القاهرة / متابعات : صدر حديثا عن سلسلة "كراسات آفاق اشتراكية" كتاب "العولمة وتحديات المستقبل" للمفكر محمود أمين العالم.يقدم المؤلف رؤية علمية لفهم ظاهرة العولمة باعتبارها أعلى المراحل التى وصل إليها النظام الرأسمالي فى عصرنا الراهن، محاولا تأصيل عدد من المفاهيم مثل الثقافة والحضارة والحداثة والعولمة.ويرى الكاتب، وفقا لما ذكرته صحيفة "العرب" اللندنية، أن العولمة ظاهرة موضوعية تاريخية وليست مجرد أيديولوجية ذات دلالات مختلفة، وهى ظاهرة حديثة تجاوزت دلالتها حدود العلاقات الدولية العالمية، وقد بدأت من خلال الأنظمة الإقطاعية فى أوروبا في القرن السادس عشر الميلادي.ويتساءل: "هل العولمة أعلى مراحل الإمبريالية"؟ مجيبا على نفسه قائلا: انه منذ مائة وخمسين عاما كاد كارل ماركس وفردريك انجلز ان يرسما بدقة معالم هذه الصورة من العولمة التى تعايشها نحن اليوم فى بيانهما الشيوعي الصادر عام 1848م.ويضيف العالم: أنه منذ تسعين عاما صدر كتاب "الامبريالية احدث مراحل الرأسمالية" لفلاديمير ايليتش لينين الذي يشخص فيه سمات الرأسمالية منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى أوائل القرن العشرين، فيكتشف صدقية ما تنبأ به "البيان الشيوعي" فالتنافس الرأسمالي اخذ يتحول إلى أشكال من التركيز الاحتكاري فى مجال الإنتاج والتسويق والبنوك، وظاهرة الرأسمالية المالية برزت دون ان تلغى هذه الظاهرة الاحتكارية والمالية، الطبيعة التنافسية لرأس المال بل تضاعفها،وقد اطلق لينين على هذه الاحتكارات اسم "الامبريالية" فالامبريالية عنده هى الرأسمالية فى مرحلة الاحتكار.وتحت عنوان "الرأسمالية تجدد نفسها" يرى المؤلف انه تم تناول العولمة كظاهرة اجتماعية واقتصادية لدى عدد من كبار المفكرين العرب وصدرت عدة كتب فى هذا الإطار منها كتاب "الرأسمالية تجدد نفسها" للمفكر الراحل د.فؤاد مرسى والذى صدر فى مارس 1990، وقد أطلق فواد مرسى على الشركات المتخطية للقومية اسم "المشروع الكوني" وهو يقصد بذلك ان الرأسمالية المعاصرة قد تجاوزت مرحلة الصناعة الى مرحلة أقوى من تطور قوى الإنتاج استنادا الى العلم والتكنولوجيا، ولهذا يرى د. فؤاد مرسى "أن الصراع العالمي اليوم يجرى حول العمل والتكنولوجيا فهى إذن رأسمالية مابعد الصناعة".ثم ينتقل للحديث عن العولمة لدى المفكر إسماعيل صبري عبدا لله، قائلا: "ولعل رؤية إسماعيل صبري عبدا لله للعولمة او للكوكبية كما يسميها ان تكون لها خصوصيتها النسبية، فهو يعرفها فى تحديده لسمات عالم اليوم بأنها التدخل الواضح والمزايد لأمور الاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة والسلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة، او انتماء الى وطن محدد او لدولة معينة ودون حاجة إلى إجراء حكومي".ويرى إسماعيل صبري عبدا لله أنه لابد من وجود نوع من السلطة السياسية الكوكبية للتوازن مع السلطة الاقتصادية المهيمنة على اقتصاد العالم كله.ويتساءل العالم -وفقا لنفس المصدر- "هل العولمة مرادفة للحداثة؟" حيث يؤكد ان الامر الغريب ان كل أدبيات الفكر السياسي والفلسفي الحديث جعل العولمة مرادفة للحداثة ولهذا نرى هؤلاء يضيفون على العولمة كل القيم الجليلة للحداثة مثل الديمقراطية والتقدمية والعقلانية والاستنارة والعلمانية التى صاحبت النشأة الأولى للرأسمالية، والتى أخذت تتهمش وتغيض مع هذه المرحلة الاحتكارية من الرأسمالية المعولمة.وحول الوضع العربي الراهن فى مواجهة العولمة خاصة، يوضح العالم ان كثيرا من البلدان العربية تفتقد الرؤية القومية الإستراتيجية الشاملة، وإن الحل يكمن فى تنشيط الجماعات والتشكيلات المدنية، اى السعى الى البناء الجديد من أسفل فى نسيج العلاقات الاجتماعية.وهذا لن يتأتى الا بتفعيل آليات الحرية داخل المجتمع، فهذه الجماعات والتشكيلات المدنية من نقابات مهنية وأحزاب سياسية واتحادات وجمعيات وهيئات وروابط مختلفة لاتزال تعانى فى اغلب بلادنا العربية من ضيق مساحة حركتها وأنشطتها أنها تكاد تكون محصورة فى مقارها أو فى مجالاتها العملية ولايتاح لها النشاط الإجتماعى والسياسي خارج مقارها.ويرى محمود العالم انه لابد وأن يكون للمثقف العضوي دور فى التغيير لأن للثقافة سلطة مهمة هى سلطة الوعي التى باستطاعتها قيادة الحركة الاجتماعية.