نص
محمد جميل صويلحأنا صوت بكاء مكبوت يشتعل في القلب نارا وجحيما.. فهكذا اختلطت دمعاتي بدمي فأمست كل دموعي دماء وكل دمائي دموعاً فأنا لهذا السبب لا أذرف دمعي من عيني ولكني أنزفه مع كل جروحي.ولما كان النزف يعد نادرا بعكس البكاء الطبيعي الذي كلما حزنا أو تألمنا وجدنا دموعنا تنزل من تلقاء ذاتها، فإنني كلما جرحت نفسي ونزفت قليلاً من دمي نفست عن بعض المكبوت فيه ولكن هذا بالطبع لا يكفي، لو أردت أن أفرج عن بكائي المكبوت كاملا لتطلب الأمر أن انزف كل دمي، وأن انزف كل دمي يعني أن أموت، فبين الروح والدماء علاقة هي من أسرار هذا الكون ومن سنن هذه الخليقة التي هي مجهولة بالكامل تقريباً.إذاً إنني لو أردت البقاء حيا فإن علي أن أتعايش مع حزني، وان أنسى البكاء، علي أن أذره مكبوتاً....ولأكون متفائلاً بعض الشيء لن اعتبر الأمر عذابا، أو ضنكا مطبقاً، سأحاول أن انظر إلى أكثر الأمور إيجابية فيه ... نعم! البكاء المكبوت قد يسمى إلهاما فيدفع أناملي وعقلي للتعبير في نصوص كتبتها أسفاراً للحزن وأغاني تبكي لكن دون صوت بكاء، تبكي بالناي تارة وبالقيثارة تارة أخرى! الليل مسكنها والبدر مكمن ولاداتها التي لا تنتهي لتنزل أجنتها مع حبات المطر وهو السيمفونية الكبرى ومزيج كل ذلك...لعل الكتابة والنصوص المتولدة عنها هي الشيء الوحيد - في كل مسألة (البكاء المكبوت)، وفلسفة (الدموع الممتزجة بالدماء) - الذي بالفعل يستحق عناء احتمال اندماج الكيان بدمع البكاء لكي أبقى حياً.لأني مع كل هذا الحزن ما زلت أقاوم عوامل الموت واليـأس وأريد أن أبقى - على جسامة التضحية - أبقى قيد الحياة..!(لم أكن قط متفائلاً من الآن!)