قرار الرئيس تكريمه فيه حكمة
محمد السقاف هو من الجحاجيح الضخام غيور على دينه و عروبته مخلص لأمته من المحيط إلى الخليج وإرثها وفياً لبلاده الكويت التي أحبها بكل وجدانه وكيانه فهي تجري في شرايينه كدمه النقي المتصل بخير وأطهر نسب في الوجود , خدم بلاده الكويت وبرها بر الابن بأمه , بذل لها وسعه وسخر لها كل ذاته وكل ما وهبه الله من حكمة وحنكة خص بها قلائل من صفوة خلقه , في زمن الضيق والشدة والفاقة والجهل و هذا محك لا يقبله أحد في أي حسنى إلا صادقاً في وده و محبته لها , كان من أبرز الرواد المؤسسين والمؤثرين بعمق فكرياً وثقافياً و خلقاً في هذه الدولة الصغيرة وكان نعم المستشار والناصح الأمين لقادتها وبه حظيت الكويت بحضور شعبي ورسمي لا مثيل له حتى اليوم في كثير من الدول العربية وفي قلوب اليمنيين على وجه الخصوص . لقد كانت الكويت محظوظة بهذا الحسيب النسيب السيد الحكيم و الأديب أحمد بن محمد بن زين السقاف إلى آخر النسب الكريم الموثق . إن أثر ومناقب السيد السقاف ليس باليسير حصرها فهو من الرواد والمثل في المكارم و الأخلاق والقيم والوطنية والعروبة وكما أن هناك جوانب من شخصيته معلومة للجميع فهناك مآثر عظيمة تربو بعدد الأيام والسنين تفوق تعداد سكان اليمن والكويت والإمارات وغيرها.ومن المعروف أن السيد أحمد السقاف كان سببا في جعل دولة الكويت تتبنى إستراتيجية فريدة و متميزة في دعم الشعب اليمني بلا من ولا أذى أو تشهير تؤتي أكلها بفعالية وحيوية إلى يومنا هذا , وبهذه الخصوصية أصبحت دولة الكويت أكبر دولة على الإطلاق قدمت للعديد من الشعوب العربية والإسلامية مشاريع تعليمية وطبية واجتماعية , تجسد عمق الفهم و النضج والإدراك والإخلاص و الود الأخوي النقي لتخدم على وجه التحديد المواطن مباشرة عبر العقود الطويلة بغض النظر عن واقع الحالة السياسية المتباينة بين الحين والآخر . لقد ظلت هذه المشاريع تعمل بفاعلية و حيوية وهي بمثابة صدقة جارية للحكومة الكويتية وللشعب الكويتي فقد كانت هذه المشاريع العظيمة تعمل عبر هذه العقود وتقدم خدمات لا نظير لها فهي من أهم روافد البنية التحتية والنقلة التطويرية في اليمن أو الإمارات العربية المتحدة و غيرها , ولو كنا منصفين لا أدري كيف سنتصور حال اليمن بالأمس و اليوم لو لا قيام تلك المشاريع المتناثرة في محافظاته الواسعة منذ عهد الحكومتين , هنا تبرز قيمة و أهمية المستشار المخلص المؤتمن كالسيد أحمد السقاف وهو لم يأت بهذه السجية و الخصائص من مركب كيميائي اصطناعي صنع في جامعات تنظيرية متجردة من المشاعر الأخلاقية و الإنسانية فضلا عن القومية والعقائدية فهؤلاء من لم يتعلموا من تلك الجامعات إلا ( بزنس إيز بيزنيس ). السيد أحمد السقاف شخصية جديرة بالدراسة المتفردة فهذه الشخصية تمثل عمق وأبعاد عديدة تفتقدها و تجحدها أمتنا اليوم على الرغم من حاجتها الماسة إلى الكثير من أحمد السقاف , ولأن الجذور و البيئة من أهم مقومات صناعة الذات وهي نواته الأولى فهذا يدفعنا جميعاً إلى معرفة جذور و أصول قيم وثقافة هذه الشخصية من جانب علمي صرف بتجرد بعيداً عن الأهواء والنفوس المريضة , ومن باب الشي بالشي يذكر و على سبيل الاستشهاد القريب من هذه الأسرة تحديداً لا العترة الكبيرة و تحديداً ممن اسمهم أحمد هناك الكثير من العلماء الكبار منهم على سبيل المثال لا الحصر العلامة الأديب السيد أحمد بن عبدالله السقاف الذي وفقه الله بجهود فردية إلى هداية الملايين من أهل إندونيسيا إلى الإسلام وأسس فيها مئات المدارس والمعاهد والمساجد وله تراث فكري يخاطب عصره ولكنه بلغة تصلح لكل العصور والأمم ومناقبه ومآثره يضيق بحصرها المكان والزمان , والعلامة الشاعر السيد أحمد بن عبدالرحمن السقاف والد السيد عبدالقادر وصاحب كتاب الأمالي في التراجم والعلامة الأديب السيد أحمد بن محمد بن حامد السقاف صاحب الأموال والتجارة الواسعة في سورابايا , هذا ما أسعفتني به ذاكرتي المتواضعة بمن أسمهم أحمد وغيرهم كثير وكثير , إن هذه الأسرة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء وأبناؤها كواكب مضيئة للأمة في حندس الظلام فلا خاب ولا خذل من أتخذهم بطانته ومستشاريه أو أصدقاءه فهم أهل لكل شأن رفيع. لقد كان للسيد أحمد السقاف دور قومي وفكري و أدبي بارز تجاوز بكثير حدود الكويت الصغيرة وثقلها المعروف و لا أبالغ أن قلت أن هذا هو أهم إنجاز و استثمار حقيقي للكويت وهذا هو الرصيد الضخم للكويت على الإطلاق الذي أسهم في ترجيح كفتها في كثير من المواقف السياسية الهامة وكذا في رسم موضعها في خريطة الحركة الفكرية و الأدبية في عموم الأوساط الثقافية وحتى الشعبية في عموم الوطن العربي عبر تاريخها , فأي بيت عربي لا توجد فيه مجلة العربي وأي عربي لم يكبر الكويت من خلال هذه المجلة الرائدة الثرية والرصينة التي كان للسيد أحمد السقاف الفضل الكبير في وجودها واستمرارها . لم ألتق السيد أحمد السقاف في حياتي ولكن لم ينقطع بيننا الاتصال المتبادل والمتواتر منذ نحو عقدين من الزمان كتابة أو هاتفية وأنا فخور بملف خطاباته لي التي تذكر من يقرؤها بعظماء البيان وكذا من سمو الروح الود و الحميمية الصادقة ما أعده دروساً في ذلك , وكذلك معظم مؤلفاته التي أهداني إياها بتوقيعه و هي من أهم روافد المكتبة العربية الحديثة في مجالها و تتناسب مع كل الأجيال والفئات والكثير من قصائده التي تعد ملاحم وطنية قل نظيرها في أدب اليوم . السيد أحمد السقاف رجل من عصر كل رجل منهم بأمة لوحده أمين وصادق وثابت القيم و المبادئ حتى في مواقفه السياسية الحرجة التي أثبتت أنه من حكماء العصر النوادر ولعل الأيام بقدر مضيها تؤكد أهمية هذه الشخصية وكذا حاجة الأمة العربية إلى نصائحه و ما ذكره في كتاباته و مؤلفاته وبخاصة كتابيه ( حكايات من الوطن العربي الكبير ) وكتاب ( يف الغدر ) و لعل الأخير أو هما معاً من أسباب هذه اليقظة والاهتمام المتأخر بهذا الحكيم القادم من عصر الرجال . قرار الرئيس اليمني علي عبدالله صالح تكريم السيد أحمد السقاف تجتمع فيه الحكمة من ثلاثة أوجه قرار حكيم من رجل حكيم لرجل حكيم وعلى الرغم من أن هذا متأخر نسبياً إلا أن فواته هفوة لا تغتفر , فشكرا للأخ الرئيس و لوزارة الثقافة وبهذا الصنيع سيذكر القوم الدكتور محمد أبوبكر المفلحي بمثل هذا إن شاء الله , فللسيد أحمد السقاف على اليمن البارة الوفية حقوق كبيرة فهو ابنها البار المخلص لها ولبلده الكويت وله اجتهادات و مجاهدات في توطيد العلاقات الكويتية اليمنية يعرفها أهل الشأن والمقربين جعلتها في يوم من الأيام فريدة لا نظير لها لم تنج من الحسد . لقد أثلج صدري كغيري هذا القرار فهو تكريم لا يعني شخص أحمد السقاف بعينه ولا أسرته بل يعني كل من يحمل ضمير وفكر أحمد السقاف ولو بالتشبه و أتمنى أن يتبع هذا القرار الحكيم قرار أخر فيه أكثر من رسالة وينطوي على فضائل جمة ويعلم الأجيال الوفاء والعرفان وهو إطلاق اسم ابن هذا العلم والعالم والحكيم و الأديب العربي الذي له في كل عاصمة أثر وفي كل مكتبة مقر على صرح علمي أو أدبي رفيع يليق بقدره الكبير وكذا تطعيم مناهجنا المدرسية بشيء من شعره وقد سبقتنا في ذلك بعض الدول المجاورة , ليشهد التاريخ وليعلم الجميع بأننا أهل الوفاء وحفاظ الصنيع . [c1]* رئيس مركز ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع سيؤون ـ حضرموت [/c]