الوطن والشعب .. وبالقدر نفسه فإنّ مدينة باسلة وفخورة بتاريخها وهويتها ورصيدها الوطني مثل عدن، لا يمكن أن تكون صيدا سهلا للشياطين والأشباح وذوي الضمائر الميتة والرؤوس الغارقة في غيبوبتها ، والأيادي الملطخة بدماء جرائمها في حق الوطن والشعب .. ولسوف تظل مدينة عدن - وإلى الأبد - مدينة كل أبناء وبنات اليمن .. وواحدة من القلاع الوطنية التي ستتكسر وتتحطم عليها حراب المتآمرين على وحدة الوطن وحريته واستقلاله.لقد تدارس مؤتمرنا يا فخامة الرئيس العديد من الأوراق والتقارير والأبحاث التي جسدت عمق الإنجازات والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها محافظة عدن في ظل الجمهورية اليمنية.. وخرج المشاركون في هذا المؤتمر بالعديد من التصورات والتوصيات التي تسترشد ببرنامجكم الانتخابي، وتؤكد الحاجة إلى معالجة كوابح المركزية الشديدة، ومشاكل نهب الأراضي بما هي واحدة من أبرز الأخطار التي تسيء إلى صورة الوحدة ، وتضاعف مصاعب النمو، وتؤدي إلى إهدار الزمن والجهد والإمكانيات وتعطيل فرص وحوافز الاستثمار.إننا نتطلع يا فخامة الرئيس إلى أنْ تتحول توصيات مؤتمرنا وسائر مؤتمرات السلطة المحلية في عموم محافظات الجمهورية إلى أعمال ملموسة تترجم إرادتكم السياسية ورؤيتكم الثاقبة التي أكد عليها برنامجكم الانتخابي، وتسهم في توفير المزيد من الحوافز لمواصلة ترسيخ أسس الدولة اليمنية الحديثة، وتوسيع المشاركة الشعبية في إدارة الحكم المحلي، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، وتعزيز الوحدة الوطنية.ونحن واثقون يا فخامة الرئيس بأننا قادرون تحت قيادتكم الجسورة والحكيمة على مواجهة مختلف التحديات التي تواجه مسيرة الوحدة، من خلال تعزيز عملية الانتقال إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات، الأمر الذي يتطلب تغييرا جوهريا في طريقة عمل أجهزة الدولة على المستويين المركزي والمحلي، وفي ثقافة القائمين عليها، وأسلوب تعاملهم مع المواطنين.. وهو ما يعني بكل وضوح أنّ الأهداف التي ننشدها جميعا من خلال الانتقال إلى نظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات لن تتحقق ــ فقط ـــ بمجرد توافر الإرادة السياسية وتعديل التشريعات القائمة، بل من خلال بلورة رؤية إستراتيجية وطنية شاملة لبناء نظام حكم محلي قادر على تحقيق التنمية المحلية في إطار التنمية الوطنية الشاملة والمستدامة، ويتمتع بكامل الاستقلالية المالية والإدارية، بمهنية وكفاءة، ويخضع في الوقت نفسه للرقابة الشعبية والمساءلة القانونية في ظل سلطة القضاء.*والله من وراء القصد