حدث وحديث
أطل علينا السيد بوش أثناء زيارته لحكومة الكيان الصهيوني بفتوى جديدة ومفادها ان الأمم المتحدة لم تنفذ قراراتها بالسابق وبالتالي القرارات التي صدرت والداعية إلى حق العودة للاجئين الفلسطينيين والتعويض والانسحاب من الأرض المحتلة عام 1967 كل هذه القرارات لم تعد ملزمه لإسرائيل.. ماذا تريد إسرائيل أكثر من ذلك؟ لقد سبق لإسرائيل وحكومتها أن أخذت قراراً عندما وافقت على خارطة الطريق خاص بحق العودة جاء فيه (يعلن الفلسطينيون أن إسرائيل هي دولة يهودية) وهكذا يتنازلون عن حق العودة، وهذا استباق واضح للمفاوضات التي ستبحث في بقايا الوضع النهائي التي يشكل موضوع اللاجئين أبرزها، وموقف واضح وصريح من رفض إسرائيل لقرار الأمم المتحدة رقم 194.السيد بوش جاء ليؤكد اليوم على الموقف الإسرائيلي بشكل لا لبس فيه ودعا إلى إمكانية تعويض اللاجئين.لقد جاء في خطه باراك في كامب ديفيد اعتراف إسرائيلي بمعاناة اللاجئين، والسماح لعدة الاف بالعودة ضمن خطة بجمع شمل العائلات على مدى عشر سنوات ربما لايتجاوز العدد الاجمالي100 ألف لاجئ.كان التأييد لهذه الخطة عند الإسرائيليين 29 % ونسبة الرفض 71 % رغم أنه لم يؤكد حق العودة بل لم الشمل.هذا التطرف في تناول موضوع اللاجئين نجد مثيله في موضوع القدس موحدة وعاصمة ابديه لدولة إسرائيل.اما عن موقف اليمين واليسار الاسرائيلي في حق العودة، فنرى أن ثمة اجماعاً بعدم مناقشة حق اللاجئين في العودة إلى بيوتهم وقراهم. والحديث عن عودة اللأجئين لاراضي 1948 يقودنا إلى مواقف وآراء إسرائيلية مازالت نفسها منذ عام 1948، حيث سجل بن غوريون في مذكراته المنشورة في 26/10/1984 المقترحات التي توصلت اليها لجنة الترحيل حرفياً كما يلي:ــالعرب أنفسهم مسؤولون عن حروبهملاينبغي إعادتهم لانهم يشكلون طابوراً خامساً ويحملون في أحشائهم الضغينة.يجب معاملة العرب الذين بقوا في (الدولة الإسرائيلية) معاملة مدنيين اذا ارادوا البقاء.تتولى حكومات عربية (السعودية والعراق وشرق الاردن) قليلة السكان توطين الفلسطينيين، وتستطيع دولة واحدة من هؤلاء استيعاب اللاجئين.ثم تحدث بن غوديون عن كلفة التوطين في الدول العربية وعن اخراج اليهود في العراق وسوريا.اذاً عمل الإسرائيليون على التنصل من مسؤولية قضية اللاجئين عبر إدعاءات تحمل العرب مسؤولية هذه القضية ومسؤولية حلها.إن الإسرائيليين ومنذ البداية يرفضون الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية بخصوص اللاجئين، لانه يعني بشكل أو بأخر مسؤوليتهم التاريخية عن هذه الماساة، ومن جهة ثانية فإن حق العودة يتناقض أساساً مع طبيعة المشروع الاستيطاني في فلسطين والرامي إلى إقامة كيان لكل يهود العالم على حساب الوجود الإنساني والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.إسرائيل تصر على مسألة التوطين، وهي تضغط على الفلسطينيين من اجل انتزاع تنازل عن حق العودة، وعن حلم الدولة الفلسطينية في حدود 1967، والقدس عاصمة لها.اذا كان هذا هو الموقف الإسرائيلي، بالمقابل ماهو الموقف الفلسطيني، موقف السلطة من حقيقة الموقف؟الدكتور سري نسيبة والذي يحتفظ بمنصب رسمي في منظمة التحرير الفلسطينية، بصفته مسؤولاً عن ملف القدس تحدث عن مااسماه (صوت المنطق) حيث دعا إلى التخلي عن قضية حق العودة مما آثار انقساماً في الموقف الفلسطيني، ويدعو نسيبة إلى ان تكون العودة إلى الدولة الفلسطينية، وفق خطة طويلة الامد لإستيعابهم على دفعات، مقابل تعويضات بآليات مختلفة لصالح اللاجئين.أركان السلطة الفلسطينية تنصلوا من تصريحات نسيبة بعد أن شعروا بمدى الضغط الشعبي والسياسي، وقالوا ان هذه التصريحات لاتعبر إلا عن رأي صاحبها، ولكن لو عدنا إلى (وثيقة الرؤية الفلسطينية للتسوية النهائية) التي حملها حينها الوزير إلى واشنطن والتقى مع المسؤولين هناك في منتصف حزيران 2002، ورد في نص الوثيقة عن اللاجئين الاستناد إلى مبادرة القمة العربية في بيروت عما يسمى (الحل العادل والمتفق عليه لمشكلة اللاجئين يستند على القرار 194.وزير الإعلام السابق ياسر عبدربه قال إن الفلسطينيين مستعدون لحل مسألة حق العودة على أساس (خطة كلينتون) التي تلغي إمكانية عودة اللاجئين إلى أراضي عام 1948.وفي نفس السياق نشرت الصحف أن عبدربه وبيلين عملوا سوياً على إعداد مسودة للحل السلمي النهائي تستند إلى مفاوضات كامب ديفيد وطابا يتضمن جمع شمل عدد من اللاجئين والبقية يعودون إلى الدولة الفلسطينية، أو يستقرون في دول اوروبية.وأكد بيلين حينها هذا الحديث إلى اذاعة صوت فلسطين.لقد كتبت بعض الصحف أن أحد المسؤولين العرب طالب في منتدى اوروبي بالتخلي عن حق العودة، وقالت الصحف ذاتها إن دولة عربية تعمل على صرح (مشروع خلاق) لحل مشكلة اللاجئين أي بتوطينهم في أي مكان غير فلسطني. ماذا نستخلص من كل ماتقدم.- هناك هجمة كبيرة على حق العودة، تتصاعد في كل يوم.- الإدارة الامريكية تتصدر هذه الهجمة، وبلغت ذروتها في الغاء قرارات الشرعية الدولية. كمرجعية لحل القضية.- أصبح هناك شبه إجماع امريكي، اوربي، بمشاركة من بعض العرب، واصوات نشاز فلسطينية، تتحدث عن استحالة تطبيق حق العودة، وعلى ضرورة الأتفاق على بدائل.مقابل هذا نجد أن مايزيد عن سته ملايين لاجئ فلسطيني في الشتات يحلمون بحق العودة ويعقدون المؤتمرات في الدول الاوروبية والعربية ليؤكدون هذا الحق وتمسكهم به، ويؤكدون بانه لامجال للمقايضة بين قيام دولة فلسطينية وحق العودة.وبأن حق العودة غير قابل للتصرف ولايجوز التفاوض حوله.