إعداد / ميسون عدنان الصادقاليمن بلد حضاري وتاريخه عريق فهو بلد منقوش على الحجر نحت اليمنيون كل شيء بأيديهم نحتوا واجهات البيوت والجبال والسفوح لم يتركوا شيئا بغير نقش حتى الاساور والخناجر والاحزمة والمكاحل؟ ومن اروع المناظر الجميلة التي نشاهدها ويشاهدها الزائر اثناء زيارته لليمن هي تلك المزارع الخضراء المدرجة التي تقام باشكال هندسية جميلة تسر الناظرين وهذه المزارع الخضراء المدرجة موجودة منذ الزمن القديم من قبل ان تعرف في ايطاليا وتسمى بالحدائق المعلقة وهي مدرجات تدل على كفاح اليمنيين في المناطق الجبلية وكانت تزرع كلها حتى عهد قريب.ان الفن اليمني المعماري يعتبر حضارة قائمة بذاتها كما يروي لنا التاريخ عن القصور والقلاع والسدود وغير ذلك مما يعتبر من العجائب التي نسجت حولها الاساطير وفي العاصمة اليمنية صنعاء تتجلى العمارة اليمنية في اجمل حللها انها صنعاء حاضرة اليمن الخضراء كما اسماها اجدادنا القدامى وعاصمة البلاد السعيدة كما اسماها مؤرخو اليونان وعروس الجزيرة العربية والجوهرة اليمنية في بلاد العرب واحدى جنان الارض باجماع الناس كما قال المؤرخون ويقال انها اول مدينة بنيت بعد الطوفان وان الباني لها سام بن نوح عليه السلام ولذلك سميت مدينة (سام) وسميت ايضا بمدينة (ازال) وهو اسم ورد في التوراة.ولاتزال صنعاء القديمة كما هي باستثناء سورها الذي تهاوت بعض اجزائه.لقد صمدت قرونا ضد الاخطار الطبيعية كالسيول والتقلبات الجوية وصمدت ضد عدوان الانسان كالحروب والحرائق واعمال التخريب والاهمال وبقيت الى اليوم شاهدا حيا وشامخا على حضارة عربية اسلامية اصيلة ذات مستوى فني رفيع.
ان منازل صنعاء التاريخية التي يصل عددها الى ستة آلاف وخمسمائة منزل تبرز كنماذج خاصة لمبان لامثيل لها في العالم ويبلغ ارتفاع بعض دورها ثمانية ادوار وكل دور مستقل بمرافقه بين دور وآخر زنار من الخارج ويعمل من مادة البناء نفسها وباشكال هندسية رائعة الزخرفة وفي معظم الدور حجرات في اعالي البيوت (مفارج) وهي مستطيلة الشكل ذات نوافذ واسعة ليرى الجالس فيها حقول صنعاء وبساتينها .. فاذا كانت صنعاء نموذجا لمدينة الجبل فزبيد نموذج لمدينة الوادي وسكنتها قديما قبيلة الاشاعرة الذين منهم ابو موسى الاشعري الصحابي الجليل رضي الله عنه.وتختلف عمارة زبيد عن مثيلتها في صنعاء في التصميم والخامات فالبيت متعدد الطوابق ومساحته تسمح بالتمدد بارتياح فضلا عن ان المناخ تلائمه اكثر الحجرات الواسعة والافقية والى جوار كل بيت حديقة والمفرج هو الصق الحجرات بالحديقة وكل الابنية بالحجارة البيضاء.وواجهات البيوت القديمة كلها مكسوة بالنقوش المنحوتة والتي لانجد سوى كلمة تطريز تعبر عنها ويضاف الى هذه النقوش كتابات محفورة ايضا تتصدر مدخل كل بيت تتراوح بين الآيات القرآنية والاحاديث الشريفة وتسجل تواريخ الانشاء.ان كل حارة بزبيد تصلح لان تتصدر جناحا بأكمله في متحف اللوفر بباريس لان أي سرير صغير او حجرة او نافذة هي تحفة فنية رائعة بحد ذاتها.عندما يتحدث الناس عن فن العمارة يسوقون لذلك مثالا بمدينة الا ان الحال في اليمن مختلف اذ لايشمل مدينة واحدة بل يتعدى جغرافية الاحياء والمدن ليشمل بلدا بأكمله يعد بحق متحفا لفنون العمارة.