تحولت إلى الدخول خلال إبريل بـ 254 مليون درهم
أبوظبي/ متابعات: في دلالة قوية على بدء عودة الانتعاش والتعافي في الأسواق الإماراتية بدأت الاستثمارات الأجنبية رحلة العودة مجدداً إلى هذه الأسواق بعد أن كانت السمة المميزة لها خلال الفترة الماضية هي التسييل والانسحاب.وأعاد مشهد تدفق الاستثمارات الأجنبية للأسواق سيناريوهات ربما لا يرغب المستثمرون المحليون في تذكرها حينما تسبب انسحاب هذه الأموال في خسائر فادحة لجميع المستثمرين، حيث خرجت الأسواق بخسائر فاقت الـ 72% خلال 2008 في سوق دبي والـ 48% في سوق أبوظبي.وقال محللون: إن تدخل الحكومة لضبط إيقاع هذه التدفقات أصبح أمراً حتمياً حتى لا تتكرر مأساة النصف الثاني من 2008، التي كان انسحاب تلك الأموال فيها هو أحد أهم أسباب الأزمة باعتراف مسؤولين كبار بالدولة.وبلغ صافي الاستثمارات الأجنبية كمحصلة شراء منذ مطلع شهر إبريل الجاري وحتى جلسة الإثنين الماضي، قرابة 254 مليون درهم، وذلك للمرة الأولى منذ مطلع العام الجاري وبداية الأزمة المالية في 2008م.وكانت الاستثمارات الأجنبية تسجل في صافي تعاملاتها تراجعاً خلال الأشهر الماضية وفي شهر يناير الماضي بلغ ما تم سحبه من أموال أجنبية 490 مليون درهم، وفي فبراير بلغ 250 مليون درهم، و52 مليون درهم خلال مارس، لتصل جملة الاستثمارات الأجنبية التي تم سحبها من الأسواق منذ مطلع 2009 وحتى نهاية مارس الماضي 802 مليون درهم، إلا أن هذه الاستثمارات حوَلت مسارها باتجاه الدخول مرة أخرى مطلع الشهر الجاري.وقال المستشار المالي لشركة الفجر للأوراق المالية د. همّام الشمّاع: إن صافي تعاملات الأجانب كان سالبًا منذ مطلع العام الجاري وحتى إبريل الجاري، وخلال يناير بلغ صافي عملياتهم بيع ما قيمته 490 مليون درهم، وفي شهر فبراير باعوا أسهم بلغت قيمتها 250 مليون درهم، وفي مارس باعوا ما قيمته 52 مليون درهم.وأضاف الشمَاع أن المستثمرين الأجانب ينظرون لأداء الأسواق العالمية قبل اتخاذ قرار شراء الأسهم المحلية، ولذلك فهم يدركون أن مؤشرات تعافي الاقتصاد العالمي بدأت بالفعل في الظهور، بما يعني انتهاء مشكلة السيولة وبالتالي احتمال دخول المحليين للسوق بسبب وفرة السيولة، وهو ما سينعكس على ارتفاع أسعار الأسهم بشكل كبير خلال الفترة المقبلة.وأشار الشمّاع إلى أنه من المحتمل أن تشهد الأسواق تسارع في عمليات دخول الأجانب وبالتالي دخول سيولة إضافية جديدة للأسواق تؤدي لارتفاع مؤشر الأسهم الإماراتية خلال الفترة المقبلة، لافتًا إلى أن نفس التدرج في الدخول والخروج من قبل الأجانب ينطبق على سوقي دبي وأبوظبي.ولفت الشمّاع إلى أنه في حال إذا نظرنا للوجود الأجنبي في الأسواق على أنه تهديد دائم ومستمر سوف تكون عودة المخاوف في محلها، وإذا نظرنا لوجوده على أنه أحد عناصر حرية الأسواق وضمن الحدود الحالية لملكية الأجانب، وتوقعنا أن الفترة المقبلة لن تشهد هزات عنيفة على الأقل خلال الـ 4 أو الـ 5 سنوات المقبلة فلا مخاوف من دخول الأجانب، خاصة إذا قامت هيئة الأوراق المالية والسلع باتخاذ مزيد من الإجراءات للحيلولة دون تكرار ظاهرة البيع على المكشوف.