باريس / 14 أكتوبر / بيار عقل :من هم الضبّاط الذين قالت بنازير بوتو أنها تعرف أسماءهم “بدقّة” المسؤولون عن محاولة الإغتيال التي أسفرت عن سقوط 150 قتيلاً و400 جريح في كراتشي يوم أمس؟ وهل تؤدّي إتهامات بوتو، وحجم المجزرة التي وقعت في كراتشي، إلى فتح ملفّ دور أجهزة الإستخبارات الباكستانية في عمليات الإرهاب الدولي، بما فيها عملية 11 سبتمبر؟وكانت السيدة بنازير بوتو قد صرّحت لمجلة “باري ماتش” (راجع صفحة “الشفاف” الفرنسية)، فور وقوع المحاولة بما يلي: “أعرف بدقّة من هم الذين قاموا بمحاولة قتلي. إن وجهاء نظام الجنرال ضياء الحق السابق هم الذين يحرّكون الحركات المتطرّفة والمتعصّبة. ينبغي أن نقوم بتطهير مثل هذه العناصر الموجودة في أجهزتنا الأمنية. الكثير من هؤلاء كانوا قد تقاعدوا، ثم أعيدوا إلى وظائفهم من جديد. إنهم يمسكون بسلطات واسعة جداً اليوم. وهم يعتبرون أنني أمثّل خطراً عليهم: إذا ما نجحت بإعادة الديمقراطية إلى البلاد، فسيخسرون نفوذهم.وأضافت بنازير أن “الطالبان والإسلاميين المتطرّفين ليسوا قادرين على التحرّك بمفردهم. إنهم غير قادرين على تنفيذ عمليات التفجير إنطلاقاً من كهوف في الجبال. إنهم بحاجة إلى دعم لوجستي، وإمدادات، وأسلحة، وبحاجة إلى من يشرف عليهم”!مصادر مقرّبة من بنازير بوتو أكّدت لـ”الشفّاف” أن المقصودين باتهامات بوتو 3 أشخاص هم: الجنرال حميد غول، والجنرال إعجاز شاه، وضابط الشرطة حسن وسيم أفضال.الجنرال حميد غول كان المدير االعام لجهاز الإستخبارات المشترك ISI، في عهد الجنرال ضياء الحق. وهو معروف بتوجّهاته الأصولية (ممنوع من دخول الأراضي البريطانية). وكان “خالد شيخ محمد”، المعتقل في غوانتانامو حالياً، أحد الإرهابيين الإسلاميين الذين “تبنّاهم” حميد غول. وكان الجنرال-الرئيس ضياء الحق قد وسّع صلاحيات جهاز الإستخبارات المشترك لتشمل مراقبة الأحزاب السياسية، وخصوصاً منها حزب الشعب الباكستاني الذي قام ضياء الحق بإعدام رئيسه، ورئيس حكومة باكستان، ذو الفقار علي بوتو.وقالت المصادر المقرّبة من بنازير أن إتهامات رئيسة الحكومة السابقة تشير كذلك إلى “اللفتنانت جنرال إعجاز شاه”، الذي كان ضابط جهاز الإستخبارات المشترك “ المسؤول” عن الباكستاني- البريطاني (والطالب “اللامع” في “كلية لندن للإقتصاد) “ سعيد شيخ”، قاتل الصحفي الأميركي “دانييل بيرل”. وكان الجنرال إعجاز الحق مسؤول مكتب “جهاز الإستخبارات المشترك” في السفارة الباكستانية في لندن خلال فترة من التسعينات.
بوتو تنجو من التفجير الانتحاري أمس الأول
وكان “سعيد شيخ” قد تدرّب في معسكرات بأفغانستان يُشرِِف عليها جهاز الإستخبارات المشترك الباكستاني، ثم سُجِنَ في الهند (في 1994) لمدة 5 سنوات بعد قيامه باختطاف 3 سائحين بريطانيين وسائح أميركي. ودفع جهاز الإستخبارات الباكستاني نفقات محاميه الهندي. الغريب أنه بعد إطلاق سراحه من الهند، سُمِح له بالسفر إلى بريطانيا لزيارة عائلته. وتفيد المعلومات المتوفّرة أنه كان يعمل تحت إشراف اللفتنانت جنرال محمد عزيز خان، الذي كان قد شغل منصب نائب رئيس “جهاز الإستخبارات المشترك” المسؤول عن الإتصال بجماعة “جيش محمد”، وكذلك مع ضابط الإستخبارات السابق “البريغادير عبدالله”.وبعد ذبح الصحفي دانييل بيرل لم يقبل “سعيد شيخ” بتسليم نفسه سوى للجنرال “إعجاز شاه”، المسؤول السابق عنه. ونقلت عنه مجلة “نيوزويك” قوله: “لن أتحدث في موضوع علاقتي مع جهاز الإستخبارات المشترك لأنني لا أريد تعريض عائلتي للقتل. أنا أعرف أشخاصاً في السلطة، وهم يعرفونني ويعرفون ما قمت به”!أما الضابط الثالث الذين تتّهمه أوساط بنازير بوتو بالتورّط في محاولة الإغتيال فهو ضابط الشرطة “حسن وسيم أفضال”، الذي كان يعمل في “مكتب الإحتساب” (= مكتب مكافحة الفساد)، والذي أعدّ “ملفّات الفساد” التي مهّدت للإطاحة بحكومة بنازير بوتو. وقد شملت ملفّات الإتهام التي أعدها “حسن وسيم أفضال”، عدا بنازير بوتو وزوجها، إتهامات ضد “الجنرال رحمن مالك” الذي كان مدير جهاز الإستخبارات الداخلي IB، الذي يظهر خلف بنازير بوتو أثناء نزولها سلم الطائرة في كراتشي. المدهش أن “ الجنرال رحمن مالك” اشتهر في العالم لأنه كان المسؤول عن تسليم “رمزي يوسف”، أي إبن أخت “خالد شيخ محمد” إلى الأميركيين. وكان “رمزي يوسف” مسؤول أول عملية إرهابية ضد “مركز التجارة العالمي” في العام 1993.إتهامات أوساط بنازير بوتو للضبّاط الثلاثة (وضبّاط آخرين) يمكن أن تفتح ملفّ الدور الباكستاني المَضمَر في عمليات الإرهاب، وعلاقة هذه الأجهزة بـ”القاعدة” وغيرها من التنظيمات الإرهابية. وهذا يعني أن محاولة الإغتيال قد تسرّع ملفّ مكافحة الإرهاب الذي يُعتَقَد أن بنازير بوتو كان أحد الملفّات التي تفاهمت حولها مع الأميركيين قد عودتها إلى باكستان.ولإعطاء فكرة عن هذا “الدور الباكستاني” في عمليات الإرهاب الدولي،، فإن مصادر أميركية، وباكستانية، وأصولية، تتّفق حول نقطة مدهشة: أن الأجهزة الباكستانية كانت، منذ عملية 11 سبتمبر، قادرة على تسليم جميع قيادات “القاعدة” للأميركيين لو كانت ترغب في ذلك فعلاً!!فهل ينفتح أخطر ملفّات الإرهاب الدولي “بفضل” محاولة إغتيال بنازير بوتو؟