كتب / اقبال علي عبدالله- امس الاول - الجمعة - صحوت كعادتي عند الصباح الباكر لامارس طقوسي اليومية المعتادة ، صلاة الفجر ، شرب القهوة مع عدد لا يتجاوز ثلاثة حبات من السيجارة وانا جالس في البلكونة اتمتع بمنظر شروق الشمس والهواء العليل .. والحمام وهي تنقمم في الارض باحثة عن شيء تلتقطه لتأكله .- هذا الصباح كان الامر اعتيادياً كما تعودت ، غير اني شاهدت بدلاً من الحمام سرباً من الغربان تقف في سقف احدى العمارات القريبة من ناظري .. تعودت من الشيطان الرجيم ، فأنا اتشاءم من منظر الغربان في الصباح .. ودعوت في نفسي : « اللَّهم اجعله خيراً .. اللَّهم اسمعني واريني هذا اليوم».- هذا الصباح تملكتني رغبة شديدة في ارسال تهنئة عبر الجوال الى استاذي وصديق عمري / عصام سعيد سالم / بمناسبة عيد الاضحى المبارك ، وتراجعت عن تنفيذ الرغبة خشية من ان يقول / عصام / «افتكرني اقبال رابع ايام العيد ليرسل لي تهنئة وهو دائم في كل المناسبات يكون اول المهنئين » .. فأنا اعرف جيداً / عصام حساس زايد على اللزوم .. وسرعان ما تذهب به افكاره الى غير موضع الحقيقة وتنشب خصومات مع الآخرين لذلك تركت امر التهنئة الى حين الالتقاء به واكيد سالتقي به يوم الاحد - اليوم عند بدء الدوام العملي في الصحيفة .- هذا الصباح وقبل الحادية عشرة ظهراً ، جاءني عبر الجوال اتصال من الاخ العزيز / فراس اليافعي / ليطلب مني » ايجاد الاستاذ / احمد الحبيشي / رئيس مجلس الادارة - رئيس التحرير لامر هام جداً ، مختصراً هذا الامر الهام بأن الاستاذ / عصام سعيد سالم قد نقل الى المستشفى اثر جلطة مفاجئة ووجود نزيف ، ولا ادري اين هو النزيف ؟! عدت المنزل لانني كنت خارجاً .. ليفاجئني اتصال آخر لم افهم منه شيئاً سوى البكاء وبالكاد عرفت ان الذي يبكي هو / فراس .. وبصعوبة شديدة عرفت من كلمات / فراس / المصبوغة بالنحيب ان / عصام / مات!!.- في البداية لم اصدق وقلت في نفسي ربما يقصد / فراس بأن / عصام سيموت .. غير ان الامر تأكد لي عندما اتصلت بالعزيز / فراس لاسمع منه ان » الدفن سيتم بعد صلاة العصر!!« عصام الاستاذ وصديق العمر مات، اي انه فارق الحياة ولن اشاهده مطلقاً بعد الآن .- / عصام سعيد سالم رحلت عمراً امتد قرابة ثلاثة عقود .. فيها كل مفردات الحياة من حب وصداقة واسرار ووفاء وعتاب وفراق وخصام وتصالح .. فيها دموع وابتسامات .. لا احد يعرفها غيرنا وان كان هناك بعض الاصدقاء المقربون عاشوا معنا بعد سنوات هذه الرحلة .- / عصام سعيد سالم اكذوبة كبيرة من قال انه مات .. ليس لانه لن يموت ابداً فالموت حق على كل واحد منا .. بل لان / عصام / عاشق مجنون للحياة .. فمن يعشق الحياة فان الموت خسارة فيه وان كان حقاً عليه .- /عصام سعيد سالم حمل في جسده الذي لا يعرف الكثيرون انه جسد متعب مثقل بالاوجاع ، الحب والخير لكل الناس .. شديد في طبعه مع الآخرين عند العمل ولكنه قلب حنون اذا وجد احد يحتاج الى مساعدته .. سريع الغضب عندما يرتفع لديه الضغط وزيادة السكر ، لكنه يمتلك ابتسامة تصافح الجميع حتى الذين يختلفون معه في العمل والحياة .. كريم يجعلك تخجل من كرمه وتعتقد في كثير من الاوقات انه لا يضع للمال قيمة .- / عصام سعيد سالم لا اصدق حتى اللحظة انني لن اراك مرة اخرى !! لن اجد جبينك الذي اقبله كلما رأيتك .. نعم يا عصام رحيلك فاجأني وفجع عمري .. واعترف انه لولا ارادة اللَّه لكان خبر رحيلك اصابني بالشلل .- وداعاً اقولها غصباً عني ، فهذه مشيئة اللَّه جلَّ جلاله ، فكلنا عن هذه الدنيا الفانية راحلون الى اللَّه حيث دنيا الخلود .. وداعاً « بامعشا » الاسم الذي كان يحلو لك توقيعه تحت سطور تكتبها ولا تريد احداً ان يعرف انها لك .. وداعاً .. عاشق البحر المجنون .. عاشق الوطن .. سند الفقراء والمحتاجين .. وداعاً صديق عمري .. وداعاً عصام سعيد سالم ..
|
تقرير
عصام .. أحقاً لن أراك مرة أخرى ؟!
أخبار متعلقة