وقال الشمّاع إن السماح للأجانب بالدخول مع وضع بعض القيود مستقبلاً وليس بشكل آني كمطالبتهم بالإفصاح عن إستراتيجيتهم الاستثمارية.. هل هي طويلة الأجل أم قصيرة الأجل أم تداول مضاربي؟ هو نوع مهم يمثل صمام أمان يذيل المخاوف المتصلة بوجود الاستثمار الأجنبي في الأسواق المحلية.وقال المحلل المالي وضّاح الطه- من كندا: إن أسواق المال الإماراتية قادرة على تسيير أمورها من غير دخول فعَال للسيولة الأجنبية، وهذا لا يمثل دعوة لعدم الرغبة في دخول الاستثمارات الأجنبية، ولكن يجب أن تكون مقننة ومراقبة حتى لا تطيح باتجاه السوق.وأضاف الطه: أنه يفرق بين السيولة الأجنبية المقيمة والسيولة الأجنبية الداخلة للأسواق والتي تعد الأخطر، ويجب أن يكون هناك بعض الضوابط الحازمة أثناء دخول وخروج هذه الاستثمارات وليس في حال خروجها فقط.وأشار الطه إلى أنه يجب إعطاء الفرصة لهذه الاستثمارات من دون أن يتم فتح الأبواب على مصارعها؛ حيث لا يمكن القياس بأسواق أخرى متقدمة، خاصة أن مستويات النضج بين الأسواق مختلفة ومتفاوتة.وقالت المحللة المالية نادين وهبة إن مفهوم تنويع الاستثمارات ما بين محلية وأجنبية بالنسبة للأسواق يعد مفهوماً خاطئاً؛ لأن اتساع رقعة المستثمرين في الأسواق وتعدد انتماءاتهم لدول وقارات وثقافات مختلفة يزيد من الخطورة التي قد تكون سياسية أو أمنية أو جغرافية أو طبيعية، ولا يقللها كما هو شائع، مشيرة إلى أن هذا التنوع يرفع السيولة بشكل يجعل من الصعب التحكم في الأسواق، وعلى سبيل المثال كلما اقتصر التعامل على المستثمرين المحليين كانت المخاطر أقل مما هي عليه، في حال ما شملت منطقة الخليج وكذلك بالنسبة لدول المنطقة.وأضافت وهبة أنه لا بد من وضع ضوابط تحكم عمل الاستثمارات الأجنبية؛ من بينها أن تكون نسبة تداول الأجانب في القطاعات الحيوية عند نسبة معينة، ومن أبرزها القطاع البنكي الذي يعكس الوضع الاقتصادي في الدولة؛ لأن السيولة الأجنبية في بعض الوقت قد تعكس عبر تحركاتها صورة مغايرة للوضع الاقتصادي للدولة.وطالبت وهبة بأن تكون النسبة المسموح للأجانب بتداولها خلال الجلسة الواحدة من أسهم الشركات التي تسمح لهم بملكية جزء منها محدودة وعلى سبيل المثال إذا كانت إحدى الشركات تسمح بتملك الأجانب بنسبة 20% من أسهمها فإن النسبة التي يسمح لهم بتداولها خلال الجلسة تكون 5% فقط، لضمان عدم تأثيرهم بشكل كبير يحدث نوعا من التقلبات، خاصة في الأسهم ذات الوزن النسبي الكبير داخل المؤشر.وأشارت وهبة إلى ضرورة أن يكون زمن التسوية للعمليات التي يقوم بها الأجانب خلال يومين وليس في الجلسة نفسها كما هو معمول به حالياً، مشيرة إلى أن المرونة والواقعية أمران لا بد أن يكونا متوافرين في الضوابط التي يتم وضعها للتلائم مع الظروف المختلفة.وأكدت وهبة أنه كلما كانت الكوادر الحكومية التي تقوم بوضع هذه الضوابط متخصصة في قوانين أسواق المال كلما زادت ثقة المستثمرين في القرارات والضوابط التي يتم إقرارها، سواء أكانوا مستثمرين محليين أم مستثمرين أجانب.