لم يتوقع السواد الأعظم من المزارعين في حوض دلتا أبين الذين ظلوا ينتظرون بفارغ الصبر تدفق سيول الموسم من وادي بنا أن تطيح أحلامهم هذه المرة بمرور السيول على غير العادة من منافذ أخرى بعيده عن أراضيهم العطشى المحرومة من الري منذ مدة طويلة . الحاصل أن السيول التي بدأ تدفقها منذ فجر الجمعة الماضية عبر وادي بنا أشهر أودية اليمن ووصل ارتفاع منسوبها 5 - 6 أمتار في القناة الرئيسية الأولى لسد باتيس حسب تأكيدات المختصين العاملين في وحدة الري التقليدي بالمحافظة المنكوبة قد ذهبت كمياتها أو بالأصح معظمها إلى بحر العرب بعد أن ضربت القنوات والاعبار والجسور الفرعية التي لم تطلها أية إصلاحات أو صيانة تذكر طوال أكثر من عام ونصف وبالتالي حرمت أراضي المزارعين الخصبة في حوض دلتا أبين من الاستفادة منها ومثل ذلك صدمة عنيفة لم تكن في حسبانهم. ومن نافل القول أن أسباب أهدار كميات سيول الموسم وحرمان الأراضي من الري في دلتا أبين يعود إلى الإهمال والتقاعس واللامبالاة من قبل الجهات المختصة وعلى رأسها مكتب الزراعة والري بالمحافظة الذي يبدو أنه تناسى مهامه واختصاصاته التي تقع في أولوية صميم مسؤولياته التي وجد من أجلها وذلك لعدم القيام باية أعمال صيانة وإصلاحات للقنوات الفرعية التي ملأتها الأتربة والأشجار ولم يعد بمقدورها استيعاب مياه السيول لتصريفها على الأراضي بنظام الري الذي اشتهرت به دلتا أبين منذ أربعينات وخمسينات القرن الفائت وحتى العام الماضي المهم أن مياه السيول التي مازال يتواصل تدفقها قد ضلت طريقها الصحيح وام يستفد المزارعون منها لري وزراعة أراضيهم بمختلف المحاصيل التي تتفرد بجودتها أراضي الدلتا وفي صدارتها محصول القطن الاقتصادي طويل التيلة الذي ذاع صيت إنتاج أبين منه في الأسواق العالمية وزاد أن هذا العبث بعدم القدرة على التحكم بمياه السيول الحق أضراراً جسيمة بالأراضي والتربة وهدد التجمعات السكانية في بعض القرى بالانجراف لولا عناية الله جل جلاله. وأمام هذا المشهد المؤسف فلا يمكن تغييب التحرك الذي قامت به سلطة المحافظة المحلية ممثلة بالمحافظ م. أحمد الميسري الذي وإن كان المسؤول الأول للمحافظة فإنه لا يتحمل المسؤولية المباشرة كون هناك جهة مختصة هي مكتب الزراعة والري الذي أظهر فشلاً ذريعاً في القيام بمهامه في وقت مبكر لاستقبال الموسم وليس هناك مبررات وحجج لإخفاقة بشماعة الإمكانيات كونها متوفرة بشكل كبير جداً ولاداعي أن يتحفنا مديره د/ الخضر عطروش بتنظيراته التي لم تعد نافعة كون الناس تتكلم بلغة الفعل .. وفي هذه المشكلة المفاجئة يحسب لمدير مديرية خنفر الأخ/ أحمد الرهوي الذي بذل جهوداً ذاتية بتحركة المكثف وتواجده فوق القناة الرئيسية لسد بايتس من اللحظة الأولى لوصول السيول مع عدد ضئيل من كوادر الري والذي وأشرف بصورة مباشرة على التحكم بكميات المياه الهائلة وتصريفها على بعض القنوات بما فيها قناة موصل بناء حسان وجنب الخطر من تحطم القناة الذي يهدد سكان باتيس وهناك تعاون ودعم معنوي من النائبين محمد الشدادي نائب رئيس البرلمان وسالم منصور حيدرة اللذين تواصلاً مع مختلف الجهات لمواجهة تدفق مياه السيول كما أن المحافظ الميسري قد وجه بإمكانيات اسعافية عاجلة منها مبلغ مليون ريال للبحث عن آليات لإصلاح الإضرار ولقضية القنوات .. لكن المحافظة التي تفتقر للآليات إلا بعدد ضئيل بعد انهيار وحدة الري جعلت إسعافات سلطة المحافظة تسير ببطء السلحفاة. بقي القول أن صرخات وتعالي أصوات المزارعين وسخطهم من ضياع أحلامهم بإهدار مياه السيول التي ابتلعها البحر فلسان حالهم لا يطالب باقالة مدير الزراعة بالمحافظة فحسب بل معاقبته لتقاعسه عن مسؤولياته ومنحهم التعويض والتعجيل في إيجاد الآليات لإعادة إصلاح وترميم القنوات والأضرار وتوجيه السيول التي مازال مستمرا تدفقها إلى أراضيهم لإحياء تربتها وزراعتها ليجنوا خير وثمار الموسم الزراعي لهذا العام واللهم أنني قد بلغت ونقلت قضية وألم مزارعي دلتا أبين بكل حيادية .. وشهر مبارك وكل عام والجميع بألف خير.
أحلام المزارعين ..يبتلعها البحر
أخبار متعلقة