إذا كانت الأمم الحيَّة تهتم بلغاتها بمختلف الوسائل والسبل فما ذلك إلاّ لأن اللغة رمز لكيانها وعنوان لشخصيتها ومستودع لتراثها الحضاري كما أنها وسيلة المرء للتعبير عن مشاعره وعواطفه ورغباته وحاجاته وإذا كانت لغتنا العربيّة "الأم" لغة الضاد أدق اللغات وأجملها فلأنها لغة القرآن العظيم مقترنة بحياة أمتنا العربيَّة لذلك فإن ضعفها مرهون بضعف أمتنا العربية ولقد عمد المستعمرون طويلاً إلى إضعاف هذه اللغة بهدف إبهامها وإحلال لغتها الدخيلة بدلاً عنها وذلك من مفهوم أن الأمة أية أمة إذا ما ماتت لغتها أو ضعفت تبعتها الأمة نفسها في الموت والضعف وإذا قويت هذه اللغة كان ذلك بشيراً لحياة الأمة التي تنتمي إليها وبقائها قوية ولذلك فما إن تحصلت الدول العربية على استقلالها من المستعمرين عنيت بلغتها العربية واعتمدتها لغة التدريس لكل مواد المناهج الدراسية وفي كل المراحل كما جعلتها المادة الرئيسة في المناهج ورفعت معدلات النجاح فيها كما اعتبرتها في المرتبة الأولى في الخطط الدراسية المقدرة وعلى الرغم من هذا الإهتمام الذي أولته الدول العربية لمادة اللغة العربية إلا أن الصَّيحات ظلت تتعالى وتتابع كلها تشكو من ضعف الناشئة في اللغة العربية وكان أول من التفت إلى هذه الظاهرة الدكتور "طه حسين" الذي رأى "لغتنا العربية لاتدرس في مدارسنا وإنما الذي يدرس فيها شيء غريب لاصلة بينه وبين الحياة ولاصلة بينه وبين عقل التلميذ وعاطفته" وهكذا فإن مثل هذه الصيحات قد تكررت أكثر من متخصص ودارس وباحث في مادة اللغة العربية حتى وقتنا الراهن وكلها تصب في مجرى ضعف الناشئة في هذه اللغة "الأم" وتطالبه بإعادة النظر إلى أوضاع فروعها التي تدرس في إطار المادة وبدرجة أسياسية "فرع القواعد اللغوية"والذي يعتبر من أهم علوم العربية ولايمكن لفروعها الأخرى أن تنسجم انسجاماً كلياً بدون هذا الفرع فهو من حيث أهميته بالنسبة لمادة اللغة العربية يعتبر العمود الفقري ولهذا فتدريسه للناشئة ضرورة ملحة ولاغنى عنه فهو وسيلة لتقويم اللَّسان والكتابة والقراءة والسَّماع كما أنه يزود الدارس بإدراك الفروق الدقيقة بين التراكيب والعبارات والجمل والكلمات وفي رأي "تشوفسكي" "أن القواعد النحوية من اللغة العربيَّة بمنزلة القلب من جسم الإنسان" وهذا يعني أن أي ضعف أوقوة يلامسان قواعد النحو إنما يعكسان نفسيهما سلباً وإيجاباً على اللغة العربيَّة برمتها وهو ما دفع الكثير من فطاحل اللغة العربية وعلمائها يعزون ضعفها على أنه عائد بدرجة أساسية إلى صعوبة تدريس القواعد النحوية في مدارسنا الحديثة وهم يرون إلى أنه لاسبيل إلى إصلاح الخلل مالم يوجد اتجاه عام يهدف إلى تيسير تدريسها للناشئة وبما يتناسب مع متطلبات الحياة بمختلف ظروفها.... [c1]أحمد راجح سعيد[/c]
|
ثقافة
لغتنا العربية مالها وماعليها
أخبار متعلقة