غضون
- توجد في مركبات تراثنا الثقافي الشعبي مسكوكات لغوية وحكم وأمثال مثل قولهم “عشيني زوم وادعيني ياشيخ”.. و”اتمعقل وأدِ البقرة”.. و”شيخ الجند بدا بربط أمه”.. و”الشيخ من يفتح للرباعة جرابه”.. و”الشيخ وابن آدم سواء، زايد بقوله يانقيب”!- والمعاني واضحة، لكن لمزيد من الإيضاح تقول تلك الأمثال ما مؤداه إن راجي الشهرة والوجاهة لا يهمه أن تقدم له وجبة الزوم الشعبية البسيطة بل يهمه أن تناديه ياشيخ.. والآخر يريد أن يكون شيخاً أو عاقل الحارة أو القرية حتى لو باع البقرة ..والثالث يريد أن يثبت انه شيخ فبدأ بحبس أمه في سجنه الخاص.. والرابع هو بنظر الناس لأنه يبقي باب بيته مفتوحاً لكل من يقصده.. والخامس يقول الناس: إن الشيخ وأي ابن آدم آخر متساوون سوى أن الشيخ متفوق أو مميز بكلمة نقيب أو شيخ.- المشايخ الآن كثروا وتبعثروا مثل الدود وملؤوا المواقع والساحات والأرياف والحضر.. حتى عدن صار فيها شيوخ وشيخ مشايخ.. تصوروا!!- والمشايخ اليوم لا يحتاجون إلى أكل الزوم أو بيع بقر العائلة، وليس الواحد منهم مطالب بأن يحبس أمه ليثبت للرعية (المواطنين) إنه حازم ومهم، فبفضل الحكومة التي تخصص لمصلحة شؤون القبائل موارد تفوق ما هو مخصص لوزارة التعليم العالي، ولانها منحتهم المقاولات وأطلقت أيديهم في كل اتجاه، كثر المشايخ وكبروا وكبروا لدرجة أن كل واحد منهم صار حكومة موازية لحكومة الجمهورية اليمنية..- الشيخ الذي لم تمنحه الثقافة الشعبية أي ميزة غير لقب شيخ أو نقيب، والذي كان يفتح بيته أو جرابه “للرباعة” صار له سجن خاص مثل السجن المركزي، وصار بيته ملاذاً للفارين من الشرطة والنيابة العامة والمحاكم وكل مخرب ومرتكب جناية جسيمة!!- الشيخ في إب ارتبط اسمه منذ نحو عام بمظلمة تشريد وتهجير مواطنين من منازلهم.. وحتى الآن القضية لاتزال ملتهبة.. ومع ذلك لم يتعرض لأي عقاب أو حتى مساءلة.. إذا كانت الحكومة لا ترغب في ازعاجه فمن واجبها أن تعوض وتحمي ضحاياه باعتبارهم مواطنين يمنيين وليسوا “رعية” أو عبيداً يملكهم الشيخ الشاعر!